نهاية عصر الردع النووي: هل يُنهي تعديل الجينوم فعالية الأسلحة النووية؟
البرامج البحثية
12 نوفمبر 2025

نهاية عصر الردع النووي: هل يُنهي تعديل الجينوم فعالية الأسلحة النووية؟

يرتكز النظام العالمي المعاصر على قاعدةٍ تبدو راسخة في ظاهرها، لكنها تخفي وراء صلابتها هشاشةً بنيويةً عميقة. فعلى مدى عقودٍ متتالية، حافظ هذا النظام على تماسكه عبر منظوماته ومؤسساته الدولية والإقليمية المتشابكة؛ غير أنّ هذا الاستقرار الظاهري يحجب عجزًا جوهريًا عن استشراف العامل أو اللحظة التي قد تُطيح به في نهاية المطاف. وفي قلب هذه المنظومة، تقف الأسلحة النووية بوصفها إحدى ركائزها الجوهرية؛ إذ تمنح من يمتلكها — إلى جانب ما يملكه من قدراتٍ عسكريةٍ واقتصاديةٍ أخرى — سلطةَ صياغة قواعد اللعبة الدولية والتحكم في اتجاهات النفوذ العالمي. ومع ذلك، فإن التسارع العلمي والتكنولوجي الهائل الذي يشهده العالم اليوم يثير تساؤلًا عميقًا يتجاوز حدود الإطار العسكري إلى جوهر مفهوم القوة ذاته: هل اقتربت الأسلحة النووية من لحظة أفولها التاريخي؟ وهل يمكن للتطور العلمي أن يُسقط مفهوم الردع النووي الذي ظل لعقودٍ طويلة حجر الزاوية في منظومة الأمن الدولي، ليغدو فكرةً تجاوزها الزمن؟ ما هو السلاح الرادع الذى سيحل محل السلاح النووي؟   توصل العلماء اليوم إلى تقنياتٍ متقدمة في تحرير الجينوم تمكّنهم من اكتشاف الخلايا المتضرّرة بالإشعاع المؤيَّن(Ionised Radiation)، وإصلاحها، بل وحتى هندستها لتصبح محصّنة ضد تأثيراته. ويطرح هذا التطوّر العلمي العميق تساؤلاتٍ مصيريةً حول مستقبل الردع النووي والنظام الدولي برمّته؛ إذ إنّ تحييد القدرة التدميرية للأسلحة النووية على المستوى البيولوجي قد يمهّد لتآكل الأسس التي قامت عليها الهيمنة النووية لعقودٍ طويلة. ومن هنا، تتوالى سلسلةٌ من الأسئلة المعقّدة التي تمسّ جوهر موازين القوى في العالم: هل سيظل النفوذ التقليدي للدول النووية قائمًا كما كان؟ وإذا فقدت أسلحة الدمار الشامل قيمتها الاستراتيجية، فهل سنشهد نشوء نمطٍ جديدٍ من الردع، أم أنّ مفهوم الردع ذاته سيندثر تدريجيًا؟ ومن هي القوة العالمية التي قد تتقدّم لتملأ هذا الفراغ؟ وبأي أدواتٍ أو تقنياتٍ ستفرض نفوذها؟ وربما يكون السؤال الأهم: هل ستسمح الدول النووية الراهنة بحدوث مثل هذا التحوّل التاريخي، أم ستقاومه بضراوة حفاظًا على مكانتها وهيمنتها في النظام العالمي القائم