التوسع المُريح: إلى أين تتجه الأوضاع في جنوب سوريا؟
البرامج البحثية

التوسع المُريح: إلى أين تتجه الأوضاع في جنوب سوريا؟

لطالما كان جنوب سوريا مهدًا للحضارات العريقة ومفترقًا تتقاطع فيه دروب التاريخ بحكم موقعه الاستراتيجي الفريد، لكنه اليوم أضحى ساحةً لفوضى عارمة، تتقاذفه رياح التحولات العنيفة، ويكتنف مستقبله ضبابٌ كثيف من الغموض. وفي خضم التجاذبات المتصاعدة بين القوى الإقليمية والدولية، ومع تنامي النفوذ الإسرائيلي بجرأةٍ متزايدة، يجد هذا الإقليم نفسه عند منعطف مصيري، حيث تتداخل الأطماع والتحديات في مشهدٍ يترقب ملامح المستقبل بقلقٍ متزايد. ويخيم الغموض على هذا المشهد، مسدلًا ستارًا كثيفًا على المآل البعيد لهذا الإقليم الذي يتخبط في أتون حكمٍ متشظٍّ، وتحولاتٍ ديموغرافية متسارعة، وتهديدٍ محدق بمزيد من التشرذم والانقسام. وبينما تتزاحم القوى الإقليمية والدولية على بسط نفوذها واقتناص مكاسبها، تمضي الأطماع التوسعية الإسرائيلية في جنوب سوريا براحةٍ مُقلقة، مُسترشدةً باستراتيجية مُمنهجة وأهداف بعيدة المدى. لكن هذا التوسع لا يقتصر على الجغرافيا وحدها، بل يشمل إعادة تشكيل نسيج جنوب سوريا برمّته، مؤثرًا في تكوينه الاجتماعي والديموغرافي، ومحولًا إياه إلى ساحة مضطربة لصراعاتٍ إقليمية بالوكالة. وفي المقابل، تقف الدولة السورية، المُتمركزة شكليًا في دمشق، مثقلةً بانقساماتها الداخلية العميقة وعاجزةً عن بسط نفوذٍ فعّال، ما قد يفتح الباب أمام سيناريوهات وخيمة تُلقي بظلالها على الوحدة الهشة للبلاد وتهدد ما تبقى من سيادتها. لذا، يسعى هذا التحليل إلى سبر أغوار هذه التحولات المعقدة، ليكشف ملامح الاستراتيجية المحسوبة التي تنتهجها إسرائيل، ويستقصي مكامن الوهن الداخلي في سوريا، ويستشرف المخاطر المحدقة بمصير هذه المنطقة، التي رغم أهميتها الاستراتيجية، باتت تتأرجح على حافة الهشاشة والتفكك.
ما وراء هجوم مجدل شمس؟
البرامج البحثية

ما وراء هجوم مجدل شمس؟

غير الصراع في غزة قواعد الاشتباك بين إسرائيل وحزب الله. فقبل السابع من أكتوبر 2023، كان الطرفان يلتزمان بقواعد اشتباك قائمة منذ حربيهما في عام 2006 تقتصر على استهداف الأراضي التي تحتلها إسرائيل مثل مزارع شبعا، ولا تتجاوزها إلى الداخل الإسرائيلي، ولكن على مدى الأشهر التسعة الماضية، تغيرت هذه القواعد، في ظل حالة تصعيد مستمرة لكنها لم ترتقِ إلى مرحلة المواجهة الشاملة.   لكن حزب الله دخل حزب الله على خط المواجهة في غزة بإطلاق الصواريخ على الأراضي التي تحتلها إسرائيل في أكتوبر 2023، كما أنخرط الجانبان في حرب نفسية حيث كان كل جانب ينشر علناً أو يلمح إلى معلومات استخباراتية تم جمعها عن الطرف الآخر. وسرعان ما توسع تورط الحزب ليشمل ضربات أعمق داخل إسرائيل، لترد إسرائيل في البداية بضرب أهداف عسكرية لحزب الله بالقرب من الحدود الإسرائيلية اللبنانية وسلسلة من الاغتيالات لقادة فرقة الرضوان الخاصة التي تسيطر على المنطقة المتاخمة للحدود مع إسرائيل، ثم توسع نطاق هجمات إسرائيل لاحقًا لتشمل مساحة أكبر من جنوب لبنان ووادي البقاع.   استمر الصراع في التطور ليطال قرية مجدل شمس وهي قرية درزية في مرتفعات الجولان، حيث يزعم المتحدث العسكري للجيش الإسرائيلي أن الصاروخ الذي استهدف القرية من طراز فلق (1) إيراني الصنع، وتم أطلاقه من شمال قرية شبعا جنوب لبنان، وأن حزب الله وراء هذا الهجوم. بحسب الرواية الإسرائيلية ورد حزب الله وما آلت إليه التحقيقات الأولية فمن المرجح أن يكون الصاروخ، إيراني الصنع، قد أطلق فعليًا من الأراضي اللبنانية، من مزارع شبعا تحديدًا، كما ذكرت بعض المصادر، لكن لم يكن الهدف منه السقوط في مجدل شمس، لكن اعتراض صاروخ إسرائيلي له أدى إلى سقوطه في تلك المنطقة.