يختص برنامج الاقتصاد والطاقة بتحليل والتنبؤ بقضايا الاقتصاد الكُلي، وانعكاساتها على المُستوي الدولي، وربطها بأسواق الطاقة التقليدية والمُتجددة، ليُقدم رؤية مُتكاملة لبنية الاقتصاد العالمي، وحلولًا لما قد يواجهه من تحديات
تتابع على الاقتصاد العالمي دورات من التشديد والتيسير النقدي تدور في عكس اتجاه دورات الأعمال بحيث كُلما كانت دورة الأعمال في أدني مُستوياتها وباتت في سبيلها للركود، جاءت السياسة النقدية توسعية لتحول مسارها وتمنعها من الوصول إلى مُستويات النمو السريع والفائق قُرب قمتها، تأتي السياسة النقدية الانكماشية لتقمع هذا النمو المُفرط وتكبح جماحه بحيث لا يُفرز آثار تضخمية تودي بالمُكتسبات الاقتصادية، وتقضي على مُدخرات المواطنين، بحيث تحافظ السياسة النقدية في كلا الحالتين على مُستويات مقبولة من نمو مُعتدل للاقتصاد الوطني دونما إفراط.
تعمل أدوات السياسة النقدية بالطريقة السابقة في سائر اقتصادات العالم باستثناء، الفيدرالي الأمريكي الذي لا يقتصر تأثيره على الاقتصاد الأمريكي فحسب، بل إن تأثيراتها تمتد إلى الساحة العالمية بنطاقها الواسع، بحيث أن قرار رفع الفائدة في الولايات المُتحدة الأمريكية، يؤثر على إنفاق سائر البشر من أدنى الأرض إلي أقصها ولو بطريقة غير مُباشرة، هذا التأثير يجعل مواطني الدول الإفريقية على وجه الخصوص مُنكشفين بشدة على تداعيات تشديد السياسة النقدية الأمريكية، وعلى وجه الخصوص عند رفع أسعار الفائدة، لهذا تبحث هذه الورقة في الرابط بين السياسة النقدية التشددية للولايات المُتحدة خلال السنوات الثلاث الماضية، وموجات عدم الاستقرار التي ضربت القارة ومازالت حتى وقت كتابة هذه الكلمات، قبل أن يشرع الفيدرالي الأمريكي في عكس اتجاهه نحو سياسة نقدية توسعية من جديد.
تدخل الحرب الروسية الأوكرانية شهرها الثامن عشر، دونما حسم واضح في اتجاه أحد الطرفين، أو حتى سيطرة استراتيجية أو عملياتية من أحدهما، تقربه من فرض موقفه على طاولة المفاوضات، الأمر الذي يُشير إلى أن الصراع قد يستمر لعدة أشهر أخرى على أقل تقدير قبل أن يتجه الطرفين إلى التهدئة، الوضع ذاته في غزة التي تدخل الحرب فيها شهرها الثامن -كأحد أطول الحروب في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي رُبما باستثناء حربي تأسيس إسرائيل، والاستنزاف مع مصر- دونما اقتراب من أي حسم، أو حتى أفق يشير إلى أن طرفي الحرب على وشك الذهاب إلى التهدئة أو حتى أن أحدهما أو كلاهما بات راغب فيها، قد يكتمل عقد الحروب المُمتدة إذا اشتعلت الحرب بين الصين مع أحد جيرانها سواء في مضيق تايوان أو في بحر الصين الجنوبي، الأمر الذي بات غير مُستبعد في ظل انخراط الولايات المُتحدة في مُناوشات سياسية واقتصادية إقليمية ودولية تستهدف المصالح الصينية مُباشرة.
تجمع الحربين القائمتين وتلك المُتوقعة، خصيصتين -بالإضافة إلى أنها استغرقت أو قد تستغرق وقتًا أطول في الحسم مما كان متوقعًا- أولهما أنها تدور في مناطق ذات أهمية استراتيجية فائقة للعالم، سواء في السهل الأوروبي العظيم أحد أخصب أقاليم العالم وأغزر مناطق انتاج الحبوب فيه، أو في قلب الشرق الأوسط عند مُفترق طُرق التجارة العالمية ومسارات الطاقة. ثم أنهما أخيرًا لا تدوران بين دول أو أطراف مُنفردة، بل ضمن تحالفات أوسع، حيث ينخرط في الحرب الروسية الأوكرانية بشكل غير مُباشر كُلا من كوريا الشمالية وإيران إلى جانب روسيا، وحلف شمال الأطلسي إلى جانب أوكرانيا، فيما انخرط في حرب غزة إلى جانب إسرائيل كُلًا من الولايات المُتحدة وبريطانيا وفرنسا، وإلى جانب حماس إيران، حزب الله، الحوثيين، وعدد كبير من الجماعات الشيعية في العراق وسوريا.
هاتين الخصيصتين طبعتا الحربين الجاريتين بخصائص تُشبه جُزئيًا وبشكل مُصغر خصائص الحربين العالميتين الأولى والثانية من حيث كثافة الاستهلاك النيراني وما يُصاحبه من كثافة الوفيات بين الأطراف المُتصارعة، أو من حيث طول خطوط الاشتباك، وبالتالي باتت الحربين تستهلكان كميات هائلة من الذخائر والأسلحة التقليدية وخصوصًا دانات المدافع، حتى استنزفت أو كادت مخزونات القوى المُنخرطة في الصراع، وبالتالي بات الإحلال محلها حتميًا، ما أوصل حرارة المعارك الدائرة إلى خطوط الإنتاج في المصانع، التي -في أغلب الأوقات- كانت غير قادرة على الوفاء باحتياجات الجبهة أو أغراض إعادة استيفاء المخزون، ما أسفر في النهاية عن نُدرة شديدة في الذخائر على كل الجبهات لدى كُل الأطراف.
حولت هذه النُدرة الحرب إلى سلسلة من المعارك الصناعية يتفوق فيها الطرف ذا القُدرة الصناعية الأكبر، حيث يكون قادر على إمداد قواته بمزيد من الذخيرة التي تعطيها اليد الأعلى في المعركة، وبالتالي تحولت الصناعة بشكل مُباشر إلى أحد مُقومات الأمن القومي بمعناه شديد الضيق، لذلك تُحلل هذه الورقة انعكاسات القُدرة الصناعية على الحرب الروسية الأوكرانية من خلال سلاح المدفعية لدى الطرفين.
في الخامس من أغسطس 2024، شهدت أسواق المال هبوطًا حادًا في أعقاب فترةٍ من التقلبات الشديدة، حيث شكَّلَ اضطراب المؤشرات الاقتصادية في الولايات المتحدة ورفع بنك اليابان أسعار الفائدة بشكل غير متوقع أبرز العوامل الرئيسية لهذا الانهيار. وكانت المؤشرات العالمية الرئيسية قد شهدت انخفاضًا حادًا، غير أنها تعافت في غضون 24 ساعة فقط، وعلى الرغم من أن هذا التعافي حدث سريعًا، إلا أن حدوث هذا التراجع قد يكون بمثابة إشارة إلى أن الاقتصاد العالمي على وشك التباطؤ مرةً أخرى.
بدأ مُصطلح "وحدة الساحات" ينتشر لأول مرة في أدبيات الصراع العربي الإسرائيلي بعد معركة سيف القدس في عام ٢٠٢١، هي نهج عسكري وأيديولوجي يرتبط في المقام الأول بوكلاء إيران في المنطقة ضمن ما يُسمى "محور المقاومة"، الذي يضم جماعات مثل حزب الله، حماس، الحوثيين، وغيرها من الميليشيات المدعومة من إيران في سوريا والعراق، بهدف تعزيز التنسيق العملياتي بين هذه الجماعات لمواجهة إسرائيل وتقليص النفوذ الأمريكي في المنطقة، وفقًا لما تقتضيه المصالح الإيرانية، وذلك عن طريق اتخاذ إجراءات متزامنة عبر جبهات مختلفة، مثل لبنان وغزة واليمن، لخلق معركة واحدة مُتزامنة موحدة ضد الأعداء المشتركين، وخاصة إسرائيل والولايات المتحدة.
طُبقت هذه الاستراتيجية على نطاقات محدودة عدة مرات قبل عمليات السابع من أكتوبر ٢٠٢٣، لكنها وصلت إلى مراحل غير مسبوقة من التنسيق بعد هذه العمليات، لتبلغ حد تقسيم الأهداف داخل إسرائيل، ليقوم هؤلاء الوكلاء باستهداف المُنشآت الإسرائيلية من كُلًا من غزة، لبنان، العراق، سوريا، وصولًا لليمن، في تزامن وتتابع مُضني بالصواريخ والمُسيرات ضغط الدفاعات الجوية الإسرائيلية، حتى أن بعضها أطلق من اليمن ليُصيب أهدافًا في تل أبيب.
لم يكتفِ هؤلاء الوكلاء وخصوصًا الحوثيين بتهديد المُنشآت الإسرائيلية، بل تتابعت ضرباتهم لتُعيق الملاحة في مضيق باب المندب، قُبالة السواحل اليمينية، وذلك عبر عشرات الضربات لسُفن يدعي الحوثيين أن لها علاقات بإسرائيل بداية من ملكية للدولة أو لأشخاص ذوي جنسية إسرائيلية وصولًا إلى مرورها بالموانئ الإسرائيلية، مما يوسع دائرة الاستهداف، ويجعل معاييرها مطاطة تشمل نسبة كبيرة من حركة المرور في المضيق المحوري بالنسبة للتجارة العالمية، وخصوصًا الدول العربية المُصدرة للنفط، ومصر التي تعتمد على قناة السويس مقصد النسبة الأكبر من السُفن العابرة للمضيق، ما أسفر عن تحول مسار خطوط الشحن من قناة السويس إلى طريق رأس الرجاء الصالح، الأمر الذي ستكون له تحولات استراتيجية بعيدة المدى، بالإضافة إلى تداعيات المدى القصير على اقتصادات الدول العربية من المجموعتين السابقتين، لذلك يهدف هذا التحليل إلى تحليل أهمية المضيق بالنسبة للدول العربية، وانعكاساته الاستراتيجية على اقتصاداتها.
تُعد المملكة العربية السعودية أكبر اقتصاد في الشرق الأوسط بناتج محلي إجمالي يتخطى حاجز التريليون دولار أمريكي. وقد اتخذت المملكة المعروفة باحتياطاتها النفطية الهائلة خطوات إصلاحية مهمة بهدف تغيير مكانتها في الاقتصاد العالمي، وتشكل هذه الإصلاحات جزءًا من خطةٍ أكبر لتنويع الاقتصاد السعودي وخفض اعتماده على العائدات النفطية. لذا، نتناول في هذا التحليل مراحل تطور المشهد الاقتصادي في المملكة مع التركيز على جهود التنويع الاقتصادي واستراتيجيات الاستثمار والعقبات التي يجب التغلب عليها من أجل أن تصبح المملكة اقتصادًا عالميًا رائدًا.
للسنة الثالثة على التوالي، حافظت دولة الإمارات العربية المتحدة على مكانتها كأفضل وجهة عالمية لجذب الثروات وكبرى الشركات والمستثمرين والأفراد أصحاب الثروات العالية بفضل التدفقات القوية من المملكة المتحدة وأوروبا. ويُعد المزيج الإستراتيجي الذي تتمتع به دولة الإمارات والذي يجمع بين الاستقرار السياسي، والبيئة الثقافية الترحيبية، وازدهار سوق العقارات، وتطبيق أنظمة ضريبية مواتية فضلًا عن الاستقرار الاقتصادي هو السبب وراء ظهورها من جديد باعتبارها الوجهة الأولى للأثرياء في عام 2024. ومن خلال رؤية استشرافية والتزام بالابتكار والتطوير، تواصل البلاد تعزيز مكانتها كوجهة رئيسية للاستثمار وهجرة الثروات، مع الحفاظ على جاذبيتها القوية للمستثمرين العالميين. ومن المتوقع أن تحقق الإمارات مزايا اقتصادية جمة مع انتقال المزيد من الأفراد الأثرياء وأسرهم إليها، ما يزيد من جاذبيتها ونفوذها عالميًا.
فاجأ حزب الله اللبناني السُلطات الأمنية الإسرائيلية والمُتابعين للصراع الجاري في المنطقة خلال يومي ١٩ و٢٢ يونيو، ببث تسجيلين يوثقان صورًا عالية الدقة مُلتقطة من الجو عبر ما يبدو أنه مُسيرة تُحلق على ارتفاعات مُتوسطة إلى مُنخفضة، وقد تضمن التسجيلين في الأساس بالإضافة إلى المناطق الأمنية والاستراتيجية، مُنشآت لتخزين الوقود، ومحطات حرارية لتوليد الطاقة الكهربائية تقع مُعظمها في مدينة حيفا، بالإضافة إلى أرصفة ميناء ذات المدينة، الأمر الذي يبعث برسالة وعيد مُباشرة مفادها سهولة وصول صواريخ حزب الله ومُسيراته إلى مُنشآت تخزين وإنتاج ونقل الطاقة في إسرائيل، تلى إطلاق هذين التسجيلين عدد وافر من التكهنات التي تفصل في القدرات الصاروخية للحزب، وتُعظم من فرص وصولها إلى هذه المُنشآت بما قد يُصيبها مُباشرة، وبالتالي يُعقد أوضاع الاقتصاد الإسرائيلي الذي يشهد بالفعل أسوأ فتراته على الإطلاق إذا ما استثنيت عشريتي تأسيس الدولة وحرب أكتوبر ١٩٧٣.
على الجانب الأخر لم تتعرض هذه التحليلات في مُعظمها لدراسة الشبكة الكهربائية الإسرائيلية من حيث توزيع مُنشآت التوليد والحمل الكهربائي والحد الأقصى للجهد ومصادر التوليد، حتى تكتمل الصورة، فمجرد وصول صواريخ الحزب إلى المحطات -بافتراض قدرتها على إصابة أهدافها بالقدرة والدقة الكافيتين لتعطيلها- لا يعني خروج الشبكة الكهربائية من الخدمة، أو على الأقل إفقادها قدرًا مُعتبرًا من قدراتها على إنتاج الطاقة الكهربائية بما قد ينعكس بشكل ملحوظ على الحياة في إسرائيل، لذلك يستهدف هذا التحليل استعراض مُنشآت التوليد وقدراتها ومناطق تواجدها في إسرائيل، بغرض استبيان مدى تأثير هجمات الحزب المتوقعة على هذه المُنشآت.
حازت انتخابات البرلمان الأوروبي تاريخيًا على درجة أقل* من اهتمامات الناخب الأوروبي، حيث مالت دومًا القضايا المحلية إلى الهيمنة على الاهتمامات الأوروبية ، الأمر الذي جعل قضايا مثل الدفاع والأمن، تستغرق قدر أقل من النقاش والجدل أثناء الحملات الانتخابية الأوروبية، لكن هذا الوضع تغير جذريًا خلال دوري الانعقاد السابق والحالي بسبب موجات اللاجئين التي باتت تجتاح سواحل الإتحاد الأوروبي، وسُحب الحرب الكثيفة التي أمطرت سماءه وتكد الأقدام الأوروبية على إثرها تنزلق في مُستنقع غير ذي قاع يودي بكل جهود التنمية والإعمار التي جرت خلال السبعين عامًا الماضية.
لذلك بدأ تسييس القضايا الإقليمية واستغلالها في انتخابات البرلمان الأوروبي ، بعدما باتت قضايا الأمن والدفاع أكثر إلحاحًا، وانكفئت الأحزاب تناقش سياسات الاتحاد تجاهها، حيث أصبح لهذه القضايا دورًا أكثر أهمية في تشكيل تفضيلات الناخبين بما يجعلها أكثر تأثيرا في تشكيل النتائج الانتخابية على مختلف مستويات الحكم المحلي وصولًا لمُستوى الاتحاد.
يتناول هذا التقرير مواقف واتجاهات التجمُعات الأساسية داخل البرلمان من قضايا الدفاع الرئيسية المطروحة أمام الاتحاد، وكيفية انعكاس هذه المواقف على الصياغة السياسية لهذه المواقف.
على الرغم من كونها صاحبة ثاني أكبر اقتصاد في العالم، تواجه الصين تحديات ضخمة يأتي على رأسها تعثر القطاع العقاري، وتراجع الاستهلاك المحلي، وارتفاع مستويات الديون. ومن أجل التغلب على هذه التحديات، تبنت الحكومة سياسات تهدف إلى تشجيع الإنفاق المحلي، وتخفيف حدة الانكماش في القطاع العقاري، وتعزيز الابتكار لضمان التنمية المستدامة، ومن شأن هذه التدابير ألا تؤثر على المسار الاقتصادي للصين فحسب، بل تمتد آثارها أيضاً إلى الاقتصاد العالمي بأسره.
يمر الاقتصاد العالمي في الوقت الحالي بنقطة تحول فارقة تتسم باتجاهٍ جديد يغاير تمامًا اتجاه التكامل الذي شهدناه في العقود الأخيرة من القرن العشرين. وظهرت الشكوك المتزايدة بشأن مزايا العولمة، وخاصة في الدول المتقدمة، جنبًا إلى جنب مع التعافي البطيء في أعقاب الأزمة المالية العالمية. وقد أدت حالة عدم اليقين هذه إلى التعجيل بحدوث تحول متعمد في السياسات يبتعد عن التكامل، وهو ما يعرف بالتشتت الجغرافي الاقتصادي، ويشمل مرفق البيئة العالمية مجموعة واسعة من السياسات التي تؤثر على تدفقات رأس المال، وتنقل العمالة، والتجارة. وتختلف الدوافع وراء سياسات مرفق البيئة العالمية، بما في ذلك تصحيح الفوارق الاقتصادية المحلية، والتنافس الاقتصادي، وضرورات الأمن القومي. ويؤكد الانخفاض الأخير في الاستثمار الأجنبي المباشر، الملحوظ بشكل خاص في الاقتصادات الناشئة، تأثير الاتجاه نحو التشتت الجغرافي الاقتصادي على الاستثمار الأجنبي المباشر، ويؤكد أيضًا ضرورة اتخاذ إجراءات سريعة لعكس هذا الاتجاه.
شنت القوة الجوية التابعة للحرس الثوري الإيراني هجوماً مباشراً لأول مرة على إسرائيل في عملية أطلق عليها "الوعد الصادق" مستهدفة إسرائيل لأول مرة من الأراضي الإيرانية، حيث أمطرت المدن الإسرائيلية بوابل من الطائرات المسيرة والصواريخ البالستية في وقت متأخر من يوم السبت 13 أبريل 2024، وسبق أن توعدت إيران بالرد على الاستهداف الإسرائيلي الذي طال قنصليتها في دمشق وأسفر عن مقتل سبعة من عناصر الحرس الثوري بينهم أثنين من أهم قيادته في الأول من أبريل، ويأتي ذلك التصعيد المحسوب في إطار دفاع إيران عن سيادتها ومصالحها القومية وتعزيز أمنها الإقليمي في المنطقة، ويركز العالم أنظاره الآن على الضربة التي وجهتها إيران لإسرائيل حجمها، ونوعيتها، وانعكاساتها على المنطقة.
ويمثل الهجوم الإيراني على الأراضي الإسرائيلية تصعيدًا جديدًا بين البلدين، حيث حول الهجوم الصراع بينهما من الظل إلى العلن، وفي هذا السياق سيعتمد الرد الإسرائيلي على ثلاثة عوامل أولها ما إذا كان وكلاء إيران، بما في ذلك الحوثيين وحزب الله، سينضمون إلى القتال؛ وثانيها ما إذا كانت هناك خسائر في صفوف إسرائيل – أو ما إذا كانت أنظمتها الدفاعية، إلى جانب الدعم الأمريكي، تمنع وقوع أضرار جسيمة؛ وثالثها الطريقة التي تختار بها إسرائيل الرد.
لذلك يسعي هذا التحليل إلى توضيح انعكاسات الهجوم وآثاره الاقتصادية على إطراف الصراع.
تحكم العلاقة بين مُجتمع اليهود الحريديم والدولة في إسرائيل عوامل مُتعددة شديدة التعقيد والغرابة معًا، فرغم مُعارضتهم تأسيس الدولة والأيديولوجية الصهيونية التي تقوم عليها، إلا أنهم من أشد المُستفيدين من التنظيم الحالي للمُجتمع الإسرائيلي، وبرغم مُشاركتهم الفاعلة في العملية السياسية، ووجود أحزاب تُمثلهم، ووزراء في الحكومات الإسرائيلية المُتتالية من بينهم، إلا أنهم يُحاولون تقليص سُلطات هذه الحكومات عليهم، ولا يخضعون لها سوى ظاهريًا، فيما يحتفظون بتنظيم ذاتي لمُجتمعاتهم.
ظلت هذه التناقضات تلقي الانتقاد داخل المُجتمع الإسرائيلي لفترات طويلة بعد قيام الدولة، إلا أن الحكومات الإسرائيلية المُتتالية ظلت تحتفظ لهذه الفئة من اليهود بعدد واسع من الامتيازات تحت تأثيرهم السياسي والديني، لعل أكبرها على الإطلاق إعفائهم من التجنيد الإجباري الذي تخضع له باقي الفئات، بل وقدمت لهم حوافز مالية مُباشرة وغير مُباشرة، الأمر الذي بات على وشك التغيُر جذريًا بسبب الحرب على غزة.
يُحاول هذا التحليل البحث في الخصائص الاقتصادية لطائفة اليهود الحريديم وانعكاساته الاقتصادية على المُجتمع الإسرائيلي في شكله الأوسع.