تقدير موقف: ضربة “الأسد الصاعد” وتداعياتها على هندسة الأمن الإقليمي في الشرق الأوسط
البرامج البحثية
14 يونيو 2025

تقدير موقف: ضربة “الأسد الصاعد” وتداعياتها على هندسة الأمن الإقليمي في الشرق الأوسط

في الثالث عشر من يونيو 2025، نفّذت إسرائيل عملية عسكرية جوية غير مسبوقة ضد إيران تحت مسمى "عملية الأسد الصاعد"، دشّنت بها تحولًا استراتيجيًا بالغ الدلالة في عقيدتها الأمنية تجاه المشروع النووي الإيراني. استهدفت الضربات، التي نُفذت بمشاركة أكثر من 200 طائرة مقاتلة من طرازات F-15I، وF-35، وF-16I، منشآت نووية مركزية، أبرزها موقع نطنز للتخصيب، إضافة إلى مقار أمنية وعسكرية حساسة في طهران، ومواقع يُشتبه باحتوائها على منظومات صاروخية تحت الأرض في عدة محافظات.   ترافقت الغارات الجوية مع عمليات ميدانية محدودة نفذتها وحدات كوماندوز إسرائيلية داخل الأراضي الإيرانية، إلى جانب هجمات نفذتها طائرات مسيّرة محلية الإطلاق وشبكات تخريب داخلية جرى تفعيلها بالتزامن، مما يعكس اعتمادًا واضحًا على نمط الحرب الهجينة متعددة الوسائط. أسفرت العملية عن مقتل عدد من كبار القادة العسكريين الإيرانيين، بينهم اللواء حسين سلامي، واللواء محمد باقري، بالإضافة إلى اغتيال عدد من العلماء المرتبطين بالبرنامج النووي. وعلى الرغم من ذلك، بقيت منشأة فوردو – المحصّنة تحت جبل قرب مدينة قم – خارج نطاق الاستهداف، وهو ما أبقى على قدرة إيران التقنية في استئناف تخصيب اليورانيوم عند مستويات مرتفعة.   في المقابل، ردّت طهران بإطلاق أكثر من 100 طائرة مسيّرة هجومية تجاه إسرائيل، وأعلنت الشروع في بناء منشأة نووية جديدة "غير قابلة للاختراق"، فضلاً عن تحديث البنية التحتية لمنشأة فوردو. على الصعيد الدولي، ارتفعت أسعار النفط بأكثر من 10% خلال 24 ساعة، وسط إدانات خليجية وعربية أكدت خطورة التصعيد.   انطلاقًا من ذلك، يهدف هذا الملف إلى تحليل أنماط الرد الإيراني المحتمل، واستشراف تداعيات العملية على الأمن الإقليمي في الخليج العربي، في ضوء السيناريوهات المتوقعة للرد الإيراني.
اغتيال إسماعيل هنية: ماذا بعد ؟
البرامج البحثية
31 يوليو 2024

اغتيال إسماعيل هنية: ماذا بعد ؟

في الحادي والثلاثين من يوليو، اغتيل إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، في العاصمة الإيرانية طهران، عقب حضوره حفل تنصيب الرئيس الإيراني الجديد. واتهمت إيرانُ وحركةُ حماس إسرائيلَ باغتياله، ولم يصدر بعد أي تعليق من جانب إسرائيل، كما جرت العادة عندما تنخرط تل أبيب في عملية اغتيال. وجاء اغتيال هنية بعد اغتيال فؤاد شكر، أحد كبار قادة حزب الله في بيروت، على يد إسرائيل، ردًا على هجوم أسفر عن مقتل 12 شخصًا في مرتفعات الجولان المحتلة.   وكانت إسرائيل قد أعلنت في وقت سابق أنها ستستهدف مسؤولي حماس أينما كانوا بعد السابع من أكتوبر، ونجحت في ديسمبر في تنفيذ تهديداتها عندما اغتالت نائب إسماعيل هنية في بيروت، مما أدى إلى توقف محادثات وقف إطلاق النار.   تشكل عملية استهداف هنية، الذي كان يقود جهود التفاوض من أجل التوصل إلى وقف إطلاق النار في الحرب بين إسرائيل وحماس، تصعيداً خطيراً، كما أن وقوع العملية في قلب إيران مباشرة بعد تنصيب الرئيس الإيراني لا يحمل تداعيات خطيرة على حرب غزة فحسب، بل وعلى إيران ووكلائها أيضاً، الذين استهدفتهم إسرائيل مؤخراً.   ولم تقدم إيران حتى الآن أي معلومات عن كيفية وقوع عملية الاغتيال وأعلن الحرس الثوري الإيراني أن الهجوم قيد التحقيق؛ ومن المرجح أن صاروخًا موجهًا بدقة استهدف مقرًا لقدامى المحاربين في الحرس الثوري الإيراني الذي كان يقيم فيه هنية في شمال طهران. وفي أعقاب الاغتيال، تعهد المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي بأن إسرائيل ستواجه "عقابًا قاسيًا" على ردًا على جريمتها في طهران.   وهذه ليست المرة الأولى التي تتمكن فيها إسرائيل من اختراق حدود إيران لتنفيذ عمليات اغتيال؛ فقد تمكنت إسرائيل بشكل روتيني من استهداف مسؤولين إيرانيين، مثل حملة الاغتيالات التي استمرت لسنوات ضد الخبراء النوويين الإيرانيين وغيرهم من المشاركين في البرنامج النووي الإيراني. وكان آخرها اغتيال محسن فخري زاده، العالم النووي العسكري الإيراني البارز، في عام 2020، والذي قُتل باستخدام برشاش آلي يعمل بجهاز تحكم عن بعد أثناء قيادته خارج العاصمة طهران.   في ضوء القصف الصاروخي المباشر والواسع النطاق الذي شنته إيران على إسرائيل في شهر أبريل، عقب قصف سفارتها في دمشق، يواجه العالم الآن أسئلة مهمة: كيف سترد طهران على اغتيال إسماعيل هنية على أراضيها؟ وعلاوة على ذلك، هل تمتلك إيران القدرة أو الحافز لاحتواء تصرفات حزب الله والحوثيين، وخاصة بعد مقتل فؤاد شكر القيادي في حزب الله في العاصمة اللبنانية بيروت وقصف ميناء الحديدة التابع للحوثيين في اليمن؟