زيارة لاريجاني: بناء تحالفات أم إنقاذ للحلفاء؟
البرامج البحثية

زيارة لاريجاني: بناء تحالفات أم إنقاذ للحلفاء؟

في ظل المشهد الجيوسياسي المتقلب في الشرق الأوسط، غالبًا ما تعكس مناورات إيران الاستراتيجية توازنًا دقيقًا بين تأكيد نفوذها الإقليمي وحماية شبكات وكلائها. وتُجسّد الزيارة الأخيرة التي قام بها علي لاريجاني، الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني المُعيّن حديثًا، إلى بغداد وبيروت يومي 11 و12 أغسطس 2025، هذه الديناميكية. وتُبرز هذه الزيارة الخارجية الافتتاحية، التي عُيّن فيها لاريجاني في 5 أغسطس 2025، مدى إلحاح طهران على معالجة الضغوط المتصاعدة على حلفائها الرئيسيين: حزب الله في لبنان وكتائب حزب الله ضمن قوات الحشد الشعبي العراقية.   ويُركّز جدول الأعمال المُعلن على التعاون الثنائي، بما في ذلك توقيع اتفاقية أمنية مع العراق تُركّز على ضبط الحدود، ومكافحة التهديدات المشتركة، وتعزيز العلاقات التجارية والثقافية. وفي لبنان، تُركّز المناقشات على المشاورات السياسية والأمنية، وتأكيد الوحدة الوطنية، ومراجعة العلاقات التاريخية في ظل التوترات المستمرة. تأتي هذه الزيارة في ظلّ حالة من عدم الاستقرار الإقليمي، تشمل صراعاتٍ حديثة مع إسرائيل، وضغوطًا أمريكية، وتحدياتٍ داخليةً تواجه الميليشيات المدعومة من إيران. وبينما تسعى طهران إلى تعزيز "محور المقاومة"، يطرح جدول الزيارة سؤالًا جوهريًا: هل يُمثّل بناء تحالفاتٍ استباقيًا أم جهدًا تفاعليًا لإنقاذ حلفائها المحاصرين؟ فعلى الرغم من وجود عناصر تعزيزٍ طويل الأمد، إلا أن التوقيت والسياق يميلان نحو إدارة الأزمات، بهدف التخفيف من حدة التهديدات المباشرة لنفوذ إيران بالوكالة.
حزب الله ..الجديد: واقع مرتبك ومستقبل غامض
البرامج البحثية

حزب الله ..الجديد: واقع مرتبك ومستقبل غامض

يقف حزب الله عند مفترق طرق حاسم مع مطلع عام 2025، في خضم تعافٍ هش أعقب صراعًا مدمرًا امتد لأربعة عشر شهرًا مع إسرائيل، وتغيّرات جذرية في المشهدين السياسي اللبناني والإقليمي. فقد أفضى وقف إطلاق النار، الذي تم التوصل إليه بوساطة أمريكية ودخل حيّز التنفيذ في 27 نوفمبر 2024، إلى إنهاء معارك ضارية خلّفت معاناة إنسانية هائلة ودمارًا واسع النطاق في البنية التحتية اللبنانية، وقد جاء هذا الاتفاق الهش متزامنًا مع حدثين مفصليين غيّرا قواعد اللعبة: الانهيار المفاجئ لنظام بشار الأسد في سوريا، الذي كان يُشكّل الجسر البري الحيوي الذي يربط الحزب بإيران، وإنهاء حالة الفراغ الرئاسي التي شلّت لبنان لعامين، مع انتخاب قائد الجيش اللبناني، العماد جوزيف عون، رئيسًا للجمهورية—وهو انتخاب حمل وعودًا بتفكيك البنية العسكرية للحزب وحصر السلاح بيد الدولة، في خطوة تعكس حالة الضعف غير المسبوقة التي يمر بها الحزب.   شكّل صراع  عام 2024 ضربة غير مسبوقة لحزب الله. إذ يُنظر إليه باعتباره هزيمة عسكرية ، أسفرت عن تصفية قياداته، بمن فيهم أمينه العام التاريخي حسن نصرالله وخليفته المعيّن، إلى جانب مقتل آلاف المقاتلين، واستنزاف ترسانته العسكرية المتقدمة، وتدمير منشآته الحيوية، وقد تٌرجَم هذا التراجع العسكري إلى تراجع ملموس في النفوذ السياسي للحزب. فمع انهيار حليفه الإقليمي في دمشق وتآكل قدرته على فرض شروطه داخليًا، يواجه حزب الله تحولات محتملة في موازين القوى الداخلية في لبنان تشير إلى تبدّل جذري في موقعه.   بين الإنهاك العسكري، والعزلة الإقليمية، والانتكاسات السياسية المحلية، والتحدي المتصاعد  لسرديته كـ"حركة مقاومة"، يجد حزب الله نفسه أمام أزمة وجودية غير مسبوقة. فالتنظيم الذي خرج من حرب 2024 لم يعد يشبه ذلك الذي دخلها. لذا يتناول هذا التحليل مسارات حزب الله المحتملة في هذا السياق المتبدل جذريًا، ساعيًا إلى فهم كيف يمكن للحزب أن يتكيف أو يتحول في مواجهة الضغوط المتراكمة، إضافة إلى استعراض القيود التي تواجه الدولة اللبنانية وقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان "اليونيفيل" في فرض السيادة على الجنوب، والمسارات المستقبلية الممكنة للحزب داخل لبنان.
عود على بدء: هل ينتهي الفراغ الرئاسي في لبنان؟
البرامج البحثية

عود على بدء: هل ينتهي الفراغ الرئاسي في لبنان؟

جدد رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري دعوته إلى عقد جلسة عامة للمجلس في التاسع من يناير 2024 لانتخاب رئيس جديد للبلاد بعد دخول الفراغ الرئاسي عامه الثالث، وتأتي هذه الدعوة مع استمرار أزمة شغور منصب الرئيس في لبنان منذ 31 أكتوبر 2022، بعد نهاية ولاية الرئيس السابق العماد ميشال عون الذي أنهت ولايته فراغًا رئاسيًا دام 29 شهرًا بعد 45 محاولة سبقت انتخابه للوصول للنصاب القانوني، و منذ الفراغ الحالي، عجز المجلس عن اختيار رئيس بعد أثني عشر جلسة كان أخرها في 14 يونيو 2024، مما يعكس تعقيدات العملية السياسية في البلاد.   كما لم تنجح المبادرات الداخلية في الآونة الأخيرة في إنهاء الشغور والتوافق على مرشح، كما لم تتوقف مساعي ممثلي الدول الخمس -الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة العربية السعودية ومصر وقطر- لمحاولة تذليل العقبات التي تحول دون توافق القوى السياسية على التوصل إلى آلية تنهي معضلة الشغور.   ومع استمرار عدم اليقين حول هوية الرئيس المقبل، تتداول الأوساط السياسية في لبنان عدة أسماء مرشحة من بينهم قائد الجيش اللبناني، العماد جوزيف عون، الذي تتجه الأنظار بقوة صوبه باعتباره مرشحًا توافقيًا محتملًا بشكل كبير. و تُطرح الجلسة القادمة آمال كبيرة في أن تسفر عن نتائج إيجابية واختيار اسم بعينه لساكن قصر بعبدا الجديد، مما يطرح تساؤلات حول قدرة القوي السياسية على حسم الفراغ الرئاسي والاتفاق على مرشح في ضوء التغيرات السياسية الحالية في لبنان والمنطقة؟