في ظل المشهد الجيوسياسي المتقلب في الشرق الأوسط، غالبًا ما تعكس مناورات إيران الاستراتيجية توازنًا دقيقًا بين تأكيد نفوذها الإقليمي وحماية شبكات وكلائها. وتُجسّد الزيارة الأخيرة التي قام بها علي لاريجاني، الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني المُعيّن حديثًا، إلى بغداد وبيروت يومي 11 و12 أغسطس 2025، هذه الديناميكية. وتُبرز هذه الزيارة الخارجية الافتتاحية، التي عُيّن فيها لاريجاني في 5 أغسطس 2025، مدى إلحاح طهران على معالجة الضغوط المتصاعدة على حلفائها الرئيسيين: حزب الله في لبنان وكتائب حزب الله ضمن قوات الحشد الشعبي العراقية.
ويُركّز جدول الأعمال المُعلن على التعاون الثنائي، بما في ذلك توقيع اتفاقية أمنية مع العراق تُركّز على ضبط الحدود، ومكافحة التهديدات المشتركة، وتعزيز العلاقات التجارية والثقافية. وفي لبنان، تُركّز المناقشات على المشاورات السياسية والأمنية، وتأكيد الوحدة الوطنية، ومراجعة العلاقات التاريخية في ظل التوترات المستمرة. تأتي هذه الزيارة في ظلّ حالة من عدم الاستقرار الإقليمي، تشمل صراعاتٍ حديثة مع إسرائيل، وضغوطًا أمريكية، وتحدياتٍ داخليةً تواجه الميليشيات المدعومة من إيران. وبينما تسعى طهران إلى تعزيز "محور المقاومة"، يطرح جدول الزيارة سؤالًا جوهريًا: هل يُمثّل بناء تحالفاتٍ استباقيًا أم جهدًا تفاعليًا لإنقاذ حلفائها المحاصرين؟ فعلى الرغم من وجود عناصر تعزيزٍ طويل الأمد، إلا أن التوقيت والسياق يميلان نحو إدارة الأزمات، بهدف التخفيف من حدة التهديدات المباشرة لنفوذ إيران بالوكالة.