الإغلاق الحكومي الأمريكي 2025: أزمة تمويل أم تحول مؤسسي؟
البرامج البحثية
6 أكتوبر 2025

الإغلاق الحكومي الأمريكي 2025: أزمة تمويل أم تحول مؤسسي؟

تدخل الولايات المتحدة، منذ فجر الأول من أكتوبر 2025، في أزمة سياسية ومؤسسية حادة، بعد أن توقفت الحكومة الفيدرالية عن أداء وظائفها غير الأساسية، نتيجة إخفاق الكونجرس في تمرير قوانين الإنفاق المطلوبة لبدء السنة المالية الجديدة. هذا الإغلاق، الذي يُعد الأول من نوعه منذ سبع سنوات، لا يقتصر على كونه فشلاً تشريعيًا في التوافق على الموازنة، بل يُجسّد صدامًا أعمق حول شكل الدولة الأمريكية ومستقبلها الإداري والاجتماعي. إذ يتمسك الحزب الديمقراطي بمطالب تشريعية جوهرية في مجال الرعاية الصحية، بينما يرفض الحزب الجمهوري الحاكم—المُمسك بمفاصل الكونغرس والبيت الأبيض—تسييس عملية التمويل، ويصر على تمرير قانون مؤقت خالٍ من أي تعديلات.   في هذه الأثناء، تُعيد إدارة الرئيس ترامب تعريف مفهوم الإغلاق نفسه، إذ تُحوّله من أداة ضغط تشريعي إلى وسيلة تنفيذية لإعادة هيكلة الجهاز الحكومي. حيث تُصدر الإدارة توجيهات صريحة للوكالات بالاستعداد لتسريحات دائمة (Reduction in Force)، مستهدفة البرامج والموظفين الذين لا يتماهون مع أجندتها السياسية، وهو ما يُحدث تحولًا جذريًا في علاقة السلطة التنفيذية بالجهاز الإداري الفيدرالي.   يتناول هذا الملف تحليلًا شاملًا للأزمة من زواياها كافة: يبدأ بتفكيك الجذور التشريعية والسياسية التي قادت إلى الانسداد الراهن، ثم يستعرض التداعيات الفورية على المؤسسات الفيدرالية والموظفين، ويتتبع الخسائر الاقتصادية المباشرة وغير المباشرة. كما يُجري مقارنة دقيقة بين هذا الإغلاق وحالات سابقة، ويُحلل خريطة المواقف الحزبية المتضاربة، واتجاهات الرأي العام، واحتمالات الحلحلة أو التصعيد. ويُقدّم في النهاية قراءة استراتيجية لما يُمكن أن تمثله هذه اللحظة من سابقة دستورية تُهدد التوازن التاريخي بين السلطات داخل النظام الأمريكي.
الحرب على تيك توك: بين المخاوف الأمنية ومعاداة السامية
البرامج البحثية

الحرب على تيك توك: بين المخاوف الأمنية ومعاداة السامية

لعبت وسائل التواصل الاجتماعي دورًا بارزًا في إعادة تشكيل سرديات الصراع الفلسطيني الإسرائيلي منذ اندلاع أحداث السابع من أكتوبر، فلم يعد تداول الأخبار والمعلومات مقتصرًا فقط على وسائل الإعلام التقليدية، بل صار لمنصات التواصل الاجتماعي صدى أقوي من صدى السلاح، وقسمت الحرب العالم بين إسرائيل وفلسطين، وحتى شبكات التواصل الاجتماعي إلى مؤيد ومعارض مما جعلها عرضه لضغوط بسبب المحتوى المتعلق بالحرب، ووضعت الحرب على غزة تطبيق تيك توك (TikTok)مرة أخرى في قلب جدال ساخن حول مخاطر وتأثير التطبيق باعتباره مساحة عالمية يمكن للأشخاص العاديين إبداء آرائهم من خلالها، ويمكن للفصائل السياسية أن تتقاتل للسيطرة على السرد، خاصة مع تقلص جمهور المنافذ الإخبارية التقليدية.   وانتشرت مؤخرًا العشرات من مقاطع الفيديو الأكثر مشاهدة على تطبيق تيك توك المتعلقة بحرب غزة مع الوسوم المؤيدة للفلسطينيين، ما دفع الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ إلى الاجتماع مع المديرين التنفيذيين لتيك توك في فبراير 2024، معرباً عن قلقه من تزايد المحتوي المعادي للسامية على التطبيق منذ بداية الحرب بين إسرائيل وحماس، ووعدوا الرئيس هرتسوغ بأنهم سيعالجون المشكلة بشكل أكبر في المستقبل. وفي نفس السياق، أبدت شركات التواصل الاجتماعي التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها بالفعل استعدادها لفرض رقابة على المحتوى المؤيد لفلسطين. ووثقت هيومن رايتس ووتش (Human Rights Watch) في تقريرها الصادر ديسمبر 2023 أكثر من 1050 عملية إزالة وقمع لمحتوى على إنستغرام وفيسبوك نشره الفلسطينيون ومؤيدوهم بين أكتوبر ونوفمبر 2023.   وفي هذا السياق تحركت دعوات من قبل مشرعين أمريكيين وناشطين محافظين ومستثمرين في مجال التكنولوجيا لحظر تطبيق تيك توك في واشنطن نتيجة تزايد مخاوف متعلقة بالتطبيق، والتي لقت صدى واسعًا في 13 مارس 2024 حينما صوت مجلس النواب الأمريكي بأغلبية ساحقة لصالح مشروع قانون يضع بايت دانس (ByteDance) الشركة الأم للتطبيق أمام خيارين أحلاهما مر إما بيع التطبيق لشركة أمريكية أو مواجهة حظر التوزيع من خلال المنصات الرئيسية ومتاجر التطبيقات، وأعرب الرئيس جو بايدن (Joe Biden) عن دعمه لمشروع القانون وأشار أنه مستعد للتوقيع عليه ليصبح قانونًا بعد موافقة مجلس الشيوخ عليه. ولكن التحرك الأمريكي هذه المرة يحمل في طياته مخاوف أخرى لا تتعلق بالأمن القومي الأمريكي فحسب بل تمتد إلى تأثير التطبيق على سمعة إسرائيل التي تضررت في جميع أنحاء العالم نتيجة الانتشار السريع للمحتوي المتعلق بالجرائم التي تمارسها إسرائيل ضد المدنيين في قطاع غزة.   لذا يسعي هذا التحليل إلى توضيح لماذا تغيرت الرؤية الأمريكية لتيك توك من المخاوف الأمنية إلى الترويج بأن التطبيق يسعي لمعاداة السامية؟ وما هي مآلات تطبيق الحظر على كلً من الولايات المتحدة وإسرائيل؟