زيارة لاريجاني: بناء تحالفات أم إنقاذ للحلفاء؟
البرامج البحثية

زيارة لاريجاني: بناء تحالفات أم إنقاذ للحلفاء؟

في ظل المشهد الجيوسياسي المتقلب في الشرق الأوسط، غالبًا ما تعكس مناورات إيران الاستراتيجية توازنًا دقيقًا بين تأكيد نفوذها الإقليمي وحماية شبكات وكلائها. وتُجسّد الزيارة الأخيرة التي قام بها علي لاريجاني، الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني المُعيّن حديثًا، إلى بغداد وبيروت يومي 11 و12 أغسطس 2025، هذه الديناميكية. وتُبرز هذه الزيارة الخارجية الافتتاحية، التي عُيّن فيها لاريجاني في 5 أغسطس 2025، مدى إلحاح طهران على معالجة الضغوط المتصاعدة على حلفائها الرئيسيين: حزب الله في لبنان وكتائب حزب الله ضمن قوات الحشد الشعبي العراقية.   ويُركّز جدول الأعمال المُعلن على التعاون الثنائي، بما في ذلك توقيع اتفاقية أمنية مع العراق تُركّز على ضبط الحدود، ومكافحة التهديدات المشتركة، وتعزيز العلاقات التجارية والثقافية. وفي لبنان، تُركّز المناقشات على المشاورات السياسية والأمنية، وتأكيد الوحدة الوطنية، ومراجعة العلاقات التاريخية في ظل التوترات المستمرة. تأتي هذه الزيارة في ظلّ حالة من عدم الاستقرار الإقليمي، تشمل صراعاتٍ حديثة مع إسرائيل، وضغوطًا أمريكية، وتحدياتٍ داخليةً تواجه الميليشيات المدعومة من إيران. وبينما تسعى طهران إلى تعزيز "محور المقاومة"، يطرح جدول الزيارة سؤالًا جوهريًا: هل يُمثّل بناء تحالفاتٍ استباقيًا أم جهدًا تفاعليًا لإنقاذ حلفائها المحاصرين؟ فعلى الرغم من وجود عناصر تعزيزٍ طويل الأمد، إلا أن التوقيت والسياق يميلان نحو إدارة الأزمات، بهدف التخفيف من حدة التهديدات المباشرة لنفوذ إيران بالوكالة.
النُّفوذ الإيرانيِّ في السُّودان: بين دبلوماسيَّة المُسيرات وضغوط الصِّراع
البرامج البحثية

النُّفوذ الإيرانيِّ في السُّودان: بين دبلوماسيَّة المُسيرات وضغوط الصِّراع

تتسم العلاقات بين السُّودان وإيران بتاريخ متقلب بين التقارب والقطيعة التي استمرت نحو 8 سنوات على أثر التوترات القوية بين إيران والمملكة العربية السعودية على خلفية اقتحام محتجون إيرانيون السفارة السعودية في طهران عام 2016، واتخذت الحكومة السُّودانية آنذاك قرارًا بإغلاق جميع المدارس والمراكز الثقافية الإيرانية، ولكن اليوم يتجه السُّودان وإيران بخطى حثيثة لفتح صفحة جديدة من العلاقات، وسط توترات إقليمية متصاعدة بين طهران وداعميها من جهة، وواشنطن وحلفائها من جهة أخرى، وحرب يخوضها الجيش السُّوداني ضد قوات الدعم السريع شبه العسكرية منذ أبريل 2023.   هيأت التغيرات الإقليمية الراهنة وأتاحت الفرصة أمام الطرفين للتحرك بشكل محسوب نحو أعادة تسوية خلافات الماضي لتشهد معها العلاقات تنامي ملحوظ في العام الماضي عبر سلسلة من اللقاءات الرسمية رفيعة المستوى لمسؤولين سودانيين مع نظيرهم الإيرانيين، أبرزها لقاء وزير الخارجية السُّوداني السابق علي الصادق ونظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان آنذاك على هامش اجتماع اللجنة الوزارية لحركة عدم الانحياز الذي استضافته العاصمة الأذربيجانية باكو في يوليو 2023  في خطوة حملت تحسس لعودة العلاقات، والتي ترتب عليها إعلان السُّودان استئناف علاقاته الدبلوماسية مع إيران رسميًا في 9 أكتوبر 2023، وبعد مرور عام على استئناف العلاقات تسلم رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان، أوراق اعتماد السفير الإيراني، حسن شاه حسيني، سفيراً ومفوضاً فوق العادة لبلاده لدى السُّودان 21 يوليو 2024، مما طرح العديد من التساؤلات خاصة أن توقيته تزامن مع تصاعد التوترات في المنطقة، و أشهر من المعارك الدائرة بين الجيش السُّوداني وقوات الدعم السريع، وفي ظل التطبيع بين الخرطوم وتل أبيب الذي بدأ قبل نحو 4 سنوات.   كما يثير هذا التقارب العديد من التساؤلات حول مدى استدامة هذا الاتفاق، خاصة في ظل تباين الأولويات الإقليمية بين البلدين، حيث تركز إيران على المشرق العربي، ويظل مستقبل هذه العلاقة مرهونًا بالتطورات الإقليمية وحسابات إيران الاستراتيجية في منطقة البحر الأحمر. فهل ستشهد العلاقة تحولًا جذريًا نحو شراكة استراتيجية مستدامة، أم ستبقى أسيرة التجاذبات الإقليمية والتكتيكات السياسية؟