الأجنحة المكسورة: الآثار الاقتصادية و السياسية و الأمنية لإغلاق الأجواء العربية-الإسلامية أمام إسرائيل
الإصدارات
24 سبتمبر 2025

الأجنحة المكسورة: الآثار الاقتصادية و السياسية و الأمنية لإغلاق الأجواء العربية-الإسلامية أمام إسرائيل

يأتي هذا البحث ليسجل قراءة معمّقة لسيناريو بالغ الحساسية في معادلات الشرق الأوسط، والمتمثل في إمكانية إقدام العالمين العربي والإسلامي على فرض حصار جوي منسّق على إسرائيل. ويستند هذا السيناريو إلى تطور مفصلي تمثل في الغارة الجوية الإسرائيلية على قيادات حركة حماس في العاصمة القطرية الدوحة بتاريخ 9 سبتمبر 2025، وهو حدث لم يقتصر أثره على إزهاق الأرواح فحسب، بل مثّل لحظة كاشفة أطلقت ديناميكيات جديدة وأعادت تشكيل اصطفافات دبلوماسية على امتداد المنطقة.   تسعى هذه الورقة إلى إبراز أن الحصار الجوي المحتمل لا يندرج في إطار التدابير الرمزية أو الضغوط الجزئية، بل يرقى إلى مستوى "الصدمة الاستراتيجية" التي تتجاوز كونها إرباكاً لوجستياً لإسرائيل، لتتحول إلى أداة من أدوات الحرب الاقتصادية غير المتكافئة. فمن خلال استهداف أعصاب الاقتصاد الإسرائيلي الأكثر حساسية التي تتمثل في الطيران المدني، والتجارة ذات القيمة العالية، وقطاع السياحة، يغدو الحصار وسيلة قادرة على إحداث شلل واسع في اقتصاد مرتبط عضوياً بالأسواق العالمية. وتشير التقديرات الأولية إلى أن هذا الإجراء قد يقود إلى انكماش في الناتج المحلي الإجمالي الإسرائيلي يتراوح بين 4.8% و5.7%، وهو ما يعادل هزة اقتصادية كبرى قادرة على دفع إسرائيل إلى أتون ركود عميق، بكل ما يحمله ذلك من تداعيات اجتماعية وأمنية وسياسية ممتدة.   سياسياً، سيؤدي الحصار إلى إعادة تشكيل جذرية للمشهد الجيوسياسي الإقليمي، محطماً حالة الوضع القائم التي أرستها "اتفاقات أبراهام" منذ عام 2020، وجاعلاً أي جهود إضافية للتطبيع أمراً غير قابل للاستمرار. وسيُسرّع ذلك من وتيرة التحوّل الاستراتيجي في مواقف دول الخليج العربي، بالانتقال بعيداً عن الاعتماد الأحادي على الولايات المتحدة كضامن أمني، نحو بلورة بنية أمنية جديدة تقودها القوى الإقليمية نفسها. أما بالنسبة للولايات المتحدة، فإن مثل هذا التطور سيمثل أزمة دبلوماسية حادّة، تضعها أمام خيار صعب بين تحالفها الصلب مع إسرائيل وشراكاتها الاستراتيجية الحيوية مع الدول العربية، وهو ما يهدد بتقويض أحد الأعمدة الأساسية لسياساتها في الشرق الأوسط.   أمنياً، يشكّل الحصار الجوي تحدياً من نوع "المناطق الرمادية"، أي فعلاً قسرياً عالي المستوى يتحرك في المساحة الملتبسة بين السلم والحرب المعلنة. ومن شأنه أن يحدّ من القدرة العملياتية لسلاح الجو الإسرائيلي، وأن يضع عبء قرار التصعيد العسكري مباشرة على عاتق إسرائيل. وإذا ما اختارت الأخيرة مواجهة الحصار بالقوة، فإن ذلك سيفتح مساراً ذا احتمال مرتفع لانزلاق المنطقة إلى صراع عسكري أوسع، قد يزج بدول الخليج وإيران ووكلائها، فضلاً عن الولايات المتحدة، في مواجهة مفتوحة. لذا، فإن الحصار الجوي يُعد أداة جماعية محتملة وفعّالة، قادرة على إحداث تحوّل لا رجعة فيه في معادلات التوازن الاستراتيجي في الشرق الأوسط.
حرب يونيو ٢٠٢٥: صدام حضارات أم نقطة انطلاق نحو شرق أوسط جديد؟
الإصدارات
18 سبتمبر 2025

حرب يونيو ٢٠٢٥: صدام حضارات أم نقطة انطلاق نحو شرق أوسط جديد؟

في خضم سباق محموم تخوضه القوى الإقليمية والدولية لإعادة صياغة المشهد الجيوسياسي في الشرق الأوسط بما يتسق مع حساباتها ومصالحها الاستراتيجية، عاشت المنطقة خلال العامين الماضيين مرحلة استثنائية من التحولات العميقة والتقلبات الحادة، أعادت رسم خرائط النفوذ وأعادت ترتيب موازين القوة. فقد شهدت هذه الفترة الاجتياح العسكري الإسرائيلي واسع النطاق لقطاع غزة عقب هجوم السابع من أكتوبر، ومحاولات منظمة لتقويض نفوذ حزب الله في لبنان، وانهيار نظام الأسد في سوريا بما حمله من تداعيات على موازين القوى الإقليمية، وتصاعد الضربات العسكرية الإسرائيلية ضد إيران في إطار صراع مفتوح على النفوذ. وإلى جانب ذلك، برزت موجة غير مسبوقة من الاعترافات الرسمية من جانب عدد من الدول الغربية بدولة فلسطين، بالتوازي مع إعلان إسرائيل عن خطط لضم الضفة الغربية وفرض احتلال شامل لقطاع غزة.   تعكس هذه التطورات المتسارعة، مجتمعةً، ليس فقط تفاقم الصراع وعدم الاستقرار، بل أيضًا تغذي الخطاب المتصاعد حول ما يُسمى بـ"الشرق الأوسط الجديد"؛ وهو إطار استراتيجي صاغته قوى فاعلة من خارج الإقليم، يهدف إلى إعادة صياغة المشهد الجيوسياسي والأمني والاقتصادي والدبلوماسي في المنطقة. ويشير تداخل أدوات القوة الصلبة، وتبدّل التحالفات، وإعادة تشكيل الروابط الاقتصادية، إلى عملية إعادة معايرة عميقة للمشهد الإقليمي، لا مجرد استمرار للوضع القائم.  وفي عام 2025، عكست موجة الاعترافات الغربية بدولة فلسطين تزايد الاستياء الدولي من الأطر الدبلوماسية القائمة، والدفع باتجاه إعادة التفكير في القضايا الإقليمية المزمنة، بما يمثّل تحديًا مباشرًا للحسابات الأمنية والدبلوماسية التقليدية لإسرائيل. وفي الوقت ذاته، يجسّد المخطط العسكري الذي صادقت عليه إسرائيل للسيطرة الكاملة على غزة تحوّلًا جوهريًا نحو تشديد موقفها الإقليمي والأمني، بما يؤذن بمرحلة غير مسبوقة في مسار العلاقات الفلسطينية–الإسرائيلية وفي معادلات السياسة الإقليمية.   يضاعف تقاطع هذه التطورات من زخم السرديات والسياسات التي يقوم عليها مفهوم "الشرق الأوسط الجديد"؛ وهي رؤية تقوم على إعادة اصطفاف حاسمة تتمحور حول الدول، وتوسيع جهود التطبيع، وإعادة معايرة ميزان القوى، واعتماد نموذج للتفاعلات الإقليمية تقوده المصالح الاقتصادية. ويشمل هذا النظام الآخذ في التشكل طموحاتٍ للحد من النفوذ الإيراني، وإعادة تعريف مفهوم السيادة الفلسطينية وفق شروط جديدة، وتعزيز التكامل الاقتصادي والأمني بين أطراف إقليمية محددة.   في المحصلة، تمثل هذه الأحداث في آنٍ واحد محفزات وتجليات لخطاب "الشرق الأوسط الجديد"، إذ تعكس وضع منطقة في حالة تحوّل، حيث تؤدي الصراعات المستعصية والمبادرات الدبلوماسية الجديدة، في الوقت نفسه، إلى تقويض الأنماط السائدة وفتح مسارات نحو مشهد شرق أوسطي معاد تشكيله بصورة جذرية.   تتناول هذه الورقة بالتحليل النقدي الكيفية التي تسهم بها التطورات السريعة الأخيرة في الشرق الأوسط في صياغة رؤى متنافسة لمستقبل المنطقة، وتقيّم ما إذا كانت التحولات الجارية تعكس إعادة اصطفاف أعمق تقودها مصالح استراتيجية للدول، وتوسّع الاعتماد الاقتصادي المتبادل، وإعادة معايرة للنظام الإقليمي تتجاوز الدورات التاريخية للصراع. وعلى نحو أكثر تحديدًا، تبحث هذه الدراسة ما إذا كانت هذه التغيرات تجسّد في جوهرها أطروحة صمويل هنتنجتون حول "صدام الحضارات"—التي تعزو الصراعات الإقليمية في مرحلة ما بعد الحرب الباردة إلى الانقسامات القائمة على الهوية الثقافية والدينية—أم أنها تمثل جهدًا استراتيجيًا مدروسًا لإعادة تشكيل الشرق الأوسط عبر إعادة تعريف أولويات الدول، وتبدّل موازين القوى، وبناء تحالفات إقليمية ودولية جديدة.
نقاط الاشتعال والتداعيات: تقييم التهديدات النووية في المنطقة
الإصدارات
22 يونيو 2025

نقاط الاشتعال والتداعيات: تقييم التهديدات النووية في المنطقة

عاد شبح التهديد النووي، الذي بدا في السابق وكأنه قد تراجع مع نهاية الحرب الباردة، ليطلّ برأسه مجددًا بشكل حاد ومثير للقلق. فالعالم اليوم يشهد سباق تسلح نووي متجددًا وتآكلًا خطيرًا في الأعراف والمعاهدات التي ساهمت، على مدار عقود، في الحيلولة دون وقوع ما لا يمكن تصوره. فمنذ فبراير 2022، شكّلت الحرب الروسية على أوكرانيا، وما رافقها من خطاب صريح ومبطّن بشأن استخدام الأسلحة النووية، خرقًا واضحًا للمحرّمات التي سادت في مرحلة ما بعد الحرب الباردة. وقد أدّى تموضع الأسلحة النووية الروسية في بيلاروسيا إلى تصعيد التوترات بشكل أكبر، وأسهمت في تطبيع الخطاب المرتبط بالحرب النووية. ولم تتوقف التداعيات عند حدود أوروبا الشرقية، بل امتدت لتشمل العالم بأسره، حيث أبدت دول مثل كوريا الجنوبية وألمانيا وبولندا اهتمامًا متزايدًا باستراتيجيات الردع النووي، سواء عبر تطوير برامجها الخاصة أو من خلال استضافة الأسلحة النووية الأمريكية على أراضيها. ويُعد تفكير بولندا في الانضمام إلى بلجيكا وألمانيا وإيطاليا وهولندا وتركيا كمضيف محتمل لهذه الأسلحة مؤشرًا مقلقًا على هذا التوجّه المتصاعد. وفي الوقت نفسه، يواصل النظام الكوري الشمالي تطوير ترسانته النووية دون رادع، فيما تستمر النزعة العدائية النووية بين الهند وباكستان، مما يشكل دليلًا إضافيًا على استمرار التهديد النووي على مستوى العالم.   لقد ازدادت حدة الظلال النووية التي تخيّم على الشرق الأوسط في أعقاب أحداث السابع من أكتوبر، والتي أعادت تصعيد التوترات الإقليمية بشكل حاد وكشفت هشاشة المنظومة الأمنية القائمة. وفي ظل اتساع نطاق العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة واحتمال تطورها إلى مواجهة إقليمية أوسع، تصاعدت المخاوف بشأن إمكانية استخدام الأسلحة النووية أو زيادة انتشارها في المنطقة. وقد حذّر المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية مؤخرًا من أن تفاقم الأعمال العدائية في المنطقة قد يكتسب "أبعادًا نووية"، مشددًا على الحاجة الملحّة لتطبيق ضمانات شاملة وتجديد المسار الدبلوماسي لمنع المزيد من التصعيد. وفي هذا السياق المتسم بتقلبات متزايدة، يظل الملف النووي متشابكًا بعمق مع الديناميات السياسية والأمنية الأوسع، مما يثير مخاوف حقيقية من بلوغ نقطة تحول خطيرة في مسار الانتشار النووي الإقليمي. ومع تجدّد المواجهة بين إسرائيل وإيران، عاد الحديث مجددًا عن الأهداف النووية وتداعياتها المحتملة على مستقبل المنطقة.   في هذا السياق، يتناول هذا البحث أشكال التهديدات النووية المختلفة ويقيّم مدى هشاشة عدد من الدول المختارة كدراسات حالة في مواجهة هذه التهديدات. وقد تم اختيار هذه الحالات — وهي مصر، والإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية، والأردن — بناءً على قابليتها للتعرّض لكوارث نووية، وذلك بالدرجة الأولى استنادًا إلى وجود منشآت نووية قد تشكّل مصادر محتملة للخطر. كما أُخذت الأهمية الجيوسياسية بعين الاعتبار كعامل أساسي في عملية الاختيار.   وقد تم تصنيف التهديدات إلى فئتين رئيسيتين: الأولى تتعلق بالمخاطر الناجمة عن الحروب النووية، والثانية تركّز على التهديدات المرتبطة بالتسرّب النووي أو الإشعاعي. ويُقسَّم كل سيناريو إلى سيناريوهات فرعية تُحلّل الآثار المتوقعة على الدول محل الدراسة، بما في ذلك تقديرات الخسائر في الأرواح والإصابات البشرية. ويُعد فقدان الأرواح هو المعيار الرئيسي الذي وجّه اختيار الحالات وتحليلها، حيث تم اختيار مدن معيّنة بناءً على كثافتها السكانية، ومن ثمّ تقييم العواقب المحتملة وفقًا لذلك.   من خلال تقييم الآثار المتوقعة—بما في ذلك الخسائر البشرية وتعطّل البُنى التحتية الحيوية—يهدف هذا البحث إلى تقديم تقييم شامل لمستوى الهشاشة النووية في هذه الدول المحورية. ويُبرز في هذا الإطار كيف أن المشهد النووي المتغيّر في منطقة الشرق الأوسط يتشكّل ليس فقط بفعل العوامل التكنولوجية والاستراتيجية، بل أيضًا من خلال تفاعل الطموحات الداخلية والضغوط الخارجية. وتؤكد النتائج على الحاجة الملحّة إلى توفير ضمانات قوية، وتعزيز التعاون الإقليمي، والانخراط الدولي النشط من أجل الحد من تصاعد المخاطر المرتبطة بالأسلحة والتقنيات النووية في بيئة دولية تتسم باضطراب متزايد.
اللعبة الكبرى: إيران و إسرائيل و الولايات المتحدة
الإصدارات
12 يونيو 2025

اللعبة الكبرى: إيران و إسرائيل و الولايات المتحدة

يقول جورج أورويل في روايته الكلاسيكية "1984": ظل عالمه متماسكاً من خلال حرب لا تنتهي، فقد كان يتم بث رسائل كراهية ومسببات للخوف بشكل يومي لتشجيع الجماهير الخائفة والخانعة للوقوف بوجه عدو وهمي بدلا من قادتهم الفعليين. يعرَفُ عن خبراء الجغرافيا الاستراتيجية في الولايات المتحدة وبريطانيا كونهم سادة التلاعب في إعادة رسم خريطة العالم لتتناسب مع المصالح الاقتصادية، الجغرافية، السياسية والعسكرية للغرب.. وينطبق ذلك بشكل خاص على منطقة الشرق الأوسط.، إذ يمتلك المنتقدون قناعة بأن الهدف الأكبر لهؤلاء يتمثل في تحقيق الهيمنة الغربية على المنطقة عبر عملائهم وشركائهم مثل إسرائيل وإيران (عبر الأبواب الخلفية) للاحتفاظ بالسيطرة على الموارد الطبيعية والممرات المائية مع ضمان عدم وقوع تلك الموارد في أيدي المنافسين مثل الصين وروسيا. وفي غضون ذلك هناك مدرسة فكرية تقول أنهم يصنعون الصراعات الطائفية انطلاقاً من مبدأ "فرق تسد"، وهي صراعات توفر ذريعة لإقامة القواعد العسكرية وتغذية الصناعات العسكرية من خلال مبيعات الطائرات والصواريخ والأسلحة.   ويقول بحث أجري في عام 2008 بعنوان "استراتيجيات فرق تسد الأمريكية في الشرق الأوسط" كتبه مهدي داريوس نازيمرويا، تناول فيه نوايا الولايات المتحدة لخلق شرق أوسط جديد، ما يلي: "في إطار الأعمال التحضيرية للولايات المتحدة الأمريكية لخلق’ شرق أوسط جديد’ كانت هناك محاولات حققت نجاحاً جزئياً لخلق حالة من الانقسامات بين سكان الشرق الأوسط وآسيا الوسطى من خلال الاختلافات العرقية، الثقافية، الدينية، المذهبية، القومية والسياسية.. فإلى جانب تأجيج التوترات العرقية، مثل تلك التي بين الأكراد والعرب في العراق، يجري تغذية الانقسام الطائفي عمداً بين المسلمين في الشرق الأوسط. كما يجري تعزيز الانقسام بين المسلمين الشيعة والسنة". ويعتقد فريد ريد، الخبير والكاتب في شؤون الشرق الأوسط أنه: "يتعين عدم لوم من يظن أن التوجه الحالي للسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط وعبر العالم الإسلامي يتمثل في تعزيز الانقسامات بين السنة والشيعة". وبدوره، كتب كون هالينان، كاتب عمود "السياسة الخارجية تحت المجهر"، قائلاً: "يمثل النفط أحد أهم عوامل القلق الرئيسية للولايات المتحدة الأمريكية.. فبحلول عام 2020، ستستورد الولايات المتحدة ثلثي احتياجاتها من النفط، وبما أن 65% من احتياطي النفط المتبقي في العالم موجود في الشرق الأوسط، لا يحتاج المرء لتبني نظرية المؤامرة لاستنتاج أن استراتيجية فرق تسد تستهدف الحفاظ على السيطرة الاستراتيجية على تلك الموارد النفطية". ويضيف هالينان: "يعتبر الحفاظ على تفاقم التوترات في الشرق الأوسط أمراً مربحاً للغاية أيضاً لشركات الأسلحة الأمركية"، مشيراُ في هذا المجال إلى إنفاق الإمارات العربية المتحدة، المملكة العربية السعودية، الكويت وسلطنة عمان ما يتجاوز 150 مليار دولار على شراء الأسلحة.
الهدنة والتكتيك: الحسابات السياسية لاتفاقات وقف إطلاق النار
الإصدارات
22 أبريل 2025

الهدنة والتكتيك: الحسابات السياسية لاتفاقات وقف إطلاق النار

بالنظر إلى المشهد السياسي المتقلب اليوم، باتت اتفاقات وقف إطلاق النار تحظى بأهمية متزايدة. فبينما لا تهدف هذه الاتفاقات إلى إنهاء الصراعات بشكل فوري، فإنها تسعى إلى إتاحة هدنة مؤقتة تُمكّن الأطراف المتنازعة من الانخراط في حوار والعمل نحو التوصل إلى حل. ومن الناحية المثالية، تُعد اتفاقات وقف إطلاق النار مراحل انتقالية ضمن الحروب المستمرة، تتيح فرصة للمفاوضات والتسوية. غير أن فعاليتها كأداة سياسية كثيرًا ما تكون محدودة، إذ لا تُقاس فقط بالتحركات العسكرية على الأرض، بل تتوقف بدرجة أكبر على الإرادة السياسية والتعقيدات المحيطة بكل طرف من الأطراف المعنية. كما أن نجاعة هذه الاتفاقات تتأثر بشكل كبير بنوايا الجهات الموقعة، إذ لا يلتزم جميع الأطراف بإنهاء الأعمال العدائية التزامًا صادقًا. وهو ما يثير تساؤلات جوهرية حول كيفية تقييم نجاح أو فشل اتفاق وقف إطلاق النار. فإذا كان الهدف المُعلن هو إنهاء الحرب، بينما تبقى الأجندات السياسية خفية، فإن استئناف القتال لا يُعد بالضرورة دليلًا على فشل الاتفاق، بل قد يكشف عن عدم تحقيق طرفٍ ما لأهدافه، مقابل تحقيق الطرف الآخر لما يصبو إليه.   بالإضافة إلى ذلك، فإن كل اتفاق لوقف إطلاق النار يتمتع بخصوصية تميّزه، إذ يتشكّل وفقًا للديناميكيات السياسية المحيطة به، بما في ذلك أدوار الوسطاء، والضمانات المقدّمة، وهيكل الاتفاق ذاته. ويُعد اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس مثالًا صارخًا على هذا التعقيد. فرغم أنه قد يبدو فاشلًا من منظور جماعي أشمل، إلا أنه قد يُشكّل فرصة سياسية وعسكرية بالغة الأهمية لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. كما لا يمكن إغفال تأثير الفاعلين الخارجيين، مثل الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، باعتبارهم جزءًا من المعادلة. وفي نهاية المطاف، تُثير الهدنة الهشة بين حماس وإسرائيل تساؤلًا جوهريًا: هل هي مجرّد مسار سياسي؟ أم أنها تعبّر عن حسابات استراتيجية أعمق تتجاوز مجرد وقف الأعمال العدائية مؤقتًا؟
كيف تشكل الشعبوية السياسات الوطنية والعالمية؟
الإصدارات
25 فبراير 2025

كيف تشكل الشعبوية السياسات الوطنية والعالمية؟

اكتسبت الشعبويةُ مؤخرًا زخمًا متزايدًا في مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك أوروبا والولايات المتحدة، الأمر الذي ألقى بتحديات كبيرة على السياسات المحلية والدولية. وعلى الرغم من وجود تلك الظاهرة في أوروبا قبل الحرب العالمية الثانية، إلا أن صعود الاتحاد السوفيتي كتهديدٍ رئيسي لأوروبا بعد الحرب العالمية الثانية دفع الأوروبيين إلى تجاهل سلبيات الشعبوية والتركيز بدلًا من ذلك على التصدي للتحدي السوفيتي. وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي في عام 1991، بدأت أوروبا عمليةً مؤسسية لتحديد التهديدات الداخلية والخارجية الجديدة للحفاظ على استعدادها وقدراتها لمواجهة أي تحديات قد تطرأ بشكلٍ غير متوقع. وأسفرت هذه العملية عن تحديد العديد من التهديدات الداخلية مثل الهجرة، ونقص العمالة الماهرة، والشعبوية باعتبارها تهديدات خطيرة. علاوة على ذلك، دخل التكامل الأوروبي مرحلةً جديدة بإبرام معاهدة ماستريخت في عام 1992 التي أسست الاتحاد الأوروبي في شكله الحالي، الأمر الذي جعل الأوروبيين ينظرون إلى الشعبوية باعتبارها تهديدًا قد يعيق التكامل الأوروبي. لذا، يتناول هذا البحث تعريف الشعبوية ويحلل آثارها على السياسات الوطنية والعالمية.
خطة مركز الحبتور لإعادة إعمار غزة
الإصدارات
20 فبراير 2025

خطة مركز الحبتور لإعادة إعمار غزة

يرزخُ قطاع غزة تحت وطأة أزمة متشابكة، أفرزتها دوامات الصراع والدمار التي لا تهدأ، لتتجاوز آثارها مجرد أنقاض متناثرة أو بنى تحتية متهالكة. فالدمار المتكرر لم يقتصر على العمران فحسب، بل امتد ليضرب شرايين الاقتصاد، ويُضعف النسيج الاجتماعي، ويترك سكان القطاع عالقين في دوامةٍ لا تنقطع من الهشاشة والمعاناة. وفي ظل هذا الواقع المرير، يصبح التعافي أكثر من مجرد عملية إعادة إعمار، بل هو ضرورة تستوجب رؤيةً شاملة ونهجًا تحويليًا يعيد الحياة إلى القطاع ويمنحه أفقًا جديدًا للاستقرار والازدهار. وعلى الرغم من أهمية جهود إعادة الإعمار التقليدية، إلا أنها غالبًا ما تقتصر على المهمة العاجلة المتمثلة في إعادة بناء ما تهدّم، متجاهلةً بذلك الجذور العميقة للأزمة. وبرغم نواياها الحسنة، أخفقت هذه الجهود مرارًا وتكرارًا في التصدي للتحديات الاقتصادية والأزمات السياسية التي تغذي حالة عدم الاستقرار، ما يعيق أي تقدم مستدام ويجعل الإعمار حلقة مفرغة تكرر نفسها دون تحقيق تحول حقيقي. ومن هذا المنطلق، يقدم هذا التقرير رؤيةً جديدة لإعادة إعمار غزة، تتجاوز الحلول التقليدية نحو نهجٍ متكامل ثلاثي الأبعاد لا يقتصر على الإغاثة الإنسانية العاجلة فحسب، بل يربطها أيضًا باستراتيجياتٍ بعيدة المدى تعزز الاستدامة الاقتصادية، وتمهد الطريق نحو سلامٍ شامل ومستدام. ويعتمد هذا النهج الشمولي على قناعةٍ راسخة بأن التعافي الحقيقي لا يقتصر على إعادة بناء شبكات البنية التحتية فحسب، بل يتطلب أيضًا خلق فرص اقتصادية، وتعزيز الحوكمة، وترميم النسيج الاجتماعي. فمن خلال هذه الركائز الثلاث، لا تقتصر عملية إعادة الإعمار على معالجة آثار الدمار، بل تسعى إلى كسر دوامة الصراع وفتح آفاق جديدة لمستقبل أكثر استقرارًا وازدهارًا لسكان غزة؛ فهذا النهج ثلاثي الأبعاد ينبع من رؤية شاملة تُعالج الأزمة من مختلف أبعادها، بدلًا من الاكتفاء بمعالجة جانبٍ واحدٍ منها فقط.
مهاباد: النفط والبيشمركة وانهيار حلم الدولة الكُردية
الإصدارات
18 ديسمبر 2024

مهاباد: النفط والبيشمركة وانهيار حلم الدولة الكُردية

كان الحلم الكُردي بإنشاء دولة مُستقلة على وشك أن يتحقق أخيرًا -بعد مُطالبات دامت لعدة قرون- في يناير من عام ١٩٤٦م، عندما أعلن "قاضي محمد Qazi Mohamed" الزعيم الكُردي الإيراني قيام دولة مهاباد Mahabad، على المُقاطعة المُسماة بذات الاسم من الجمهورية الإسلامية الإيرانية حاليًا، لكنه سُرعان ما تبدد بعدما سحب الإتحاد السوفيتي دعمه المالي للدولة الوليدة، واشتداد الحصار الاقتصاد على الإقليم، ما منع دخول الغذاء، وخفض الإنتاج الزراعي، ما تسبب في تغيُرات دراماتيكية في ولاءات زعماء القبائل الكُردية الذين تحالف معهم "قاضي" إبان قيام الدولة، على أمل أن ينالوا نصيبًا من الدعم المالي والغذائي السوفيتي.   تفاقمت الأوضاع الغذائية وازدادت سوء بمرور الوقت، ما دفع بعض قادة جيش مهاباد إلى مُغادرة العاصمة، خصوصًا مع اقتراب القوات الإيرانية من دخولها، ليتركوا الرجل وقلة كُردية معه في مواجهة غير عادلة مع الجيش الإيراني، لذلك قرر حقن دماء الأكراد بالاستسلام في ١٥ ديسمبر من ذات العام، ليحتل الجيش الإيراني مهاباد، ويُعلن سقوط الدولة، وفي النهاية يُعدم "قاضي" في مارس ١٩٤٧، ومعه تنتهي أقرب مُحاولات قيام الدولة الكُردية.   وبعد مرور نحو رُبع قرن من هذا التاريخ، أصدرت المحكمة الاتحادية العليا العراقية سلسلة من الأحكام بشأن النفط العراقي الذي يُصدره إقليم كُردستان العراق، كان أخرها قد صدر في فبراير ٢٠٢٤ ليقضي بإلزام مجلس وزراء إقليم كردستان بتسليم جميع الإيرادات النفطية وغير النفطية إلى الحكومة المركزية في بغداد ، الأمر الذي قد يكون له ذات التأثير المزدوج الناتج عن وقف الدعم المالي، والحصار الإيراني على جيش مهاباد، لكن هذه المرة على قوات البيشمركة التي تُشكل الأمل في الحفاظ على "الحكم الذاتي" لإقليم كُردستان العراق، الذي يُعتبر بدوره ثاني أقرب المحاولات الكُردية لإقامة وطني قومي للأكراد.   لذلك يتناول الجزء الأول من هذه الورقة الأوضاع السياسية للأكراد من حيث وضع الإقليم في الدستور العراقي، والقضايا الخلافية بين الإقليم والحكومة الاتحادية، وتأثيرات هذه الخلافات على استمرار البيشمركة ووجودها. ويستعرض الجزء الثاني الأوضاع الاقتصادية تأثيرات سلسلة الأحكام القضائية على الأوضاع التي تقوض حُرية حكومة الإقليم في بيع النفط، وانعكاسات ذلك على البيشمركة، كقوة دفاع كُردية تحمي "الحكم الذاتي" للإقليم، وتُشكل خط الدفاع الأخير ضد انهياره.
عرب بلا عربية: التهديد الصامت للهوية والسياسة والأمن
الإصدارات
12 أكتوبر 2024

عرب بلا عربية: التهديد الصامت للهوية والسياسة والأمن

تلعب اللغة دوراً أساسياً في الحفاظ على الهوية الثقافية ونقل التقاليد، إلا أن التغيرات السريعة في عالم اليوم أدت إلى تراجع العديد من اللغات. وعلى الرغم من أن اللغة العربية هي واحدة من أكثر اللغات انتشارًا على مستوى العالم، إلا أنها أظهرت علامات تآكل في السنوات الأخيرة. تعالج هذه الدراسة القضية الملحة المتمثلة في تآكل اللغة العربية، وتفحص أسبابها وتداعياتها واستراتيجيات الحفاظ المحتملة. يمتد تآكل اللغة العربية إلى ما هو أبعد من المخاوف اللغوية، حيث يؤثر على الأمن القومي والاستقرار السياسي والهوية العربية. ومع تبني الأجيال الشابة، وخاصة في دول الخليج، للغات العالمية بشكل متزايد، فإن التراث الثقافي والمساهمات الفكرية للعالم العربي معرضة لخطر التناقص. وتسلط الدراسة الضوء على العديد من العوامل التي تساهم في هذه الظاهرة، بما في ذلك عدم الاستقرار السياسي والهجرة والتحضر والتنمية الاقتصادية والزواج المختلط، وكلها مرتبطة بالعولمة، وتشجع هذه الدوافع على تبني اللغات السائدة، مما يزيد من تهميش اللغة العربية.   قد تؤدي عواقب تآكل اللغة إلى تحديات سياسية وأمنية كبيرة، بما في ذلك التفتت الإقليمي المحتمل وصعود الحركات الانفصالية. ومع ذلك، تؤكد الدراسة على أنه يمكن التخفيف من هذه السيناريوهات من خلال تدابير مستهدفة. إن تعزيز اللغة العربية من خلال الإصلاحات التعليمية والصادرات الثقافية واستراتيجيات القوة الناعمة والسياسات الحكومية أمر ضروري للحفاظ على استخدامها وهيبتها. ومن خلال تعزيز أهمية اللغة العربية في المجتمع الحديث، وخاصة من خلال التكنولوجيا ووسائل الإعلام، يمكن للعالم العربي أن يقاوم اتجاه تآكل اللغة ويضمن حيويتها في المستقبل.
ماذا لو توقفت الولايات المتحدة عن تزويد إسرائيل بالمساعدات العسكرية؟
الإصدارات
3 مارس 2024

ماذا لو توقفت الولايات المتحدة عن تزويد إسرائيل بالمساعدات العسكرية؟

أثارت دعوة مفوض السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي - جوزيف بوريل- حلفاء اسرائيل وعلى رأسهم واشنطن بضرورة وقف تزويد إسرائيل بالأسلحة جدلاً واسعًا في الأيام الأخيرة في ظل ارتفاع أعداد القتلى من المدنيين في قطاع غزة ، إذ جاءت الدعوة متزامنة مع قرار محكمة استئناف هولندية بحظر صادرات جميع قطع غيار مقاتلات F-35 لإسرائيل ، وتأتي هذه التطورات في الوقت الذي تخطط فيه إسرائيل بدء عملية عسكرية موسعة على رفح تحمل في طياتها كارثة انسانية محتملة نظرًا لوجود ما يزيد عن 1.3 مليون نازح من القطاع نزحوا إلى رفح مع بدء العملية العسكرية في قطاع غزة.   وتقدم الولايات المتحدة لإسرائيل مساعدات عسكرية سنوية بقيمة 3.8 مليار دولار، والتي تعتبر من أكبر المساعدات العسكرية التي تقدمها الولايات المتحدة لأي دولة في العالم، ويأتي ذلك في الوقت الذي أكد فيه المسؤولون الأمريكيون وعلى رأسهم الرئيس بايدن في عام 2013 حينما شغل منصب نائب الرئيس باراك أوباما آنذاك " أن الالتزام الأمريكي تجاه إسرائيل "ليس مجرد التزام أخلاقي طويل الأمد بل التزام استراتيجي" مضيفاً خلال زيارته إلى تل أبيب على خلفية أحداث السابع من أكتوبر “إن وجود إسرائيل مستقلة وآمنة في حدودها ومعترف بها من قبل العالم هو في المصلحة الاستراتيجية العملية للولايات المتحدة الأمريكية"، وأضاف: "كنت أقول… لو لم تكن هناك إسرائيل، لكان علينا أن نخترع واحدة" . والدليل أيضا على عمق العلاقات واستمرار الدعم يتمثل في موافقة الكونجرس على تقديم مساعدة عسكرية إضافية لإسرائيل بقيمة 14.1 مليار دولار لدعم قدراتها في حربها ضد حركه حماس وبهدف توفير الدعم الدفاعي الجوي والصاروخي، وتجديد المخزون العسكري الأمريكي الممنوح لإسرائيل، على غرار الدعم الأمريكي لإسرائيل أثناء حرب أكتوبر 1973 مع الجيش المصري.   ويطرح هذا الدعم الأمريكي السخي والغير مشروط لإسرائيل العديد من التساؤلات في ضوء فشل الولايات المتحدة في الضغط على إسرائيل لوقف حربها في غزة، وفقدان سيطرتها على الحكومة اليمينية فيما يتعلق بتوسيع دائرة الحرب لتشمل مدينة رفح مما ينذر بصراع وشيك مع مصر، لذا يسعي هذا التحليل إلى الإجابة على تساؤلا موداه هل ستغير هذه التطورات الموقف الأمريكي تجاه نتنياهو وحكومته اليمينية للتراجع عن فكرة العملية الموسعة في رفح؟ وهل تستطيع الولايات المتحدة وقف إمداداتها العسكرية لحليفها الاستراتيجي في الشرق الأوسط؟
طلقات بلا بارود: هل نجحت العقوبات الاقتصادية في ردع إيران؟
الإصدارات
12 نوفمبر 2023

طلقات بلا بارود: هل نجحت العقوبات الاقتصادية في ردع إيران؟

لطالما وظفت العقوبات الاقتصادية كسلاح لدى صانعي السياسة الذين يسعون للتأثير على سلوك الدول الأخرى دون استخدام القوة العسكرية، وقليل من الدول استخدمت هذا السلاح زمنيًا أو مكانيًا وبتأثير أكبر من الولايات المتحدة الأمريكية، مما أدى إلى احتدام الجدل حول فعاليتها وأخلاقيات استخدامها لعقود من الزمن، مع نقاشات حادة بين جانبين يرى أحدهما أن العقوبات طريقة إنسانية وفعالة لتحقيق أهداف السياسة الخارجية للدول الكُبرى دونما اللجوء إلى القوة العسكرية، بينما يذهب آخرون إلي أنها شكل من أشكال الحرب الاقتصادية التي تضر بالمدنيين الأبرياء وتضغط على المُجتمع وتُضر سيادة القانون الدولي.
الوقوف على الحافة: الأمن الغذائي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا
الإصدارات
2 مارس 2023

الوقوف على الحافة: الأمن الغذائي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

بحسب تقرير لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) عن حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم في عام 2022، تشير التقديرات إلى أنه ما بين 702 و828 مليون نسمة قد تأثروا بالجوع في عام 2021، منهم 278 مليون شخص في أفريقيا، ويرتفع العدد إلى 425 مليون شخص في آسيا، و56.5 مليون في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، حيث ارتفع العدد بنحو 150 مليون شخص منذ ظهور جائحة كورونا. ناهيك عن اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية التي دارت راحاها - ولا تزال - بين إثنين من كبار منتجي ومصدري الحبوب في العالم، مما أدى إلى تعطل سلاسل التوريد، والذي أدى بدوره إلى ارتفاع الأسعار العالمية للحبوب والأسمدة بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الطاقة، كل ذلك أدى إلى بزوغ الكثير من التحديات المتعلقة بالأمن الغذائي في المنطقة العربية التي تواجه العديد من التحديات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والبيئية المتزايدة والتي تؤثر بشدة على الأمن الغذائي لسكانها.   ومن ثم، تتناول هذه الدراسة مجموعة العوامل التي تؤثر على الأمن الغذائي، حيث ساعدنا التحليل الذي قمنا به من خلال تلك الدراسة على تحديد أكثر خمسة عوامل يمكن لها أن تؤثر على الأمن الغذائي وهي: تغير المناخ، والنزاع، والزيادة السكانية، والتضخم، وندرة الموارد. تقدم هذه الدراسة تحليلا شاملا لكل عامل من العوامل السابقة ومدى تأثيره على الأمن الغذائي إقليميا وعالميا، مع التركيز على المنطقة العربية، وخاصة دولة الإمارات العربية المتحدة. ثانياً، ستحلل الدراسة عوامل انعدام الأمن الغذائي بشكل منفصل وتأثيره على أربع دول مهمة هي مصر والإمارات العربية المتحدة المملكة العربية السعودية والأردن.   توصلت الدراسة إلى أن العوامل التي قمنا بتحليلها لها آثار سلبية بشكل أساسي على الأمن الغذائي، باستثناء العامل المتعلق بتغير المناخ، والذي سيؤثر إيجابًا على بعض المناطق، بالإضافة إلى الموارد الطبيعية، والتي تؤثر بشكل إيجابي على الأمن الغذائي، علاوة على ذلك، خلصت الدراسة إلى أن العوامل الخمسة ترتبط ارتباطا وثيقا ببعضها البعض. فعلى سبيل المثال، يؤثر النزاع سلبًا على الأمن الغذائي حيث يمكن أن يؤدي إلى زيادة أسعار المواد الغذائية، كما هو الحال في الحرب الروسية الأوكرانية الحالية. وبالمثل، فمن المتوقع أن تؤدي الآثار السلبية لتغير المناخ إلى زيادة أسعار المواد الغذائية وانخفاض الطلب على الغذاء في المنطقة، مما يؤدي بدوره إلى زيادات مباشرة في مستويات نقص التغذية للسكان.  أخيرًا، بعد مراجعة تأثيرات العوامل الخمسة على الأمن الغذائي، قمنا بصياغة وتحليل عدد معين من السيناريوهات المتعلقة بتلك العوامل وإظهار كيفية تأثيرها على قضية الأمن الغذائي. علاوة على ذلك، قدمنا العديد من التوصيات لكيفية التعامل مع مثل تلك السيناريوهات.