اليورانيوم الإيراني المفقود: محفز محتمل لتجدد الصراع في الشرق الأوسط
البرامج البحثية

اليورانيوم الإيراني المفقود: محفز محتمل لتجدد الصراع في الشرق الأوسط

شهدت العمليات العسكرية الأخيرة ضد المنشآت النووية الإيرانية تصاعدًا ملموسًا في المخاوف الدولية حيال طموحات طهران النووية. في ظل تصاعد التوترات الإقليمية، تجسد الصراع العسكري المباشر بين إيران وإسرائيل الذي استمر 12 يومًا، حيث نفذت الولايات المتحدة ضربات جوية استهدفت منشآت نووية رئيسية في نطنز وفوردو وأصفهان، أعقبها رد إيراني على قاعدة العديد في قطر. ورغم إعلان الولايات المتحدة عن "تدمير كامل" للبنية التحتية النووية الإيرانية، تشير الأدلة إلى أن الضربات لم تحقق أهدافها الاستراتيجية بشكل كامل، إذ بقيت منشأة فوردو وأجهزة الطرد المركزي الأساسية سليمة جزئيًا، مما أبقى جزءًا كبيرًا من القدرات النووية الإيرانية قائمة.   تزداد حالة الغموض حول مصير اليورانيوم عالي التخصيب الإيراني، خصوصًا بعد إعلان الوكالة الدولية للطاقة الذرية فقدان أثر نحو 400 كيلوجرام من اليورانيوم المخصب بنسبة 60%، وهي كمية تكفي نظريًا لصناعة عدة رؤوس نووية. وأقرّت السلطات الإيرانية بنقل هذه المواد إلى "أماكن آمنة" قبل الضربات الأمريكية، في حين تشير تقديرات استخباراتية غربية إلى صعوبة تحديد مواقعها واستهدافها عسكريًا، مما يعزز المخاطر المرتبطة بالانتشار النووي ويمنح إيران ورقة ضغط استراتيجية في أي مفاوضات مستقبلية، مع إبقاء احتمالات التصعيد العسكري قائمة.   في ضوء هذه التطورات، يبدو أن البرنامج النووي الإيراني تعرض لانتكاسة مؤقتة فقط، ولا تزال طهران تحتفظ بمعظم قدراتها التقنية والبشرية لإعادة بناء منشآتها واستئناف التخصيب في المستقبل القريب. لذلك، يصبح مصير اليورانيوم المخصب المحتجز في مواقع غير معلومة عاملًا حاسمًا في تحديد مسار الصراع الإقليمي، إذ قد يشكل الشرارة لأي تصعيد جديد بين إيران وإسرائيل، لا سيما إذا قررت طهران استئناف أنشطتها النووية أو سعت الأطراف الأخرى لاستهداف هذه المخزونات مجددًا.   يهدف هذا التحليل إلى دراسة التناقض بين الخطاب السياسي الذي يعلن "تدمير" القدرات النووية الإيرانية والواقع الميداني الذي يشير إلى استمرار التهديد النووي، مع التركيز على المخاطر الاستراتيجية الناجمة عن استمرار وجود اليورانيوم المخصب خارج الرقابة الدولية، وانعكاسات ذلك على الاستقرار الإقليمي ومستقبل الصراع في الشرق الأوسط.
الآسيان نموذج محتمل لتحقيق السلام في الشرق الأوسط
البرامج البحثية

الآسيان نموذج محتمل لتحقيق السلام في الشرق الأوسط

شهدت منطقة جنوب شرق آسيا عددًا من الحروب الطاحنة بداية من خمسينيات القرن الماضي استمرت لعقود، حيث تأثرت هذه المنطقة بالحرب الباردة بشكل كبير، وأصبحت دول مثل فيتنام ساحة قتال بين القوى الشيوعية والرأسمالية لما يزيد عن عشرون عامًا كما طال تأثير حرب الوكالة في المنطقة على لاوس حين دارت الحرب بين قوات الباثيت لاو الشيوعية التي دعمها عدد كبير من الجنود الفيتناميين الشماليين من أصل لاوسي، وحكومة لاوس الملكية لما يزيد عن عشرون عامًا.
القضية الفلسطينية: حل الدولتين بين المُمكن والمأمول
البرامج البحثية
5 فبراير 2024

القضية الفلسطينية: حل الدولتين بين المُمكن والمأمول

يُعَدُّ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي واحدًا من أكثر القضايا إلحاحًا وتعقيدًا في العالم اليوم، حيث خلفت النزاعات الطويلة والمستمرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين عواقب كارثية قد تؤدي إلى نشوب حرب إقليمية في المستقبل. ففي عام 1993، اعتمد ياسر عرفات، زعيم منظمة التحرير الفلسطينية، حل الدولتين، وبالمثل فعل رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك إسحاق رابين، وتم توقيع اتفاقيات أوسلو، وتضمنت فكرة هذه الاتفاقيات إنشاء دولتين، واحدة للفلسطينيين والأخرى للإسرائيليين، كخطوة نحو حل نهائي الصراع الطويل والمكلف. ومع ذلك، لم يتم تنفيذ هذه الاتفاقيات كما هو مُقرر لها، ففشلت الجهود، وانقسم المجتمع الفلسطيني بين فتح في الضفة الغربية وحماس في قطاع غزة. وبدلاً من بناء الثقة، زادت المواقف الإسرائيلية تشددًا تجاه الفلسطينيين، وقامت الحكومات الإسرائيلية ببناء المزيد من المستوطنات في الضفة الغربية والقدس الشرقية، حيث يقيم حوالي 700 ألف إسرائيلي على الأراضي المخصصة للدولة الفلسطينية، بما أدى لتراجع الاهتمام الإقليمي والعالمي بالقضية.   عادت القضية الفلسطينية إلى صدارة الاهتمام العالمي مع اندلاع أحداث السابع من أكتوبر، بعد حالة من الجمود استمرت ثلاث عقود، وتراجعها إلى خلفية المشهد خصوصًا بسبب موجات الربيع العربي وما تلاها من أزمات على المُستويين الإقليمي والعالمي. إذ تسببت الحرب بين حماس وإسرائيل في استنفار المجتمع الدولي مخافة تحول الحرب إلى صراع إقليمي، وتفاقم المخاوف من احتمال تعطل مسار السلام في الشرق الأوسط، ولا سيما مسار "حل الدولتين". وفي الآونة الأخيرة، أعلن مسؤولون إسرائيليون أن هذا الخيار لم يعد قائمًا، على الرغم من المعارضة والتحذيرات من بعض أقرب حلفاء تل أبيب، وعلى رأسهم واشنطن.   تؤكد هذه المؤشرات أن ثمة استقرارًا في الشرق الأوسط لا يمكن الوصول إليه دونما حل للقضية الفلسطينية يلبي التطلعات الوطنية للشعب الفلسطيني. لذا، عاد الحديث عن حل الدولتين مرة أخرى كأفضل مُقترح لإنهاء الصراع وكبديل عن سياسة التوسع والاستيطان اليميني على الضفة الغربية، والتي من شأنها أن تجعل إسرائيل أكثر عزلة وأقل أمنًا، و تستنزف مواردها العسكرية والمالية إلى حد كبير. لذا يسعي هذا التحليل إلى الإجابة على تساؤلاً مؤداه هل لا يزال حل الدولتين خياراً ممكنًا في ظل الظروف الراهنة؟