إيران وإسرائيل: الحرب التي ستُعيد رسم خريطة الشرق الأوسط
البرامج البحثية
24 يونيو 2025

إيران وإسرائيل: الحرب التي ستُعيد رسم خريطة الشرق الأوسط

تُعدّ الحرب بين إيران وإسرائيل – بكل المقاييس – حرب بقاء بالنسبة للنظام الإيراني. فقد باتت مهاجمة إيران خطوة منطقية بالنسبة لإسرائيل، خاصة بعد أن نجحت إلى حد كبير في تحجيم أذرع طهران من الميليشيات والوكلاء في الإقليم. ويستند النظام الإيراني إلى ثلاثة ركائز رئيسية: (1) ترسانة الصواريخ التقليدية، (2) شبكة موسعة من القوات التابعة للوكلاء في المنطقة، و(3) برنامجه النووي. إلا أن هذا النظام يواجه اليوم حرب استنزاف قد تقود في نهاية المطاف إلى زواله الكامل. فالسقوط المحتمل للنظام الإيراني لا يُعد مجرد تغيير في القيادة، بل يُمثّل انهيارًا للدولة ذاتها.   وسيؤدي انهيار الدولة الإيرانية إلى عواقب كارثية في عموم المنطقة. ومع ذلك، فإن بقاء النظام يُعدّ أيضًا سيناريو قائمًا بحد ذاته. فرغم أن انهيار إيران سيُحدث أزمة إقليمية كبرى، فإن استمرار بقاء النظام، لا سيما مع سعي طهران لفرض نفسها كقوة إقليمية عظمى، قد يكون أكثر زعزعة للاستقرار بالنسبة لإسرائيل وحلفائها. وفي الحالتين، فإن النتائج تحمل آثارًا إقليمية ودولية عميقة، وتُشير إلى تحوّل جذري في الواقع الجيوسياسي للشرق الأوسط. والسؤال الجوهري لم يعد: "هل سيتغير الشرق الأوسط؟" بل "كيف سيبدو هذا الشرق الأوسط الجديد؟"
من بوابة إيران: كيف يُعيد التدخل الأمريكي تشكيل أمن المنطقة؟
البرامج البحثية
23 يونيو 2025

من بوابة إيران: كيف يُعيد التدخل الأمريكي تشكيل أمن المنطقة؟

في فجر الثاني والعشرين من يونيو 2025، دخلت منطقة الشرق الأوسط مرحة جديدة من الصراع، عقب تنفيذ الولايات المتحدة سلسلة من الضربات الجوية المُوجّهة ضد ثلاثة من أهم المراكز النووية الإيرانية: منشأة فوردو لتخصيب الوقود، ومجمع نطنز، ومركز أصفهان للتكنولوجيا النووية. مثّلت هذه الضربات تحوّلًا نوعيًّا في نمط التعاطي الأمريكي مع البرنامج النووي الإيراني، إذ تجاوزت واشنطن للمرة الأولى منذ عقود معادلة الاحتواء عبر العقوبات الاقتصادية والدبلوماسية، إلى استخدام مباشر للقوة العسكرية الاستباقية بغرض شلّ القدرات التخصيبية الإيرانية في مرحلة حرجة من تطور البرنامج النووي.   جاء التدخل الأمريكي بعد تسعة أيام من "عملية الأسد الصاعد"، وهي حملة جوية إسرائيلية غير مسبوقة في نطاقها وشدتها، استهدفت عمق البنية التحتية العسكرية والنووية الإيرانية. وعلى إثر هذه الحملة، توصّلت القيادة الأمريكية إلى أن الضربات الإسرائيلية، على الرغم من تأثيرها الملموس، إلا أنها تحقق وحدها نتيجة حاسمة، لا سيما في مواجهة منشأة فوردو المحصّنة على عمق تسعين مترًا تحت الأرض، والتي تستعصي على أي سلاح تقليدي غير القنبلة الخارقة للتحصينات من طراز (GBU-57  ). وقد صرّح الرئيس الأمريكي حينها بأن "فوردو لم تعد موجودة"، في إعلان مدروس هدفه تأكيد اختلال ميزان الردع لصالح واشنطن، ونقل الرسالة إلى الداخل الإيراني والدولي على حد سواء بأن التفوق العسكري الأمريكي لم يتآكل رغم التحولات الجيوسياسية المتسارعة.   لكنّ النجاح العسكري لا يُترجم بالضرورة إلى حسم استراتيجي. فقد بادرت إيران، عبر خطابها الرسمي وأذرعها الإعلامية، إلى التخفيف من وقع الضربة، مُدعية محدودية الأضرار واستمرارية البرنامج النووي، فيما تجنّبت الرد العسكري المباشر في المرحلة الأولى، واختارت بدلًا من ذلك توسيع نطاق تهديداتها في البحر الأحمر ومضيق هرمز، وتفعيل أذرعها الإقليمية ضمن محور "الممانعة"، مع التلويح بإمكانية الانسحاب من معاهدة عدم الانتشار النووي.   وعلى مستوي أخر، عكست هذه الضربات تحوّلًا في العقيدة الأمريكية تجاه أمن الخليج والانتشار النووي في الإقليم، إذ باتت واشنطن ترى في الضربة المحدودة عالية الدقة أداة لردع استباقي بديلاً عن الاستثمار طويل الأمد في مسارات التفاوض المتعثرة. كما أعادت تموضعها التكتيكي في محيط إيران انطلاقًا من تقديرات مفادها أن بيئة ما بعد الحملة الإسرائيلية تُتيح نافذة زمنية نادرة لإعادة رسم الخطوط الاستراتيجية دون التورط في حرب شاملة.   يسعى هذا التقدير إلى تحليل البنية العسكرية والسياسية لهذه الضربات، وتفكيك أبعادها التقنية والاستراتيجية، في سياق دولي يتّسم بترقّب شديد واحتمال مرتفع لانزلاق الصراع إلى مستويات إقليمية أو حتى دولية. كما يعرض التقدير لخيارات الرد المتاحة أمام طهران، ويرسم ثلاثة سيناريوهات مركزية لمستقبل الإقليم، تتراوح بين احتواء مضبوط وتوازن ردع هش، وانزلاق نحو مواجهة متعددة الجبهات ذات كلفة اقتصادية وجيوسياسية باهظة.
احتمالات انخراط الحوثيين في الحرب بين إيران والولايات المتحدة
البرامج البحثية
23 يونيو 2025

احتمالات انخراط الحوثيين في الحرب بين إيران والولايات المتحدة

في 22 يونيو، شنت الولايات المتحدة هجومًا على ثلاثة من أهم المفاعلات النووية في إيران (فوردو، ونطنز، وأصفهان)، مدعيةً أن هذه الضربات كانت ناجحة وأدت إلى تعطيل هذه المنشآت النووية. في أعقاب هذا الهجوم، أطلقت إيران موجة جديدة من الصواريخ الباليستية تجاه إسرائيل، متعهدةً بالرد بشكل أشد على الضربات الأمريكية.   يعتمد حجم الرد الإيراني على مدى نجاح الولايات المتحدة في تدمير البرنامج النووي الإيراني بالكامل. فإذا كانت إيران قد تمكنت من نقل اليورانيوم المخصب إلى أماكن آمنة جديدة قبل الضربات، أو إذا كانت هذه المواد مخزنة بأمان داخل المنشآت نفسها تحت الأرض، وخارج مدى الأسلحة الأمريكية، فقد يكون الرد الإيراني محدودًا. أما إذا كانت هذه المواد قد دُمّرت بالفعل، فمن المتوقع أن ترد إيران بقوة، باعتبار أن الولايات المتحدة وإسرائيل قد تجاوزتا الخطوط الحمراء التي سبق أن حددتها طهران. وفي هذه الحالة، من المرجح أن تسعى إيران إلى تفعيل وكلائها في الشرق الأوسط وإشراكهم في التصعيد.
هل تستخدم الولايات المتحدة قنبلة نووية تكتيكية ضد إيران؟
البرامج البحثية
22 يونيو 2025

هل تستخدم الولايات المتحدة قنبلة نووية تكتيكية ضد إيران؟

في 22 يونيو، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن الولايات المتحدة شنت هجومًا على منشأة “فوردو” النووية الإيرانية باستخدام قنبلتها الخارقة للتحصينات المعروفة بـ”Bunker Buster”. وعلى الرغم من وصف ترامب الضربة بأنها ناجحة، لم يتم تأكيد التدمير الكامل للمنشأة، مما يطرح سؤالًا محوريًا: هل سيفكر ترامب في استخدام سلاح نووي تكتيكي لضمان القضاء التام على المنشأة؟   على عكس الأسلحة النووية الاستراتيجية، تتميز الأسلحة النووية التكتيكية بأنها أقل من حيث القدرة التدميرية، ومصممة للاستخدام المحدود في ساحة المعركة، وليس لإحداث دمار شامل. ورغم محدودية أثرها، فإن استخدامها سيحمل تداعيات إقليمية وعالمية جسيمة.
السيناريو المحظور: ماذا لو تم ضرب مفاعل ديمونة؟
البرامج البحثية
22 يونيو 2025

السيناريو المحظور: ماذا لو تم ضرب مفاعل ديمونة؟

في ظل تزايد وتيرة التصعيد بين إيران وإسرائيل خلال عام 2025، وتحوّل الهجمات المتبادلة إلى استهداف مباشر للمنشآت الحيوية والبنى التحتية السيادية، يبرز سيناريو استهداف مفاعل ديمونة النووي بوصفه أحد أكثر الاحتمالات خطورة من حيث النتائج السياسية والبيئية والأمنية. ورغم ما يُفترض من صعوبة تنفيذ مثل هذا الهجوم بفعل قوة المنظومة الدفاعية الإسرائيلية، إلا أن أي اختراق جزئي أو إصابة مباشرة لمنشآت المفاعل قد يُنتج حالة غير مسبوقة في تاريخ الصراعات الإقليمية، تتجاوز في آثارها الحدود السياسية والجغرافية للدول المنخرطة مباشرة في المواجهة.   تهدف هذه الورقة إلى تقديم تقدير موقف استشرافي من نوع "ماذا لو"، يُحلل الانعكاسات الإقليمية المحتملة في حال تعرّض منشأة ديمونة النووية لهجوم صاروخي فعّال يؤدي إلى تسرّب إشعاعي واسع النطاق. ويركّز التقدير على أربعة محاور جغرافية رئيسية: أولًا، التأثيرات المباشرة على إسرائيل، سواء من حيث الإصابات البشرية أو تدمير القطاعات الحيوية (الزراعة، المياه، السياحة) في النقب ومحيط القدس وتل أبيب؛ ثانيًا، الانعكاسات على الأردن، خاصة في منطقة الأغوار الشرقية، بما في ذلك خطر النزوح، وتلويث مصادر الغذاء والمياه؛ ثالثًا، التداعيات على مصر، تحديدًا في شمال سيناء وشريط قناة السويس، حيث تتهدّد حركة الملاحة الدولية والسياحة الساحلية؛ رابعًا، الأثر المحتمل على شمال السعودية، بما في ذلك مناطق مشروع نيوم، وخطوط النفط والبنية السكانية الحساسة.   في ضوء ذلك، لا تطرح هذه الورقة سيناريو تكتيكيًا معزولًا، بل تدقّ ناقوس الخطر حيال إمكانية دخول المنطقة في طور ما بعد الردع التقليدي، حيث لا تعود الحسابات العسكرية مقتصرة على نطاق الاشتباك بين دولتين، بل تمتد آثارها إلى إعادة تشكيل الخريطة السكانية والاقتصادية لدول بأكملها، وسط فراغ شبه كامل في آليات التنسيق الإقليمي لمواجهة الكوارث النووية غير التقليدية.
تحذير استراتيجي: هل تعلن واشنطن الحرب على إيران؟
البرامج البحثية
19 يونيو 2025

تحذير استراتيجي: هل تعلن واشنطن الحرب على إيران؟

في 13 يونيو 2025، شنت إسرائيل هجومًا مفاجئًا على إيران، استهدفت خلاله منشآت نووية وقواعد صواريخ ودفاعات جوية، بالإضافة إلى قادة عسكريين وعلماء نوويين. وردًا على ذلك، أطلقت إيران في مساء اليوم نفسه أكثر من 150 صاروخًا باليستيًا و100 طائرة مسيّرة باتجاه تل أبيب وحيفا.   تستمر المواجهات بين إسرائيل وإيران دون مؤشرات واضحة على التهدئة. ويظل شبح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حاضرًا، إذ تحوّل موقفه في غضون أسبوع من التفاوض مع إيران بشأن الاتفاق النووي إلى الدعوة إلى “استسلام غير مشروط”، في الوقت الذي تعيد فيه الولايات المتحدة نشر قواتها في المنطقة استعدادًا لاحتمال توجيه ضربة لإيران.
ماذا لو: أقدمت إيران على إغلاق مضيق هرمز؟
البرامج البحثية
19 يونيو 2025

ماذا لو: أقدمت إيران على إغلاق مضيق هرمز؟

يشكّل مضيق هرمز، ذلك الممر البحري الضيق والحيوي، نقطة عبور استراتيجية لا غنى عنها، حيث يمر عبره نحو خمس النفط العالمي وثلث الغاز الطبيعي المسال. ورغم اعتباره ركيزة أساسية لاستقرار أسواق الطاقة الدولية، فإن هذا المضيق يواجه اليوم تحديات جيوسياسية حادة، في ظل تصاعد التوترات الإقليمية واتساع نطاق الصراع بين إيران وإسرائيل، بالإضافة إلى مؤشرات متزايدة على تورط مباشر للولايات المتحدة. في هذا السياق المتقلب، تتزايد احتمالات تحول التهديد الإيراني بإغلاق أو تعطيل الملاحة في المضيق إلى واقع ملموس. وعلى الرغم من التداعيات الكارثية المحتملة لهذا السيناريو على الاقتصاد العالمي وأمن الطاقة، لم يعد تناول هذه الأبعاد خيارًا نظريًا فحسب، بل أصبح ضرورة استراتيجية ملحة. لذا يسعى هذا التحليل إلى استكشاف الدوافع المحتملة التي قد تدفع طهران إلى فرض حصار على هذا الممر الحيوي، وكشف التداعيات الأمنية والجيوسياسية الكبيرة المترتبة على ذلك، فضلاً عن تسليط الضوء على الصدمة الاقتصادية العميقة التي قد تتجاوز حدود المنطقة لتطال الاقتصاد العالمي بأسره.
الردع الإيراني وتحوّل ساحات الاشتباك
البرامج البحثية

الردع الإيراني وتحوّل ساحات الاشتباك

خلال يومي الثالث والرابع عشر من يونيو عام 2025، أقدمت إسرائيل على تنفيذ واحدة من أكثر عملياتها العسكرية جرأة وتعقيدًا في التاريخ الحديث، وذلك من خلال ضربة جوية مركّبة استهدفت العمق الإيراني بصورة مباشرة وغير مسبوقة. شملت الضربة منشآت نووية حساسة على غرار منشأتي نطنز وفوردو، إلى جانب مواقع أخرى في محيط مدينة أصفهان، فضلاً عن استهداف مطارات عسكرية مركزية في البنية التحتية للدفاع الجوي الإيراني، مثل "مطار همدان" و"مطار تبريز". كما استهدفت إسرائيل في ذات العملية قيادات عسكرية بارزة في الصف الأول من الحرس الثوري الإيراني والجيش النظامي، وتوافرت لاحقًا مؤشرات تؤكد وقوع إصابات أو تصفيات مباشرة لعدد منهم¹. جاء الرد الإيراني سريعًا ومُحمّلاً بطابع الارتجال، في مسعى من طهران لإثبات تماسكها وردع خصومها. فأطلقت الجمهورية الإسلامية في اليوم نفسه أكثر من مائة طائرة مسيّرة هجومية، غالبيتها من طراز "شاهد 136" و"شاهد 131"، قاطعةً مسافة تُقدّر بحوالي 2000 كيلومتر عبر المجالين الجويين العراقي والسوري. إلا أنّ هذه الضربة لم تُحقق أهدافها، إذ تمكّنت أنظمة الدفاع الجوي الأردنية والسعودية والإسرائيلية، مدعومة بتكنولوجيا الرصد الأميركية، من اعتراض الجزء الأكبر من الطائرات المسيّرة قبل أن تصل إلى أجواء إسرائيل، حيث تم إسقاط العديد منها فوق محافظة الأنبار وصحراء الأردن، فيما سقط بعضها شمال الأراضي السعودية².   وفي الرابع عشر من يونيو، أطلقت إيران هجومها الصاروخي الرئيسي، والذي اتسم بالتنسيق الواسع والنطاق العملياتي المتعدد. وقد استخدمت في هذا الهجوم أكثر من 150 صاروخًا باليستيًا، من أبرزها "قدر-110" (بمدى يصل إلى 3000 كم)، و"خرمشهر"، و"سجيل-2"، وهي من أخطر الصواريخ الإيرانية متوسطة المدى³. استهدفت هذه الصواريخ مواقع متفرقة في عمق الأراضي الإسرائيلية، كان من أبرزها محيط مقر وزارة الدفاع الإسرائيلية في مجمّع "الكرياه" وسط تل أبيب، حيث أصيب المبنى بصاروخ واحد أسفر عن أضرار مادية وإصابات محدودة، من دون تسجيل خسائر مباشرة في صفوف الجيش. كما سُجلت أضرار في مبانٍ سكنية في مناطق رامات غان، وتل أبيب، وريشون لتسيون، إضافة إلى وقوع إصابات لعدد من المدنيين، بينهم حالة واحدة حرجة، بينما وصفت بقية الإصابات بالطفيفة أو المتوسطة⁴.   رغم الزخم النيراني، جاءت نتائج الهجوم دون سقف التوقعات الإيرانية، وهو ما دفع طهران إلى إعلان نيتها توسيع نطاق عملياتها لتشمل الوجود العسكري الأميركي في المنطقة، وليس إسرائيل فقط. وقد تضمّن التهديد الإيراني إشارات مباشرة إلى قواعد أميركية حيوية، على غرار "قاعدة العُديد" في قطر، و"قاعدة الظفرة" في دولة الإمارات العربية المتحدة، وكذلك قواعد عسكرية أميركية في العراق كـ"عين الأسد" و"كامب فيكتوري" ببغداد، بالإضافة إلى منشآت بحرية في البحرين⁵.   ترى إيران أن أي مساهمة أميركية في دعم الدفاعات الجوية الإسرائيلية تُعدّ مشاركة مباشرة في الحرب، وبالتالي تمنحها شرعية استراتيجية لاستهداف الوجود العسكري الأميركي في الخليج. وهو ما يُمثّل تحولًا جذريًا في معادلة الردع الإقليمي، لا سيما أن هذه هي المرة الأولى منذ عام 2020 التي يظهر فيها خطر حقيقي بتحول منطقة الخليج إلى ساحة اشتباك عسكري مفتوح بين قوى إقليمية ودولية⁶.   يهدف هذا التحليل إلى تقديم قراءة معمقة للدوافع الاستراتيجية الكامنة خلف تهديدات إيران باستهداف القواعد العسكرية الأمريكية في منطقة الخليج، وذلك عن طريق الربط بين المعطى الميداني (أنماط استخدام الصواريخ والطائرات المسيّرة) والمعطى البنيوي (توازن القوى الإقليمي والدولي)، لفهم السياقات التي تجعل من القواعد الأمريكية في الخليج أهدافًا ذات أولوية استراتيجية في الحسابات الإيرانية.
تقدير موقف: ضربة “الأسد الصاعد” وتداعياتها على هندسة الأمن الإقليمي في الشرق الأوسط
البرامج البحثية
14 يونيو 2025

تقدير موقف: ضربة “الأسد الصاعد” وتداعياتها على هندسة الأمن الإقليمي في الشرق الأوسط

في الثالث عشر من يونيو 2025، نفّذت إسرائيل عملية عسكرية جوية غير مسبوقة ضد إيران تحت مسمى "عملية الأسد الصاعد"، دشّنت بها تحولًا استراتيجيًا بالغ الدلالة في عقيدتها الأمنية تجاه المشروع النووي الإيراني. استهدفت الضربات، التي نُفذت بمشاركة أكثر من 200 طائرة مقاتلة من طرازات F-15I، وF-35، وF-16I، منشآت نووية مركزية، أبرزها موقع نطنز للتخصيب، إضافة إلى مقار أمنية وعسكرية حساسة في طهران، ومواقع يُشتبه باحتوائها على منظومات صاروخية تحت الأرض في عدة محافظات.   ترافقت الغارات الجوية مع عمليات ميدانية محدودة نفذتها وحدات كوماندوز إسرائيلية داخل الأراضي الإيرانية، إلى جانب هجمات نفذتها طائرات مسيّرة محلية الإطلاق وشبكات تخريب داخلية جرى تفعيلها بالتزامن، مما يعكس اعتمادًا واضحًا على نمط الحرب الهجينة متعددة الوسائط. أسفرت العملية عن مقتل عدد من كبار القادة العسكريين الإيرانيين، بينهم اللواء حسين سلامي، واللواء محمد باقري، بالإضافة إلى اغتيال عدد من العلماء المرتبطين بالبرنامج النووي. وعلى الرغم من ذلك، بقيت منشأة فوردو – المحصّنة تحت جبل قرب مدينة قم – خارج نطاق الاستهداف، وهو ما أبقى على قدرة إيران التقنية في استئناف تخصيب اليورانيوم عند مستويات مرتفعة.   في المقابل، ردّت طهران بإطلاق أكثر من 100 طائرة مسيّرة هجومية تجاه إسرائيل، وأعلنت الشروع في بناء منشأة نووية جديدة "غير قابلة للاختراق"، فضلاً عن تحديث البنية التحتية لمنشأة فوردو. على الصعيد الدولي، ارتفعت أسعار النفط بأكثر من 10% خلال 24 ساعة، وسط إدانات خليجية وعربية أكدت خطورة التصعيد.   انطلاقًا من ذلك، يهدف هذا الملف إلى تحليل أنماط الرد الإيراني المحتمل، واستشراف تداعيات العملية على الأمن الإقليمي في الخليج العربي، في ضوء السيناريوهات المتوقعة للرد الإيراني.