الشرق الأوسط وتحولات الطاقة بين الوفرة المؤقتة وصياغة نظام متعدد الأقطاب
البرامج البحثية

الشرق الأوسط وتحولات الطاقة بين الوفرة المؤقتة وصياغة نظام متعدد الأقطاب

في يوم 28 يوليو 2025، وخلال مؤتمر صحفي مشترك في اسكتلندا بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، أعلن ترامب بشكل مفاجئ أنه يمنح روسيا مهلة جديدة لا تتجاوز عشرة إلى اثني عشر يومًا (حتى 8 أغسطس 2025 تقريبًا) لإحراز تقدم نحو إنهاء الحرب في أوكرانيا، مهددًا بأنه في حال عدم الاستجابة سيواجه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حزمة عقوبات اقتصادية وقيود تجارية مشددة. وجاء هذا التصعيد بعد فترة من المحاولات الدبلوماسية غير المثمرة والتعبير المتكرر من ترامب عن استيائه من بوتين لاستمراره في العمليات العسكرية.   لاحقًا، وفي 31 يوليو 2025، رد نائب رئيس مجلس الأمن القومي الروسي، ديمتري ميدفيديف (الرئيس الروسي السابق)، بتصريحات حادة عبر قناته على تليغرام، مذكِّرًا ترامب بما أسماه "خطر اليد الميتة"، أي نظام الردع النووي الروسي شبه الآلي المصمم لضمان توجيه ضربة انتقامية نووية حتى في حال القضاء التام على القيادة الروسية. وقد أثار هذا الرد قلق الإدارة الأميركية، ورد ترامب بتحريك غواصتين نوويتين أميركيتين إلى مناطق استراتيجية تحسبًا لأي تصعيد محتمل، مؤكدًا أن التهديدات النووية "خطيرة للغاية" ويجب التحسب لها بقوة.   الرد الأميركي لم يتأخر. ففي الأول من أغسطس، نشر ترامب تدوينة جديدة على منصة "تروث سوشيال"، أكد فيها أنه وجّه أوامر مباشرة بنشر غواصتين نوويتين أميركيتين قرب المياه الإقليمية الروسية. ولم يُفصح الرئيس الأميركي ما إذا كانت الغواصات مزودة برؤوس نووية أم لا، تاركًا الباب مفتوحًا أمام أكثر السيناريوهات غموضًا، في خطوة محسوبة ضمن منطق الردع النووي الاستباقي.   لكن اللافت أن هذا التصعيد لم يبقَ محصورًا في المجال الروسي–الأميركي فقط، بل اتسعت دائرته لتطال الهند، التي وُضعت فجأة في قلب العاصفة. ففي 31 يوليو، أعلن ترامب فرض رسوم جمركية بنسبة 25٪ على كل الصادرات الهندية إلى الولايات المتحدة، وهدد بعقوبات إضافية تطال الشركات التي تواصل استيراد النفط أو بيع الأسلحة مع موسكو. جاءت هذه الخطوة بسبب اعتماد نيودلهي المتزايد على الخام الروسي، والذي بات يُشكل بين 35 و40٪ من احتياجاتها النفطية.   ومع أن الحكومة الهندية لم تُعلن رسميًا التراجع عن التعاقدات الروسية، فإن تعليمات غير مكتوبة صدرت إلى شركات التكرير الوطنية بالبحث الفوري عن بدائل في السوق العالمية، وبدأت فعلاً بوادر التحوّل تظهر، من دون أن تصل إلى حدّ القطيعة الكاملة مع روسيا، في محاولة لإرضاء الطرفين دون خسارة أيٍّ منهما.   غير أن التوتر هنا لا ينحصر فقط في لعبة التهديدات والمواقف. فالأزمة الناشئة بدأت ترسم موجات ارتدادية هائلة تتجاوز السيادة والردع، وتصل إلى قلب الأسواق العالمية. من الطاقة إلى الغذاء، ومن السلاح إلى سلاسل الإمداد، يشهد العالم اختلالًا متسارعًا في التوازنات، سيصُبّ لصالح بعض دول الشرق الأوسط التي ستستفيد من ارتفاع الطلب، بينما ستتضرر أخرى بشدة، سواء بفعل الأسعار أو بفعل خنق ممرات التجارة أو تقلبات التمويل.   يتتبّع هذا المقال بدقة أثر هذا التصعيد الجيوسياسي على أسواق الطاقة العالمية، مع التركيز على السيناريوهات المحتملة في حال استمر الضغط الأميركي وواصلت الهند تقليص اعتمادها على النفط الروسي. إذ تُعدّ الهند، بحجم استهلاكها وقدرتها على المناورة بين الموردين، فاعلًا مرجِّحًا في معادلة العرض والطلب، وتحوّلها المفاجئ نحو أسواق الخليج أو أميركا اللاتينية لا يُعيد فقط تشكيل الجغرافيا التجارية للنفط، بل يُحدث موجة مضاعفة من التأثيرات تمتد إلى الاقتصادات العربية ذات العلاقة العضوية بأسواق الطاقة. في هذا السياق، يرصد المقال الفرص والتحديات التي تواجه دول الخليج بوصفها بديلًا استراتيجيًا للمصدر الروسي.
من الحوار إلى السلاح: مآلات عسكرة القرار الأوروبي
البرامج البحثية
16 يوليو 2025

من الحوار إلى السلاح: مآلات عسكرة القرار الأوروبي

في أعقاب القمة الأخيرة لحلف شمال الأطلسي، تعهّد القادة الأوروبيون بالتزام غير مسبوق يتمثل في رفع الإنفاق الدفاعي إلى نسبة 5% من إجمالي الناتج المحلي. ويجسّد هذا الاتفاق، الذي اعتبره مؤيدوه نقلة نوعية تاريخية، وتحوّلاً جذريًا في إدراك الأوروبيين لطبيعة التهديدات الأمنية، مدفوعًا ليس فقط بالحرب الروسية المستمرة في أوكرانيا، بل أيضًا بتصاعد الضغوط الأمريكية المتجددة مع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض. فقد أعاد "تأثير ترامب" إحياء الهواجس القديمة بشأن مدى موثوقية الضمانات الأمنية الأمريكية، الأمر الذي دفع أوروبا إلى تحمّل مسؤوليات دفاعية أوسع.   ورغم ما يعكسه هذا التعهّد من تصلّب في الموقف الأوروبي، إلا أنه يثير في الوقت ذاته تساؤلات جوهرية وهواجس ملحة: هل بوسع القارة العجوز فعلاً تحقيق هذه الأهداف الطموحة دون المساس بأسس النموذج الديمقراطي الذي تسعى لحمايته؟ ومع تنامي ميزانيات الدفاع، تتصاعد المخاوف من أن يكون الثمن هو تراجع منظومة الرفاه الاجتماعي، وتفكك التماسك المجتمعي، وتقليص أدوات الرقابة الديمقراطية، وهو ما من شأنه أن يعرّض القارة لمخاطر أعمق تتمثل في العسكرة الزاحفة للمشهد السياسي الأوروبي وتآكل العائد الديمقراطي الذي طالما تميّزت به.
قمة بريكس 2025: بين توسع العضوية وحيادية المواقف
البرامج البحثية

قمة بريكس 2025: بين توسع العضوية وحيادية المواقف

انعقدت قمة بريكس السابعة عشرة في ريو دي جانيرو يومي 6 و7 يوليو 2025، في ظل تحولات جيوسياسية عميقة، حيث تسعى الكتلة الموسعة إلى تعزيز حضورها العالمي ومواجهة التحديات الدولية المتزايدة. وقد هدفت القمة، التي ترأستها البرازيل، إلى إحياء وإعادة ابتكار نهج جماعي لمعالجة مشاكل العالم، مع إصدار بيانات هامة وتوسيع العضوية. ورغم هذه الإنجازات، اتسمت لهجة القمة بحذر ملحوظ يعكس نهجًا عمليًا مدروسًا في التعامل مع القضايا الدولية، مما يشير إلى أن القمة كانت في المقام الأول تمرينًا استراتيجيًا لإرسال إشارات تعبر عن رؤية بريكس لنظام عالمي متعدد الأقطاب، مع مراعاة التعقيدات الداخلية والضغوط الخارجية. ومع ذلك، واجهت القمة تحديات واضحة، من بينها غياب بعض القادة الرئيسيين، إلى جانب الانقسامات الداخلية والقيود الهيكلية التي حدّت من طموحات الكتلة في تحقيق اختراقات جذرية أو تشكيل جبهة موحدة. يهدف هذا التحليل إلى تقديم قراءة موجزة لمخرجات قمة بريكس 2025، مع تسليط الضوء على دلالاتها لمستقبل النظام الدولي، وحدود قدرة بريكس على تشكيل بديل فعلي للحوكمة العالمية القائمة.
هل تنجح دبلوماسية الرياضة في تخفيف حدة التوترات السياسية العالمية؟
البرامج البحثية

هل تنجح دبلوماسية الرياضة في تخفيف حدة التوترات السياسية العالمية؟

لم تكن دبلوماسية الرياضة وليدة اللحظة، بل تضرب بجذورها في أعماق التاريخ؛ إذ تعود بداياتها إلى العصور القديمة، حين اعتادت المدن-الدول اليونانية تعليق نزاعاتها المسلحة للمشاركة في الألعاب الأولمبية، التي كانت تُقام في أجواء يسودها السلام والاحترام المتبادل. وقد استندت الحركة الأولمبية الحديثة، التي أُعيد إطلاقها عام 1896، إلى المبادئ ذاتها، مناديةً بوحدة البشرية من خلال التنافس الرياضي الشريف.   ومع ذلك، لم تكن الرياضة بمنأى عن التوظيف السياسي، إذ استُغلت أحيانًا كأداة دعائية أو وسيلة لتعزيز النفوذ الدولي. ولعل أبرز مثال على ذلك أولمبياد برلين عام 1936، حين سخّرت ألمانيا النازية الألعاب الأولمبية لترويج أفكارها القومية. وفي المقابل، أثبتت الرياضة في مناسبات أخرى قدرتها على لعب دور إيجابي في تهدئة النزاعات السياسية وبناء جسور التواصل. فعلى سبيل المثال، ساهمت ما عُرف بـ"دبلوماسية كرة الطاولة" بين الولايات المتحدة والصين في مطلع السبعينيات من القرن الماضي في تهيئة الأجواء لزيارة الرئيس ريتشارد نيكسون التاريخية إلى بكين عام 1972، والتي شكّلت منعطفًا مهمًا في مسار العلاقات بين البلدين. تسعى هذه الدراسة إلى تحليل مدى فاعلية دبلوماسية الرياضة كأداة من أدوات القوة الناعمة في تخفيف حدة التوترات بين الدول، واستكشاف إمكاناتها في تشكيل بيئات أكثر تعاونًا في عالم يزداد استقطابًا.
ماذا لو نفدت أموال الأمم المتحدة؟
البرامج البحثية
2 يوليو 2025

ماذا لو نفدت أموال الأمم المتحدة؟

منذ تأسيسها في عام 1945، أدّت منظمة الأمم المتحدة دوراً محورياً في ترسيخ التعاون الدولي وتعزيز السلام والأمن على الصعيد العالمي. غير أن قدرة المنظمة على الاضطلاع بمهامها الحيوية تعتمد بدرجة أساسية على المساهمات المالية المقدّمة من الدول الأعضاء. تتوزّع موازنات الأمم المتحدة على عدة بنود رئيسية، تشمل: الميزانية العادية، التي تغطي نفقات المهام السياسية وأعمال الجمعية العامة ومجلس الأمن وملفات حقوق الإنسان والشؤون القانونية؛ وميزانية حفظ السلام، المخصصة لتمويل بعثات الأمم المتحدة في مناطق النزاع؛ إلى جانب الميزانيات الطوعية، التي تموّل أنشطة وكالات مثل مفوضية اللاجئين، ومنظمة الصحة العالمية، وبرنامج الأغذية العالمي، وغيرها من الهيئات الأممية ذات الطابع الإنساني. وبحسب ما أعلنته المنظمة، فإنها تواجه في الوقت الراهن عجزاً مالياً هائلاً يُهدد بقدرتها على مواصلة أداء دورها العالمي، الأمر الذي قد يُفضي إلى تقويض أسس الأمن والاستقرار الدوليين.   علاوة على ذلك، فإن تفاقم العجز المالي للأمم المتحدة ينذر بجملة من التداعيات الجسيمة، من أبرزها: تفاقم الأزمات الإنسانية، وفتح المجال أمام المنظمات الإقليمية لملء الفراغ الذي قد تخلّفه المنظمة الأممية، فضلاً عن تعريض النظام الدولي، الذي ظل قائماً منذ نهاية الحرب الباردة، إلى اهتزازات حادة تهدد استمراريته.
معادن الكونغو الديمقراطية ومواجهة محتملة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي
البرامج البحثية
6 مايو 2025

معادن الكونغو الديمقراطية ومواجهة محتملة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي

من المتوقع خلال الأشهر القليلة المقبلة أن تدفع إدارة ترامب كلًّا من رواندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية (الكونغو) نحو توقيع اتفاق سلام، يُفترض أن يعقبه اتفاق ثنائي بين الولايات المتحدة والكونغو بشأن المعادن. ويمنح هذا الاتفاق بعض الأطراف مكاسب سياسية واقتصادية كبيرة، بينما يترك أطرافًا أخرى في وضع أقل حظًا. من المنتظر أن تحقق الولايات المتحدة مكاسب اقتصادية وسياسية من هذا الاتفاق، خصوصًا في إطار منافستها المتصاعدة مع الصين. أما جمهورية الكونغو الديمقراطية، فستستفيد على المدى القصير عبر توظيف رواية "المعادن في مناطق النزاع"، لكن العواقب بعيدة المدى قد لا تصب في مصلحتها.   في المقابل، يجد الاتحاد الأوروبي نفسه في موقف لا يُحسد عليه، إذ سيكون مضطرًا إما إلى تعديل سياساته تجاه معادن الكونغو أو مواجهة احتمالية التصادم مع إدارة ترامب. ورغم أن المواجهة العسكرية المباشرة بين الطرفين لا تزال غير مرجحة، فإن اندلاع حرب بالوكالة يُعد احتمالًا قائمًا، وقد تكون حركة 23 مارس "إم 23" المسلحة هي الطرف الأبرز فيها. ومع تزايد الأهمية الجيواقتصادية للمعادن، تضع إدارة ترامب نصب أعينها عددًا من الدول، منها أوكرانيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية، كأهداف محتملة في استراتيجيتها المقبلة.
كيف تشكل الشعبوية السياسات الوطنية والعالمية؟
الإصدارات
25 فبراير 2025

كيف تشكل الشعبوية السياسات الوطنية والعالمية؟

اكتسبت الشعبويةُ مؤخرًا زخمًا متزايدًا في مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك أوروبا والولايات المتحدة، الأمر الذي ألقى بتحديات كبيرة على السياسات المحلية والدولية. وعلى الرغم من وجود تلك الظاهرة في أوروبا قبل الحرب العالمية الثانية، إلا أن صعود الاتحاد السوفيتي كتهديدٍ رئيسي لأوروبا بعد الحرب العالمية الثانية دفع الأوروبيين إلى تجاهل سلبيات الشعبوية والتركيز بدلًا من ذلك على التصدي للتحدي السوفيتي. وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي في عام 1991، بدأت أوروبا عمليةً مؤسسية لتحديد التهديدات الداخلية والخارجية الجديدة للحفاظ على استعدادها وقدراتها لمواجهة أي تحديات قد تطرأ بشكلٍ غير متوقع. وأسفرت هذه العملية عن تحديد العديد من التهديدات الداخلية مثل الهجرة، ونقص العمالة الماهرة، والشعبوية باعتبارها تهديدات خطيرة. علاوة على ذلك، دخل التكامل الأوروبي مرحلةً جديدة بإبرام معاهدة ماستريخت في عام 1992 التي أسست الاتحاد الأوروبي في شكله الحالي، الأمر الذي جعل الأوروبيين ينظرون إلى الشعبوية باعتبارها تهديدًا قد يعيق التكامل الأوروبي. لذا، يتناول هذا البحث تعريف الشعبوية ويحلل آثارها على السياسات الوطنية والعالمية.
ماذا بعد جدل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية؟
البرامج البحثية
11 فبراير 2025

ماذا بعد جدل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية؟

أثارت القرارات الأخيرة التي اتخذها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن الإجراءات الرامية إلى تفكيك الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ردود فعل عنيفة على مستوى العالم. وعلى الرغم من أن خطوة خفض المساعدات الأمريكية تعود بآثارٍ ضخمة للغاية على المدى القريب، إلا أنه لا يمكن التغاضي عن آثارها بعيدة المدى لأنها تعكس تحولًا أعمق في استراتيجية السياسة الخارجية لإدارة ترامب؛ ولكن ما هي التداعيات المترتبة على مثل هذه القرارات بالنسبة للولايات المتحدة وخصومها؟
تركيا وإيران: تناقضات وقواسم مشتركة
البرامج البحثية
10 فبراير 2025

تركيا وإيران: تناقضات وقواسم مشتركة

عقب اندلاع ثورات عام 2011 في الشرق الأوسط، بدأت تركيا وإيران في توسيع نفوذهما في المنطقة، مستغلتين حالة عدم الاستقرار التي اجتاحت المنطقة. وعلى الرغم من تنافس الدولتين على توسيع نفوذهما في كل من سوريا والعراق وأذربيجان، إلا أنهما تمكنتا من الحفاظ على علاقات ثنائية قوية بينهما. لذا، يتناول هذا التحليل دراسة أدوات السياسة الخارجية التي تستخدمها كلتا الدولتين لتعظيم مكاسبهما، بالإضافة إلى تحليل أوجه التشابه والاختلاف في مصالحهما في منطقة الشرق الأوسط.
هل تقترب الحرب الروسية الأوكرانية من نهايتها؟
البرامج البحثية
20 يناير 2025

هل تقترب الحرب الروسية الأوكرانية من نهايتها؟

قطع الرئيس المنتخب دونالد ترامب عهدًا على نفسه بإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية، لكنه لم يكشف بعد عما سيفعله للوفاء بهذا العهد. ويبدو أن التوصل إلى تسويةٍ عن طريق المفاوضات هو السبيل الوحيد الممكن لتحقيق هذه الغاية لأنه من غير المرجح أن يحقق أي من الجانبين نصرًا عسكريًا حاسمًا. وتواجه معظم الدول الغربية، وخاصةً الأوربية منها، العديد من التحديات الداخلية التي تُضعف موقفها ونفوذها على طاولة المفاوضات. وفي الوقت نفسه، تجد روسيا نفسها أيضًا في وضعٍ لا تُحسد عليه، ما يخلق فرصة سانحة لترامب لتشجيع الطرفين على التوصل إلى حلٍ للصراع الدائر بينهما، ولكن يلزم تقديم ضمانات أمنية لأوكرانيا حتى يؤدي أي اتفاق إلى سلامٍ دائم، ومن المرجح أن تكون تلك الضمانات بمنزلة المقايضة الرئيسية لأي تنازلات من المتوقع أن تقدمها أوروبا.
تأثيرات ممتدة: التداعيات الدولية لسقوط نظام الأسد
البرامج البحثية
23 ديسمبر 2024

تأثيرات ممتدة: التداعيات الدولية لسقوط نظام الأسد

بعد مرور أكثر من عقد من الزمان على اندلاع الحرب الأهلية السورية، صدم السقوط غير المتوقّع لنظام الأسد العديد من المعلّقين وقادة العالم الذين اعتقدوا أن الرئيس بشار الأسد قد عزّز سلطته وأن حكمه لا يتزعزع. ويؤكد هذا التطور المحوري على الأهمية الاستراتيجية الدائمة لسوريا، ليس فقط كساحة معركة ولكن كمحور رئيسي في الجغرافيا السياسية الإقليمية والدولية فقد أتاح الصراع المطول للجهات الفاعلة الإقليمية والعالمية بترسيخ نفسها داخل النسيج الاجتماعي والسياسي في سوريا، مما أدى إلى تضخيم تداعيات سقوط النظام إلى ما هو أبعد من حدود سوريا. وفي أعقاب ذلك، أعيد رسم رقعة الشطرنج الجيوسياسية، مع ظهور المستفيدين والخسائر الواضحة. فاستفادت تركيا وإسرائيل من الفراغ الذي أعقب ذلك، وعززتا نفوذهما الإقليمي، في حين وجدت روسيا وإيران نفسيهما، على الرغم من مصالحهما الخاصة، على الجانب الخاسر من هذه المعايرة الجيوسياسية. وفي الوقت ذاته، استفادت بعض الدول الأوروبية من الوضع بشكل خفي دون المجاهرة علنًا بمكاسبها.
هل نقول وداعًا ماكرون؟
البرامج البحثية
8 ديسمبر 2024

هل نقول وداعًا ماكرون؟

تواجه فرنسا أزمة سياسية غير مسبوقة تتخذ مسارًا معقدًا يهدد استقرار النظام السياسي برمّته. فمنذ يونيو الماضي، أدت دعوة الرئيس إيمانويل ماكرون لإجراء انتخابات مبكرة إلى زعزعة المشهد السياسي في البلاد، ما أوقع فرنسا في حالة اضطراب سياسي حاد. وتصاعدت الأحداث سريعًا، ما أدى في نهاية المطاف إلى استقالة ميشيل بارنييه، الذي بات صاحب أقصر فترة ولاية لرئيس وزراء في التاريخ الحديث، حيث لم تدم حكومته أكثر من ثلاثة أشهر. ولم تقتصر تداعيات هذه الأزمة على فرنسا فقط؛ بل امتدت تداعياتها لتشمل القارة الأوروبية بأكملها. ومع تصاعد الانتقادات الموجهة لماكرون باعتباره المسؤول الرئيسي عن هذه الأزمة، يبقى السؤال الأبرز: هل سيجبر قريبًا على مغادرة منصبه؟