بدأت الولايات المتحدة بفرض العقوبات على سوريا منذ عام 1979، عندما أُدرجت سوريا على قائمة الدول الراعية للإرهاب. وجاء هذا التصنيف في البداية في سياق الدور السوري العسكري في لبنان، والدعم المقدم لجماعات مثل "حزب الله"، التي كانت تتلقى تمويلًا مباشرًا من الحكومة السورية. وقد عكست هذه السياسة المبكّرة موقفًا متشددًا ومهددًا من نظام اعتُبر آنذاك معاديًا للمصالح الأميركية، وداعمًا لفاعلين من غير الدول يُصنّفون كتهديد مباشر للمصالح الأمريكية.

 

ومع اندلاع الصراع السوري عام 2011، قامت الولايات المتحدة بتوسيع نطاق عقوباتها بشكل كبير ضد حكومة الرئيس بشار الأسد. وكان الهدف من هذا التصعيد هو ردع النظام السوري عن الاستمرار في ممارسة العنف ضد شعبه، ودفعه نحو إصلاحات سياسية من شأنها معالجة جذور الأزمة. وقد مثّل ذلك تحولًا في السياسة الأميركية من التركيز الحصري على مكافحة الإرهاب، إلى اعتماد أجندة أوسع تشمل حقوق الإنسان وتغيير سلوك النظام، في إطار ما يمكن وصفه بالدبلوماسية القسرية.

 

ومع نهاية حكم بشار الأسد في أوائل ديسمبر 2024، شهدت الساحة السياسية السورية تحولًا جذريًا. إذ أفضى هذا الحدث إلى إعادة صياغة الهدف الأساسي للعقوبات الأميركية طويلة الأمد، التي كانت موجهة بشكل مباشر ضد الحكومة التي أُطيح بها.

 

في مايو 2025، وخلال زيارة له إلى المملكة العربية السعودية، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قرارًا بالغ الأهمية تمثل في رفع العقوبات المفروضة على سوريا. وصرّح بأن هذا القرار سيمنح السوريين "فرصة للوصول إلى العظمة". وقد اعتبر كثيرون هذا الإعلان بمثابة "تطور تاريخي" يحمل "إمكانات هائلة لتحسين ظروف المعيشة" و"دعم عملية الانتقال السياسي في سوريا". ويكمن الهدف من هذا القرار في تحقيق مزيد من الاستقرار في المنطقة، وتعزيز آفاق الاقتصاد السوري بعد سنوات طويلة من القيود التي فرضتها العقوبات الدولية القاسية. وتتناول هذه الورقة البحثية العقوبات الأمريكية المفروضة على سوريا بشكل معمق، واضعةً التحوّل الأخير في السياسات ضمن سياقه التاريخي والقانوني. وهي تُقسم هذه العقوبات إلى مجموعتين: عقوبات قطاعية وأخرى مستهدِفة، وتشرح طبيعة كل منهما وآلية عملها وتأثيرها. كما تبيّن كيف سيؤثر رفع هذه العقوبات على الاقتصاد السوري.

تعليقات

أكتب تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *