من العزلة إلى التدخل: الانعطافة الكبرى لترامب في الشرق الأوسط
البرامج البحثية

من العزلة إلى التدخل: الانعطافة الكبرى لترامب في الشرق الأوسط

جرت مراسم تنصيب دونالد ترامب رئيسًا للولايات المتحدة للمرة الثانية في 20 يناير 2025، ليصبح الرئيس السابع والأربعين للبلاد. وقد عرض ترامب، خلال خطابه الافتتاحي، أجندة واسعة النطاق تمزج بين الأسس التقليدية للمحافظين وبعض ملامح الشعبوية الصاعدة. ومن اللافت للنظر، أنه وقّع في يوم تنصيبه على 26 أمرًا تنفيذيًا، وهو أعلى عدد يوقعه أي رئيس أمريكي في اليوم الأول من ولايته.  تتمحور أجندة ترامب في ولايته الثانية حول شعارات "أميركا أولًا"، "الانتقام، و"فرض القانون والنظام"، حيث يسعى إلى إعادة تشكيل الحكومة الفيدرالية بوجه أكثر صرامة، واستعادة السياسات المتشددة التي انتهجها خلال فترته الأولى، فضلًا عن إعادة صياغة الدور الأميركي عالميًا من خلال نهج حمائي وتقليص انخراط الولايات المتحدة على المستوى الدولي.   لطالما شدد ترامب على تجنب الحروب الخارجية وتبني سياسة خارجية لا تقوم على التدخل، مع التركيز بدلًا من ذلك على أمن الحدود والنمو الاقتصادي. وقد عارض ما سمّاه "الحروب التي لا تنتهي"، ودعا إلى تقليص التواجد العسكري الأمريكي في الخارج. وأكد مرارًا أن الولايات المتحدة يجب ألا تنخرط في حروب باهظة الكلفة في الشرق الأوسط لا تخدم مصالحها بشكل مباشر، مستخدمًا شعارات من قبيل "لسنا شرطيّ العالم" و"أنهِوا الحروب التي لا تنتهي". كما وجّه انتقادات حادة للإدارات السابقة بسبب انخراطها الطويل في النزاعات العسكرية في العراق وأفغانستان وليبيا وسوريا. غير أن أفعال ترامب، منذ دخوله المكتب البيضاوي في ولايته الثانية، أظهرت انحرافًا ملحوظًا عن نهجه المُعلن القائم على عدم التدخل.
هل تنجح دبلوماسية الرياضة في تخفيف حدة التوترات السياسية العالمية؟
البرامج البحثية

هل تنجح دبلوماسية الرياضة في تخفيف حدة التوترات السياسية العالمية؟

لم تكن دبلوماسية الرياضة وليدة اللحظة، بل تضرب بجذورها في أعماق التاريخ؛ إذ تعود بداياتها إلى العصور القديمة، حين اعتادت المدن-الدول اليونانية تعليق نزاعاتها المسلحة للمشاركة في الألعاب الأولمبية، التي كانت تُقام في أجواء يسودها السلام والاحترام المتبادل. وقد استندت الحركة الأولمبية الحديثة، التي أُعيد إطلاقها عام 1896، إلى المبادئ ذاتها، مناديةً بوحدة البشرية من خلال التنافس الرياضي الشريف.   ومع ذلك، لم تكن الرياضة بمنأى عن التوظيف السياسي، إذ استُغلت أحيانًا كأداة دعائية أو وسيلة لتعزيز النفوذ الدولي. ولعل أبرز مثال على ذلك أولمبياد برلين عام 1936، حين سخّرت ألمانيا النازية الألعاب الأولمبية لترويج أفكارها القومية. وفي المقابل، أثبتت الرياضة في مناسبات أخرى قدرتها على لعب دور إيجابي في تهدئة النزاعات السياسية وبناء جسور التواصل. فعلى سبيل المثال، ساهمت ما عُرف بـ"دبلوماسية كرة الطاولة" بين الولايات المتحدة والصين في مطلع السبعينيات من القرن الماضي في تهيئة الأجواء لزيارة الرئيس ريتشارد نيكسون التاريخية إلى بكين عام 1972، والتي شكّلت منعطفًا مهمًا في مسار العلاقات بين البلدين. تسعى هذه الدراسة إلى تحليل مدى فاعلية دبلوماسية الرياضة كأداة من أدوات القوة الناعمة في تخفيف حدة التوترات بين الدول، واستكشاف إمكاناتها في تشكيل بيئات أكثر تعاونًا في عالم يزداد استقطابًا.
منعطف حاسم: من يرسم ملامح مستقبل الحزب الديمقراطي
البرامج البحثية
10 يوليو 2025

منعطف حاسم: من يرسم ملامح مستقبل الحزب الديمقراطي

بعد خسارته للانتخابات الرئاسية ومجلسي الشيوخ والنواب، كان من الطبيعي أن يبادر الحزب الديمقراطي إلى مراجعة عميقة لأسباب هذا الرفض الشعبي، وأن يعيد النظر في سياساته وخطابه ومرشحيه، تمهيدًا لإعادة بناء صفوفه استعدادًا لمواجهة إدارة ترامب الثانية، التي تبدو أكثر جرأةً واندفاعًا نحو تفكيك أبرز ما أنجزه الحزب من مكتسبات خلال العقود الماضية. لكن ما حدث كان عكس المتوقع. فقد بدا الحزب غارقًا في حالة من التيه السياسي والصراع الداخلي المحتدم، تتنازعه رؤى متباينة حول هويته الحقيقية ومساره المستقبلي، وسط عجز واضح عن التوصل إلى تعريف جامع لمعنى أن يكون المرء ديمقراطيًا في زمن ترامب.   وتُجسّد هذه الانقسامات اختلافًا جذريًا في الرؤية حول جوهر المشروع الديمقراطي: هل المطلوب هو السير في مسار الإصلاح التدريجي أم الدفع باتجاه تغيير جذري في بنية النظام؟ هل السبيل هو اعتماد منطق التسويات السياسية أم تبني نهج المواجهة الصريحة؟ وهل يجب أن تكون القابلية للانتخاب هي الأولوية، أم أن الالتزام بالمبادئ يجب أن يتقدّم على اعتبارات الربح السياسي؟ وبغياب سردية جامعة، وقيادة تمتلك القدرة على تجاوز هذه التصدّعات، يجد الحزب الديمقراطي نفسه مهددًا بالشلل، في لحظة مفصلية من التاريخ الأمريكي، تتطلب وضوحًا في الرؤية وحسمًا في الاتجاه.
معضلة التخصيب الإيراني: بين السيادة النووية وهواجس الانتشار العالمي
الإصدارات

معضلة التخصيب الإيراني: بين السيادة النووية وهواجس الانتشار العالمي

تُشكّل أزمة تخصيب اليورانيوم في إيران المحور الجوهري للصراع النووي القائم، حيث تتقاطع الاعتبارات التقنية مع محددات السيادة الوطنية، ويتداخل القانون الدولي مع منطق الردع الاستراتيجي. فمن منظور الجمهورية الإسلامية، يُعدّ امتلاك دورة الوقود النووي الكاملة، بما في ذلك التخصيب على أراضيها، حقًا أصيلًا ومكفولًا بموجب المادة الرابعة من معاهدة عدم الانتشار النووي (NPT). غير أن هذا "الحق" يتجاوز في الوعي السياسي الإيراني كونه خيارًا تكنولوجيًا، ليتحوّل إلى رمز سيادي وركيزة في سردية الاستقلال الوطني والتحدي لهيمنة القوى الغربية.   في المقابل، تنظر الولايات المتحدة وحلفاؤها إلى التقنية ذاتها بوصفها البوابة المباشرة نحو إنتاج سلاح نووي. فالمعمار الفني القائم على أجهزة الطرد المركزي يتيح – مع توافر القرار السياسي – الانتقال من التخصيب المنخفض إلى إنتاج مادة انشطارية قابلة للتفجير خلال أسابيع معدودة. وقد تعاظمت هذه المخاوف بصورة غير مسبوقة عقب تأكيد الوكالة الدولية للطاقة الذرية في مايو 2025 أن إيران راكمت ما يزيد عن 400 كيلوغرام من اليورانيوم المُخصب بنسبة 60%، وهو ما يكفي نظريًا لإنتاج ثلاث إلى خمس قنابل نووية بمجرد رفع النقاء إلى 90%، دون حاجة لإضافة بنية تحتية جديدة.   الخبرة التاريخية الإيرانية – من حرمانها من حصتها في مشروع Eurodif عام 1979 إلى انهيار مبادرة مفاعل طهران البحثي عام 2009 – عززت قناعة راسخة لدى النخبة الحاكمة بأن الاعتماد على الخارج في تأمين الوقود النووي ليس خيارًا موثوقًا. ومن ثمّ، فإن أي صيغة تفاوضية تتطلب التخلي عن التخصيب المحلي تُعدّ، من المنظور الإيراني، مساسًا جوهريًا بالكرامة السيادية والأمن الاستراتيجي للدولة.   وعليه، فإن جوهر الأزمة لا يكمن في مستويات التخصيب أو أعداد أجهزة الطرد، بل في البنية السياسية العميقة لانعدام الثقة المتبادل. ولن يكون ممكنًا بلوغ تسوية مستدامة إلا ضمن إطار أمني أشمل يُعيد تعريف العلاقة بين إيران والنظام الإقليمي والدولي على أسس جديدة.   لذلك ينطلق هذا التحليل من مقاربة متعددة المستويات تُعالج أزمة التخصيب الإيراني بوصفها مسألة تتجاوز الطابع التقني، لتلامس جوهر الصراع بين السيادة الوطنية وهواجس الانتشار النووي. ويتناول التحليل أربعة محاور رئيسية: الخصائص التقنية للتخصيب، الدوافع السياسية والاستراتيجية الإيرانية، الحسابات الأمنية الغربية، وأطر الحلول المقترحة، مع التأكيد على أن أي تسوية دائمة تقتضي إعادة تعريف العلاقة بين إيران والنظام الدولي.
اليورانيوم الإيراني المفقود: محفز محتمل لتجدد الصراع في الشرق الأوسط
البرامج البحثية

اليورانيوم الإيراني المفقود: محفز محتمل لتجدد الصراع في الشرق الأوسط

شهدت العمليات العسكرية الأخيرة ضد المنشآت النووية الإيرانية تصاعدًا ملموسًا في المخاوف الدولية حيال طموحات طهران النووية. في ظل تصاعد التوترات الإقليمية، تجسد الصراع العسكري المباشر بين إيران وإسرائيل الذي استمر 12 يومًا، حيث نفذت الولايات المتحدة ضربات جوية استهدفت منشآت نووية رئيسية في نطنز وفوردو وأصفهان، أعقبها رد إيراني على قاعدة العديد في قطر. ورغم إعلان الولايات المتحدة عن "تدمير كامل" للبنية التحتية النووية الإيرانية، تشير الأدلة إلى أن الضربات لم تحقق أهدافها الاستراتيجية بشكل كامل، إذ بقيت منشأة فوردو وأجهزة الطرد المركزي الأساسية سليمة جزئيًا، مما أبقى جزءًا كبيرًا من القدرات النووية الإيرانية قائمة.   تزداد حالة الغموض حول مصير اليورانيوم عالي التخصيب الإيراني، خصوصًا بعد إعلان الوكالة الدولية للطاقة الذرية فقدان أثر نحو 400 كيلوجرام من اليورانيوم المخصب بنسبة 60%، وهي كمية تكفي نظريًا لصناعة عدة رؤوس نووية. وأقرّت السلطات الإيرانية بنقل هذه المواد إلى "أماكن آمنة" قبل الضربات الأمريكية، في حين تشير تقديرات استخباراتية غربية إلى صعوبة تحديد مواقعها واستهدافها عسكريًا، مما يعزز المخاطر المرتبطة بالانتشار النووي ويمنح إيران ورقة ضغط استراتيجية في أي مفاوضات مستقبلية، مع إبقاء احتمالات التصعيد العسكري قائمة.   في ضوء هذه التطورات، يبدو أن البرنامج النووي الإيراني تعرض لانتكاسة مؤقتة فقط، ولا تزال طهران تحتفظ بمعظم قدراتها التقنية والبشرية لإعادة بناء منشآتها واستئناف التخصيب في المستقبل القريب. لذلك، يصبح مصير اليورانيوم المخصب المحتجز في مواقع غير معلومة عاملًا حاسمًا في تحديد مسار الصراع الإقليمي، إذ قد يشكل الشرارة لأي تصعيد جديد بين إيران وإسرائيل، لا سيما إذا قررت طهران استئناف أنشطتها النووية أو سعت الأطراف الأخرى لاستهداف هذه المخزونات مجددًا.   يهدف هذا التحليل إلى دراسة التناقض بين الخطاب السياسي الذي يعلن "تدمير" القدرات النووية الإيرانية والواقع الميداني الذي يشير إلى استمرار التهديد النووي، مع التركيز على المخاطر الاستراتيجية الناجمة عن استمرار وجود اليورانيوم المخصب خارج الرقابة الدولية، وانعكاسات ذلك على الاستقرار الإقليمي ومستقبل الصراع في الشرق الأوسط.
إيران وإسرائيل: الحرب التي ستُعيد رسم خريطة الشرق الأوسط
البرامج البحثية
24 يونيو 2025

إيران وإسرائيل: الحرب التي ستُعيد رسم خريطة الشرق الأوسط

تُعدّ الحرب بين إيران وإسرائيل – بكل المقاييس – حرب بقاء بالنسبة للنظام الإيراني. فقد باتت مهاجمة إيران خطوة منطقية بالنسبة لإسرائيل، خاصة بعد أن نجحت إلى حد كبير في تحجيم أذرع طهران من الميليشيات والوكلاء في الإقليم. ويستند النظام الإيراني إلى ثلاثة ركائز رئيسية: (1) ترسانة الصواريخ التقليدية، (2) شبكة موسعة من القوات التابعة للوكلاء في المنطقة، و(3) برنامجه النووي. إلا أن هذا النظام يواجه اليوم حرب استنزاف قد تقود في نهاية المطاف إلى زواله الكامل. فالسقوط المحتمل للنظام الإيراني لا يُعد مجرد تغيير في القيادة، بل يُمثّل انهيارًا للدولة ذاتها.   وسيؤدي انهيار الدولة الإيرانية إلى عواقب كارثية في عموم المنطقة. ومع ذلك، فإن بقاء النظام يُعدّ أيضًا سيناريو قائمًا بحد ذاته. فرغم أن انهيار إيران سيُحدث أزمة إقليمية كبرى، فإن استمرار بقاء النظام، لا سيما مع سعي طهران لفرض نفسها كقوة إقليمية عظمى، قد يكون أكثر زعزعة للاستقرار بالنسبة لإسرائيل وحلفائها. وفي الحالتين، فإن النتائج تحمل آثارًا إقليمية ودولية عميقة، وتُشير إلى تحوّل جذري في الواقع الجيوسياسي للشرق الأوسط. والسؤال الجوهري لم يعد: "هل سيتغير الشرق الأوسط؟" بل "كيف سيبدو هذا الشرق الأوسط الجديد؟"
هل تستخدم الولايات المتحدة قنبلة نووية تكتيكية ضد إيران؟
البرامج البحثية
22 يونيو 2025

هل تستخدم الولايات المتحدة قنبلة نووية تكتيكية ضد إيران؟

في 22 يونيو، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن الولايات المتحدة شنت هجومًا على منشأة “فوردو” النووية الإيرانية باستخدام قنبلتها الخارقة للتحصينات المعروفة بـ”Bunker Buster”. وعلى الرغم من وصف ترامب الضربة بأنها ناجحة، لم يتم تأكيد التدمير الكامل للمنشأة، مما يطرح سؤالًا محوريًا: هل سيفكر ترامب في استخدام سلاح نووي تكتيكي لضمان القضاء التام على المنشأة؟   على عكس الأسلحة النووية الاستراتيجية، تتميز الأسلحة النووية التكتيكية بأنها أقل من حيث القدرة التدميرية، ومصممة للاستخدام المحدود في ساحة المعركة، وليس لإحداث دمار شامل. ورغم محدودية أثرها، فإن استخدامها سيحمل تداعيات إقليمية وعالمية جسيمة.
تحذير استراتيجي: هل تعلن واشنطن الحرب على إيران؟
البرامج البحثية
19 يونيو 2025

تحذير استراتيجي: هل تعلن واشنطن الحرب على إيران؟

في 13 يونيو 2025، شنت إسرائيل هجومًا مفاجئًا على إيران، استهدفت خلاله منشآت نووية وقواعد صواريخ ودفاعات جوية، بالإضافة إلى قادة عسكريين وعلماء نوويين. وردًا على ذلك، أطلقت إيران في مساء اليوم نفسه أكثر من 150 صاروخًا باليستيًا و100 طائرة مسيّرة باتجاه تل أبيب وحيفا.   تستمر المواجهات بين إسرائيل وإيران دون مؤشرات واضحة على التهدئة. ويظل شبح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حاضرًا، إذ تحوّل موقفه في غضون أسبوع من التفاوض مع إيران بشأن الاتفاق النووي إلى الدعوة إلى “استسلام غير مشروط”، في الوقت الذي تعيد فيه الولايات المتحدة نشر قواتها في المنطقة استعدادًا لاحتمال توجيه ضربة لإيران.
لماذا فشلت إيران في صد عملية الأسد الصاعد؟
البرامج البحثية

لماذا فشلت إيران في صد عملية الأسد الصاعد؟

مثّلت عملية الأسد الصاعد، التي نفذتها إسرائيل في 13 يونيو 2025، ضربة خاطفة استهدفت شلّ جوهر البنية التحتية النووية والعسكرية لإيران. وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هذه العملية الاستباقية بأنها إجراء ضروري لـ"دحر التهديد الإيراني لبقاء إسرائيل ذاته"، مستندًا إلى مبدأ بيغن الذي سبق تطبيقه في ضربات مماثلة ضد العراق في 1981 وسوريا في 2007. اتسمت أهداف العملية بالتعدد والتنوع الاستراتيجي، حيث شملت استهداف منشآت نووية متعددة، بالإضافة إلى كبار القادة العسكريين الإيرانيين والعلماء النوويين، في محاولة لإلحاق أقصى ضرر بقدرات إيران العسكرية والنووية. لم تقتصر نية إسرائيل على تعطيل البرنامج النووي فحسب، بل امتدت إلى تقويض قدرة إيران على شن هجمات انتقامية والدفاع عن نفسها ضد موجات مستقبلية من الهجمات الإسرائيلية.   جاء توقيت العملية الإسرائيلي بعد تقييم دقيق للقيادة الإسرائيلية التي خلصت إلى أن إيران على وشك تحقيق اختراق خطير في مساعيها لامتلاك أسلحة نووية، مما استدعى استغلال نافذة زمنية ضيقة قبل أن تصبح المنشآت النووية الإيرانية متطورة أو محمية بشكل متين. في هذا السياق، يهدف هذا التحليل إلى استكشاف الأسس المنطقية التي قامت عليها العملية، وتفسير أسباب الفشل الواضح لطهران في صد الهجوم بفعالية، وتأثير الهجوم على الداخل الإيراني. بالإضافة إلى دراسة المسارات المحتملة التي قد تتبعها إيران لاستعادة قدرتها على الردع.
اللعبة الكبرى: إيران و إسرائيل و الولايات المتحدة
الإصدارات
12 يونيو 2025

اللعبة الكبرى: إيران و إسرائيل و الولايات المتحدة

يقول جورج أورويل في روايته الكلاسيكية "1984": ظل عالمه متماسكاً من خلال حرب لا تنتهي، فقد كان يتم بث رسائل كراهية ومسببات للخوف بشكل يومي لتشجيع الجماهير الخائفة والخانعة للوقوف بوجه عدو وهمي بدلا من قادتهم الفعليين. يعرَفُ عن خبراء الجغرافيا الاستراتيجية في الولايات المتحدة وبريطانيا كونهم سادة التلاعب في إعادة رسم خريطة العالم لتتناسب مع المصالح الاقتصادية، الجغرافية، السياسية والعسكرية للغرب.. وينطبق ذلك بشكل خاص على منطقة الشرق الأوسط.، إذ يمتلك المنتقدون قناعة بأن الهدف الأكبر لهؤلاء يتمثل في تحقيق الهيمنة الغربية على المنطقة عبر عملائهم وشركائهم مثل إسرائيل وإيران (عبر الأبواب الخلفية) للاحتفاظ بالسيطرة على الموارد الطبيعية والممرات المائية مع ضمان عدم وقوع تلك الموارد في أيدي المنافسين مثل الصين وروسيا. وفي غضون ذلك هناك مدرسة فكرية تقول أنهم يصنعون الصراعات الطائفية انطلاقاً من مبدأ "فرق تسد"، وهي صراعات توفر ذريعة لإقامة القواعد العسكرية وتغذية الصناعات العسكرية من خلال مبيعات الطائرات والصواريخ والأسلحة.   ويقول بحث أجري في عام 2008 بعنوان "استراتيجيات فرق تسد الأمريكية في الشرق الأوسط" كتبه مهدي داريوس نازيمرويا، تناول فيه نوايا الولايات المتحدة لخلق شرق أوسط جديد، ما يلي: "في إطار الأعمال التحضيرية للولايات المتحدة الأمريكية لخلق’ شرق أوسط جديد’ كانت هناك محاولات حققت نجاحاً جزئياً لخلق حالة من الانقسامات بين سكان الشرق الأوسط وآسيا الوسطى من خلال الاختلافات العرقية، الثقافية، الدينية، المذهبية، القومية والسياسية.. فإلى جانب تأجيج التوترات العرقية، مثل تلك التي بين الأكراد والعرب في العراق، يجري تغذية الانقسام الطائفي عمداً بين المسلمين في الشرق الأوسط. كما يجري تعزيز الانقسام بين المسلمين الشيعة والسنة". ويعتقد فريد ريد، الخبير والكاتب في شؤون الشرق الأوسط أنه: "يتعين عدم لوم من يظن أن التوجه الحالي للسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط وعبر العالم الإسلامي يتمثل في تعزيز الانقسامات بين السنة والشيعة". وبدوره، كتب كون هالينان، كاتب عمود "السياسة الخارجية تحت المجهر"، قائلاً: "يمثل النفط أحد أهم عوامل القلق الرئيسية للولايات المتحدة الأمريكية.. فبحلول عام 2020، ستستورد الولايات المتحدة ثلثي احتياجاتها من النفط، وبما أن 65% من احتياطي النفط المتبقي في العالم موجود في الشرق الأوسط، لا يحتاج المرء لتبني نظرية المؤامرة لاستنتاج أن استراتيجية فرق تسد تستهدف الحفاظ على السيطرة الاستراتيجية على تلك الموارد النفطية". ويضيف هالينان: "يعتبر الحفاظ على تفاقم التوترات في الشرق الأوسط أمراً مربحاً للغاية أيضاً لشركات الأسلحة الأمركية"، مشيراُ في هذا المجال إلى إنفاق الإمارات العربية المتحدة، المملكة العربية السعودية، الكويت وسلطنة عمان ما يتجاوز 150 مليار دولار على شراء الأسلحة.
ماذا لو: انهار الاقتصاد الأمريكي؟
البرامج البحثية
4 يونيو 2025

ماذا لو: انهار الاقتصاد الأمريكي؟

تشهد الساحة الاقتصادية العالمية تصاعداً غير مسبوق في التوترات التجارية، واضطرابات في سلاسل الإمداد، وارتفاعاً حاداً في التكاليف، وذلك في أعقاب السياسات الجمركية العدوانية التي تنتهجها إدارة الرئيس دونالد ترامب خلال ولايته الثانية. ولا تقتصر آثار هذه السياسات على كونها مجرد افتراضات نظرية، بل باتت التوقعات الراهنة تشير إلى آثار أشد وطأة قد تجرّ خلفها تداعيات أكثر حدة. فوفقًا للتقديرات، من المرجّح أن يبلغ معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي 2.2% فقط في عام 2025، وهو معدل يقترب من عتبة الركود الاقتصادي الذي حذّرت منه منظمة الأونكتاد، معتبرة أن أي تراجع في النمو دون 2.5% قد يدفع العالم إلى أزمة ركود. كما خفّض صندوق النقد الدولي من توقعاته للنمو الاقتصادي العالمي إلى 2.8%، وقلّص بشكل لافت توقعاته لنمو الاقتصاد الأميركي في عام 2025، من 2.7% في يناير إلى 1.8% في أبريل. وفي سياق متصل، أصدرت منظمة التجارة العالمية تحذيراً بشأن تدهور حاد في توقعات التجارة العالمية، إذ من المتوقع أن تنخفض تجارة السلع على مستوى العالم بنسبة 0.2% خلال عام 2025، أي أقل بنحو ثلاث نقاط مئوية من التوقعات السابقة.   تتجاوز الاضطرابات الراهنة الجانب الاقتصادي؛ فهي تمتد لتؤثر على تحالفات الولايات المتحدة الدولية، وتلقي أعباء إضافية على كاهل الأسر، التي بات العديد منها يؤجل اتخاذ قرارات حياتية محورية. وفي ظل تصاعد المخاوف من الركود، يبرز سؤال ملحّ: ما مدى الآثار المحتملة على الصعيد العالمي في حال انهيار الاقتصاد الأمريكي؟ ونظرًا إلى الدور المحوري الذي تضطلع به الولايات المتحدة بوصفها أكبر اقتصاد عالمي، والمُصدر الرئيسي للعملة الاحتياطية الدولية، فإن أي تدهور اقتصادي كبير فيها سيؤدي حتمًا إلى كارثة مالية غير مسبوقة. ويمكن القول، إن سقوط الاقتصاد الأميركي سيجرّ خلفه الاقتصاد العالمي بأسره، ما ينذر بأزمة عالمية شاملة ستطال الأسواق والمؤسسات المالية والنقدية.   تخيّل أن تستيقظ بعد بضع سنوات، تفتح هاتفك المحمول، فتقرأ العنوان التالي: «الاقتصاد الأمريكي ينهار: الأسواق تتهاوى بين عشية وضحاها». في البداية، يبدو الأمر كقصة بعيدة، تحدث في مكان آخر. ولكنك تخرج لشراء قهوتك، وتجد أن سعرها قد تضاعف ثلاث مرات، وتفتح تطبيق استثماراتك لتكتشف أن مدخرات حياتك قد تبخرت. وفي الخارج، تتوقف مصانع كانت تعتمد على المستهلك الأميركي، وتترك قرى كاملة بلا عمل. الدولار الأميركي، الذي كان يوماً حجر الزاوية في النظام المصرفي العالمي، انهار، ما أشعل حروب عملات عالمية بينما تحاول الحكومات حماية اقتصاداتها. فجأة، لم يعد ذلك الحدث البعيد كذلك، بل صار واقعًا يمتص ما في جيبك، ويرفع تكلفة معيشتك، ويهدد وجودك الأساسي.  لم يعد الأمر مجرد عنوان صحفي؛ بل هو شتاء اقتصادي عالمي قاتم، يفرض قبضته الباردة على كل منزل، وفي كل قارة، ولأجيال قادمة. فهل نحن مستعدون حقاً لمثل هذا الزلزال الاقتصادي؟
“تيك توك”سلاح الصين الجديد
البرامج البحثية

“تيك توك”سلاح الصين الجديد

تتواصل الحرب التجارية الدائرة بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية منذ عدة سنوات، وقد حظيت باهتمام جماهيري متزايد، وذلك إلى حد كبير بفضل تأثير منصات التواصل الاجتماعي. ومع تزايد الوعي بهذا النزاع، لم تَعد وسائل التواصل الاجتماعي تكتفي بنقل المعلومات، بل أصبحت تؤثر في سلوك المستهلِكين، وغالبًا ما تدفع الأفراد إلى التوجُّه نحو أسواق بديلة. وفي بعض الحالات، تُدرك الحكومات هذا التأثير وتستخدمه بشكل استراتيجي، من خلال الاستعانة بمؤثري وسائل التواصل الاجتماعي لتوجيه الرأي العام والقرارات الاقتصادية. وهذا ما يحدث بالفعل في السيناريو القائم بين الصين والولايات المتحدة.