انفجارات ميناء رجائي: هل تعطّل المسار الدبلوماسي بين طهران وواشنطن؟
البرامج البحثية

انفجارات ميناء رجائي: هل تعطّل المسار الدبلوماسي بين طهران وواشنطن؟

شهد ميناء رجائي ذو الأهمية الاستراتيجية في بندر عباس - جنوب إيران-  انفجاراً هائلاً أثناء انعقاد الجولة الثالثة من المحادثات الإيرانية- الأمريكية في عُمان يوم السبت 26 أبريل 2025، ما شكّل منعطفاً حاسماً يستدعي تحليلاً معمقاً. يقع الميناء بالقرب من مضيق هرمز، ويمثل نقطة محورية لحركة الحاويات الإيرانية، ويكتسب أهمية بالغة لتجارة إيران الخارجية، خاصة في ظل العقوبات المفروضة عليها. تشير التقارير الأولية إلى فرضيتين رئيسيتين لأسباب الحادث: الأولى، انفجار عرضي ناجم عن سوء التعامل مع مئات الأطنان من مادة كيمائية حيوية، يرجح انها تستخدم لتغذية برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني، على غرار كارثة ميناء بيروت عام 2020؛ والثانية، احتمال وجود عمل تخريبي متعمد، ربما تقف خلفه إسرائيل بهدف تعطيل مسار المحادثات الأمريكية الإيرانية. ويضفي توقيت الانفجار، الذي تزامن مع جهود دبلوماسية مكثفة، مزيداً من الأهمية على تداعياته المحتملة.   بغض النظر عن السبب النهائي، فإن انفجاراً بهذا الحجم يكشف عن ثغرات كبيرة في منظومة الأمان والإدارة داخل إيران، ويرتد صداه على مستوى المنطقة بأسرها، ويلقي بظلال كثيفة ومعقدة على المساعي الدبلوماسية الرامية إلى معالجة التوترات النووية وغيرها من الملفات العالقة. يستعرض هذا التعليق السيناريوهات المحتملة لما بعد الحادث، وتداعيات كل فرضية، والأهم من ذلك، التأثير المحتمل لتوقيته على مسار العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران.
محادثات عُمان: إلى أين تتجه المفاوضات الأمريكية–الإيرانية؟
البرامج البحثية
10 أبريل 2025

محادثات عُمان: إلى أين تتجه المفاوضات الأمريكية–الإيرانية؟

يشهد المشهد الجيوسياسي في الشرق الأوسط بوادر تحوُّل كبير محتمل، عقب إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن استئناف المفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران، اعتبارًا من الثاني عشر من أبريل 2025. يأتي هذا الإعلان عقب فترة اتسمت بتصاعد التوترات الثنائية وانهيار فعلي للاتفاق النووي المعروف باسم "خطة العمل الشاملة المشتركة"، ما جعل من هذا الانفراج الدبلوماسي موضع ترقب واسع داخل إيران وعلى مستوى المنطقة بأسرها. وقد انعكست هذه التوقعات الأولية، وإن كانت مؤقتة على الأرجح، في ردود فعل إيجابية في الأسواق المالية بطهران، تجلّت في تحركات أسواق الأسهم وأسعار الذهب، الأمر الذي يعكس بوضوح حجم التأثير الاقتصادي المحتمل لتلك المفاوضات على الشارع الإيراني. وإلى جانب الأبعاد الاقتصادية، فإن لهذه المحادثات المرتقبة انعكاسات محتملة على استقرار المنطقة بأسرها، ما يجعلها محل اهتمام بالغ لدى دول الخليج العربي كذلك. ورغم أن طبيعة هذه المشاركة الدبلوماسية— سواء أكانت ستأخذ شكل مفاوضات مباشرة كما ألمحت الإدارة الأمريكية، أم ستتم عبر قنوات غير مباشرة من خلال وسطاء— لا تزال غير محسومة، إلا أن مجرد بدء الحوار يُمثّل تحولًا لافتًا عن المسار التصعيدي الذي ساد العلاقات الأمريكية–الإيرانية في السنوات الأخيرة. وعليه، يسعى هذا التحليل إلى استكشاف مجموعة من السيناريوهات الممكنة التي قد تتشكّل مع انطلاق الوفدين الأمريكي والإيراني إلى طاولة المفاوضات في 12 أبريل، مع الأخذ بعين الاعتبار الديناميات السياسية الداخلية في كلا البلدين، والضغوط الإقليمية والدولية السائدة، والعوامل السياقية التي أفضت إلى هذا الانفتاح الحذر والمتجدد.
إيران: بين العقوبات وسبل تحقيق الاكتفاء الذاتي الصناعي
البرامج البحثية

إيران: بين العقوبات وسبل تحقيق الاكتفاء الذاتي الصناعي

على مدى عقود، لجأت الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، إلى استخدام العقوبات كأداة سياسية لتعزيز الديمقراطية ومنع بعض الدول من تطوير أسلحة نووية أو كيميائية. وتُعد إيران مثالًا بارزًا في هذا السياق، حيث أدت جهودها في تطوير الأسلحة النووية والتكنولوجيات العسكرية المتقدمة إلى فرض أحد أشد أنظمة العقوبات صرامة عليها منذ الثورة الإسلامية عام 1979. وقد تركت هذه العقوبات، بما في ذلك الحظر الذي فرضه مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في عامي 2007 و2015، أثرًا بالغًا على الاقتصاد الإيراني. ومع ذلك، ورغم المصاعب الاقتصادية التي أفرزتها، فقد أسهمت أيضًا في تحفيز نمو قطاع التصنيع المحلي، لا سيما في الصناعات الدفاعية والعسكرية، مما يعكس قدرة إيران على التكيُّف مع التحديات. ويهدف هذا التحليل إلى استكشاف التأثير المزدوج للعقوبات المفروضة على إيران، عبر دراسة تداعياتها الاقتصادية، والنتائج غير المتوقعة التي أسهمت في تطوُّر القطاع الصناعي، بالإضافة إلى استراتيجيات الحكومة في التخفيف من آثار هذه العقوبات.
رمال الحرب المتحركة: عقيدة زامير والصراعات الإسرائيلية المرتقبة
البرامج البحثية

رمال الحرب المتحركة: عقيدة زامير والصراعات الإسرائيلية المرتقبة

لا يقتصر تعيين اللواء إيال زامير على رأس الجيش الإسرائيلي، والذي تولى منصبه رسميًا في 6 مارس، على كونه تغييرًا روتينيًا في القيادة العسكرية، بل يحمل في طياته احتمالات إعادة ضبط استراتيجية التفكير العسكري الإسرائيلي، استجابةً للتهديدات المتجددة ولمعالجة الثغرات العقائدية التي يُعتقد أنها تؤثر على أداء الجيش. يحظى زامير بدعم واسع في المشهد السياسي الإسرائيلي، حيث يُنظر إليه باعتباره القائد الأنسب لهذه المرحلة المضطربة، إلا أن التحديات التي تنتظره معقدة وشائكة. فمن جهة، يُكلَّفُ بإعادة إحياء جيش يوصف بأنه يعاني من تراجع الأداء، ومن جهة أخرى، عليه التعامل مع بيئة سياسية قد تعرقل قراراته، فضلًا عن إدارة صراعات إقليمية محتدمة لم تُحسم بعد. ويضاف إلى ذلك الإرث العسكري المثير للجدل الذي يحمله زامير في نظر الفلسطينيين، إذ يُذكر اسمه لديهم كمسؤول عن عمليات قمعية خلال الانتفاضات الفلسطينية والعمليات العسكرية السابقة. يستكشف هذا التحليل تداعيات تعيين زامير، وما قد يحمله من تحولات في العلاقة الحساسة بين القيادة السياسية والاستقلال العسكري في إسرائيل، إضافة إلى التغيرات المحتملة في العقيدة القتالية للجيش الإسرائيلي، وانعكاسات ذلك على احتمالات اندلاع مواجهات عسكرية على عدة جبهات في المستقبل.
تركيا وإيران: تناقضات وقواسم مشتركة
البرامج البحثية
10 فبراير 2025

تركيا وإيران: تناقضات وقواسم مشتركة

عقب اندلاع ثورات عام 2011 في الشرق الأوسط، بدأت تركيا وإيران في توسيع نفوذهما في المنطقة، مستغلتين حالة عدم الاستقرار التي اجتاحت المنطقة. وعلى الرغم من تنافس الدولتين على توسيع نفوذهما في كل من سوريا والعراق وأذربيجان، إلا أنهما تمكنتا من الحفاظ على علاقات ثنائية قوية بينهما. لذا، يتناول هذا التحليل دراسة أدوات السياسة الخارجية التي تستخدمها كلتا الدولتين لتعظيم مكاسبهما، بالإضافة إلى تحليل أوجه التشابه والاختلاف في مصالحهما في منطقة الشرق الأوسط.
تأثيرات ممتدة: التداعيات الدولية لسقوط نظام الأسد
البرامج البحثية
23 ديسمبر 2024

تأثيرات ممتدة: التداعيات الدولية لسقوط نظام الأسد

بعد مرور أكثر من عقد من الزمان على اندلاع الحرب الأهلية السورية، صدم السقوط غير المتوقّع لنظام الأسد العديد من المعلّقين وقادة العالم الذين اعتقدوا أن الرئيس بشار الأسد قد عزّز سلطته وأن حكمه لا يتزعزع. ويؤكد هذا التطور المحوري على الأهمية الاستراتيجية الدائمة لسوريا، ليس فقط كساحة معركة ولكن كمحور رئيسي في الجغرافيا السياسية الإقليمية والدولية فقد أتاح الصراع المطول للجهات الفاعلة الإقليمية والعالمية بترسيخ نفسها داخل النسيج الاجتماعي والسياسي في سوريا، مما أدى إلى تضخيم تداعيات سقوط النظام إلى ما هو أبعد من حدود سوريا. وفي أعقاب ذلك، أعيد رسم رقعة الشطرنج الجيوسياسية، مع ظهور المستفيدين والخسائر الواضحة. فاستفادت تركيا وإسرائيل من الفراغ الذي أعقب ذلك، وعززتا نفوذهما الإقليمي، في حين وجدت روسيا وإيران نفسيهما، على الرغم من مصالحهما الخاصة، على الجانب الخاسر من هذه المعايرة الجيوسياسية. وفي الوقت ذاته، استفادت بعض الدول الأوروبية من الوضع بشكل خفي دون المجاهرة علنًا بمكاسبها.
مهاباد: النفط والبيشمركة وانهيار حلم الدولة الكُردية
الإصدارات
18 ديسمبر 2024

مهاباد: النفط والبيشمركة وانهيار حلم الدولة الكُردية

كان الحلم الكُردي بإنشاء دولة مُستقلة على وشك أن يتحقق أخيرًا -بعد مُطالبات دامت لعدة قرون- في يناير من عام ١٩٤٦م، عندما أعلن "قاضي محمد Qazi Mohamed" الزعيم الكُردي الإيراني قيام دولة مهاباد Mahabad، على المُقاطعة المُسماة بذات الاسم من الجمهورية الإسلامية الإيرانية حاليًا، لكنه سُرعان ما تبدد بعدما سحب الإتحاد السوفيتي دعمه المالي للدولة الوليدة، واشتداد الحصار الاقتصاد على الإقليم، ما منع دخول الغذاء، وخفض الإنتاج الزراعي، ما تسبب في تغيُرات دراماتيكية في ولاءات زعماء القبائل الكُردية الذين تحالف معهم "قاضي" إبان قيام الدولة، على أمل أن ينالوا نصيبًا من الدعم المالي والغذائي السوفيتي.   تفاقمت الأوضاع الغذائية وازدادت سوء بمرور الوقت، ما دفع بعض قادة جيش مهاباد إلى مُغادرة العاصمة، خصوصًا مع اقتراب القوات الإيرانية من دخولها، ليتركوا الرجل وقلة كُردية معه في مواجهة غير عادلة مع الجيش الإيراني، لذلك قرر حقن دماء الأكراد بالاستسلام في ١٥ ديسمبر من ذات العام، ليحتل الجيش الإيراني مهاباد، ويُعلن سقوط الدولة، وفي النهاية يُعدم "قاضي" في مارس ١٩٤٧، ومعه تنتهي أقرب مُحاولات قيام الدولة الكُردية.   وبعد مرور نحو رُبع قرن من هذا التاريخ، أصدرت المحكمة الاتحادية العليا العراقية سلسلة من الأحكام بشأن النفط العراقي الذي يُصدره إقليم كُردستان العراق، كان أخرها قد صدر في فبراير ٢٠٢٤ ليقضي بإلزام مجلس وزراء إقليم كردستان بتسليم جميع الإيرادات النفطية وغير النفطية إلى الحكومة المركزية في بغداد ، الأمر الذي قد يكون له ذات التأثير المزدوج الناتج عن وقف الدعم المالي، والحصار الإيراني على جيش مهاباد، لكن هذه المرة على قوات البيشمركة التي تُشكل الأمل في الحفاظ على "الحكم الذاتي" لإقليم كُردستان العراق، الذي يُعتبر بدوره ثاني أقرب المحاولات الكُردية لإقامة وطني قومي للأكراد.   لذلك يتناول الجزء الأول من هذه الورقة الأوضاع السياسية للأكراد من حيث وضع الإقليم في الدستور العراقي، والقضايا الخلافية بين الإقليم والحكومة الاتحادية، وتأثيرات هذه الخلافات على استمرار البيشمركة ووجودها. ويستعرض الجزء الثاني الأوضاع الاقتصادية تأثيرات سلسلة الأحكام القضائية على الأوضاع التي تقوض حُرية حكومة الإقليم في بيع النفط، وانعكاسات ذلك على البيشمركة، كقوة دفاع كُردية تحمي "الحكم الذاتي" للإقليم، وتُشكل خط الدفاع الأخير ضد انهياره.
ريمونتادا؟! هل تٌعيد الفصائل المسلحة السورية تشكيل المشهد في المنطقة
البرامج البحثية
2 ديسمبر 2024

ريمونتادا؟! هل تٌعيد الفصائل المسلحة السورية تشكيل المشهد في المنطقة

شنت الفصائل المسلحة السورية فجر الأربعاء 27 نوفمبر 2024 عملية مشتركة في هجوم مباغت على مواقع ومناطق سيطرة النظام السوري والميليشيات المساندة له في ريف حلب الغربي شمال سوريا، حيث يعتبر حدثاً عسكرياً هو الأول من نوعه منذ  الهجوم الذي قادته الفصائل المسلحة في عام 2016، حيث شاركت في العملية العسكرية "هيئة تحرير الشام" -جبهة النصرة سابقًا- وأعلنت غرفة العمليات المشتركة الفصائل المسلحة في بيان مصور إطلاقها معركة "رد العدوان" والذي أشار أن إطلاق العملية العسكرية جاء بعد رصد تحركات للنظام لإطلاق عملية ضد المناطق الآمنة، كما أن العملية العسكرية ليست خياراً بل واجباً"، حيث جاء الهجوم رداً على قصف النظام السوري لمناطق شمال غربي سوريا.   وتأتي العملية العسكرية في ظل ظروف ميدانية وإقليمية ودولية متغيرة، بعد سنوات من الركود النسبي على جبهة الصراع، فإن القتال المتجدد لديه القدرة على إحداث تغييرات كبيرة في السيطرة، وخاصة إذا فشلت القوات الأسد في الحفاظ على مواقعها.  كما قد تنشأ عن هذه المواجهة إذا تصاعد القتال بين النظام السوري وقوات الفصائل المسلحة لجذب القوى الكبرى مثل روسيا وتركيا، حيث تسعى كل منهما إلى تحقيق مصالحها داخل سوريا وتساهم في زيادة عدم الاستقرار، ويشكل خرق حلب يمثل تحولًا دراماتيكيًا في الحرب الأهلية السورية التي استمرت 13 عامًا وأكبر هجوم للفصائل المسلحة منذ عام 2020. كما أن مكاسب الفصائل في حلب تشكل ضربة كبيرة ليس فقط لنظام الرئيس السوري بشار الأسد ولكن أيضًا لداعميه الروس والإيرانيين.   يُشكّل هجوم الفصائل المسلحة على حلب منعطفًا حاسمًا في الصراع السوري مُتعدد الأوجه، يحمل في طياته دلالاتٍ استراتيجيةً عميقةً تستدعي تحليلًا دقيقًا لدوافعه وتداعياته المُحتملة، لا سيما في ظلّ التوترات الجيوسياسية المُتصاعدة في منطقة الشرق الأوسط. وإذ يتزامن هذا الهجوم مع تصاعد العنف في مناطق أخرى من المنطقة، كالحرب بين إسرائيل وحماس والصراع المدعوم من الولايات المتحدة مع حزب الله في لبنان، ولا يُمكن النظر إلى هذا الهجوم على أنه مجرد تحرّك عسكري عابر، بل هو انعكاسٌ لتحولاتٍ جيوسياسية عميقة، وتغيّر في موازين القوى على الأرض. ويهدف هذا الهجوم، الذي يستهدف المناطق المحيطة بحلب ويتقدم نحو ضواحيها، إلى إضعاف قبضة النظام على المدينة، وإعادة إشعال فتيل الحرب في سوريا. وقد يُفضي نجاح فصائل المعارضة في اختراق حلب إلى زعزعة استقرار الوضع بشكل خطير، وتغيير مسار الصراع برمّته.
عام من الحرب على غزة: من الخاسر ومن المستفيد؟
البرامج البحثية
5 أكتوبر 2024

عام من الحرب على غزة: من الخاسر ومن المستفيد؟

دخلت الحرب على قطاع غزة عامها الثاني منذ مباغتة الفصائل الفلسطينية لإسرائيل في السابع من أكتوبر 2023 محطمة معها شعور الإسرائيليين بالأمن والثقة في جيشهم ووكالات استخباراتهم، وشن الجيش الإسرائيلي على صدى الاجتياح هجومًا مروعًا على غزة أسفر حتى الآن عن مقتل أكثر من 41,500 شخص وإصابة 96,000 آخرين. علاوة على، فرض حصار عقابي متمثل في خنق إمدادات الغذاء والطاقة والماء والأدوية التي تشتد الحاجة إليها في ظل وجود نظام صحي هش في القطاع، وتدمير البنية التحتية الحيوية في غزة، ومخزون الإسكان، والاقتصاد، والأراضي الزراعية، وأساطيل الصيد إلى حد كبير إلا أن وصل الأمر أن ما يقرب من نصف مليون شخص انعدام الأمن الغذائي.   وكما أجبرت إسرائيل قاطني القطاع مرارًا وتكرارًا على النزوح إلى مناطق أصغر وأصغر إلى أن وصل عدد النازحين إلى ما يقرب من 1.9 مليون شخص. وقد دفع إجمالي الدمار الأمم المتحدة إلى إصدار تحذيرات متعددة بأن تصرفات إسرائيل تجعل غزة غير صالحة للعيش.   وبعد مرور عام على الحرب لم تستطع إسرائيل تحقيق أي من أهدافها من الحرب فلم يتم القضاء على حركة حماس، ولم يفرج عن الأسرى المحتجزين لدى فصائل المقاومة في حماس، بل امتد الصراع وتصاعدت معه أعمال العنف بدءاً من الضفة الغربية ليصل أتون الحرب إلى تصعيد حاد بين إسرائيل وإيران ووكلائها في المنطقة. مما جعل الشرق الأوسط يقف على شفا حرب شاملة بين إسرائيل وإيران ووكلائها. مع تلاشي الآمال في التوصل إلى وقف إطلاق النار واتفاق الأسرى، ويظل السؤال المطروح الآن من الخاسر ومن المستفيد من هذا الصراع، متى وكيف ستنتهي حرب إسرائيل، وما الذي سيتبقى منها عندما تنتهي؟   ويسلط هذا التحليل الضوء على مكاسب وخسائر أهم أطراف الصراع كما يلي:
الصعود الصامت: كيف تغير الصين وجه الشرق الأوسط
الإصدارات

الصعود الصامت: كيف تغير الصين وجه الشرق الأوسط

توسطت الصين في حوار للمصالحة الفلسطينية في بكين، ونجحت في رأب الصدع بين السعودية وإيران. وتشير هذه الخطوات إلى تغير في نهج الصين في الشرق الأوسط، حيث أصبحت لاعباً فاعلاً في المنطقة من خلال توسيع سياساتها لتشمل اعتبارات سياسية واستراتيجية، بالإضافة إلى مصالحها في مجال الطاقة. وقد جذبت سياستها "غير التدخلي" العديد من دول المنطقة، التي ترى في علاقاتها المتنامية مع بكين وسيلة للتنويع. ومع ذلك، فإن انخراط الصين المتزايد قد يشكل تهديدًا لمصالح الولايات المتحدة في المنطقة. ففي الوقت الذي ازداد فيه اهتمام واشنطن بمنطقة المحيطين الهندي والهادئ، برزت الصين كلاعب فعال في الشرق الأوسط، حيث أعادت تشكيل ديناميكيات الأمن الإقليمي، ووقعت شراكات استراتيجية ومذكرات تفاهم لأنشطتها الاقتصادية مع معظم دول الشرق الأوسط. بالإضافة إلى، توثيق علاقاتها مع مختلف المنظمات الإقليمية على مدى العقدين الماضيين. وتُظهر المبادرات الدبلوماسية الصينية الأخيرة استثمار بكين العميق في مواصلة تطوير العلاقات مع دول الشرق الأوسط، حيث عقدت بكين القمة العربية الصينية، والقمة الخليجية الصينية، لتظهر التزامها بتعزيز الشراكات الاستراتيجية بين دول المنطقة وتعزيز التنمية الاقتصادية بما يتجاوز مصالحها التقليدية في مجال الطاقة. وينظر إلى المشاركة المتزايدة للصين في الشرق الأوسط كعامل هام في تشكيل المشهد الجيوسياسي للمنطقة وله آثار كبيرة على السياسة العالمية. مما يطرح تساؤلاً  فكيف يختلف النهج الصيني عن نظيره الأمريكي؟
نمط متكرر: كيف سترد إيران على اغتيال إسماعيل هنية؟
الإصدارات

نمط متكرر: كيف سترد إيران على اغتيال إسماعيل هنية؟

يحبس العالم أنفاسه مُنذ 31 يوليو 2024، في انتظار الرد الإيراني على اغتيال إسرائيل لإسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في طهران ، وذلك أثناء مُشاركته في مراسم تنصيب الرئيس الإيراني، مسعود بزكشيان، ما يُعتبر انتهاكًا صارخًا للسيادة الإيرانية من جهة، وتحديًا لقيادتها الإقليمية لحركات المُمانعة ضد ما تعتبره هيمنة الولايات المُتحدة وإسرائيل على دول المنطقة، من جهة آخري الأمر الذي يعتبر معه العالم الرد الإيراني مفروغًا منه في ظل الارتفاع غير المسبوق لسقف المواجهة بين الدولتين، خصوصًا أن هذا الاغتيال جاء ضمن سلسلة من الاغتيالات لرموز محور المُمانعة، فقبل ساعات فقط من الانفجار في طهران، نفذت إسرائيل هجومًا صاروخيًا في الضاحية الجنوبية لبيروت، اغتالت خلاله فؤاد شكر أعلى مسؤول عسكري في حزب الله، بعدما ادعت -دون تأكيد- اغتيال محمد الضيف القائد العسكري لحماس.   وبرغم الاتفاق على حتمية الرد، فإن اختلافًا حادًا حول طريقته يسود الأوساط السياسية والعسكرية، خصوصًا في ظل نمط الاستهدافات الإسرائيلية التي تستوجب ردًا إيرانيًا مُباشرًا لاستعادة قدرات الردع المفقودة، وامتلاك إيران من جانب آخر لوكلاء لديهم قُدرات الرد بدلًا منها، بما يُجنبها التكلفة العسكرية والاقتصادية للرد المُباشر، وعلى وجه أكثر تحديدًا بعدما أعلنت الولايات المُتحدة الأمريكية عن أنها ستُشارك بقواتها في الدفاع مُباشرة عن إسرائيل في حالة تنفيذ هجوم إيراني، وهو ما يعد تأكيدًا لموقفها السابق من الهجمات الصاروخية الإيرانية على إسرائيل في إبريل الماضي.   إلا أننا نعتقد أن ما قد يُسهل توقع طبيعة الرد، هو دراسة نمط الردود الإيرانية السابقة على ذات النوعية من الاعتداءات، خصوصًا في ظل التاريخ الإيراني الحافل بالمواجهات مع دول جوارها بعد الثورة في سبعينيات القرن الماضي، والعداء المُباشر مع الولايات المُتحدة مُنذ ذلك الحين، لكن من بين هذه المواجهات وأكثرها تشابهًا مع الوضع الحالي، هو ما بات يُعرف الآن بحرب الناقلات التي دارت رحاها بين إيران والعراق خلال الفترة من 1984 وحتى 1988، واستدرجت خلالها الولايات المُتحدة لتضطر للانخراط في عملية عسكرية واسعة ضد القوات الإيرانية في الخليج العربي، على نحو ما سنصف لاحقًا.   تسعي الورقة الراهنة إلى إجراء تحليل معمق لأوجه التشابه والاختلاف بين الوضع الراهن والوضع السابق (تحديداً خلال حرب الناقلات) فيما يتعلق بديناميكيات المواجهة بين إيران والقوي التي تصطدم بها، وموقف الولايات المتحدة حيال هذه الصدمات، ما يُسهل توقعات الرد الإيراني في ظل إجمالي هذه المُتغيرات.
النُّفوذ الإيرانيِّ في السُّودان: بين دبلوماسيَّة المُسيرات وضغوط الصِّراع
البرامج البحثية

النُّفوذ الإيرانيِّ في السُّودان: بين دبلوماسيَّة المُسيرات وضغوط الصِّراع

تتسم العلاقات بين السُّودان وإيران بتاريخ متقلب بين التقارب والقطيعة التي استمرت نحو 8 سنوات على أثر التوترات القوية بين إيران والمملكة العربية السعودية على خلفية اقتحام محتجون إيرانيون السفارة السعودية في طهران عام 2016، واتخذت الحكومة السُّودانية آنذاك قرارًا بإغلاق جميع المدارس والمراكز الثقافية الإيرانية، ولكن اليوم يتجه السُّودان وإيران بخطى حثيثة لفتح صفحة جديدة من العلاقات، وسط توترات إقليمية متصاعدة بين طهران وداعميها من جهة، وواشنطن وحلفائها من جهة أخرى، وحرب يخوضها الجيش السُّوداني ضد قوات الدعم السريع شبه العسكرية منذ أبريل 2023.   هيأت التغيرات الإقليمية الراهنة وأتاحت الفرصة أمام الطرفين للتحرك بشكل محسوب نحو أعادة تسوية خلافات الماضي لتشهد معها العلاقات تنامي ملحوظ في العام الماضي عبر سلسلة من اللقاءات الرسمية رفيعة المستوى لمسؤولين سودانيين مع نظيرهم الإيرانيين، أبرزها لقاء وزير الخارجية السُّوداني السابق علي الصادق ونظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان آنذاك على هامش اجتماع اللجنة الوزارية لحركة عدم الانحياز الذي استضافته العاصمة الأذربيجانية باكو في يوليو 2023  في خطوة حملت تحسس لعودة العلاقات، والتي ترتب عليها إعلان السُّودان استئناف علاقاته الدبلوماسية مع إيران رسميًا في 9 أكتوبر 2023، وبعد مرور عام على استئناف العلاقات تسلم رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان، أوراق اعتماد السفير الإيراني، حسن شاه حسيني، سفيراً ومفوضاً فوق العادة لبلاده لدى السُّودان 21 يوليو 2024، مما طرح العديد من التساؤلات خاصة أن توقيته تزامن مع تصاعد التوترات في المنطقة، و أشهر من المعارك الدائرة بين الجيش السُّوداني وقوات الدعم السريع، وفي ظل التطبيع بين الخرطوم وتل أبيب الذي بدأ قبل نحو 4 سنوات.   كما يثير هذا التقارب العديد من التساؤلات حول مدى استدامة هذا الاتفاق، خاصة في ظل تباين الأولويات الإقليمية بين البلدين، حيث تركز إيران على المشرق العربي، ويظل مستقبل هذه العلاقة مرهونًا بالتطورات الإقليمية وحسابات إيران الاستراتيجية في منطقة البحر الأحمر. فهل ستشهد العلاقة تحولًا جذريًا نحو شراكة استراتيجية مستدامة، أم ستبقى أسيرة التجاذبات الإقليمية والتكتيكات السياسية؟