خلال يومي الثالث والرابع عشر من يونيو عام 2025، أقدمت إسرائيل على تنفيذ واحدة من أكثر عملياتها العسكرية جرأة وتعقيدًا في التاريخ الحديث، وذلك من خلال ضربة جوية مركّبة استهدفت العمق الإيراني بصورة مباشرة وغير مسبوقة. شملت الضربة منشآت نووية حساسة على غرار منشأتي نطنز وفوردو، إلى جانب مواقع أخرى في محيط مدينة أصفهان، فضلاً عن استهداف مطارات عسكرية مركزية في البنية التحتية للدفاع الجوي الإيراني، مثل "مطار همدان" و"مطار تبريز". كما استهدفت إسرائيل في ذات العملية قيادات عسكرية بارزة في الصف الأول من الحرس الثوري الإيراني والجيش النظامي، وتوافرت لاحقًا مؤشرات تؤكد وقوع إصابات أو تصفيات مباشرة لعدد منهم¹.
جاء الرد الإيراني سريعًا ومُحمّلاً بطابع الارتجال، في مسعى من طهران لإثبات تماسكها وردع خصومها. فأطلقت الجمهورية الإسلامية في اليوم نفسه أكثر من مائة طائرة مسيّرة هجومية، غالبيتها من طراز "شاهد 136" و"شاهد 131"، قاطعةً مسافة تُقدّر بحوالي 2000 كيلومتر عبر المجالين الجويين العراقي والسوري. إلا أنّ هذه الضربة لم تُحقق أهدافها، إذ تمكّنت أنظمة الدفاع الجوي الأردنية والسعودية والإسرائيلية، مدعومة بتكنولوجيا الرصد الأميركية، من اعتراض الجزء الأكبر من الطائرات المسيّرة قبل أن تصل إلى أجواء إسرائيل، حيث تم إسقاط العديد منها فوق محافظة الأنبار وصحراء الأردن، فيما سقط بعضها شمال الأراضي السعودية².
وفي الرابع عشر من يونيو، أطلقت إيران هجومها الصاروخي الرئيسي، والذي اتسم بالتنسيق الواسع والنطاق العملياتي المتعدد. وقد استخدمت في هذا الهجوم أكثر من 150 صاروخًا باليستيًا، من أبرزها "قدر-110" (بمدى يصل إلى 3000 كم)، و"خرمشهر"، و"سجيل-2"، وهي من أخطر الصواريخ الإيرانية متوسطة المدى³. استهدفت هذه الصواريخ مواقع متفرقة في عمق الأراضي الإسرائيلية، كان من أبرزها محيط مقر وزارة الدفاع الإسرائيلية في مجمّع "الكرياه" وسط تل أبيب، حيث أصيب المبنى بصاروخ واحد أسفر عن أضرار مادية وإصابات محدودة، من دون تسجيل خسائر مباشرة في صفوف الجيش. كما سُجلت أضرار في مبانٍ سكنية في مناطق رامات غان، وتل أبيب، وريشون لتسيون، إضافة إلى وقوع إصابات لعدد من المدنيين، بينهم حالة واحدة حرجة، بينما وصفت بقية الإصابات بالطفيفة أو المتوسطة⁴.
رغم الزخم النيراني، جاءت نتائج الهجوم دون سقف التوقعات الإيرانية، وهو ما دفع طهران إلى إعلان نيتها توسيع نطاق عملياتها لتشمل الوجود العسكري الأميركي في المنطقة، وليس إسرائيل فقط. وقد تضمّن التهديد الإيراني إشارات مباشرة إلى قواعد أميركية حيوية، على غرار "قاعدة العُديد" في قطر، و"قاعدة الظفرة" في دولة الإمارات العربية المتحدة، وكذلك قواعد عسكرية أميركية في العراق كـ"عين الأسد" و"كامب فيكتوري" ببغداد، بالإضافة إلى منشآت بحرية في البحرين⁵.
ترى إيران أن أي مساهمة أميركية في دعم الدفاعات الجوية الإسرائيلية تُعدّ مشاركة مباشرة في الحرب، وبالتالي تمنحها شرعية استراتيجية لاستهداف الوجود العسكري الأميركي في الخليج. وهو ما يُمثّل تحولًا جذريًا في معادلة الردع الإقليمي، لا سيما أن هذه هي المرة الأولى منذ عام 2020 التي يظهر فيها خطر حقيقي بتحول منطقة الخليج إلى ساحة اشتباك عسكري مفتوح بين قوى إقليمية ودولية⁶.
يهدف هذا التحليل إلى تقديم قراءة معمقة للدوافع الاستراتيجية الكامنة خلف تهديدات إيران باستهداف القواعد العسكرية الأمريكية في منطقة الخليج، وذلك عن طريق الربط بين المعطى الميداني (أنماط استخدام الصواريخ والطائرات المسيّرة) والمعطى البنيوي (توازن القوى الإقليمي والدولي)، لفهم السياقات التي تجعل من القواعد الأمريكية في الخليج أهدافًا ذات أولوية استراتيجية في الحسابات الإيرانية.
برزت الأدوات الهجومية الإيرانية بوصفها مفتاحًا لفهم طبيعة الردع الإيراني، ومحددًا رئيسًا لكيفية تطويع القوة العسكرية ضمن حسابات الاستراتيجية العليا في طهران. إذ لم تكتفِ إيران بالرد الرمزي أو المحدود، بل اعتمدت على منظومة هجومية مُركبة جمعت بين الصواريخ الباليستية المتوسطة المدى والطائرات المسيّرة الانتحارية، في محاولة لإرباك المنظومة الدفاعية الإسرائيلية وتسجيل اختراق في العمق الاستراتيجي.
الصواريخ التي استخدمتها إيران لم تكن من طراز موحد، بل تنوّعت ما بين أنظمة متقدمة تقنيًا وأخرى ذات قدرة تدميرية أكبر، ولكن بدقة أقل. من أبرز هذه الأنظمة صاروخ “قدر-110″، الذي يعمل بالوقود السائل ويصل مداه إلى نحو 1800–2000 كيلومتر. يتمتع هذا الصاروخ بمنظومة توجيه تعتمد على الجيروسكوبات والقصور الذاتي (INS)، وتبلغ نسبة انحرافه عن الهدف ما بين 100 و200 متر، ما يجعله فعالًا لضرب منشآت بنية تحتية ثابتة دون الحاجة لنقل منصات الإطلاق بالقرب من الحدود. ويُعد هذا الطراز من أكثر الصواريخ استخدامًا في الضربات الإيرانية تجاه إسرائيل خلال العقد الأخير.
في المقابل، لجأت إيران كذلك إلى صاروخ “سجيل-2″، وهو أكثر تقدمًا من “قدر” من الناحية التقنية نظرًا لاعتماده على الوقود الصلب، ما يمنحه مرونة لوجستية أعلى وسرعة انتشار أكبر. يبلغ مدى هذا الصاروخ حوالي 2000 كيلومتر، وتصل سرعته في المرحلة النهائية إلى نحو Mach 10، ما يصعب على أنظمة الدفاع الجوي التعامل معه، خاصةً إذا جاء ضمن موجة كثيفة. وقد أشارت المؤشرات الميدانية إلى استخدام هذا النوع تحديدًا في الضربات التي استهدفت مجمّع الكرياه في تل أبيب يوم 14 يونيو، وهي من أكثر الضربات التي أثارت ردود فعل سياسية وإعلامية واسعة النطاق.
كما برز صاروخ “خرمشهر” ضمن الطيف المستخدم، وهو من الطرازات الثقيلة التي يبلغ مداها 2000 كيلومتر، لكنه يتميز بحمولة رأس حربي كبيرة قد تصل إلى نصف طن أو أكثر في بعض النماذج. ورغم أن دقته تُعد محدودة نسبيًا، إلا أن قدرته التدميرية تجعله مناسبًا لاستهداف مناطق واسعة أو مراكز حضرية ذات كثافة عالية. وفي السياق الإيراني، يمثل استخدام هذا الصاروخ رسالة سياسية أكثر من كونه أداة دقيقة.
أما على مستوى الطائرات المسيّرة، فقد تبنت إيران نمطًا تكتيكيًا واضحًا يهدف إلى إغراق الدفاعات الجوية الإسرائيلية قبل الضربات الصاروخية الثقيلة. وقد اعتمدت بشكل أساسي على طرازي “شاهد-136″ و”شاهد-131”. النوع الأول، “شاهد-136″، يُصنف كمسيّرة انتحارية بمدى يصل إلى 2000 كيلومتر وسرعة منخفضة نسبيًا تقارب 185 كم/ساعة، ما يمنحها قدرة على التحليق لعدة ساعات على ارتفاع منخفض، وبالتالي يصعب اكتشافها مبكرًا في بعض الحالات. أما “شاهد-131″، فهي نسخة أصغر وأرخص تُستخدم بكثافة ضمن موجات الهجوم الأولى لتشتيت الرادارات وإجبار الدفاعات الجوية على التفاعل المبكر، ما يفتح المجال لصواريخ أكثر تقدمًا لاختراق منظومة الدفاع.
اللافت أن إيران اعتمدت في هذه الهجمات على نمط هندسي مدروس للتصعيد: تبدأ الضربة بموجة من المسيّرات الانتحارية لإرباك الدفاعات، تليها دفعات صاروخية تُقسّم إلى مراحل تستهدف مراكز القيادة ثم البنية التحتية، وأخيرًا تنفذ ضربات تغطية أو تشتيت. وقد تجلّى هذا النمط بوضوح في عمليتي 13 و14 يونيو، حيث بدأت الهجمة الأولى بمئة طائرة مسيّرة تقريبًا، ثم تلتها الضربة الصاروخية الرئيسية التي توزعت على ثلاث موجات خلال 24 ساعة. يُذكر أن هذه هي المرة الأولى التي تُنفّذ فيها هجمة إيرانية بهذه الكثافة من داخل الأراضي الإيرانية مباشرة، دون الاعتماد على قواعد في العراق أو سوريا كما كان الحال في السابق.
تُشير قراءة أنماط الاستخدام وتنوع الأنظمة إلى محاولة إيرانية واضحة لفرض معادلة جديدة في الردع عبر الجمع بين الإغراق الكمي والإرباك الزمني، إلا أن الفاعلية النهائية لهذا الأسلوب تبقى محل تساؤل، وهو ما يقودنا إلى المحور التالي من التحليل، المتعلق بقدرة إيران الفعلية على الاستمرار في شن هذا النمط من العمليات من حيث المخزون، والإنتاج، والتكلفة، والاستنزاف الاستراتيجي.
يُعد تحليل البنية الإنتاجية والمخزونية للترسانة الإيرانية، وتقدير تكاليف التشغيل الفعلي لأنظمة الصواريخ والمسيّرات، مدخلًا ضروريًا لتقييم قدرة إيران على الاستمرار في شن عمليات هجومية مركّبة وفق النمط الذي اتبعته في هجمات يونيو 2025. فمهما بلغت كفاءة الأنظمة المستخدمة، تبقى فعاليتها مرهونة بمعيار الاستدامة العسكرية، لا سيّما في مواجهة خصم يمتلك بنية دفاعية متطورة ودعمًا استخباراتيًا وتقنيًا من أطراف دولية كبرى.
تشير التقديرات المتقاطعة من مصادر عسكرية غربية، منها تقييمات القيادة الاستراتيجية الأمريكية ومراكز بحثية متخصصة، إلى أن إيران تمتلك ما يُعدّ أكبر مخزون صواريخ باليستية في الشرق الأوسط، بإجمالي يتجاوز 3,000 صاروخ. غير أن هذا الرقم ينبغي تفكيكه لتمييز ما هو نظري من حيث العدد الكلي، عمّا هو جاهز فعليًا للاستخدام الميداني في ظرف طارئ. إذ تُظهر التقديرات الأكثر تحفظًا أن حوالي 1,000 صاروخ فقط تُصنّف في فئة “جاهزية التشغيل الفوري”، أي أنها مُخزّنة على قواذف مُجهزة، أو قريبة من مواقع الإطلاق ولا تحتاج إلى صيانة أو تركيب تقني مسبق. هذا التفاوت ليس تفصيلًا ثانويًا، بل يغيّر جذريًا من دلالات الحجم الإجمالي للمخزون، لأنه يعني أن قدرة إيران الفعلية على الرد السريع والمكثف محدودة بحدود الجاهزية وليس العدد النظري.
فيما يتعلق بالمسيّرات، تفيد التقديرات بأن المخزون الإيراني يصل إلى 3,894 طائرة بدون طيار من طرازات مختلفة، تشمل المسيّرات الانتحارية مثل “شاهد-136” و”شاهد-131″، بالإضافة إلى طرازات استطلاعية وقتالية أخرى مثل “شاهد-149 غزة”، و”مهاجر”، و”أبابيل”، و”عرش”، و”كروار”، فضلًا عن نماذج حديثة تتمتع بقدرات إقلاع وهبوط عمودي (VTOL) وأنظمة توجيه ذكية. لكن هذا التنوع لا يُترجم بالضرورة إلى تنوع فعّال في ساحة القتال، إذ أن الجزء الأكبر من القدرة التشغيلية القتالية يرتكز على المسيّرات الانتحارية التي يمكن إنتاجها بسرعة وبكلفة منخفضة نسبيًا، على عكس المسيّرات الأكبر المخصصة للعمليات النوعية أو الاستخباراتية.
عند الانتقال إلى التقديرات المالية، يتضح أن كلفة اليوم الأول للهجمات الإيرانية (13 يونيو) كانت بالغة الارتفاع. فقد استخدمت إيران في ذلك اليوم نحو 150 صاروخًا باليستيًا، يتراوح متوسط تكلفة الواحد منها بين 3 إلى 8 ملايين دولار بحسب الطراز. فعلى سبيل المثال، تبلغ تكلفة صاروخ “شهاب-3” حوالي 3 ملايين دولار، بينما تصل تكلفة “قدر-110″ إلى 5 ملايين، و”سجيل-2″ إلى 6 ملايين، و”خرمشهر” إلى 8 ملايين. وإذا أخذنا بمتوسط تكلفة 3 ملايين دولار للصاروخ، فإن إجمالي التكلفة الصاروخية ليوم واحد يبلغ 450 مليون دولار.
أما على مستوى المسيّرات، فقد استخدمت إيران ما يقرب من 100 مسيّرة انتحارية، يُرجح أنها من طراز “شاهد-136″، والتي تُقدّر كلفتها الإنتاجية في الداخل الإيراني بين 20,000 إلى 50,000 دولار، بينما تُباع لروسيا بأسعار تتراوح بين 193,000 و375,000 دولار. وبالاعتماد على متوسط تقديري داخلي يعادل 35,000 دولار للمسيّرة الواحدة، تصل كلفة العملية إلى 3.5 مليون دولار، وبذلك يصبح إجمالي تكلفة الهجوم الإيراني في اليوم الأول حوالي 453.5 مليون دولار.
من الناحية المقارنة، تكشف هذه الأرقام عن فوارق مهمة بين كثافة الهجوم وتكلفة الاستدامة. ففي هجوم مماثل وقع في أكتوبر 2024، واستخدمت فيه إيران نحو 180 صاروخًا، بلغت التكلفة الإجمالية 2.3 مليار دولار، بمتوسط 12 مليون دولار للصاروخ الواحد، نتيجة استخدام طرازات أكثر تقدمًا مثل “خرمشهر-4″ و”أمد”. وبالمقارنة، فإن هجوم يونيو 2025 كان أقل تكلفة من حيث المتوسط، لكنه لا يزال يمثل ضغطًا ماليًا هائلًا في ضوء التحديات الاقتصادية التي تواجهها إيران داخليًا.
غير أن التحدي الأكبر لا يتمثل فقط في الكلفة المالية المباشرة، بل في قدرة إيران على تعويض ما استُهلك من المخزون في ظل الاستهداف الإسرائيلي المستمر للبنية اللوجستية ومراكز الإنتاج. إذ تُقدّر الطاقة الإنتاجية الشهرية الإيرانية بين 50 إلى 100 صاروخ فقط، ما يعني أن الهجوم الصاروخي في 13 يونيو وحده استنزف ما يعادل شهر ونصف إلى شهرين من الإنتاج. وعلى مستوى المسيّرات، يتراوح الإنتاج المحلي بين 200 و300 وحدة شهريًا، أي بمعدل 7 إلى 10 وحدات يوميًا، بينما استُهلك في يوم واحد 100 وحدة، ما يعادل 10 أيام من الإنتاج في ظرف 24 ساعة.
التحليل الكمي لهذه المعطيات يقود إلى استنتاج مفاده أن إيران، إذا ما قررت الاستمرار في ذات معدل الهجوم (150 صاروخًا + 100 مسيّرة يوميًا)، فإن مخزونها الجاهز من الصواريخ سينفد خلال 6 إلى 7 أيام، في حين يمكن للمخزون الكلي أن يصمد حتى 20 يومًا كحد أقصى، وهو سيناريو غير مرجّح لوجستيًا في ظل الضربات الاستباقية الإسرائيلية. أما في ما يخص المسيّرات، فإن المخزون المتوافر يمكن أن يغطي 39 يومًا دون إنتاج إضافي، وقد يمتد إلى 60–90 يومًا إذا استمرت خطوط الإنتاج بكامل طاقتها، لكن ذلك لا يُغيّر من حقيقة أن فاعليتها القتالية تبقى أدنى بكثير من تأثير الصواريخ الباليستية، خاصةً بعد التحديثات التي طرأت على المنظومات الدفاعية الإسرائيلية بدعم أميركي وفرنسي مباشر منذ أوائل عام 2025.
وبالتالي، فإن الاستراتيجية الإيرانية الحالية، رغم ما تبدو عليه من زخم نيراني وتنظيم عملياتي متماسك، تواجه سقفًا صلبًا من القدرة على الاستدامة، وهو ما يفرض على صانع القرار الإيراني إما خفض معدل الاستهلاك العسكري، أو البحث عن أدوات بديلة للتصعيد. ومن هنا، ينتقل التحليل في القسم التالي إلى تقييم الفعالية الفعلية للهجمات التي تم تنفيذها، ومدى قدرتها على تحقيق نتائج عسكرية ملموسة في بنية الردع الإسرائيلي.
يشكّل تقييم فعالية الهجوم الإيراني على إسرائيل في يونيو 2025 عنصرًا حاسمًا لفهم حدود القوة النيرانية الإيرانية، ليس فقط من حيث الكم، ولكن من حيث الأثر المباشر في ميزان الردع والقدرة على إحداث تحول في المعادلة العسكرية. إذ على الرغم من الكثافة العددية في الصواريخ والمسيّرات المستخدمة، إلا أن نتائج الهجوم على الأرض بدت متواضعة للغاية مقارنة بما تم إنفاقه من موارد عسكرية واقتصادية.
أولى مظاهر هذا الضعف كانت في فشل المسيّرات الإيرانية في الوصول إلى المجال الجوي الإسرائيلي. رغم إطلاق أكثر من 100 طائرة مسيّرة، تشير البيانات الميدانية إلى أن الغالبية العظمى منها تم إسقاطها قبل عبورها الحدود. ويعود ذلك إلى عدة عوامل ميدانية وتقنية. فهذه المسيّرات، وعلى رأسها طراز “شاهد-136″، تطير بسرعات منخفضة (بحدود 185 كم/ساعة) وعلى ارتفاعات منخفضة، مما يجعلها عرضة للاكتشاف المبكر عبر شبكات رادار متعددة الجنسيات. هذه الشبكات شملت تغطية رادارية متكاملة بين الولايات المتحدة وإسرائيل والأردن والسعودية، حيث تم رصد المسيّرات واعتراضها في مناطق مثل محافظة الأنبار غرب العراق، والحدود الشمالية للأردن، وشمال شرق السعودية. كما لعبت القوات الأميركية المنتشرة في العراق وسوريا دورًا مباشرًا في عمليات الرصد والتعقب. وقد وصلت بعض المسيّرات إلى المجال الجوي الإسرائيلي منهكة توجيهيًا وفنيًا، مما سهل عملية اعتراضها بنسبة شبه كاملة.
أما على مستوى الصواريخ الباليستية، فرغم إطلاق إيران نحو 150 صاروخًا ضمن الموجة الرئيسية يوم 14 يونيو، فإن الدفاع الجوي الإسرائيلي أثبت كفاءة عالية في التصدي لها. إذ اشتغلت ثلاث منظومات دفاعية بفعالية تكاملية: منظومة “آرو-3” لاعتراض الصواريخ في الطبقات العليا من الغلاف الجوي، ومنظومة “مقلاع داوود” للتعامل مع الصواريخ متوسطة المدى، ومنظومة “القبة الحديدية” للتصدي للقذائف قصيرة المدى. وقد دعمت هذه المنظومات بطبقة إضافية عبر أنظمة THAAD الأميركية ومنصات Aegis البحرية المنتشرة في شرق المتوسط. وبحسب مصادر عسكرية وإعلامية متعددة، فإن نسبة الاعتراض الكلي للصواريخ تجاوزت 90٪، ما يُعد رقمًا بالغ الأهمية في تقليل الفعالية العملياتية للهجوم.
الهجوم كذلك لم يكن مفاجئًا من حيث التوقيت أو الشكل، إذ سبقه استخدام واسع للمسيّرات، ما منح إسرائيل فترة إنذار تكتيكي كافية لرفع جاهزية منظوماتها الدفاعية. وقد ساهمت الضربة الإسرائيلية السابقة على منشأة نطنز النووية في تعزيز هذه الجاهزية، ما أعطى إسرائيل تفوقًا في عنصر الاستعداد، وهو عنصر جوهري في الحروب غير المتكافئة.
أما على مستوى الأثر الميداني المباشر، فقد كانت الخسائر محدودة جدًا. أظهرت التقارير أن صاروخًا واحدًا فقط تمكن من الوصول إلى محيط مجمع “الكرياه” وسط تل أبيب، وهو المقر المركزي لوزارة الدفاع الإسرائيلية. الضربة أصابت محيط برج “مارغنيت”، وتسببت في أضرار مادية طفيفة وبعض الإصابات، لكنها لم تُسفر عن أي فقد بشري أو خسارة تشغيلية. باقي الصواريخ التي تجاوزت الدفاعات أصابت منشآت مدنية في تل أبيب، ريشون لتسيون، ورمات جان، وتسببت في حرائق وخسائر إنشائية، مع تقارير عن وقوع ما بين 1 إلى 2 قتلى مدنيين، وأكثر من 40 إصابة، معظمها ناتج عن الذعر أو جروح خفيفة.
وقد ادّعت إيران أنها استهدفت قواعد ومطارات عسكرية إسرائيلية، غير أن مراجعة صور الأقمار الصناعية وتقارير استخباراتية مفتوحة المصدر (OSINT) وتقارير صحفية من مؤسسات كـ CBS و The New York Times وInstitute for the Study of War لم تُثبت وجود أي إصابات أو خسائر في منشآت عسكرية استراتيجية. جميع الأدلة تشير إلى أن الأهداف التي أصابتها الصواريخ كانت مدنية أو رمزية.
من الناحية التكتيكية، فإن إيران أنفقت خلال هذا الهجوم قرابة نصف مليار دولار من الموارد العسكرية والمالية، واستخدمت كمية كبيرة من مخزونها من الصواريخ والمسيّرات، ونجحت في إثارة حالة من الهلع الواسع بين السكان المدنيين الإسرائيليين، غير أنها فشلت في تحقيق أي مكسب استراتيجي ملموس: لم تُدمَّر قاعدة واحدة، ولم تُضرب منشأة نووية، ولم يُسجّل تعطيل لأي مركز قيادة أو بنية عسكرية حساسة. وهذا الفارق بين الكلفة والنتيجة يطرح تساؤلات جوهرية حول جدوى استمرار هذا النمط من الهجمات، لا سيّما في ظل محدودية المخزون، وارتفاع التكاليف، والتطور الملحوظ في المنظومات الدفاعية الإسرائيلية.
وفي هذا السياق، ينتقل التحليل في القسم التالي إلى مناقشة البدائل الاستراتيجية التي قد تلجأ إليها إيران، خاصة تلك المرتبطة باستخدام الحلفاء الإقليميين أو توسيع نطاق الاستهداف إلى ما يتجاوز الساحة الإسرائيلية، وتحديدًا نحو التمركزات الأميركية في الخليج العربي.
في أعقاب فشل الضربة الإيرانية المباشرة على إسرائيل في تحقيق نتائج استراتيجية ملموسة، ومع تكبّدها تكلفة مالية ومخزونية باهظة، بدأت القيادة الإيرانية في مراجعة نمط المواجهة وسقف التصعيد، والبحث عن بدائل قد تكون أكثر فاعلية في إحداث أثر ردعي حقيقي. ذلك أن الضربة، رغم زخمها النيراني، خُنقت بفعالية عبر أنظمة الدفاع الإسرائيلية والأمريكية بنسبة اعتراض تجاوزت 90٪، وهو ما حوّل العملية من ضربة ردع إلى اختبار لقدرة إيران على تحمّل كلفة التصعيد في بيئة أمنية شديدة التعقيد.
الخيار الأول المطروح أمام إيران يتمثل في العودة إلى نمط الحرب بالوكالة، من خلال تفعيل شبكات الميليشيات المتحالفة معها في الإقليم، كالحشد الشعبي في العراق، وحركة أنصار الله (الحوثيين) في اليمن، وحزب الله في كل من لبنان وسوريا. تمتلك هذه الأطراف القدرة على تنفيذ ضربات ضد أهداف إسرائيلية أو أمريكية دون أن تظهر طهران كطرف مباشر في الاشتباك، مما يمنح إيران هامشًا للمناورة السياسية. ومع ذلك، فإن هذا الخيار يواجه تحديات كبيرة، أبرزها التآكل المستمر في القدرات العسكرية لتلك الفصائل نتيجة الضربات الإسرائيلية والأميركية المتكررة منذ أواخر 2023، فضلًا عن الضغوط السياسية والاقتصادية الداخلية التي تُقلّل من جاهزية هذه الأطراف للدخول في صراع مفتوح واسع النطاق.
الخيار الثاني يتمثل في تخفيض وتيرة الضربات المباشرة، بحيث تعتمد إيران على نمط استنزافي منخفض الكثافة عبر إطلاق عدد أقل من الصواريخ والمسيّرات على فترات أطول. الهدف من هذا النمط هو الحفاظ على ما تبقى من المخزون، وتجنّب التصعيد الكلي، مع الإبقاء على مستوى من الضغط المتواصل. غير أن هذه المقاربة تُعاني من ضعف التأثير، بل إنها قد تعزز صورة التفوق الإسرائيلي وتكرّس محدودية القدرة الإيرانية على فرض معادلة ردع فاعلة، لا سيما أن معدل التأثير في الهجمات الكثيفة كان في ذاته محدودًا.
الخيار الثالث، والذي يبدو أنه تحقق بالفعل، هو الوصول إلى نقطة استنزاف حادة في المخزون الجاهز من الصواريخ والمسيّرات. فبحسب الأرقام المتاحة، فإن إيران استخدمت 150 صاروخًا في يوم واحد، من أصل مخزون جاهز لا يتجاوز 1,000 صاروخ، ما يعني أن استمرار الضربات بنفس الوتيرة كان سيؤدي إلى استنزاف كامل خلال أقل من أسبوع، وهو ما يُفسّر التراجع الواضح في كثافة الهجمات بعد 14 يونيو. هذا السيناريو لا يعكس فقط محدودية في الفاعلية، بل أيضًا ضعفًا في الجاهزية الاستراتيجية لإيران على المدى المتوسط.
الخيار الرابع، والأكثر حساسية من الناحية الاستراتيجية، هو نقل المواجهة من الساحة الإسرائيلية إلى ساحة أكثر انكشافًا وفاعلية: الوجود العسكري الأمريكي في العراق والخليج العربي. وتستند هذه المقاربة إلى فرضية أن التدخل الأميركي لم يعد سياسيًا فقط، بل بات عسكريًا وعملياتيًا، بعد مشاركة أنظمة دفاع أميركية مثل THAAD وAegis في التصدي للهجمات الإيرانية، مما يضع واشنطن في موضع الطرف المباشر في الاشتباك. ووفقًا لهذه الرؤية، فإن استهداف القواعد الأميركية لم يعد مجرد خيار تكتيكي، بل أصبح محاطًا بشرعية سياسية وعسكرية في الخطاب الإيراني.
ما يُميز هذا الخيار هو أنه يتفادى معظم نقاط ضعف الضربات الإيرانية على إسرائيل. المسافة الجغرافية بين جنوب إيران والقواعد الأميركية في الخليج، كقاعدة “العديد” في قطر و”الظفرة” في الإمارات، تتراوح بين 300 إلى 500 كم، ما يجعل هذه القواعد في مرمى المسيّرات قصيرة المدى، بل وحتى الطائرات الانتحارية منخفضة التكلفة. وهو فارق جوهري مقارنة بمسافة 2,000 كم نحو إسرائيل، التي تطلبت مسيّرات بعيدة المدى وتنسيقًا أكثر تعقيدًا، وواجهت اعتراضًا مبكرًا عبر طبقات دفاعية متعددة.
فضلًا عن ذلك، فإن الإغراق النيراني في هذا النطاق الجغرافي يصبح أكثر فاعلية. فمسيّرة واحدة من طراز “شاهد-131” تُطلق من داخل إيران نحو قاعدة أميركية في الخليج، قد تصل إلى هدفها خلال أقل من ساعة، دون أن تمر عبر مناطق متعددة الرصد كما هو الحال عند التوجه نحو إسرائيل. وسبق أن أثبتت جماعات مدعومة من إيران، كالحشد الشعبي والحوثيين، القدرة على ضرب أهداف أميركية في العراق والخليج، سواء عبر صواريخ قصيرة المدى أو مسيّرات.
تُضاف إلى ذلك نقطة ضعف بنيوية في بعض القواعد الأميركية، خاصة في العراق، حيث تنتشر في مناطق مكشوفة أو ذات غطاء دفاعي محدود، وقد تعرضت سابقًا لضربات إيرانية مباشرة (مثل قصف قاعدة عين الأسد في يناير 2020) دون أن يؤدي ذلك إلى تصعيد شامل. وهذا ما يجعل هذا الخيار أكثر واقعية من حيث الكلفة والعائد، إذ يمكن لإيران أن تُحدث ضررًا جزئيًا ملموسًا بتكلفة أقل، ومن دون استنزاف مباشر لمخزونها الاستراتيجي.
من هنا، تصبح معادلة البدائل على النحو التالي: الضربة المباشرة لإسرائيل أثبتت فشلها من حيث التكاليف والمردود، والرهان على الحلفاء الإقليميين أو الهجمات المنخفضة الكثافة لا يغيران في ميزان الردع شيئًا، بينما يُعد الضغط على الوجود الأميركي في الخليج البديل الوحيد القادر على تحقيق أثر مزدوج: تصعيد محسوب، واستنزاف تدريجي للقرار الأميركي، في سياق يمكن أن يعيد ضبط قواعد الاشتباك لصالح إيران، ولو جزئيًا.
ختامًا فإن القراءة التحليلية المركّبة للهجوم الإيراني على إسرائيل في يونيو 2025، وما تلاه من مداولات استراتيجية داخل طهران، تظهر أن إيران واجهت خلال تلك الأزمة اختبارًا معقدًا لحسابات الردع، وحدود الاستخدام العملي للقوة في بيئة إقليمية عالية التسلّح ومفتوحة على التدخلات الدولية. فقد كانت الضربة الجوية الإسرائيلية، من حيث التوقيت والدقة والتنسيق، إعادة تعريف لحدود المجال السيادي الإيراني، بينما كان الرد الإيراني، برغم حجمه الكمي، أقل بكثير من أن يُحدث تحولًا استراتيجياً في ميزان الردع أو يُعيد رسم قواعد الاشتباك.
وبالتالي فقد مثّل فشل إيران في تحقيق نتائج ملموسة—سواء على مستوى تعطيل البنية التحتية الإسرائيلية أو على صعيد التأثير في القرار السياسي الإسرائيلي أو الأميركي—علامة فارقة على هشاشة نموذج التصعيد المباشر الذي تبنّته. إذ كشفت المعركة عن ضعف فاعلية المسيّرات في تجاوز الدفاعات متعددة الطبقات، وعن قدرة إسرائيل، بدعم أميركي وأوروبي مباشر، على امتصاص موجات نيرانية كثيفة دون خسائر استراتيجية. بل إن الردع الإسرائيلي لم يتراجع، بل عزز قوته، فيما باتت إيران مطالبة بتفسير الفجوة بين استعراض القوة ونتائجها.
من جهة أخرى، أظهر التحليل أن قدرة إيران على الاستمرار في هذا النمط من المواجهة تعاني من حدود قاسية على مستوى المخزون، والإنتاج، والكلفة المالية، وهو ما يدفع القيادة الإيرانية إلى التفكير الجاد في بدائل أكثر مرونة: سواء باللجوء إلى الحلفاء الإقليميين، أو بتوسيع مجال الاشتباك نحو الوجود العسكري الأميركي في الخليج. ومع أن هذه البدائل تحمل مخاطر تصعيدية، فإنها في الوقت ذاته تعبّر عن محاولة إيرانية لإعادة بناء قواعد ردع جديدة في ظل انهيار فعالية النمط السابق.
وعليه، فإن المشهد الاستراتيجي ما بعد يونيو 2025 لا يتّسم بثبات الردع، بل بمرحلة انتقالية مضطربة تعيد فيها الأطراف تقييم الكلفة، وإعادة تموضع الأدوات، وتوسيع مساحة “المنطقة الرمادية” بين الحرب والسلام. في قلب هذه المعادلة تقف إيران، مثقلة بحدود القوة من جهة، ومُحاصرة بمنطق الردع المزدوج الإسرائيلي–الأميركي من جهة ثانية، وهو ما يجعل أي مواجهة مستقبلية مرهونة ليس فقط بالقدرة العسكرية، بل بمدى دقة فهم معادلة الردع المتبادلة وشروط كسرها أو إعادة توازنها.
Iran, Israel, IRGC, Nuclear: Israel’s Operation Rising Lion: A Look …, accessed June 13, 2025, https://www.ndtv.com/world-news/iran-israel-irgc-nuclear-israels-operation-rising-lion-a-look-inside-irans-key-nuclear-sites-8656023
Iran Update Special Edition: Israeli Strikes on Iran, June 12, 2025 …, accessed June 13, 2025, https://www.understandingwar.org/backgrounder/iran-update-special-edition-israeli-strikes-iran-june-12-2025
(VIDEO) Operation Rising Lion: Israel Bombs Tehran as Iran Begins …, accessed June 13, 2025, https://defencesecurityasia.com/en/operation-rising-lion-israel-bombs-tehran-as-iran-prepares-ballistic-missile-retaliation/
Israel-Iran strikes latest: Tehran begins retaliation with 100 drones …, accessed June 13, 2025, https://www.independent.co.uk/news/world/middle-east/israel-attacks-iran-hossein-salami-iraq-tehran-bombing-latest-news-b2769334.html
What we know about Israel’s attacks on Iran’s nuclear sites and …, accessed June 13, 2025, https://www.bbc.com/news/articles/cdj9vj8glg2o
Israel carries out strikes targeting Iranian nuclear, military sites …, accessed June 13, 2025, https://www.aljazeera.com/news/2025/6/13/sounds-of-explosions-heard-in-irans-capital-tehran
Israel strikes Iran: Operation Rising Lion launches preemptive …, accessed June 13, 2025, https://www.indiatoday.in/world/story/israel-launches-airstrike-in-iran-explosions-heard-in-tehran-report-glbs-2740035-2025-06-13
Iran launches drones at Israel as Israel attacks Iranian nuclear sites …, accessed June 13, 2025, https://www.cbsnews.com/news/iran-israel-drone-attack-retaliation-strikes-on-nuclear-sites-and-commanders/
Iran Vows ‘Painful’ Response After Israeli Attack | TIME, accessed June 13, 2025, https://time.com/7293795/israel-strikes-iran-attack-what-to-know/
Arab World Reacts to Israel’s Strikes on Iran – Newsweek, accessed June 13, 2025, https://www.newsweek.com/arab-world-reacts-israels-strikes-iran-2084948
Israel’s Security Challenges Amid the Iran-GCC Rivalry: Balancing Deterrence and Diplomacy, accessed June 13, 2025, https://moderndiplomacy.eu/2025/06/06/israels-security-challenges-amid-the-iran-gcc-rivalry-balancing-deterrence-and-diplomacy/
Israel’s F-16I Sufa hammers Iran with smart bombs, missiles, accessed June 13, 2025, https://bulgarianmilitary.com/2025/06/13/israels-f-16i-sufa-hammers-iran-with-smart-bombs-missiles/
Global oil prices soar after Israel attacks Iran – BBC, accessed June 13, 2025, https://www.bbc.com/news/articles/cn4qe4w1n2go
Israel-Iran Conflict Triggers Fear of ‘Death Spiral,’ Analysts Say | Today News – Mint, accessed June 13, 2025, https://www.livemint.com/news/world/israeliran-conflict-triggers-fear-of-death-spiral-analysts-say-11749789048503.html
US says it was not involved in Israel’s military strikes in Iran – BBC …, accessed June 13, 2025, https://www.bbc.co.uk/news/articles/cm2kd2k3mv7o
16. What to know about Iran’s nuclear sites | AP News, accessed June 13, 2025, https://apnews.com/article/iran-nuclear-sites-explained-israel-attack-4535b4ecb4aefb2f3de9e3ad62fe363f
Iran announces a new nuclear enrichment site after UN watchdog censure, accessed June 13, 2025, https://apnews.com/article/iran-nuclear-iaea-sanctions-728b811da537abe942682e13a82ff8bd
The Geopolitical and Strategic Implications of Iran’s Potential Withdrawal from the Nuclear Non-Proliferation Treaty Amid IAEA Tensions and Regional Military Dynamics in 2025 – https://debuglies.com, accessed June 13, 2025, https://debuglies.com/2025/06/12/the-geopolitical-and-strategic-implications-of-irans-potential-withdrawal-from-the-nuclear-non-proliferation-treaty-amid-iaea-tensions-and-regional-military-dynamics-in-2025/
Israel attacks Iran’s nuclear and missile sites, prompting Iranian drone-strike retaliation, accessed June 13, 2025, https://apnews.com/article/iran-explosions-israel-tehran-00234a06e5128a8aceb406b140297299
Israel strikes Iran despite Trump’s nuclear deal hopes – Axios, accessed June 13, 2025, https://www.axios.com/2025/06/13/israel-strike-iran-trump-nuclear-talks
Experts react: Israel just attacked Iran’s military and nuclear sites. What’s next?, accessed June 13, 2025, https://www.atlanticcouncil.org/blogs/new-atlanticist/experts-react-israel-just-attacked-irans-military-and-nuclear-sites-whats-next/
Israel Launches Operation Rising Lion To Destroy Iran’s Nuclear …, accessed June 13, 2025, https://www.twz.com/air/israel-strikes-iran
IDF: Iran launched over 100 drones at Israel, working to intercept them, accessed June 13, 2025, https://www.ynetnews.com/article/rjttyefqxl
The Latest: Israel attacks Iran, accessed June 13, 2025, https://apnews.com/article/israel-palestinians-iran-war-latest-06-13-2025-baa59e6be9612c12ff2dc2a480830279
2021 Natanz incident – Wikipedia, accessed June 13, 2025, https://en.wikipedia.org/wiki/2021_Natanz_incident
Iran explosion near Natanz nuclear facility a controlled test | Nuclear …, accessed June 13, 2025, https://www.aljazeera.com/news/2021/12/4/iran-explosion-near-natanz-nuclear-facility-a-controlled-test
Israel launches strikes on Iran’s nuclear sites and other targets; Iran launches retaliatory drone strike – CBS News, accessed June 13, 2025, https://www.cbsnews.com/news/israel-launches-strike-on-iran-sources-say/
Iranian TV shows black smoke rising from Iran’s Natanz nuclear enrichment facility but offers no damage assessment, https://wtop.com/world/2025/06/iranian-tv-shows-black-smoke-rising-from-irans-natanz-nuclear-enrichment-facility-but-offers-no-damage-assessment/
Has Israel’s attack on Iran failed? Fordow nuclear fuel enrichment plant untouched, accessed June 13, 2025, https://m.economictimes.com/news/international/us/has-israels-attack-on-iran-failed-fordow-nuclear-fuel-enrichment-plant-untouched/articleshow/121821051.cms
Israel’s Massive Attack Against Iran: Intelligence Brief – SpecialEurasia, accessed June 13, 2025, https://www.specialeurasia.com/2025/06/13/israels-attack-iran-june-2025/
IRAN REPORTS 5 CIVILIANS KILLED AS ISRAELI STRIKES …, accessed June 13, 2025, https://iranwire.com/en/news/142008-iran-reports-5-civilians-killed-as-israeli-strikes-continue/
Iranian state media confirms killing of Revolutionary Guards chief in …, accessed June 13, 2025, https://www.globaltimes.cn/page/202506/1336045.shtml
Samidoun condemns U.S.-Zionist aggression on Iran, urges solidarity, unity and action, accessed June 13, 2025, https://samidoun.net/2025/06/samidoun-condemns-u-s-zionist-aggression-on-iran-urges-solidarity-unity-and-action/
The Challenges Involved in Military Strikes Against Iran’s Nuclear Programme – RUSI, accessed June 13, 2025, https://my.rusi.org/resource/the-challenges-involved-in-military-strikes-against-irans-nuclear-programme.html
Iran Natanz nuclear site suffered major damage, official says – BBC, accessed June 13, 2025, https://www.bbc.com/news/world-middle-east-56734657
As Israel hits Iran, prayers, fortitude at home amid alarm, concern from abroad, accessed June 13, 2025, https://www.timesofisrael.com/as-israel-hits-iran-prayers-fortitude-at-home-amid-alarm-concern-from-abroad/
Rubio: Israel’s unilateral strike on Iran heightens Middle-East …, accessed June 13, 2025, https://telanganatoday.com/rubio-israels-unilateral-strike-on-iran-heightens-middle-east-tensions-us-remains-uninvolved
Saudi Arabia leads Arab condemnation of Israel attacks on Iran | The Business Standard, accessed June 13, 2025, https://www.tbsnews.net/worldbiz/middle-east/saudi-arabia-leads-arab-condemnation-israel-attacks-iran-1164286
New M-SAM-II bolsters UAE’s defense against Iran’s proxies – Bulgarian Military, accessed June 13, 2025, https://bulgarianmilitary.com/2025/05/13/new-m-sam-ii-bolsters-uaes-defense-against-irans-proxies/
New Dimensions of Strategic Depth | Hudson Institute, accessed June 13, 2025, https://www.hudson.org/information-technology/new-dimensions-strategic-depth-nadia-schadlow
تعليقات