يقف حزب الله عند مفترق طرق حاسم مع مطلع عام 2025، في خضم تعافٍ هش أعقب صراعًا مدمرًا امتد لأربعة عشر شهرًا مع إسرائيل، وتغيّرات جذرية في المشهدين السياسي اللبناني والإقليمي. فقد أفضى وقف إطلاق النار، الذي تم التوصل إليه بوساطة أمريكية ودخل حيّز التنفيذ في 27 نوفمبر 2024، إلى إنهاء معارك ضارية خلّفت معاناة إنسانية هائلة ودمارًا واسع النطاق في البنية التحتية اللبنانية، وقد جاء هذا الاتفاق الهش متزامنًا مع حدثين مفصليين غيّرا قواعد اللعبة: الانهيار المفاجئ لنظام بشار الأسد في سوريا، الذي كان يُشكّل الجسر البري الحيوي الذي يربط الحزب بإيران، وإنهاء حالة الفراغ الرئاسي التي شلّت لبنان لعامين، مع انتخاب قائد الجيش اللبناني، العماد جوزيف عون، رئيسًا للجمهورية—وهو انتخاب حمل وعودًا بتفكيك البنية العسكرية للحزب وحصر السلاح بيد الدولة، في خطوة تعكس حالة الضعف غير المسبوقة التي يمر بها الحزب.
شكّل صراع عام 2024 ضربة غير مسبوقة لحزب الله. إذ يُنظر إليه باعتباره هزيمة عسكرية ، أسفرت عن تصفية قياداته، بمن فيهم أمينه العام التاريخي حسن نصرالله وخليفته المعيّن، إلى جانب مقتل آلاف المقاتلين، واستنزاف ترسانته العسكرية المتقدمة، وتدمير منشآته الحيوية، وقد تٌرجَم هذا التراجع العسكري إلى تراجع ملموس في النفوذ السياسي للحزب. فمع انهيار حليفه الإقليمي في دمشق وتآكل قدرته على فرض شروطه داخليًا، يواجه حزب الله تحولات محتملة في موازين القوى الداخلية في لبنان تشير إلى تبدّل جذري في موقعه.
بين الإنهاك العسكري، والعزلة الإقليمية، والانتكاسات السياسية المحلية، والتحدي المتصاعد لسرديته كـ"حركة مقاومة"، يجد حزب الله نفسه أمام أزمة وجودية غير مسبوقة. فالتنظيم الذي خرج من حرب 2024 لم يعد يشبه ذلك الذي دخلها. لذا يتناول هذا التحليل مسارات حزب الله المحتملة في هذا السياق المتبدل جذريًا، ساعيًا إلى فهم كيف يمكن للحزب أن يتكيف أو يتحول في مواجهة الضغوط المتراكمة، إضافة إلى استعراض القيود التي تواجه الدولة اللبنانية وقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان "اليونيفيل" في فرض السيادة على الجنوب، والمسارات المستقبلية الممكنة للحزب داخل لبنان.
شهدت مرحلة ما بعد توقف الأعمال العسكرية تطورًا لافتًا تمثل في تقارير عن تسليم عدد كبير من المواقع العسكرية التابعة لحزب الله جنوب نهر الليطاني إلى الجيش اللبناني. فقد أشارت التقديرات إلى تسليم نحو 190 موقعًا من أصل 265 موقعًا معروفًا، وهو إجراء قدّمه البعض باعتباره امتثالًا لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701، الذي ينص على انسحاب القوات العسكرية غير النظامية من المنطقة الحدودية. إلا أن التمحيص الدقيق يكشف أن هذا التسليم ربما يحمل طابعًا رمزيًا أكثر من كونه فعليًا، ويمثل خطوة محسوبة أكثر من كونه انخراطًا جديًا في نزع السلاح أو تعزيز لسيادة الدولة.
استراتيجيًا، يمكن تفسير هذا التسليم كخطوة نحو تنفيذ القرار 1701، وقد يُقرأ كحساب سياسي من قبل حزب الله مفاده أن الوجود العسكري العلني والمباشر على الحدود بات يحمل مخاطر غير مقبولة. وعلى المستوى الرمزي، يقدّم هذا التسليم إشارة إلى دعم سيادة الدولة اللبنانية، ما قد يُخفف من الضغوط المحلية والدولية على الحزب. ومع ذلك، تشير الأدلة إلى أن عناصر حزب الله قد سُمح لهم على الأرجح بإزالة الأسلحة والمعدات الحيوية قبل أن يتولى الجيش اللبناني السيطرة على تلك المواقع، مما يشير إلى إعادة تموضع تكتيكي للقدرات – ربما إلى شمال الليطاني أو إلى منشآت مخفية تحت الأرض– لا إلى تفكيك فعلي لتلك القدرات. وعلى الرغم من أن المواقع نُقلت رسميًا، فإن القدرات العسكرية الجوهرية التي تمثلها ربما لا تزال باقية. ويعزز هذا التفسير رؤية مفادها أن الخطوة لا تعدو كونها مناورة تكتيكية – تسحب الوجود العلني مع الإبقاء على القدرات السرية، وشبكات الاستخبارات، والقدرة على إعادة الانتشار السريع أو شنّ هجمات من مسافة.
وتُعزز الخطابات الرسمية الصادرة عن حزب الله هذه الشكوك حيال نوايا التسليم. فعلى الرغم من انفتاحه النظري على مناقشة ملف سلاحه ضمن إطار استراتيجية دفاع وطني، إلا أن الحزب يربط أي خطوة في هذا الاتجاه بشروط مسبقة، في مقدمتها انسحاب الجيش الإسرائيلي الكامل من جميع الأراضي اللبنانية (بما في ذلك النقاط الاستراتيجية التي قد تظل تحت سيطرة إسرائيل بعد وقف إطلاق النار)، وإنهاء العدوان الإسرائيلي، بما في ذلك الانتهاكات المتكررة للمجال الجوي اللبناني. وقد عبّر الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم، عن هذا الموقف بصراحة في أبريل 2025، مؤكدًا أن نزع سلاح الحزب في ظل الظروف الراهنة سيكون بمثابة “استسلام غير مقبول”.
علاوة على ذلك، تبقى قدرة الجيش اللبناني على تولي المسؤولية الأمنية الكاملة في الجنوب موضع شك. فرغم ما يحظى به الجيش اللبناني من احترام على الصعيد الوطني، إلا أنه يعاني من نقص مزمن في التمويل، وتسلّح محدود نسبيًا مقارنة بحزب الله، فضلاً عن تأثره العميق بالانقسامات السياسية اللبنانية. وتبقى فعاليته العملياتية، خصوصًا في التصدي لتوغلات إسرائيلية محتملة أو منع أنشطة مسلحة من دون موافقة حزب الله، محدودة. كما أن النمط المتكرر الذي لوحظ- -أن عمليات انتشار الجيش أو استلامه للمواقع في الجنوب تستلزم موافقة مسبقة من حزب الله – يقوّض مزاعم بسط الدولة لسيادتها. بل يُفهم منه أن حزب الله ينسّق مظهر التعاون بينما يحتفظ فعليًا بالسلطة على الأرض ويفرض شروط وجود الجيش. وإذا ما تم الانسحاب من دون تعزيز قدرات الجيش اللبناني بشكل فعلي، وبدون تفويض سياسي واضح ومدعوم دوليًا، فإنه قد يؤدي إلى خلق فراغ أمني خطير.
داخليًا، تنقسم الآراء بشأن هذه الخطوة بشكل حاد. فأنصار حزب الله قد يرون في هذا التسليم خطوة براغماتية أو مؤشرًا على قوة الحزب. أما خصومه، فيعتبرونه غير كافٍ أو حتى مخادعًا، ويطالبون بنزع السلاح بالكامل. وفي المقابل، قد ترحب أطياف الوسط أو المثقلة بالأزمات بخفض التصعيد، لكنها تبقى حذرة.
لذلك، فإن القيمة الاستراتيجية لتسليم المواقع تبقى موضع جدل كبير عند تقييمها من منظور نزع السلاح. فهي تتيح لحزب الله والدولة اللبنانية تقديم صورة جزئية عن الامتثال، ما قد يُخفف الضغط الدولي والمساءلة. إلا أن ذلك لا يغير الواقع الأمني القائم، ولا يقلّص من قدرات حزب الله العسكرية الفعلية. بل تتيح هذه الضبابية الاستراتيجية لحزب الله الاحتفاظ بأوراق الضغط، وتحميل إسرائيل مسؤولية تعطيل أي تقدم في ملف نزع السلاح، مع المحافظة على سردية “المقاومة” وخياراته العسكرية المستقبلية. ويبدو أن هذه الخطوة لا تُجسد فعلًا امتثالًا حقيقيًا، بقدر ما تمثل مناورة محسوبة في سياق جيوسياسي بالغ التعقيد.
يُلقي الهيكل الأمني لما بعد وقف إطلاق النار في جنوب لبنان مسؤوليةً جسيمةً على عاتق كلٍّ من الجيش اللبناني وقوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل)، المكلفة بموجب قرار مجلس الأمن رقم 1701 بتأمين المنطقة جنوب نهر الليطاني، ومراقبة وقف الأعمال العدائية، وضمان خلوّها من أي عناصر مسلّحة أو أسلحة غير مصرح بها. ومع ذلك، تواجه كلتا المؤسستين تحدياتٍ عميقة ومزمنة تُقوِّض فعاليتهما ومصداقيتهما، لا سيّما في ظل النفوذ المستمر لحزب الله.
يتحمّل الجيش اللبناني مسؤولية أمنية بالغة التعقيد في الجنوب، إذ يُطلب منه نشر أعداد كبيرة من عناصره لإقامة وجود دائم في مواقع استراتيجية عدّة، غالبًا بدعم من قوات “اليونيفيل”. إلا أن هذا الانتشار لا يُمثل سوى نسبة محدودة من إجمالي قوام الجيش، بالنظر إلى الحاجة لتأمين الاستقرار في مختلف المناطق اللبنانية، ولا سيما على الحدود الشرقية مع سوريا، وسط تحديات مزمنة في التجنيد، وتحت وطأة أزمات هيكلية أوسع نطاقًا على مستوى الدولة.
والأهم من ذلك أن القدرات العملياتية للجيش اللبناني تعاني من ضعف تمويلي شديد. ورغم تلقّي الجيش مساعدات عسكرية دولية كبيرة، لا سيما من الولايات المتحدة، تشمل تجهيزات وآليات وتدريبًا ودعمًا ماليًا للرواتب، فإن التقارير المتخصصة تُجمع على أن قدرته العملياتية لا تتجاوز 20% من حاجاته الفعلية. وتُظهر التقييمات وجود ثغرات حادّة في القدرات اللوجستية، ومجالات الاستطلاع المتقدم، والدفاع الجوي، وناقلات الجنود المدرعة، وقد فاقمت الأزمة الاقتصادية العميقة التي تعصف بلبنان منذ عام 2019 هذا الواقع الهش، إذ تآكلت قيمة الرواتب، وتعطّلت أعمال الصيانة، وتراجعت القدرة على تحديث المعدات، مما أدى إلى خروج عدد متزايد من العسكريين من الخدمة الفعلية.
من منظورٍ عملياتي، أظهر الجيش اللبناني توجهًا منهجيًا نحو تفادي أي صدام مباشر مع حزب الله. فمع غياب أدلة ملموسة على قيام الجيش بمصادرة أسلحة استراتيجية للحزب، أو بتفكيك بنيته العسكرية، أو حتى بتقييد تحركاته جنوب الليطاني، تبرز شكوك جديّة بشأن مدى فعاليته كقوة أمنية مستقلة. وغالباً ما تبدو الإجراءات التي ينفذها الجيش أقرب إلى الطابع الرمزي أو الشكلي، تستهدف عناصر هامشية أو معدّات منخفضة القيمة، دون الاقتراب من منظومات الحزب المحورية. كما تفيد تقارير بأن الجيش في بعض الأحيان لم يستجب لمعلومات استخبارية دقيقة حول أنشطة أو مواقع عسكرية تابعة لحزب الله.
علاوة على ذلك، تبرز مخاوف جدّية بشأن تماسك الجيش اللبناني وحياديته المؤسسية. إذ إنّ التحولات الديموغرافية التي أدّت إلى ازدياد نسبة التمثيل الشيعي في صفوفه، إلى جانب وجود علاقات قرابة بين بعض عناصره وأعضاء في حزب الله، تثير علامات استفهام حول احتمالية وجود تعاون غير معلن، أو تسرب للمعلومات، فضلًا عن النفوذ المتنامي للحزب داخل المؤسسة العسكرية. وهذا الواقع يُضعف الفرضية القائلة بإمكانية اعتماد الجيش كقوة موازنة فاعلة في مواجهة حزب الله.
سياسياً، يعمل الجيش ضمن توجيهات الحكومة اللبنانية، غير أن المشهد السياسي اللبناني يتّسم بتردد واضح في مواجهة حزب الله بشكل مباشر، حيث تميل النخب الحاكمة إلى اعتماد نهج الحوار والتسوية بدلاً من اتخاذ خطوات قد تؤدي إلى إشعال فتيل صراع داخلي.
ومن جانب آخر، تلعب قوة اليونيفيل دورًا داعمًا محوريًا، إذ أُنيط بها مساعدة الجيش اللبناني في استعادة السلم والأمن. وعقب وقف إطلاق النار الأخير، ساهمت اليونيفيل بنشاط في تسهيل إعادة انتشار الجيش اللبناني واستئناف الدوريات المشتركة على أجزاء من “الخط الأزرق”، مع التركيز على مهام مثل كشف الأنفاق، وتحديد مخازن الأسلحة، وإزالة الذخائر غير المنفجرة. إلا أن اليونيفيل تعمل في ظل قيود جوهرية، كثير منها يسبق النزاع الأخير.
لطالما وُجّهت انتقادات تاريخية إلى اليونيفيل لفشلها في منع التوسع العسكري الهائل لحزب الله جنوب نهر الليطاني خلال السنوات الثماني عشرة التي أعقبت اعتماد قرار مجلس الأمن رقم 1701. وقد قُيّدت قدرتها على الوصول الميداني مرارًا من قبل حزب الله، وأحيانًا – وفق تقارير – من قبل الجيش اللبناني نفسه، ما يُلقي بظلال من الشك على فعالية دورها في احتواء أنشطة الحزب.
أما التحديات الحالية، فتشمل استمرار وجود القوات الإسرائيلية الذي يعيق الانتشار الكامل للجيش اللبناني وقوات اليونيفيل في بعض المناطق، إلى جانب مشكلات متواصلة تتعلق بحرية الحركة. والأهم من ذلك، أن فاعلية اليونيفيل ترتبط ارتباطاً وثيقاً بقدرة الجيش اللبناني واستعداده للتحرك. وبالنظر عن القيود الموثقة التي يعاني منها الجيش – سواء من جهة الموارد، أو التأثيرات السياسية، أو اعتماده العملياتي على موافقة حزب الله – فإن قدرة اليونيفيل على التحقق بشكل مستقل من نزع السلاح أو منع الأنشطة السرّية لحزب الله تظل محدودة للغاية.
يفرز هذا الواقع ديناميةً يُطلق عليها غالبًا “الضعف المتبادل”: حيث لا تستطيع أي من القوتين (اليونيفيل والجيش اللبناني) تنفيذ البنود الأمنية الجوهرية للقرار الأممي ضد حزب الله بشكل فعال دون الأخرى، لكنهما معًا مقيدتان بالواقع السياسي والنفوذ المتجذر للحزب. وبينما تواصل اليونيفيل أداء دورها الحيوي في الرصد والتنسيق، فإنها لا يمكن أن تحل محل دولة وجيش لبنانيين قادرين وراغبين في فرض السيادة الكاملة والتحكم في المنطقة الواقعة جنوب نهر الليطاني.
تُفسَّر التطورات في جنوب لبنان، ولا سيما تسليم المواقع وانتشار الجيش اللبناني، من خلال منظورات متباينة جذريًا من قبل الأطراف الفاعلة المعنية. وتعكس هذه الرؤى المتباينة الانقسامات السياسية والطائفية العميقة داخل لبنان، فضلًا عن تضارب المصالح الإقليمية، مما يخلق واقعًا معقدًا ومتنازعًا عليه على الأرض.
من منظور حزب الله، فإن خطوات مثل التسليم الجزئي للمواقع يُنظر إليها على أنها تنفيذ تكتيكي لالتزامات وقف إطلاق النار تحت الضغط، مع الحفاظ الاستراتيجي في الوقت نفسه على القوة العسكرية الأساسية (ربما شمال نهر الليطاني أو في منشآت تحت الأرض)، ويستمر الحزب في التذرع بما يعتبره انتهاكات إسرائيلية مستمرة (مثل احتلال نقاط استراتيجية وانتهاكات للمجال الجوي) لتبرير الإبقاء على سلاحه وتأجيل نزع السلاح الكامل. وغالبًا ما يسعى هذا الخطاب إلى دمج الجيش اللبناني ضمن إطار “المقاومة” القائمة، من خلال صيغة “الجيش والشعب والمقاومة”، مُصوّرًا دور الجيش كدور مكمل لا بديل. وعلى الرغم من الدمار الذي خلّفته المواجهة الأخيرة، تشير استطلاعات الرأي إلى وجود مستويات عالية من الثقة في أوساط الطائفة الشيعية، وإن كان من المحتمل بروز حالة من السخط مستقبلًا في حال فشل عمليات إعادة الإعمار.
أما الفصائل المناهضة لحزب الله، وعلى رأسها حزب القوات اللبنانية، فتنظر إلى هذه التطورات بعين الريبة الشديدة. وتعتبر أن تسليم المواقع غير كافٍ، وتطالب بنزع سلاح حزب الله بالكامل وفرض احتكار الدولة الكامل لاستخدام القوة. كما تمارس هذه القوى ضغوطًا على الحكومة والجيش اللبناني لاتخاذ إجراءات حاسمة ضد ما تبقّى من وجود عسكري لحزب الله، وتُسقِط الروايات المتداولة عن نزع السلاح باعتبارها تفتقر إلى المصداقية وتهدف في الغالب إلى إدارة الانطباعات لا أكثر.
تشدد الحكومة اللبنانية على التزامها بتوسيع نطاق سيادة الدولة ودعم انتشار الجيش اللبناني بما يتماشى مع الاتفاقيات الدولية، لا سيما قرار مجلس الأمن رقم 1701. ومع ذلك، يؤكد القادة اللبنانيون أن معالجة مسألة سلاح حزب الله تتطلب حوارًا وطنيًا وتوافقًا داخليًا، ويستبعدون صراحةً أي مواجهة عسكرية نظرًا للمخاطر العالية التي قد تفضي إلى نزاع داخلي. ويعكس هذا النهج محاولة لإظهار التزام الدولة بالامتثال للمعايير الدولية، بالتوازي مع مراعاة التوازنات والحساسيات السياسية الداخلية الدقيقة.
لا يزال الرأي العام اللبناني منقسمًا بشكل حاد على أسس طائفية. ففي حين يستمر دعم الطائفة الشيعية لحزب الله على نطاق واسع، تُظهر الطوائف السنية والمسيحية مستويات منخفضة من الثقة بالحزب، وتميل إلى إعطاء الأولوية للإصلاحات السياسية والاقتصادية الداخلية بدلًا من الانخراط في صراعات إقليمية. ويسود شعور عام بالخوف من أن تؤدي أي مواجهة مباشرة مع حزب الله إلى تفجير نزاع داخلي، وهو ما يزيد من تعقيد اتخاذ القرار السياسي ويحد من قدرة الدولة على تبني مواقف حاسمة.
يعرب المسؤولون الإسرائيليون عن شكوك عميقة إزاء قدرة الجيش اللبناني أو رغبته في منع حزب الله من إعادة التسلح أو النشاط جنوبًا، مستشهدين بسوابق من “التقاعس التاريخي”. ويعتبرون الانتشار الحالي للجيش اللبناني غير كافٍ، ويبررون استمرار التواجد العسكري الإسرائيلي في مناطق معينة، بالإضافة إلى مواصلة تنفيذ عمليات عسكرية ضد أهداف يُشتبه في ارتباطها بحزب الله، استنادًا إلى ما يعتبرونه فشلًا للدولة اللبنانية. وتصر إسرائيل على الاحتفاظ بحقها في اتخاذ إجراءات عسكرية أحادية الجانب ضد أي تهديد مصدره لبنان، مستندة في ذلك إلى سوابق تراكمت خلالها قدرات حزب الله العسكرية في ظل رقابة غير فاعلة من قبل كل من الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل.
يُعرب كلٌّ من الولايات المتحدة وشركائها الدوليين علنًا عن دعمهم لانتشار الجيش اللبناني وإعادة بسط سيادة الدولة اللبنانية. ويقدمون مساعدات مالية وتقنية كبيرة لتعزيز قدرات الجيش، باعتباره، رغم محدوديته، المؤسسة الرسمية الأكثر قابلية للعب دور موازن محتمل لنفوذ حزب الله. وفي المقابل، تمارس هذه الدول ضغوطًا دبلوماسية على الحكومة اللبنانية من أجل التطبيق الكامل لشروط وقف إطلاق النار، بما في ذلك نزع سلاح الميليشيات. وتؤدي الولايات المتحدة، إلى جانب فرنسا، دورًا محوريًا في مراقبة تنفيذ التفاهمات الميدانية والاتفاقات ذات الصلة.
تبرز من خلال هذا التباين في التصورات عملية موازنة دقيقة وحساسة. فحزب الله يسعى إلى إظهار مستوى من الامتثال يُسهّل تدفق مساعدات إعادة الإعمار إلى قاعدته الشعبية، لكنه في الوقت نفسه حريص على الحفاظ على صورته كقوة “مقاومة” فعّالة وقادرة على الردع. أما الحكومة اللبنانية والجيش اللبناني، فيواجهان ضغوطًا لإظهار تقدم ملموس في بسط سلطة الدولة، سواءً لإرضاء الشركاء الدوليين أو لتقليل حدة النقد المحلي، مع تجنّب أي خطوة قد تثير صدامًا مباشرًا مع حزب الله. ويُنتج هذا التشابك المعقّد من مطالب الشرعية المتعارضة واقعًا يعوق اتخاذ قرارات حاسمة، ويُفضي إلى تبني سياسات تتسم بالغموض، واتخاذ خطوات تدريجية، والحفاظ على وضع راهن هشّ ومتنازع عليه في جنوب لبنان.
تشير اللبننة إلى عملية تحول تدريجية لحزب الله من كيان هجين يتمتع بجناح عسكري مستقل ونافذ، إلى حزب سياسي تقليدي يعمل في إطار الدولة اللبنانية ومؤسساتها. وقد تتضمن هذه العملية تقليصًا كبيرًا لدوره العسكري، ما قد يؤدي في نهاية المطاف إلى دمج أو تفكيك قواته المسلحة المستقلة تدريجيًا. ويُعد مدى احتمال حدوث هذا التحول من أبرز الأسئلة التي تكتنف مستقبل حزب الله في المرحلة المقبلة.
ثمة مجموعة من العوامل قد تُمهّد لهذا المسار. فقد أدت نتائج صراع عام 2024، إلى جانب انهيار نظام بشار الأسد، إلى إضعاف الوضع العسكري والسياسي للحزب، ما قلل من قدرته على فرض شروطه بشكل أحادي. كما أن الحاجة الملحة لتلقي مساعدات إعادة الإعمار الدولية، التي لا يمكن الحصول عليها إلا من خلال مؤسسات الدولة اللبنانية، تمنح الحكومة اللبنانية والداعمين الدوليين ورقة ضغط مهمة للمطالبة بتنازلات ملموسة من الحزب. ويُضاف إلى ذلك وصول قائد الجيش السابق، جوزيف عون، إلى سدة الرئاسة، وهو شخصية تُعرف بالتزامها بإعادة بسط سلطة الدولة، ولو عبر الحوار، فضلًا عن الضغوط السياسية المتزايدة من مجموعة الدول الخماسية (الولايات المتحدة، فرنسا، السعودية، قطر، ومصر)، التي تدفع نحو إحداث تغيير جوهري في البنية الأمنية والسياسية اللبنانية.
وعلى المستوى الشعبي، قد يسهم تحوّل الأولويات داخل المجتمع الشيعي نحو الاستقرار الاقتصادي في تقليص التأييد الشعبي لفكرة استمرار امتلاك قوة عسكرية مستقلة ضخمة. وتشير تقارير متداولة إلى أن حزب الله بات يدرك الحاجة إلى التكيّف مع الواقع الجديد، والاستثمار في ترميم مؤسسات الدولة، وهو ما قد يعبّد الطريق مستقبلاً أمام تسليم سلاحه تدريجيًا لتفادي المزيد من الدمار.
ومع ذلك، فإن العقبات التي تعترض هذا المسار لا تزال كبيرة. فالعقيدة الأساسية التي يرتكز عليها حزب الله ما زالت متجذّرة في منطق “المقاومة”، إلى جانب ارتباطه العقائدي والهيكلي العميق بمبدأ ولاية الفقيه في إيران. وقد رفض الحزب مرارًا مسألة نزع سلاحه بشكل غير مشروط، معتبرًا ذلك مرتبطًا بسلوك إسرائيل وممارساتها في المنطقة. كما يحتفظ الحزب بنفوذ مؤسسي عميق داخل الدولة اللبنانية، سواء من خلال أعضائه المباشرين أو حلفائه السياسيين، ما يتيح له القدرة على التأثير في آليات اتخاذ القرار أو حتى تعطيلها عند الحاجة. يُضاف إلى ذلك، أن بعض التيارات المتشددة داخل الحزب تنظر إلى القدرة العسكرية للحزب كعنصر غير قابل للتفاوض.
ترتبط الاستراتيجية السياسية لحزب الله ارتباطًا وثيقًا بالنظام السياسي الطائفي المتجذر في لبنان، الذي يوزّع السلطة والنفوذ بين الطوائف الدينية الرئيسية في البلاد. فعلى مدى العقود الماضية، رسّخ الحزب نفسه كممثل مهيمن للطائفة الشيعية، مستندًا إلى تحالفات محورية، أبرزها مع التيار الوطني الحر بقيادة الرئيس السابق ميشال عون، وذلك ضمن إطار قوى 8 آذار. وعلى الرغم من أن المتغيرات الأخيرة، بما في ذلك تراجع مكانة الحزب بفعل الحرب وتطورات إقليمية ودولية ضاغطة، قد تدفعه إلى البحث عن تحالفات تكتيكية أوسع للحفاظ على حضوره السياسي، إلا أن الابتعاد الجذري عن القاعدة الشيعية يبقى احتمالاً ضعيفًا. فشرعية حزب الله ومصادر قوته الانتخابية وقدرته على الحشد والتعبئة لا تزال مستمدة إلى حد كبير من دوره المتصوَّر كحامٍ للطائفة الشيعية، ومزوّد رئيسي للخدمات في مناطق نفوذه. علاوة على ذلك، فإن بنية النظام السياسي اللبناني نفسها تُشجع على الاستقطاب الطائفي، وتمنح مكافآت سياسية على أساس التمثيل الطائفي لا الوطني. وقد أثبت حزب الله قدرة بارعة على التكيّف مع هذا النظام بل واستثماره، من خلال تعزيز حضوره في وزارات أساسية مثل الصحة والمالية، واستخدامها كأدوات لخدمة أهدافه السياسية وتلبية احتياجات قاعدته الشعبية.
لذا، وعلى الرغم من التحديات المتزايدة، من المرجح أن يظل المسار السياسي المستقبلي للحزب مرتهنًا بحسابات طائفية دقيقة، وتحالفات ثابتة – وعلى رأسها العلاقة الاستراتيجية مع حركة أمل – فضلاً عن التفاعلات المستجدة مع خصوم سياسيين محتملين، خصوصًا في حال عودة القوى السنية إلى المشهد السياسي بزخم أكبر. مع ذلك، تُشير التطورات الأخيرة إلى إمكانية حدوث تحوّل في الحسابات السياسية لحزب الله. فقد أسفرت الانتخابات البرلمانية لعام 2022 عن خسارة تحالف قوى 8 آذار للأغلبية النيابية، ما قلّص من قدرة الحزب على لعب دور صانع الملوك في تشكيل الحكومات أو تعطيل القرارات المناهضة له كما كان يفعل سابقًا.
وقد فاقمت الحرب الأخيرة وانتخاب الرئيس الجديد جوزيف عون من اختبار قدرة الحزب على فرض إرادته السياسية كما في السابق. في ظل هذا الواقع المتبدّل، قد يجد حزب الله نفسه مضطرًا لإعادة النظر في استراتيجياته الانتخابية وبناء التحالفات. يتمثل أحد السيناريوهات المحتملة في اعتماد نهج أكثر براغماتية، يسعى من خلاله إلى بناء تحالفات أوسع، وربما أقل تشددًا من الناحية الأيديولوجية، بهدف الحفاظ على نفوذه وحماية مصالحه في بيئة سياسية قد تميل أكثر نحو تعزيز دور مؤسسات الدولة. أما السيناريو الآخر، فقد يقوم على الانكفاء داخل القاعدة الشيعية، وتكثيف التنسيق والتماهي مع حليفه التقليدي حركة أمل بقيادة نبيه بري. وقد يتخذ هذا المسار طابعًا أكثر تصعيدًا، من خلال لعب دور معرقل أو معارض داخل النظام السياسي، لا سيما إذا شعر الحزب بأن “الخطوط الحمراء” التي يضعها قد تم تجاوزها. وسيكون للمسار الذي سيختاره حزب الله في هذه المرحلة تأثير عميق على توازنات المشهد السياسي اللبناني خلال السنوات المقبلة.
تظل طبيعة العلاقة المستقبلية بين حزب الله والدولة اللبنانية، ولا سيما مؤسستها العسكرية الرسمية المتمثلة في الجيش اللبناني، مسألة غامضة ومهمة في آنٍ معًا. إذ إن التقارير التي تشير إلى تسليم بعض المواقع العسكرية جنوب نهر الليطاني لا يبدو أنها تعبّر عن استعداد حقيقي من جانب الحزب لدمج جهازه الأمني ضمن هيكل الدولة الرسمي. وتشير الأدلة المتوفرة بقوة إلى أن حزب الله يحتفظ بقدرات عسكرية موازية ومتميزة، تمارس نشاطها شمال الليطاني، مع ترجيحات بوجود أصول عسكرية مخفية لا تزال في الجنوب.
وسبق أن أعلن الرئيس جوزيف عون التزامه العلني بمبدأ احتكار الدولة لاستخدام القوة. إلا أن وسيلته المفضلة لتحقيق هذا الهدف تعتمد على الحوار الوطني وبناء التوافق مع حزب الله، لا على المواجهة المباشرة. وقد يفضي هذا النهج إلى حوار وطني حول الأمن، يُمهد لتنظيم العلاقة بين الجيش اللبناني والجناح المسلح لحزب الله من خلال تحديد الأدوار والمسؤوليات، بدلاً من السعي إلى نزع السلاح الفوري. كما عبّر عون صراحة عن رفضه لتكرار النموذج العراقي، حيث جرى دمج الميليشيات المدعومة من إيران كوحدات منفصلة ضمن الجيش الوطني.
أما موقف حزب الله الحالي، والذي يشترط الانسحاب الإسرائيلي المسبق كشرط للدخول في مفاوضات، فيشير إلى أن الحزب من غير المرجّح أن يقبل الخضوع لقيادة الدولة في المستقبل القريب، وسيُصر على الحفاظ على استقلالية نشاطاته ضمن إطار “المقاومة”.
ويبقى عامل التعقيد الرئيسي متمثلًا في نفوذ حزب الله داخل الجيش اللبناني نفسه. فظاهرة “تشّييع” المؤسسة العسكرية، ووجود أفراد متعاونين داخلها، تثير تساؤلات جدية حول قدرة الجيش اللبناني على أداء دوره كقوة مستقلة ومحايدة قادرة على فرض السيطرة على حزب الله، حتى لو أُعطي التفويض السياسي بذلك. وهذا الواقع الداخلي يجعل من مسألة الاندماج الحقيقي أمرًا إشكاليًا، وقد يعزز الإبقاء على الهياكل الموازية بدلاً من تفكيكها.
خلاصة القول، إن مستقبل حزب الله في لبنان ليس أمرًا محسومًا سلفًا. فبينما يُعد تسليم المواقع — وإن كان افتراضياً —فإن المسار الذي سيتبعه حزب الله في المرحلة المقبلة سيتشكل من خلال تفاعل معقد لجملة من العوامل. يواجه الحزب ضغوطاً لا يمكن إنكارها، ناجمة عن الأزمة الاجتماعية والاقتصادية غير المسبوقة في لبنان، وعن مشهد سياسي داخلي قد يشهد تغيرات بعد انتهاء الولاية الرئاسية، فضلاً عن البيئة الإقليمية شديدة الاضطراب. وقد تفرض هذه الضغوط على الحزب التكيف، بما قد يدفعه نحو تركيز أكبر على الحكم الداخلي والأدوار الاقتصادية والاجتماعية، وإعادة صياغة عقيدته العسكرية باتجاه الردع عن بعد بدلاً من الوجود العسكري العلني على الحدود.
ومع ذلك، فإن الالتزام الأيديولوجي الجوهري لحزب الله بفكرة “المقاومة”، وبنيته العسكرية والسياسية المتشابكة، وقاعدته الاجتماعية القوية، ودوره المحوري ضمن شبكة النفوذ الإقليمية لإيران — جميعها تُشكل قوى دافعة قوية تُعيق أي تحول جذري، لا سيما فيما يتعلق بحل جناحه العسكري أو خضوعه الكامل للدولة اللبنانية.
يبدو أن تحقيق “لبننة” كاملة لحزب الله أمر غير مرجّح في غياب تحولات جذرية على الصعيدين الداخلي والخارجي. وبالمثل، فرغم وجود ضغوط داخلية، فإن احتمال تفكك الحزب يظل ضعيفاً ما لم يقترن ذلك بأزمات قيادية كبرى أو بانهيار كارثي في بنيته الداعمة. وعلى الأرجح، فإن المسار الأقرب في المدى المنظور هو الاستمرار في النموذج الهجين: حيث يعمد حزب الله إلى التكيف على الصعيدين التكتيكي وربما الخطابي، مع تعزيز تركيزه على القضايا الداخلية من أجل الحفاظ على شرعيته في خضم الأزمة، بينما يحرص في الوقت ذاته على الإبقاء على قوته العسكرية الجوهرية ومحوره الإقليمي الاستراتيجي. ومن ثم، فإن مفهوم “حزب الله 2.0” لا يعني بالضرورة قطيعة جذرية، بل يمثل تطوراً استراتيجياً يهدف إلى التكيف مع واقع جديد معقد، مع الحفاظ على مصادر القوة والنفوذ الأساسية التي يمتلكها الحزب داخل لبنان وفي الإقليم الأوسع. وسيعتمد الشكل الذي سيتخذه الحزب ووظيفته المستقبلية إلى حد بعيد على مدى قدرته على إدارة هذه الضغوط المتعارضة بفعالية، وهو ما ستكون له تداعيات عميقة على استقرار لبنان والمنطقة ككل.
“Containing Domestic Tensions in War-hit Lebanon.” 2025. International Crisis Group. February 7, 2025. Accessed April 28, 2025. https://www.crisisgroup.org/middle-east-north-africa/east-mediterranean-mena/lebanon/b094-containing-domestic-tensions
“Institute for the Study of War.” 2024. Institute for the Study of War. October 28, 2024. Accessed April 24, 2025. https://www.understandingwar.org/backgrounder/hezbollah%E2%80%99s-military-forces-are-failing-lebanon
“UNIFIL and Lebanese Army resume patrolling together along Blue Line.” 2025. United Nations Peacekeeping. April 17, 2025. Accessed April 27, 2025. https://peacekeeping.un.org/en/unifil-and-lebanese-army-resume-patrolling-together-along-blue-line
Blanford, Nicholas. 2022. “Lebanon: The Shiite Dimension.” Wilson Center. July 13, 2022. Accessed April 25, 2025. https://www.wilsoncenter.org/article/lebanon-the-shiite-dimension
Carter, Brian. 2024. “Israel’s Victory in Lebanon.” American Enterprise Institute. December 2, 2024. Accessed April 28, 2025. https://www.aei.org/articles/israels-victory-in-lebanon/
Fawaz, Yassin. 2025. “The End of Hezbollah?” The Arab Weekly, February 26, 2025. https://thearabweekly.com/end-hezbollah
Ghaddar, Hanin. 2024. “Hezbollah Post October 7—Beaten but Still Dangerous.” The Washington Institute. December 10, 2024. Accessed April 27, 2025. https://www.washingtoninstitute.org/policy-analysis/hezbollah-post-october-7-beaten-still-dangerous
James, Laura. 2025. “Oxford Analytica Lebanon’s president prioritises recovery and reforms.” Oxford Analytica. January 14, 2025. Accessed April 29, 2025. https://www.oxan.com/insights/lebanons-president-prioritises-recovery-and-reforms/
KARAM, PATRICIA. 2025. “Lebanon’s Post-Hezbollah ‘Day After.’” Arab Center Washington DC. January 7, 2025. Accessed April 27, 2025. https://arabcenterdc.org/resource/lebanons-post-hezbollah-day-after/
Khatib, Lina. 2021. “How Hezbollah Holds Sway Over the Lebanese State.” Chatham House. June 30, 2021. Accessed April 27, 2025. https://www.chathamhouse.org/2021/06/how-hezbollah-holds-sway-over-lebanese-state/02-influence-through-state-institutions
Mroue, Bassem. 2025. “Hezbollah Says It Won’t Hand Over Weapons While Israeli Troops Remain in Southern Lebanon” AP News. April 19, 2025. Accessed April 29, 2025. https://apnews.com/article/lebanon-hezbollah-weapons-israel-3c43dda33a8fc795b491bc8976c17113
Panikoff, Jonathan. 2024. “After Nasrallah, Three Quandaries Shape the Future of the War—and the Middle East – Atlantic Council.” Atlantic Council. September 29, 2024. Accessed April 27, 2025. https://www.atlanticcouncil.org/blogs/new-atlanticist/after-nasrallah-three-quandaries-shape-the-future-of-the-war-and-the-middle-east/
Shaker, Romany. 2025. “Hezbollah’s Post-October 7 Strategy: Avoiding yet Preparing for War.” Hudson Institute. February 22, 2025. Accessed April 29, 2025. https://www.hudson.org/hezbollahs-post-october-7-strategy-avoiding-yet-preparing-war-romany-shaker
The Arab Weekly. 2025. “Hezbollah Said to Have Ceded Most Military Sites to Army in South Lebanon,” April 14, 2025. https://www.thearabweekly.com/hezbollah-said-have-ceded-most-military-sites-army-south-lebanon
Young, Michael. 2024. “Lebanon’s Future in a Handful of Words.” Carnegie Endowment for International Peace. December 17, 2024. Accessed April 26, 2025. https://carnegieendowment.org/middle-east/diwan/2024/12/lebanons-future-in-a-handful-of-words?lang=en
Young, Michael. 2025. “Hezbollah Tries a Comeback.” Carnegie Endowment for International Peace. January 27, 2025. Accessed April 26, 2025. https://carnegieendowment.org/middle-east/diwan/2025/01/hezbollah-tries-making-a-comeback?lang=en
Young, Michael. 2025. “Lebanon’s Inescapable Realities.” Carnegie Endowment for International Peace. January 8, 2025. Accessed April 27, 2025. https://carnegieendowment.org/middle-east/diwan/2025/01/lebanons-inescapable-realities?lang=en
تعليقات