كتب بواسطة

شهد الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الإيراني إبراهيم رئيسي -عبر تقنية الفيديو المُغلقة- في يوم ١٧ من مايو ٢٠٢٣، توقيع اتفاقية لتمويل وبناء وصلة سكة حديدية إيرانية – أذربية (1)كجزء من ممر تجاري أوسع يهدف لربط الموانئ الهندية على بحر العرب جنوبًا بالمُدن الروسية الرئيسية مرورًا بموسكو شمالًا، وصولًا إلى عواصم الشمال الشرقي الأوروبية في فنلندا، لاتفيا، إستونيا وبيلاروسيا، بما يخلق طريقًا بريًا بديلًا لقناة السويس.

إذ يُنظر إلى وصلة خط السكة الحديدية -محل الاتفاق الموقع- بين مدينة رشت في شمال إيران وأسترا في جنوب أذربيجان باعتباره أحد أهم وصلات الممر وأكثر عوائقه، وأخر عقبة في طريق إتمام الربط بين قارتي أسيا وأوروبا عبر إيران، بما يُفترض أن يُعزز من التبادل التجاري بين مجموعة دول جنوب ووسط أسيا، وخصوصًا: الهند، باكستان، إيران من جانب وروسيا من جانب آخر، ويُنشئ طريقًا أقصر وأسرع بين الشرق والغرب بعيدًا عن المضايق البحرية المُتعددة التي تضطر التجارة الدولية لعبورها للوصول بين الشمال والجنوب، بداية من هرمُز، وانتهاء بالبوسفور، لذلك يبحث هذا المقال في الجدوى الاقتصادية العامة للممر، ومدى قدرته على مُنافسة قناة السويس، وممر بحر الشمال.

ممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب:

ظهرت فكرة ممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب International North–South Transport Corridor (INSTC) في ١٦ سبتمبر ٢٠٠٠ عندما وقعت الهند وإيران وروسيا في مدينة سانت بطرسبرج اتفاقية لدراسة جدوى إنشاء ممر نقل متعدد الوسائط يربط بين الدول الثلاث، بهدف تسهيل التكامل التجاري والاقتصادي بين جنوب ووسط آسيا مع أوروبا، ثم في ١٦ مايو ٢٠٠٢ وقعت اتفاقية INSTC رسميًا من جانب وزراء خارجية الدول الثلاثة في طهران(2)، لتُنشئ مجلس تعاون بين الدول الثلاثة يلتقى سنويًا ليُشرف ويُتابع تطورات البناء، وقد وضعت الاتفاقية أساس بناء البنية التحتية للممر على أن تقوم كُل دولة بتحمل تكلفة المرافق الواقعة على أراضيها، وأخيرًا أتاحت انضمام دول أخرى وبناء عليه انضمت عدة دول إلى الاتفاقية بما في ذلك أرمينيا وأذربيجان وكازاخستان وتركيا وسوريا.

 

هذا وقد خططت الدراسة لأن يكون INSTC ممر نقل بطول ٧٢٠٠ كيلومتر يمتد من الساحل الغربي للهند إلى سانت بطرسبرج في روسيا، يضُم مُختلف وسائل النقل، بحيث يعتمد أساسًا على الخطوط التالية(3,4):

 

• ممر بحري بين الموانئ الهندية وخصوصًا مومباي وميناء بندر عباس الإيراني عبر بحر العرب.

 

• طرق برية وسكك حديدية عبر إيران تربط مينائي تشابهار وبندر عباس بطهران والحدود الإيرانية مع أذربيجان.

 

• شبكات سكك حديدية بمُحاذاة ساحل بحر قزوين تربط إيران وأذربيجان عبر مدينتي رشت الإيرانية وأسترا الأذربية(4).

 

• شبكات سكك حديدية وطُرق برية تربط بين أسترا وباكو عاصمة أذربيجان، ومنها إلى الأراضي الروسية بداية بمدينة محج قلعة في الجنوب الروسي، ثم فولج وجراد، سارا توف، موسكو، سانت بطرسبرج.

 

• وأخيرًا وصلات من موسكو وسانت بطرسبرج إلى المُدن الأوروبية هلسنكي، تالين، ريجا، فيلنيوس، ومينسك.

 

وتوضح الخريطة التالية مسار الممر، بداية من الهند، مرورًا بإيران وأذربيجان وانتهاء بروسيا والمُدن الأوروبية:

 

 

ويتضح من الخريطة أن العائق الأساسي في هذا الممر يكمُن في الخط الواقع بين إيران وأذربيجان لما بين الدولتين من نزاع عميق ومُتجدد، بالإضافة إلي عدم وجود جدوى اقتصادية كبيرة لإقامة خط السكة الحديد بدون هذا الممر، حيث تنخفض مُعدلات التنمية في المنطقة سواء شمال إيران أو جنوب أذربيجان.

خط رشت – أسترا:

ظهرت فكرة الربط السككي بين ريشت وأسترا لأول مرة في سيتنيات القرن الماضي خلال حكم الشاه محمد رضا بهلوي، وذلك كان بهدف تعزيز التجارة والربط بين إيران والاتحاد السوفيتي، لكن المشروع توقف بسبب التوترات الجيوسياسية بين إيران والاتحاد السوفيتي، والتي كان من بين أهمها، التنازع على النفوذ في الشرق الأوسط وأسيا الوسطى، بالإضافة إلى الخلاف الحدودي المُستمر على ترسيم الحدود في بحر قزوين والتي يمر الخط في نطاقها، مما صعب عملية مده في ذلك الوقت.

 

اعيد مع انهيار الاتحاد السوفيتي اقتراح الخط في مُنتصف تسعينيات القرن الماضي، لكن الخلافات الجغرافية التي ورثتها أذربيجان من الاتحاد السوفيتي ظلت تعوق تقدم بناءه، خصوصًا في ظل ارتفاعات التوترات بين الجانبين بسبب الأقلية الأذارية في إيران وتنامي مخاوفها من التدخلات الأذارية بعد حيازتها على استقلالها ووجد دولة أذارية، يُضاف إلى ذلك الانتماءات السياسية المُتعارضة تمامًا للدولتين، والعداء التاريخي بينهما، ما قلل بشدة احتمالية حدوث أي توافق بين الدولتين.

 

تحسنت العلاقات بين إيران وأذربيجان مع بدايات القرن العشرين، مما جدد المناقشات حول الخط من جديد، حتى توجت هذه المُناقشات في عام ٢٠٠٧، بتوقيع شركة سكك حديد جمهورية إيران الإسلامية (المعروفة بالاختصار الفارسي RAI) مذكرة تفاهم مع شركة السكك الحديدية الوطنية الأذربيجانية ADY لإجراء دراسة جدوى للخط المُقترح.

 

بموجب هذه المذكرة اتفقت الشركتان على تشكيل مجموعة عمل مشتركة لتنفيذ دراسات الجدوى الفنية والاقتصادية والبيئية للمشروع، لتحديد المسار الأمثل والتكاليف المقدرة وتوقعات حركة المرور وخيارات التمويل، ورغم مرور أكثر من ١٦ عامًا على الاتفاق ظل التقدم محدودًا وتوقف تمامًا بعد الحرب الأرمينية الأذارية في ٢٠٢٠ والتعاطف الإيراني مع الجانب الأرميني، ظل الوضع كذلك حتى أعلن الاتفاق محل النظر، والذي من المتوقع أن ينهي الخلافات بشأن التمويل ويتجاوز النزاعات الحدودية في ضوء المكاسب المُنتظرة من بناء الخط لجميع دوله.

الجدوى الاقتصادية للخط:

يُمكن قياس الجدوى الاقتصادية لممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب في ضوء مُتغيرين رئيسيين، وهما تكلفة بناء الخط، حجم التبادل التجاري القائم بين الدول الأربعة التي يمُر بها والقائم بين هذه المجموعة وأوروبا.

 

تكلفة بناء الخط:

لحساب تكلفة بناء الخط تجب بداية الإشارة إلى أنه لا توجد بنية تحتية مُخصصة حصرًا لتشييد هذا الخط لاعتماده على السكك الحديدية والطُرق الداخلية الموجودة والمُشيدة فعلًا محليًا داخل دوله، وبالتالي فإن بناء أية سكك حديدية داخلية كتلك التي بين بندر-عباس وطهران، أو حتى بين أسترا وباكو تُعتبر خارج التكلفة الفعلية، حيث تخدم أغراض محلية قبل انطلاق الخط وبعد اتمامه، ومن ثم تتلخص التكلفة في وصلة رشت-أسترا والتي تُعتبر الوحيدة التي ستُشيد خصيصًا لغرض إتمام الخط والربط التجاري بين الدول الأربعة.

 

وفي هذا الصدد لا توجد حتى وقت كتابة هذا المقال تقديرات رسمية للتكلفة الإجمالية لهذه الوصلة، ومع ذلك، فإنه يُمكن تقدير التكلفة التشييد بناء على الطول التقريبي لخط السكة الحديد المقترح وتكاليف مشاريع مماثلة في المنطقة، كالتالي:

 

• يتراوح طول السكة الحديدية الواصلة المقترحة بين المدينتين بين ٢٥٠ إلى ٣٠٠ كيلومتر، فيما تبلغ متوسط تكلفة تشييد خطوط السكك الحديدية القياسية في إيران ما بين ١٠ إلى ١٥ مليون دولار للكيلومتر الواحد.

 

• بتطبيق هذا التقدير على الوصلة فإن التكلفة الإجمالية ستتراوح بين ٢.٥ و٤.٥ مليار دولار، إلا أن التكاليف قد ترتفع في ضوء التضاريس الجبلية التي ستجتازها السكة الحديدية في بعض الأجزاء، وهنا تختلف التكلفة كُليًا، بسبب التكاليف الإضافية لتمهيد الأرض ومد البنية التحتية للمشروع.

 

• حيث تجاوزت تكلفة سكة حديد باكو – تبيليسي – كارس، وهي خط سكة حديد بطول ٢٧٦ كيلومتر يربط بين عواصم أذربيجان وجورجيا وتركيا، في القسم الأذربي منها والذي يمتد من باكو إلى الحدود الجورجية أكثر من ٤٠٠ مليون دولار أو حوالي ٦٠ مليون دولار للكيلومتر الواحد.

 

• وبتقدير متوسط التكلفة الإجمالية لخط رشت- أسترا عند نصف التقدير السابق بنحو ٢٠: ٢٥ مليون دولار للكيلومتر الواحد، فإن إجمالي تكاليف التشييد قد تصل إلى ما بين ٥: ٧.٥ مليار دولار، وذلك دون اعتداد بما سيتطلبه المشروع من استثمارات لبناء بنية تحتية متصلة على جانبي الحدود، بما في ذلك مرافق العبور وتقاطعات السكك الحديدية، وخطوط كهرباء، ومرافق مياه وخلافه لهذه المرافق.

 

في ضوء ذلك التقدير، تبدو تكلفة المشروع إذن عملاقة، وفي حالة عدم ميل روسيا وإيران إلى التمويل الذاتي للمشروع، فإن التكلفة سترتفع للغاية بسبب ارتفاع تكاليف الاقتراض ذاته في ظل بيئة التمويل العالمي التي تُسيطر عليها أسعار الفائدة المُرتفعة، وما يواجه الدولتين من عقوبات اقتصادية تُصعب وصولهما للتمويل الدولي، بالإضافة إلى الانخفاضات المتوالية التي أتت على التصنيف الائتماني الروسي في ظل الحرب، وتوقف لحظيًا عن السداد خلال عام ٢٠٢٢.

 

إلا أنه كذلك لا يجب إغفال قدرات التمويل الذاتي للدولتين وخصوصًا روسيا، التي تتراكم لديها فوائض ضخمة إثر الفورة النفطية الحالية، وعدم قدرة روسيا على استخدام هذه الوفورات في الأسواق الدولية بسبب العقوبات، الأمر الذي يرفع من دوافع التمويل الذاتي الروسي، لمشاريع طويلة الأمد كالمشروع الماثل.

التبادل التجاري بين الدول الأربعة وأوروبا:

يبدو التبادل التجاري بين الدول الأربعة مُنخفضًا للغاية في المُطلق أو نسبة إلى حجم تجارة كُلًا منهم الكُلية، فباستثناء الهند وروسيا تنخفض حجم التجارة بين أيًا منهما عن ١٠ مليارات دولار في عام ٢٠٢١، وحتى مع إضافة الهند وروسيا كدولتي بداية ونهاية للممر فإن إجمالي عمليات التبادل في جلال الاتجاهين تبقي أقل من ٥٠ مليار دولار سنويًا، وهو حجم مُنخفض للغاية لا يُمكن أن يكون معه الممر ذا جدوى اقتصادية، يوضح الجدول التالي توزيع التجارة البينية لدول الخط(7):

 

وتؤكد البيانات على حقيقة أن التبادل التجاري بين الدول الأربعة عند مُعدلاته الحالية لا يصلح ليكون ذا جدوى اقتصادية تُشغل هذا الخط ذا التكلفة الضخمة في حالة حصر التعامل بين دوله فقط، لكن ذلك يتغير بشكل كبير عند إضافة أوروبا إلى المُعادلة إذا يرتفع التبادل إلى نحو ٦٠٠ مليار دولار سنويًا في كلا الاتجاهين خصوصًا بين الهند وأوروبا، والذي يبلغ نحو ١٧٠ مليار دولار ستمر في كامل دول الخط ومراحله، مع مُلاحظة التالي:

 

• التبادل التجاري بين روسيا وأوروبا يكمن في جزء كبير منه في عمليات نقل النفط والغاز، والتي لا يُمكن نقلها أو ترتفع بشدة تكلفة نقلها عبر السكك الحديدية مُقارنة بنقلها عبر ناقلات النفط البحرية.

 

• هذه الكميات ستتراجع في المديين المتوسط والقصير، وذلك بسبب توتر العلاقات السياسية وتصاعد وتيرة العقوبات على الاقتصاد الروسي، والعقوبات العكسية التي تفرضها روسيا ردًا عليها بما قد يطال في النهاية حتى السلع الزراعية، ومُدخلات الإنتاج بعيدًا عن سلع الطاقة.

 

• كذلك فإن روسيا ترتبط فعليًا بعدد كبير من السكك الحديدية مع أوروبا، أهمها:

 

– سكة حديد كاريليان، حيث تمتد خطوطها من سانت بطرسبرغ ومورمانسك إلى فنلندا.

 

– سكك حديدية دول البلطيق – إستونيا ولاتفيا وليتواني، والتي تبدأ من سانت بطرسبرغ وبسكوف وفيبورج.

 

– ترتبط روسيا ببولندا وأوروبا الشرقية عبر بيلاروسيا، عبر سكك حديد من سمولينسك وبريست ومدن روسية أخرى إلى بولندا وأوكرانيا وسلوفاكيا.

 

• بالتالي سيقتصر الدور الرئيسي للخط في بدايته على نقل البضائع أساسًا بين أوروبا والهند بقيمة تُلامس تقريبًا ٢٠٠ مليار دولار.

 

3. المُنافسة مع الطُرق البديلة:

 

يتنافس الطريق في الوقت الحالي مع طريقين بحريين رئيسيين قائمين فعلًا وهما قناة السويس، ممر بحر الشمال، بالإضافة إلى الممر البري الأوراسي Eurasian Land Bridge بالإضافة إلى مجموعة أخرى من الطُرق تحت التخطيط أهمها على الإطلاق طريقي الحرير البري والبحري، لكن النقاش هنا سينصب على قناة السويس، وممر بحر الشمال، لاعتماد دول الممر عليهما أساسًا بخلاف الممر الأوروبي الأوراسي الذي يستهدف الصين بشكل أكبر، توضح الخريطة التالية الممرات الثلاثة إلى أوروبا:

 

 

ممر بحر الشمال:

يُقدم ممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب ميزة تنافسية كبيرة مُقارنة بممر بحر الشمال من جانبي الوقت وتكلفة النقل، بينما يتفوق ممر بحر الشمال من حيث قُدرة النقل وكثافته، على الوجه التالي:

 

 

• وسائط النقل: يعتمد النقل في طريق بحر الشمال على السُفن وحدا، بينما تتعدد وسائط النقل في ممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب.

 

• وقت الشحن: يستغرق الشحن من الهند إلى أوروبا عبر المحيط القطبي الشمالي حوالي ٢٥: ٣٠ يومًا عن طريق البحر، فيما الطريق صالح للملاحة فقط لحوالي ثلاثة أو أربعة أشهر كل عام بسبب الجليد، فيما يستغرق وقت العبور خلال ممر النقل البري بين الشمال والجنوب، وقت العبور ما بين ١٦ إلى ٢٠ يومًا بمجرد تشغيله بالكامل، بما يعني توفيرًا محتملاً في الوقت يتراوح من ٥ إلى ١٥ يومًا مقارنة بطريق البحر الشمالي.

 

• تكاليف الشحن: تبلغ تكاليف النقل من الهند إلى أوروبا عبر ممر بحر الشمال مماثلة لطريق البحر حوالي ٢٥٠٠: ٣٠٠٠ دولار لكل حاوية مُكافئة ل ٢٠ قدم مُكعبة، فيما جرى تقدير التكاليف من خلال ممر النقل البري بين الشمال والجنوب مبدئيًا بما يتراوح ما بين ١٥٠٠: ٢٠٠٠ دولار، بما يُقدم وفرًا بنحو ٣٠-٤٠٪ أقل للحاوية الواحدة، ويرجع ذلك إلى انخفاض تكاليف وقود النقل البري ورسوم الموانئ.

 

• قدرة الشحن: تبحر سفن الحاويات الكبيرة وناقلات البضائع السائبة حاليًا عبر طريق بحر الشمال، وتحمل البضائع بين أوروبا وآسيا، وتصل قدرة السُفن التي يمكنها الإبحار في مياه القطب الشمالي إلى سعة تصل إلى ٦٠ ألف طن، بما يُعادل آلاف الحاويات المكافئة، أما حتى لو اعتمد ممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب على قطارات الحاويات المزدوجة عالية السعة عبر فسيكون من الصعب مُجاراة قدرة الشحن لسفينة واحدة، حيث يحمل القطار في الحد الأقصى نحو ١٢٠ حاوية، بما سيحتاج عشرات القطارات لنقل حمولة سفينة واحدة، لذلك فإنه من المحتمل أن تكون هناك حاجة لتوسيع نطاق البنية التحتية للسكك الحديدية ومرافق الموانئ وعمليات القطارات لكي يكون لـ INSTC فرصة للمُنافسة مع طريق بحر الشمال.

 

 طريق قناة السويس:

 

 

يستغرق الشحن من الهند إلى أوروبا ٣٠ إلى ٤٠ يومًا عن طريق البحر، بسبب تعدد محطات التحميل والتفريغ من السُفن، بما يعني وجود وفر لدى الممر بنحو ١٠ إلى ٢٠ يومًا مقارنة بطريق قناة السويس، لكن على الجانب الآخر، تستفيد السُفن بشكل أكبر من الطريق بسبب قدرتها على تحصيل رسوم أكبر، من إعادة تحميل الحاويات في موانئ مُختلفة.

 

كذلك تتراوح تكاليف النقل البحري بين الهند وأوروبا حاليًا ما بين ٢٥٠٠: إلى ٣٠٠٠دولار لكل حاوية مكافئة، لكامل الرحلة، مع احتمالية كبيرة للغاية لإعادة الحميل خلال الرحلة، بينما في INSTC تنخفض التكاليف بما يتراوح بين ٣٠ و٤٠٪ مع احتمال ضئيل للغاية لإعادة التحميل خلال الممر.
فيما يمكن للقناة استيعاب سفن الحاويات الكبيرة التي تبلغ حمولتا ما يزيد عن ٢٠ ألف حاوية مكافئة، وتصل الحمولة لبعض أكبر السفن التي تعبر القناة إلى ٢٤ ألف حاوية مكافئة، وتصل المتوسطات السنوية لعبور السُفن إلى نحو ١٩ ألف سفينة تمر عبر قناة السويس سنويًا، تحمل ما يربو على مليار طن من البضائع.

 

وبالتالي فإن القناة تبقى ذات تنافسية شديدة مع الممر، حيث ستحتاج السفينة ذات ال ٢٠ ألف حاوية إلى ١٦٦ قطار لنقل ذات القدر من الحاويات، مما يجعل الوفر الوقت المُستغرق لنقل مُجمل الحاويات أكبر بكثير من ذلك المُستغرق في رحلة قطار واحدة تحمل ١٢٠ حاوية، لذلك فإن الميزة التنافسية التي يُقدما الخط تبقى في قدرت على اختصار ٤٠٪ م الوقت المُستخدم في النقل عبر القناة، للبضائع سريعة التلف أو ذات القيمة العالية، وهذا بافتراض أن هذه الحاويات ستظل محمولة على القطار طوال فترة النقل من الهند إلى أوروبا والعكس، وهو أمر غير قائم حتى الآن.

 

خُلاصة القول إذن أن الظروف الدولية الحالية دفعت كُلًا من إيران وروسيا إلى الاتفاق لبناء وصلة رشت – أسترا التي عطلت ممر النقل الدولي بينا لشمال والجنوب مُنذ العام ٢٠٠٢، ليُقدم هذا الخط فرصة كبيرة لمزيد من الترابط التجاري بين البلدين بالإضافة إلى كُلًا من الهند وأذربيجان، لكن الخط لن يصل إلى استغلال إمكانياته الكامل إلا بعد أن توافق أوروبا على استخدامه في نقل البضائع من الدول الأربعة وإليها عبره، وهو ما يُفترض أن يُقدم بديلًا محدودًا لقناة السويس أو ممر بحر الشمال.

References

Russia and Iran sign rail deal for corridor intended to rival Suez Canal | Reuters [Internet]. [cited 2023 May 21]. Available from: https://www.reuters.com/world/russias-putin-irans-raisi-oversee-railway-deal-signing-2023-05-17/

 

Modi govt: INSTC to be operationalised mid-Jan 2018; game changer for India’s Eurasia policy – The Economic Times [Internet]. [cited 2023 May 21]. Available from:https://economictimes.indiatimes.com/news/economy/foreign-trade/instc-to-be-operationalised-mid-jan-2018-game-changer-for-indias-eurasia-policy/articleshow/61926321.cms?from=mdr

 

New INSTC Transport Corridor Reduces Russia’s Dependence On North Central Asian Transit – Russia Briefing News [Internet]. [cited 2023 Jul 19]. Available from: https://www.russia-briefing.com/news/new-instc-transport-corridor-reduces-russia-s-dependence-on-north-central-asian-transit.html/

 

INSTC: Iran-Russia mulls forming shipping firm that could complement INSTC – The Economic Times [Internet]. [cited 2023 Jul 19]. Available from: https://economictimes.indiatimes.com/news/international/world-news/iran-russia-mulls-forming-shipping-firm-that-could-complement-instc/articleshow/101834043.cms

 

Explained: What is Rasht-Astara Railway [Internet]. [cited 2023 Jul 19]. Available from: https://www.indiatimes.com/explainers/news/explained-what-is-rasht-astara-railway-603253.html

 

Iran’s Rasht-Astara Railway To Provide The Key Link In The INSTC – Silk Road Briefing [Internet]. [cited 2023 Jul 19]. Available from: https://www.silkroadbriefing.com/news/2022/01/31/irans-rasht-astara-railway-to-provide-the-key-link-in-the-instc/

 

Trade Map – List of products imported by Russian Federation [Internet]. [cited 2023 Jul 19]. Available from: https://www.trademap.org/Product_SelCountry_TS.aspx?nvpm=1%7c643%7c%7c%7c%7cTOTAL%7c%7c%7c2%7c1%7c1%7c1%7c2%7c1%7c1%7c1%7c1%7c1

 

The Northern Sea route: A gamechanger or a road to hegemony? | ORF [Internet]. [cited 2023 Jul 19]. Available from: https://www.orfonline.org/expert-speak/the-northern-sea-route/

 

The Future of the Northern Sea Route – A “Golden Waterway” or a Niche Trade Route | The Arctic Institute – Center for Circumpolar Security Studies [Internet]. [cited 2023 Jul 19]. Available from: https://www.thearcticinstitute.org/future-northern-sea-route-golden-waterway-niche/

 

SCA – Why Suez Canal? [Internet]. [cited 2023 Jul 19]. Available from: https://www.suezcanal.gov.eg/English/About/Pages/WhySuezCanal.aspx

 

SCA – Canal Characteristics [Internet]. [cited 2023 Jul 19]. Available from: https://www.suezcanal.gov.eg/English/About/SuezCanal/Pages/CanalCharacteristics.aspx

تعليقات

أكتب تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *