كتب بواسطة

في ظل تزايد وتيرة التصعيد بين إيران وإسرائيل خلال عام 2025، وتحوّل الهجمات المتبادلة إلى استهداف مباشر للمنشآت الحيوية والبنى التحتية السيادية، يبرز سيناريو استهداف مفاعل ديمونة النووي بوصفه أحد أكثر الاحتمالات خطورة من حيث النتائج السياسية والبيئية والأمنية. ورغم ما يُفترض من صعوبة تنفيذ مثل هذا الهجوم بفعل قوة المنظومة الدفاعية الإسرائيلية، إلا أن أي اختراق جزئي أو إصابة مباشرة لمنشآت المفاعل قد يُنتج حالة غير مسبوقة في تاريخ الصراعات الإقليمية، تتجاوز في آثارها الحدود السياسية والجغرافية للدول المنخرطة مباشرة في المواجهة.

 

تهدف هذه الورقة إلى تقديم تقدير موقف استشرافي من نوع "ماذا لو"، يُحلل الانعكاسات الإقليمية المحتملة في حال تعرّض منشأة ديمونة النووية لهجوم صاروخي فعّال يؤدي إلى تسرّب إشعاعي واسع النطاق. ويركّز التقدير على أربعة محاور جغرافية رئيسية: أولًا، التأثيرات المباشرة على إسرائيل، سواء من حيث الإصابات البشرية أو تدمير القطاعات الحيوية (الزراعة، المياه، السياحة) في النقب ومحيط القدس وتل أبيب؛ ثانيًا، الانعكاسات على الأردن، خاصة في منطقة الأغوار الشرقية، بما في ذلك خطر النزوح، وتلويث مصادر الغذاء والمياه؛ ثالثًا، التداعيات على مصر، تحديدًا في شمال سيناء وشريط قناة السويس، حيث تتهدّد حركة الملاحة الدولية والسياحة الساحلية؛ رابعًا، الأثر المحتمل على شمال السعودية، بما في ذلك مناطق مشروع نيوم، وخطوط النفط والبنية السكانية الحساسة.

 

في ضوء ذلك، لا تطرح هذه الورقة سيناريو تكتيكيًا معزولًا، بل تدقّ ناقوس الخطر حيال إمكانية دخول المنطقة في طور ما بعد الردع التقليدي، حيث لا تعود الحسابات العسكرية مقتصرة على نطاق الاشتباك بين دولتين، بل تمتد آثارها إلى إعادة تشكيل الخريطة السكانية والاقتصادية لدول بأكملها، وسط فراغ شبه كامل في آليات التنسيق الإقليمي لمواجهة الكوارث النووية غير التقليدية.

سيناريو الهجوم – محاولة إغراق الدفاعات الجوية الإسرائيلية

شهدت القدرات الصاروخية الإيرانية تراجعًا كبيرًا في أعقاب عملية “الأسد الصاعد”، وهي الحملة الإسرائيلية واسعة النطاق التي استهدفت منشآت التصنيع والتخزين والإطلاق داخل الأراضي الإيرانية. وتشير أحدث التقديرات الاستخباراتية حتى نهاية يونيو 2025 إلى تقلّص مخزون إيران من الصواريخ الباليستية من نحو 2000 صاروخ إلى أقل من 500 صاروخ استراتيجي فعّال. ورغم هذا الانخفاض الحاد، لا تزال إيران تحتفظ بإحدى أكثر الترسانات تنوعًا في المنطقة، تتضمن صواريخ باليستية، وصواريخ كروز متقدمة، وأنظمة فرط صوتية، بما يشمل الجيل الثاني من صواريخ “خرمشهر ٤”، وصواريخ “خيبر ٢” بعيدة المدى منخفضة الارتفاع لتفادي الرادارات.

 

وتُظهر البيانات التشغيلية الحديثة تراجع وتيرة الإطلاقات الصاروخية الإيرانية بنسبة 66٪ ببداية التصعيد، حيث انخفض عدد الصواريخ في الموجة الواحدة من 100–170 إلى نحو 25–33 صاروخًا فقط. لكن بالمقابل، زادت إيران من اعتمادها على الطائرات المسيّرة، واستخدمت تكتيك التوظيف المرحلي للقدرات المتبقية. ومن المرجّح أن تلجأ طهران إلى تنسيق عملياتي مع وكلائها الإقليميين—الحوثيين في اليمن، وحزب الله في لبنان—لتنفيذ هجوم مركّب مشترك يهدف إلى إغراق الدفاعات الجوية الإسرائيلية من عدة اتجاهات في وقت واحد.

 

ورغم الاستهداف الأميركي المكثف للحوثيين خلال عام 2025، حيث تم ضرب أكثر من 800 هدف وسقط أكثر من 650 قتيلًا بحلول أبريل، لا تزال الجماعة تحتفظ بمنصات إطلاق تغطي مدى 2000 كيلومتر، وقدرتها على استخدام صواريخ متطورة مثل “فلسطين 2” الفرط صوتي. ورغم أن العمليات الأميركية أدّت إلى انخفاض الهجمات الصاروخية الحوثية بنسبة 87٪، وهجمات الطائرات المسيّرة بنسبة 65٪، إلا أن الحوثيين لا يزالون قادرين على المشاركة في هجوم تشتيتي ضد إسرائيل، مع استخدام أنظمة إيرانية معدّلة يمكن أن تصل إلى العمق الإسرائيلي.

 

أما حزب الله، فقد تكبّد خسائر فادحة نتيجة الضربات الجوية الإسرائيلية خلال عامي 2024 و2025، حيث تم تدمير معظم منشآت إنتاج الصواريخ الدقيقة، بحسب ما أفادت به مصادر استخباراتية إسرائيلية، كما قُتل عدد من قياداته المحورية، بمن فيهم فؤاد شكر، المسؤول عن برنامج الصواريخ الدقيقة، وأمينه العام حسن نصر الله. هذه الضربات أدت إلى إرباك كبير في الهيكل القيادي للمنظمة، وأضعفت قدرتها على تنفيذ عمليات صاروخية دقيقة.

 

مع ذلك، تشير التقديرات إلى أن حزب الله لا يزال يحتفظ بجزء معتبر من ترسانة تُقدَّر أصلًا بنحو 100,000 صاروخ، وإن كانت قدرته على إدارة حملات إطلاق مستدامة قد تراجعت بصورة واضحة. وتستند هذه التقديرات إلى تقارير تؤكد تدمير منشآت الإنتاج الدقيقة، إلى جانب الضربات المركزة على المواقع تحت الأرض والمستودعات الحيوية.

 

ورغم تآكل دقة صواريخه، لا يزال حزب الله قادرًا على المساهمة في تنفيذ استراتيجية “الإغراق الصاروخي”، من خلال استخدام صواريخ قصيرة المدى غير موجهة، بكثافة عددية تهدف إلى إنهاك الطبقات الدفاعية الإسرائيلية، لا سيما القبة الحديدية في الشمال.

 

في ضوء ما سبق، فإن سيناريو الهجوم المنسق المحتمل يتضمن ثلاث مراحل متداخلة:

 

  1. المرحلة التمهيدية: تنفيذ الحوثيين لضربات صاروخية محدودة العدد لاختبار مدى سرعة استجابة الدفاعات الإسرائيلية، وإجبارها على استخدام جزء من الذخائر الاعتراضية مبكرًا.
  2. المرحلة التشتيتية: إطلاق حزب الله موجات من الصواريخ قصيرة المدى في الشمال، بكثافة تهدف إلى إجهاد نظام “القبة الحديدية”، وتشتيت توزيع أنظمة الاعتراض.
  3. المرحلة الحاسمة: استخدام إيران جزء من ترسانتها الاستراتيجية، بما يشمل صواريخ “خيبر” التي يبلغ مداها 2000 كم، وتحمل رؤوسًا حربية بوزن 1500 كجم، إلى جانب صواريخ “خُرمشهر ٤” الفرط صوتية بمدى يصل إلى 1400 كم وسرعة قصوى تبلغ 15 ماخ، وتتميز بإمكانية تعديل المسار أثناء الطيران.

 

رغم ذلك، يبقى نجاح هذه الاستراتيجية مرهونًا بمدى قدرة الدفاعات الإسرائيلية على الصمود. فبالرغم من الأداء الجيد نسبيًا خلال الهجمات السابقة، والذي بلغ نسب اعتراض بين 80 و90٪، إلا أن الضربات الأخيرة كشفت عن ثغرات حقيقية، حيث نجحت بعض الصواريخ في الوصول إلى أهدافها داخل مناطق مدنية وبُنى تحتية حيوية.

 

ورغم هذا التماسك الظاهري، إلا أن الواقع العملياتي يشير إلى عدة نقاط ضعف خطيرة:

  • نقص حاد في مخزون صواريخ “آرو، ما دفع مسؤولين أميركيين إلى التحذير من اضطرار إسرائيل لترشيد استخدام الدفاعات خلال 10–12 يومًا من بدء الهجوم المكثف.
  • التكلفة المرتفعة للصواريخ الاعتراضية، حيث يُقدّر ثمن كل صاروخ “مقلاع داوود” بحوالي مليون دولار، ما يُشكل عبئًا ماليًا هائلًا خلال الحروب طويلة الأمد.
  • الهجمات المتزامنة متعددة الاتجاهات قد تُربك التغطية الجغرافية للدفاعات، وتكشف ثغرات في استجابة الأنظمة في حال تم التنسيق بدقة من عدة جبهات.
  • محدودية المخزون الأميركي ذاته، بعد قيام واشنطن بتحويل كميات ضخمة من الذخائر الاعتراضية إلى إسرائيل خلال النصف الأول من عام 2025، مما قلّص قدرتها على دعم إضافي سريع في حال نفاد المخزون.

 

في المحصّلة، فإن نجاح أي هجوم مشترك يعتمد على إدارة دقيقة للزمن، والتنسيق بين القوى المهاجمة، والضغط على نقاط الضعف المتزايدة داخل المنظومة الدفاعية الإسرائيلية التي تُظهر علامات استنزاف متسارع على المستويين المادي والتقني.

المتطلبات الصاروخية اللازمة لتدمير منشأة ديمونة

تُعد منشأة ديمونة النووية، المعروفة رسميًا باسم مركز شمعون بيريز للأبحاث النووية في النقب، من أكثر المواقع الإسرائيلية تحصينًا وأعلاها حساسية من الناحية الاستراتيجية. إذ تقوم هذه المنشأة بتشغيل مفاعل ماء ثقيل يحتوي على مرافق للفصل البلوتوني، ويقع جزء كبير منها في منشآت تحت الأرض مصممة لمقاومة الهجمات الصاروخية والغارات الجوية.

 

وقد كشفت مراجعات أمنية سابقة، تعود إلى عام 2012، عن أوجه قصور خطيرة في تأمين المحيط الخارجي للمنشأة، مما دفع السلطات الإسرائيلية إلى ضخ استثمارات إضافية قُدرت بـ30 مليون شيكل لتحسين أنظمة الرقابة، وتدعيم محيط المنشأة بالوسائل التكنولوجية المتقدمة مثل الكاميرات المتحركة والمركبات والمعدات الاستخباراتية. كما أُعُلن عن فرض منطقة حظر طيران دائم فوق الموقع، وتكليف سلاح الجو الإسرائيلي بمهام الردع الفوري ضد أي طائرات تقترب من المجال الجوي المغلق حول المفاعل.

 

من الناحية الهندسية، تتضمن منشأة الفصل البلوتوني المعروفة باسم “ماخون 2” طابقين فوق سطح الأرض، بالإضافة إلى ستة طوابق تحت الأرض، مشيدةً باستخدام خرسانة مسلّحة ذات مواصفات عالية، مع تدعيم هيكلي حديدي يوفر قدرة كبيرة على امتصاص الصدمات. وتشير المعايير الهندسية الدولية إلى أن مثل هذه المنشآت غالبًا ما تستخدم تقنيات “الخرسانة المسبق توترها” (prestressed concrete) وأنظمة احتواء متعددة الطبقات تُصمم خصيصًا لمقاومة تأثيرات الانفجارات والصواريخ الموجهة.

 

وبناءً على معايير الحماية الهندسية المطبقة في منشأة ديمونة، تُشير التقديرات الحالية إلى أن إلحاق ضرر كبير بالمرافق فوق سطح الأرض يتطلب تنفيذ ضربة مباشرة واحدة على الأقل باستخدام رأس حربي تقليدي بوزن 1500 كيلوجرام، بينما يُحتمل أن يتطلب تدمير هذه المرافق بالكامل تنفيذ 2 إلى 3 ضربات مباشرة دقيقة.

 

 أما فيما يتعلق بالبنية التحتية تحت الأرض، والمكوّنة من ستة طوابق مدفونة ومحمية بطبقات من الخرسانة المسلحة المتعددة، فإن اختراقها يتطلب تنفيذ 6 إلى 8 ضربات صاروخية دقيقة باستخدام رؤوس خارقة مخصصة لهذا النوع من الأهداف. ولا يمكن الحديث عن تدمير المنشأة بشكل شامل—يشمل كلاً من البنية السطحية والباطنية—إلا في حال تنفيذ 10 إلى 12 ضربة منسّقة، تُستخدم فيها كل القدرات الاستراتيجية المتاحة لدى إيران.

 

وهنا تكمن الإشكالية الكبرى؛ فتنفيذ هذا السيناريو يتطلب دقة شبه كاملة في إصابة الأهداف، مع قدرة مؤكدة على تجاوز الدفاعات الإسرائيلية التي تعتمد على طبقات متداخلة من الاعتراض الصاروخي تشمل “القبة الحديدية”، و”مقلاع داوود”، و”آرو 2″، و”آرو 3″، ومنظومة THAAD الأميركية. وبالنظر إلى عدد الصواريخ المتبقي لدى إيران، فإن أي فشل في إصابة عدد من الأهداف بدقة، أو اعتراض نسبة معتبرة من هذه الصواريخ، سيُفرغ العملية من مضمونها العسكري، ويجعلها غير قادرة على تحقيق الضرر الشامل المطلوب.

 

وبالتالي، فإن احتمالية نجاح ضربة إيرانية مدمّرة لمفاعل ديمونة، في ظل الظروف الحالية، تبقى قائمة من الناحية النظرية، لكنها تتطلب تكاملًا استثنائيًا بين الدقة الفنية، والتوقيت العملياتي، واختراق الدفاعات الجوية، مع استخدام جزء مُعتبر من الذخائر الاستراتيجية الإيرانية في ضربة واحدة قد لا تُعوّض.

تحليل أسوأ سيناريو محتمل للتسرّب الإشعاعي

في حال تحقق سيناريو كارثي يتضمن اختراقات متعددة لهياكل المفاعل النووي في ديمونة، إلى جانب إلحاق أضرار مباشرة بمنشآت فصل البلوتونيوم، فإن حجم التسرّب الإشعاعي الناتج سيكون مشروطًا بعدة متغيرات حيوية.

 

من أبرز هذه المتغيرات الحالة التشغيلية للمفاعل في لحظة الضربة، وحجم الوقود المستهلك المخزّن في الموقع، فضلًا عن الظروف الجوية السائدة آنذاك، بما يشمل سرعة الرياح واتجاهها والرطوبة ودرجات الحرارة. وتشير الوثائق التقنية إلى أن مفاعل ديمونة، الذي يعمل منذ أكثر من ستة عقود، يحتوي على كميات ضخمة من المواد المشعة، بما في ذلك تقديرات لإنتاج بلوتونيوم تُراوح بين 675 و925 كيلوجرامًا وفقًا لأرقام منشورة في عام 2010.

 

تُعد أنماط الرياح الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط من العوامل الحاسمة في تحديد مسار وتوزيع التلوّث الإشعاعي الناتج عن أي انفجار نووي غير تقليدي. فالمنطقة تخضع لتأثيرات جوية معقدة تشمل الرياح المتوسطية من الغرب، والرياح الصحراوية الجافة من الشرق والجنوب، إلى جانب التقلبات الموسمية الشديدة التي تشهدها النطاقات الصحراوية في فصل الصيف. وخلال أواخر الربيع والصيف، تسود رياح شمالية غربية تُعرف باسم “البوارح” في مناطق الخليج العربي، بينما في الشتاء تسود رياح أكثر تنوعًا واتجاهًا، تؤثر بشكل خاص على الأردن ولبنان وشمال فلسطين. وتُشكّل هذه الأنماط المتغيرة إطارًا حاسمًا لفهم الجغرافيا المحتملة للتلوّث في حال حصول التسرّب الإشعاعي، خاصة خلال أول 48 ساعة حرجة من لحظة التفجير.

 

عند مقارنة هذا السيناريو بسوابق تاريخية في الحوادث النووية الكبرى، يتضح حجم الخطر الذي يُمكن أن ينجم عنه. فعلى سبيل المثال، بلغ نطاق المنطقة المحظورة حول مفاعل تشيرنوبل نحو أربعة آلاف كيلو مترًا مُربعًا، وتم فرض إخلاء شامل بقطر 30 كيلومترًا حول مركز الانفجار. أما حادثة فوكوشيما اليابانية، فرغم اختلاف طبيعتها التقنية، فقد أدت إلى فرض نطاق إخلاء مماثل، في حين استمر تأثير التلوث على مناطق أوسع بكثير على مدى سنوات لاحقة، رغم احتواء معظم التسرب داخل المنشأة.

 

إسرائيل

بالنسبة لإسرائيل، فإن المنطقة الأولى الأكثر تضررًا ستشمل دائرة قطرها 30 كيلومترًا حول ديمونة، ما يستلزم إخلاء فوري لما لا يقل عن 200,000 نسمة من السكان المعرضين مباشرة للإشعاع الحاد. هؤلاء السكان، إلى جانب فرق الإنقاذ والطواقم الطبية، سيكونون مهددين بالإصابة بمتلازمة الإشعاع الحاد، والتي قد تبدأ باضطرابات هضمية فورية، وقد تصل إلى فشل عضوي قاتل خلال أسابيع قليلة، تبعًا لدرجة التعرض وقرب الأفراد من نقطة الانفجار.

 

الضرر الزراعي سيكون شاملًا في منطقة النقب، حيث سيُصبح من غير الممكن استهلاك المحاصيل أو تسويقها نتيجة تلوّثها الإشعاعي، مما يستوجب تنفيذ عمليات إجلاء أو إعدام فوري للماشية لمنع إدخال لحوم أو ألبان ملوّثة إلى سلاسل الإمداد الغذائي. وبهذا، فإن المنطقة الممتدة جنوب إسرائيل ستتحول إلى منطقة غير صالحة للسكن أو الزراعة، بمساحة تُقدّر بين 2500 و3000 كيلومتر مربع، ما يعني شطب كامل لهذه المنطقة من الاستخدام البشري والاقتصادي لعقود، وربما لقرون، حسب طبيعة العناصر المشعة التي يتم إطلاقها.

 

أما الحلقة الثانية من التأثير، والتي تمتد من 30 إلى 150 كيلومترًا من مركز الانفجار، فهي مرشحة أن تشمل أجزاء من القدس الكبرى وتل أبيب، بحسب اتجاه الرياح خلال أول 48 ساعة. هذه المسافة تشمل مراكز حضرية مكتظة يسكنها أكثر من 1.5 مليون شخص، وقد تضطر السلطات، في هذا السيناريو، إلى تنفيذ إخلاءات جماعية واسعة، أو فرض أوامر حجر مطوّلة، تمتد لأسابيع أو شهور، بحسب مستويات التلوّث المكتشفة.

 

الأخطر من ذلك هو التأثير على مصادر المياه الرئيسية، خاصة إن تسرّب التلوث إلى مناطق البحر الميت أو إلى خزانات المياه الجوفية التي تغذي جنوب ووسط إسرائيل. مثل هذا السيناريو قد يتسبب في أزمة مياه وطنية، تستلزم اللجوء إلى ترتيبات طارئة لتوفير مياه شرب بديلة لملايين السكان، مع تكاليف ضخمة وإجراءات فنية معقّدة على المستويين المدني والعسكري.

 

اقتصاديًا، فإن تأثير الحادث سيكون تدميريًا وفوريًا. فمن المتوقع انهيار كامل لقطاعي السياحة والزراعة الإسرائيليين، مع فرض حظر دولي شامل على السفر إلى إسرائيل وتصدير منتجاتها الزراعية، خاصة في ظل رفض الأسواق العالمية استيراد أي منتجات من منطقة ملوّثة إشعاعيًا. وستبقى هذه الإجراءات مفروضة لعقود، كما تشير تجارب تشيرنوبل وفوكوشيما، بغض النظر عن التقديرات الفنية لمستوى الخطر المتبقي.

 

على المستوى الصحي، ستُضطر الحكومة الإسرائيلية إلى إنشاء برامج متابعة طبية دائمة تغطي ما بين 2 إلى 3 ملايين شخص في المناطق المتأثرة، مع تركيز خاص على الأطفال والنساء الحوامل، وذلك بسبب خطورة عنصر اليود المشع على الغدة الدرقية، وكون الأنسجة النامية أكثر عرضة للتلف الإشعاعي. وسيشمل ذلك فحوصات دورية مدى الحياة، وتوفير علاجات وقائية واستباقية، إلى جانب بناء بنية تحتية صحية مُخصّصة لهذا الغرض، بما يفوق قدرات النظام الصحي القائم بكثير.

 

الأردن

ستكون المملكة الأردنية الهاشمية من بين الدول الأكثر تأثرًا بالانعكاسات الجغرافية المباشرة للكارثة، خصوصًا إذا سادت رياح غربية خلال الساعات الأولى من الحادث، وهي الفترة الحرجة التي تحدد فيها حركة الغبار النووي ومسار تلوث الهواء. تشير التقديرات العلمية إلى أن المناطق الشرقية من الأردن، الواقعة بمحاذاة صحراء النقب، قد تُصاب بتلوث إشعاعي متوسط إلى شديد، مما سيستدعي إجلاء ما بين 50,000 إلى 100,000 مواطن أردني من مجتمعات حدودية تعاني أصلًا من ضعف في البنية التحتية ونقص في الموارد، وتتحمّل أعباء متزايدة نتجة موجات لجوء فلسطينية وسورية مستمرة منذ سنوات.

 

إن التحديات اللوجستية المرتبطة بعملية إخلاء وإعادة توطين هذه الأعداد، في بيئة تشهد أصلًا هشاشة اقتصادية وقيودًا هيكلية على قدرات الدولة، ستتجاوز إمكانيات الحكومة الأردنية وستتطلب تدخلًا دوليًا واسع النطاق من منظمات الإغاثة والجهات المانحة. وتكتسب هذه المخاطر طابعًا استراتيجيًا إضافيًا بالنظر إلى الأهمية الاقتصادية لمنطقة وادي الأردن، التي تُعد من أكثر المناطق خصوبة وإنتاجًا للغذاء في البلاد، حيث تسهم بشكل مباشر في تلبية الاحتياجات المحلية من الخضروات والفواكه، وتشكل موردًا أساسيًا للعملة الصعبة من خلال التصدير الإقليمي والدولي. وأي تلوث إشعاعي في هذه المنطقة سيؤدي إلى تدمير كامل للمحاصيل الزراعية، وحظر الزراعة لسنوات، بما يعادل تجميد قطاع اقتصادي حيوي لعقود.

 

ويمتد التأثير الاقتصادي إلى الجنوب، حيث توجد مناجم الفوسفات الأردنية، وهي من الركائز الأساسية للاقتصاد الوطني ومن أبرز الصادرات الاستراتيجية للمملكة. وعلى الرغم من المسافة الجغرافية بين مواقع التعدين ومركز الانفجار، إلا أن القلق الدولي من تلوث المواد الخام، بغض النظر عن مستويات الإشعاع الفعلي، سيؤدي إلى رفض الأسواق الدولية استيراد المنتجات الأردنية، وهو ما سيُلحق ضررًا بالغًا بعوائد الدولة من العملة الأجنبية ويقوّض أحد مصادرها المالية المستقرة.

 

ولا يقتصر الخطر على الجانب الاقتصادي فقط، بل يمتد إلى بنية الأمن الإنساني والاجتماعي في البلاد، حيث من المتوقع أن يؤدي إدراك وجود خطر إشعاعي في المملكة إلى انهيار تام في قطاع السياحة الذي يُعتبر من أهم موارد الدخل الوطني. فمدينة البترا، المصنّفة كموقع تراث عالمي، إلى جانب المنتجعات السياحية في العقبة، ستشهد تراجعًا كاملًا في أعداد الزوار الدوليين، مع ما يترتب على ذلك من فقدان آلاف الوظائف وانهيار شبكات الخدمات المحلية المرتبطة بالقطاع السياحي.

 

وعلى المستوى الغذائي، فإن صادرات الأردن من المنتجات الزراعية ستواجه حظرًا دوليًا شاملًا، ليس فقط على خلفية الأضرار المباشرة، وإنما كإجراء وقائي من جانب الدول المستوردة. وسيضطر الأردن إلى اللجوء إلى مساعدات غذائية طارئة وإعادة تشكيل شبكات التبادل التجاري، في وقت تعاني فيه البلاد من عجز مزمن في ميزانها التجاري، واعتماد واسع على الواردات لتأمين احتياجاتها الغذائية الأساسية.

 

وفي السياق الإنساني، فإن التدفق المحتمل لعشرات الآلاف من اللاجئين الإسرائيليين الهاربين من المناطق الملوثة إشعاعيًا سيمثل تحديًا وجوديًا للأردن، حيث ستكون المملكة مطالبة بإنشاء مخيمات لجوء جديدة، في وقت يعاني فيه النظام الصحي من نقص في الموارد والمعدات والكفاءات البشرية. وسيتوجب على السلطات الأردنية التعامل في الوقت نفسه مع حالات تعرّض مواطنيها للإشعاع، وما ينتج عن ذلك من متلازمات مرضية معقدة تتطلب وحدات متخصصة للعلاج، لا تتوفر في القطاع الطبي الأردني بالقدرات الكافية. كما أن احتواء هذا التهديد سيتطلب برامج مراقبة صحية طويلة الأجل تشمل مئات الآلاف من المواطنين، وتُركّز على الكشف المبكر عن السرطانات المرتبطة بالإشعاع، وخاصة سرطان الغدة الدرقية لدى الأطفال، واضطرابات الإنجاب لدى النساء في سن الخصوبة.

 

مصر

ستكون شبه جزيرة سيناء، وخاصة مناطقها الشمالية، معرّضة لتلوث إشعاعي بدرجات متفاوتة، وفقًا لطبيعة الرياح السائدة. ففي حال هبوب رياح شمالية، ثمة احتمال حقيقي لأن تنقل الجزيئات المشعة إلى مناطق مثل الشيخ زويد ورفح والعريش، حيث يقيم ما بين 25,000 إلى 50,000 مواطن، ما يستدعي إخلاءً فوريًا إلى داخل الأراضي المصرية أو إلى منشآت إيواء طارئة تنشئها منظمات إغاثة دولية.

 

وتمتد خطورة الموقف لتشمل قناة السويس، وهي أحد أعمدة الاقتصاد المصري وممر حيوي للتجارة البحرية العالمية. فإذا ما تسرّبت كميات من الإشعاع إلى القطاع الشمالي للقناة، وجرى رصد مستويات تفوق المعايير الدولية المسموح بها للملاحة، فإن ذلك قد يستدعي إغلاقًا جزئيًا أو كليًا مؤقتًا للمجرى الملاحي. وهذا الاحتمال، وإن كان مؤقتًا، سيُلحق ضررًا يوميًا يُقدّر بعشرات ملايين الدولارات من رسوم العبور المفقودة، فضلًا عن تضرر ثقة الأسواق العالمية في استقرار وموثوقية الممر المصري.

 

من جهة أخرى، فإن الساحل المصري الممتد من شرم الشيخ إلى الغردقة، والذي يمثل إحدى أبرز الوجهات السياحية في المنطقة، سيتعرض لانخفاض فوري في تدفق السائحين الدوليين، نتيجة القلق العام من وجود تلوّث إشعاعي إقليمي. ذلك سيؤدي إلى خسائر فادحة في عوائد السياحة، وفقدان آلاف الوظائف، وتوقف مئات المنشآت عن العمل.

 

أما على المستوى الغذائي، فإن أخطر ما يهدد مصر يتمثل في احتمال تسرّب إشعاع منخفض المستوى إلى منطقة الدلتا، وهي قلب الإنتاج الزراعي في البلاد. هذا التهديد، حتى لو لم يكن ذا طابع كارثي، سيستدعي فحصًا شاملًا للإنتاج الزراعي بأكمله، وقد يؤدي إلى رفض الأسواق الدولية لاستيراد المنتجات المصرية لفترة غير محددة. في بلد يزيد عدد سكانه عن 100 مليون نسمة، ويعتمد على الزراعة في تأمين الغذاء والعملة الأجنبية، ستكون لهذه التطورات تداعيات شديدة الخطورة على الأمن الغذائي والاستقرار الاقتصادي.

 

على المدى البعيد، ستُضطر الدولة إلى تنفيذ برامج رصد صحي ومتابعة طبية تمتد لعقود، تشمل ملايين المواطنين، مع تركيز خاص على مراقبة معدلات الإصابة بالسرطان والأمراض المرتبطة بالإشعاع، لا سيما لدى الفئات الحساسة مثل الأطفال والنساء. وسيتطلب ذلك استثمارات ضخمة في البنية الصحية، وتعاونًا مكثفًا مع مؤسسات طبية دولية لتوفير الخبرات والأجهزة الضرورية لمواجهة الآثار الممتدة للكارثة.

 

السعودية

ستكون المناطق الشمالية من المملكة العربية السعودية، بما فيها منطقتا تبوك والحدود الشمالية، من بين المناطق المحتمل تأثرها المباشر، وذلك وفقًا لأنماط الرياح السائدة في حال انتقال الجسيمات المشعة جنوبًا. وتشير التقديرات إلى أن مثل هذا السيناريو قد يفرض على السلطات السعودية إجلاء أكثر من 100,000 نسمة من السكان المقيمين في مجتمعات حدودية، تشمل تجمعات قبلية بدوية تعيش في هذه المناطق منذ أجيال، ما يُهدد بتفكيك أنماط سكانية وهويات محلية مستقرة تاريخيًا.

 

الخطورة لا تتوقف عند الأثر السكاني، بل تشمل البنية التحتية الحيوية للدولة، وعلى رأسها منشآت إنتاج النفط في الحقول الشمالية، مثل حقل الخفجي ومرافق النقل الممتدة في تلك المنطقة. وعلى الرغم من المسافة الجغرافية بين هذه الحقول وموقع الحادث المفترض، فإن مجرد رصد مستويات إشعاع قابلة للقياس سيفرض متطلبات فورية لإجراءات تطهير معقدة، لأن الأسواق العالمية لن تقبل استيراد النفط السعودي إلا في حال وجود ضمانات مخبرية دقيقة تثبت خلو المنتجات من أي أثر إشعاعي. وبهذا، فإن استقرار صادرات النفط السعودية، التي تمثل المصدر الرئيسي للإيرادات العامة، سيكون مهددًا، ليس فقط لأسباب فنية، بل لأسباب تتعلق بثقة الأسواق العالمية وشروطها التنظيمية.

 

ومن حيث التداعيات الاستراتيجية على المدى الطويل، فإن مشروع “نيوم”، الذي تمثل قيمته الاستثمارية المعلنة 500 مليار دولار، ويُعد العصب المستقبلي لرؤية المملكة 2030، سيكون من بين أكثر المشروعات عرضة للإلغاء أو الانكماش الحاد. إذ أن تواجد المشروع في شمال غرب المملكة، بمحاذاة مناطق قد تُصنّف لاحقًا كمناطق متأثرة إشعاعيًا، سيجعل من الصعب – بل ربما من المستحيل – جذب مستثمرين دوليين أو شركات تكنولوجيا أو مستوطنين جدد إلى منطقة يُنظر إليها على أنها “ملوّثة” أو غير آمنة على المدى البعيد. وبهذا، ستتلقى الرؤية الاقتصادية السعودية ضربة هيكلية تعيد ترتيب أولوياتها بالكامل، وتفرض إعادة تقييم شاملة لخريطة التنمية في المحافظات الشمالية.

 

على مستوى البنية المؤسسية، سيكون على المملكة التعامل مع موجات لجوء ضخمة من الدول المجاورة المتضررة، بما في ذلك آلاف الإسرائيليين والأردنيين والفلسطينيين، ما سيتطلب إنشاء منشآت إيواء دائمة أو مؤقتة، وتخصيص موارد مالية وبشرية لتقديم الرعاية الصحية والخدمات الأساسية. وسيتعين على وزارة الصحة السعودية توسيع البنية التحتية الصحية في المحافظات الشمالية بشكل غير مسبوق، من خلال تدريب كوادر طبية على التعامل مع الأمراض المرتبطة بالتعرض الإشعاعي، وشراء أجهزة قياس وتصفية إشعاعية لا تتوافر حاليًا بالكمية أو النوعية الكافية.

 

وسيتزامن ذلك مع ضرورة فرض حظر دائم على واردات المنتجات الزراعية القادمة من المناطق الملوثة، بما فيها الأردن وسيناء، ما سيُجبر المملكة على البحث عن بدائل غذائية من أسواق جديدة، في ظل اضطراب سلاسل الإمداد الإقليمية. ويُتوقع أن يؤدي هذا الاضطراب إلى إعادة تشكيل خريطة العلاقات التجارية الزراعية في الشرق الأوسط، مع ما يصاحب ذلك من أعباء إضافية على الميزانية العامة.

 

ختامًا فإن هذا السيناريو، وإن ظلّ افتراضيًا، إلا أن أبعاده الكاملة تؤكد أن استهداف منشأة نووية في الشرق الأوسط لم يعد مجرد تهديد محلي، بل أصبح خطًا فاصلًا بين صراع قابل للاحتواء، وأزمة إقليمية تخرج من بين أطرافها إلى صراع طويل الأمد بعيد صياغة قواعد التوازن الجيوسياسي في المنطقة لعقود مقبلة.

 

يأتي هذا التحليل ضمن سلسلة “ماذا لو”، والمتاحة على موقع مركز الحبتور للأبحاث ضمن برنامج الإنذار المبكر.

المراجع

Euronews, “Iran’s advanced missile arsenal remains largely untapped,” June 21, 2025

 

Newsweek, “Iran’s Missile Arsenal: What It Has Used and What It Could Deploy,” June 20, 2025

 

Army Recognition, “US Strategic Command warns Iran now holds Middle East’s largest ballistic missile arsenal,” June 15, 2025

 

Gulf News, “What are Iran’s missile capabilities? Here are facts,” June 6, 2023

 

Press TV, “Yemeni army unveils four advanced domestically-built missile defense systems,” February 23, 2020

 

JINSA, “Iranian Ballistic Missile Estimates,” June 16, 2025

 

Anadolu Agency, “Iran unveils new-generation ballistic missile,” May 25, 2023

 

Center for Strategic and International Studies, “Missiles and Rockets of Hezbollah,” August 10, 2021

 

Al Jazeera, “Hezbollah watches on as Iran and Israel battle, for now,” June 17, 2025

 

The Washington Institute, “Will Hezbollah Choose to Keep Its Word—or Its Arsenal?” September 23, 2024

 

Foundation for Defense of Democracies, “Breaking down Hezbollah’s rocket strategy: the Short-Range Threat,” February 26, 2024

 

Shafaq News, “Hezbollah’s growing arsenal strengthens its position against Israeli aggression”

 

Global Security, “Hezbollah unveils ‘Fateh 110’ precision-guided missile,” November 6, 2024

 

The War Zone, “This Is Hezbollah’s Arsenal Of Weapons It Could Rain On Israel,” October 12, 2023

 

Israel Hayom, “Has Israel dismantled Hezbollah’s precision missile program?” December 1, 2024

 

The Washington Post, “Israel’s air defense against Iran, explained,” June 20, 2025

 

Al Jazeera, “How has Iran managed to pierce through Israel’s air defence systems?” June 18, 2025

 

Times of Israel, “Israel running low on Arrow interceptors, US burning through its systems too,” June 18, 2025

 

The News, “Israel running low on missile interceptors: WSJ,” June 20, 2025

 

Israel Hayom, “‘Security at the nuclear facility in Dimona is disgraceful’,” October 23, 2012

 

Institute for National Security Studies, “The Israel–Iran War: Air Defense Performance,” June 15, 2025

 

Middle East Monitor, “Israel facing critical shortage of interceptor missiles, US warns of imminent rationing,” June 18, 2025

 

Union of Concerned Scientists, “Earth-Penetrating Weapons,” June 6, 2005

 

Hardened Structures, “Underground Bomb Shelter,” December 27, 2022

 

U.S. Nuclear Regulatory Commission, “Hardening Existing Strategic SNM Storage Facilities,” June 1980

 

Info Petite Nation, “Understanding the GBU-57: The Massive Ordnance Penetrator,” June 18, 2025

 

Britannica, “How big was the exclusion zone created after the Chernobyl disaster?” June 17, 2025

 

WIT Press, “Atmospheric Dispersion Patterns Of Radionuclides Originating From Nuclear Power Plant Accidents,” March 31, 2019

 

One India, “What Are GBU-57 ‘Bunker-Buster’ Bombs Used In US’ Unprecedented Strike On Iran’s Nuclear Facilities,” June 22, 2025

 

PhMuseum, “Fukushima No-Go Zone,” March 11, 2011

 

Fukushima Travel, “Safety in Fukushima,” March 12, 2015

 

Britannica, “Fukushima accident,” June 6, 2025

 

The ASCO Post, “Chernobyl at 35 Years An Oncologist’s Perspective,” January 1, 2025

 

Arabia Weather, “Arabian Gulf | With the season of active winds approaching,” May 19, 2024

 

American Public Power Association, “Study Details Positive Economic Impact of Nuclear Industry in Southeast US,” February 22, 2024

 

Radiation Effects Research Foundation, “Past Results and Future Studies,” August 1, 2017

تعليقات

أكتب تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *