الصفحة الرئيسية → البرامج البحثية → الإنذار المبكر → هل تستخدم الولايات المتحدة قنبلة نووية تكتيكية ضد إيران؟
في 22 يونيو، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن الولايات المتحدة شنت هجومًا على منشأة “فوردو” النووية الإيرانية باستخدام قنبلتها الخارقة للتحصينات المعروفة بـ”Bunker Buster”. وعلى الرغم من وصف ترامب الضربة بأنها ناجحة، لم يتم تأكيد التدمير الكامل للمنشأة، مما يطرح سؤالًا محوريًا: هل سيفكر ترامب في استخدام سلاح نووي تكتيكي لضمان القضاء التام على المنشأة؟
على عكس الأسلحة النووية الاستراتيجية، تتميز الأسلحة النووية التكتيكية بأنها أقل من حيث القدرة التدميرية، ومصممة للاستخدام المحدود في ساحة المعركة، وليس لإحداث دمار شامل. ورغم محدودية أثرها، فإن استخدامها سيحمل تداعيات إقليمية وعالمية جسيمة.
في حال فشل الضربة الأمريكية في تدمير البنية التحتية النووية العميقة لإيران، وخصوصًا منشأة فوردو لتخصيب اليورانيوم، قد تنظر الولايات المتحدة في خيار استخدام سلاح نووي تكتيكي. ويعتمد هذا السيناريو على اثنتين من المعطيات:
وقد زادت الشكوك حول فاعلية الأسلحة التقليدية مع تصريحات إيرانية تُفيد بأن المواد الحساسة قد تم نقلها مسبقًا. فقد صرّح حسن عبديني، نائب مدير الشؤون السياسية في هيئة البث الرسمي الإيراني، بأن إيران “أخلت المواقع النووية الثلاثة منذ فترة”، مؤكدًا أن الأضرار كانت محدودة لأن المواد نُقلت بالفعل.
في ظل هذه المعطيات، قد يدفع فشل الضربة التقليدية إدارة ترامب إلى التفكير جديًا في خيار نووي تكتيكي. فإذا ثبت أن المكونات الأساسية للبرنامج النووي الإيراني لا تزال سليمة، فقد تُستخدم قنبلة نووية تكتيكية كحل عسكري أخير. لكن هذه الخطوة ستكون تصعيدًا غير مسبوق يحمل تبعات سياسية واستراتيجية هائلة.
إن استخدام الولايات المتحدة لسلاح نووي تكتيكي ضد منشأة فوردو سيفجّر موجة من التداعيات الفورية وغير المستقرة على مستوى المنطقة:
• أولاً، سيتوسع نطاق الصراع جغرافيًا. والسؤال المطروح هنا: هل ستقصر إدارة ترامب العملية على البنية التحتية النووية فقط، أم ستستجيب للضغوط الإسرائيلية المطالبة بتوسيع الاستهداف ليشمل مواقع حساسة للنظام الإيراني؟
• طالما دعت إسرائيل إلى استراتيجية تتجاوز “الاحتواء” نحو تغيير النظام، وإذا اتبعت الولايات المتحدة هذا المسار، فقد لا تكون الضربة مجرد إجراء ردعي محدود، بل بداية لحملة عسكرية أوسع.
أما إيران، فمن المرجّح أن تردّ بهجمات انتقامية على الأصول الأمريكية في الشرق الأوسط، بما في ذلك القواعد العسكرية في الخليج. وقد تستغل الضربة أيضًا للانسحاب من معاهدة عدم الانتشار النووي (NPT)، متهمةً واشنطن بخرق الأعراف الدولية، ومبررةً تطوير برنامج ردع نووي خاص بها.
العواقب بعيدة المدى: حتى وإن كانت القنبلة المستخدمة تكتيكية، فهي تظل نووية وتطلق إشعاعات نووية. قد تختلف شدة وانتشار التلوث الإشعاعي حسب الظروف التقنية، لكنه سيؤثر بلا شك على الموقع المستهدف، وربما يمتد ليطال مدنًا قريبة، وبنى تحتية، وسكانًا مدنيين.
وعلى المستوى العالمي، سيكون الزلزال السياسي هائلًا. فاستعمال السلاح النووي سيقلب موازين الأعراف الدولية المستقرة منذ عقود. وقد تدفع هذه الخطوة دولًا أخرى – تشعر بالضعف أو بفقدان الثقة في تحالفاتها الأمنية – إلى إعادة التفكير في وضعها غير النووي.
بمعنى آخر، قد تؤدي الضربة إلى انطلاق عصر جديد من الانتشار النووي العالمي.
“تحذير استراتيجي” هو سلسلة من المقالات المختصرة وسريعة التفاعل، تهدف إلى رصد تطورات أو اتجاهات بارزة من خلال تحليل استشرافي. تجمع هذه السلسلة بين الرؤية التحليلية السريعة والخيال التحليلي، لتسليط الضوء على السيناريوهات المستقبلية المحتملة وتقدير انعكاساتها.
تعليقات