سيعقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اجتماعًا للمجلس الوزاري الأمني المصغر (الكابينت) في 5 أغسطس 2025 للمصادقة على خطط توسيع السيطرة العسكرية لتشمل القطاع بالكامل، في تصعيد خطير للصراع مع حماس. على الرغم من أن الجيش الإسرائيلي يسيطر حالياً على حوالى 75٪ من غزة، يضغط نتنياهو لتوسيع العمليات لتشمل المناطق المكتظة بالسكان والتي يعتقد بوجود رهائن فيها، وهو اقتراح يواجه معارضة قوية من داخل صفوف الجيش وخاصة من رئيس الأركان إيال زامير، الذي يحذر من تداعيات إنسانية ومخاطر عملياتية كبيرة واصفًا الخطة بالفخ الاستراتيجي، و تعكس هذه الخطة توجهًا لإضعاف حركة حماس نهائيًا، وتأمين تحرير الرهائن، مع العلم أن المفاوضات بشأن وقف إطلاق النار وصفقة تبادل الأسرى قد انهارت.

 

وفي تطور دراماتيكي، ألغى نتنياهو زيارة مقررة لزامير إلى واشنطن بعد إطلاعه على التوجه الجديد والتحولات الاستراتيجية المتسارعة. رفض زامير الخطة المقترحة صراحةً، مهددًا بالاستقالة في حال الموافقة عليها. تركزت تحفظات الجيش على مخاوفه على حياة الرهائن، لا سيما في مناطق مثل دير البلح التي لم تُطهر بالكامل من مقاتلي حماس. علاوةً على ذلك، أعربت قيادة الجيش عن قلقها إزاء تآكل قدراته القتالية، مشيرةً إلى نقص القوى البشرية بعد قرابة عامين من الصراع المتواصل، و دعا إلى اتباع استراتيجية احتواء أكثر حذرًا من شأنها ممارسة الضغط على حماس دون الانخراط في احتلال طويل الأمد وواسع النطاق.

التداعيات المباشرة

على المدى القصير، يمكن اعتبار قرار نتنياهو بالسعي إلى احتلال غزة بالكامل مناورة استراتيجية لصرف الانتباه المحلي عن معركته الشائكة مع القضاء، لا سيما بعد إقالة النائب العام في إسرائيل، وهي منتقد رئيسي لنتياهو في محاكمته الجارية بتهم الفساد. يعكس هذا التكتيك استخدامه السابق للأعمال العسكرية الخارجية، مثل هجومه السابق على إيران، لتحويل انتباه الرأي العام بعيدًا عن مشاكله القانونية والسياسية، ولتعزيز سلطته في ظل عدم استقرار الحكومة.

 

بالإضافة إلى ذلك، من المرجح أن يؤدي توسيع إسرائيل سيطرتها على غزة إلى تكثيف العمليات القتالية، مع دخول الجيش إلى مناطق حضرية مكتظة بالسكان. سيؤدي هذا التصعيد حتمًا إلى زيادة الخسائر في صفوف المدنيين وتفاقم الأزمة الإنسانية الحادة أصلًا، والتي تتسم بالمجاعة ونقص الإمدادات الطبية. يتزايد خطر الرهائن أيضًا، إذ قد يدفع التقدم العسكري في المناطق المتنازع عليها إلى عمليات إعدام انتقامية من قِبل حماس، وقد يُعرّض الرهائن لأضرار جانبية. سياسيًا، يُهدد سعي نتنياهو للاحتلال الكامل بتعميق الانقسامات داخل مجلس الوزراء الأمني والقيادة العسكرية، مما قد يُقوّض عملية صنع القرار المُتماسكة والفعالية العملياتية.

 

علاوة على ذلك، قد تُعرّض موافقة الكابينت على هذه الخطة تماسك الجيش للخطر. ستُمثّل الاستقالة المُحتملة زامير اضطرابًا كبيرًا في القيادة في مرحلة حرجة، مما يُعرّض تنسيق الجهود العسكرية وأمن الرهائن للخطر، والذين تعتمد حمايتهم على قيادة مُوحّدة واستراتيجية. إقليميًا، يُهدّد هذا التوسع بإشعال فتيل عدم استقرار أوسع، وتأجيج التوترات مع الدول المجاورة، واستفزاز ضربات انتقامية مُحتملة من الفصائل المُتحالفة مع حماس، مثل الحوثيين.

التداعيات بعيدة المدى

على المدى البعيد، إذا ما نفّذ نتنياهو قراره باحتلال غزة بالكامل، فسيؤثر ذلك بشكل كبير على مستقبله السياسي. فبينما قد يعزز هذا القرار دعم قاعدته اليمينية، إلا أنه سيُنفّر الإسرائيليين المعتدلين، الأكثر اهتمامًا بعودة الرهائن، من تأييدهم. كما أنه سيُنفّر الحلفاء الدوليين القلقين بشأن العواقب الإنسانية وإطالة أمد الصراع، والذين اتخذوا بالفعل خطوات للاعتراف رسميًا بدولة فلسطين، في حال استمرت إسرائيل في إطالة أمد الحرب.

 

إضافةً إلى ذلك، تُثير خطط نتنياهو للاحتلال احتمال التهجير القسري لشرائح كبيرة من سكان غزة، مما يُفاقم الأزمة الإنسانية المُزرية أصلًا، وسيؤدي إلى المزيد من الاتهامات بالتطهير العرقي وجرائم الحرب. ومن المُرجّح أن تُفاقم هذه النتائج عدم الاستقرار الإقليمي والإدانة الدولية، مما يضع نتنياهو تحت المزيد من الضغوط الدبلوماسية، وربما يُعرّض مكانته للخطر في الداخل والخارج. كما إن الحكم والأمن في غزة على المدى الطويل من شأنه أن يطرح تحديات مستمرة، حيث تواجه إسرائيل المهمة المعقدة المتمثلة في إدارة منطقة مكتظة بالسكان مليئة بالتوترات السياسية والاجتماعية والأمنية، والتي تشكل في نهاية المطاف إرث نتنياهو وسط صراع متطور للغاية ومثير للجدل.

 

“تحذير استراتيجي” هو سلسلة من المقالات المختصرة وسريعة التفاعل، تهدف إلى رصد تطورات أو اتجاهات بارزة من خلال تحليل استشرافي. تجمع هذه السلسلة بين الرؤية التحليلية السريعة والخيال التحليلي، لتسليط الضوء على السيناريوهات المستقبلية المحتملة وتقدير انعكاساتها.

تعليقات

أكتب تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *