شنت القوة الجوية التابعة للحرس الثوري الإيراني هجوماً مباشراً لأول مرة على إسرائيل في عملية أطلق عليها "الوعد الصادق" مستهدفة إسرائيل لأول مرة من الأراضي الإيرانية، حيث أمطرت المدن الإسرائيلية بوابل من الطائرات المسيرة والصواريخ البالستية في وقت متأخر من يوم السبت 13 أبريل 2024، وسبق أن توعدت إيران بالرد على الاستهداف الإسرائيلي الذي طال قنصليتها في دمشق وأسفر عن مقتل سبعة من عناصر الحرس الثوري بينهم أثنين من أهم قيادته في الأول من أبريل، ويأتي ذلك التصعيد المحسوب في إطار دفاع إيران عن سيادتها ومصالحها القومية وتعزيز أمنها الإقليمي في المنطقة، ويركز العالم أنظاره الآن على الضربة التي وجهتها إيران لإسرائيل حجمها، ونوعيتها، وانعكاساتها على المنطقة.

 

ويمثل الهجوم الإيراني على الأراضي الإسرائيلية تصعيدًا جديدًا بين البلدين، حيث حول الهجوم الصراع بينهما من الظل إلى العلن، وفي هذا السياق سيعتمد الرد الإسرائيلي على ثلاثة عوامل أولها ما إذا كان وكلاء إيران، بما في ذلك الحوثيين وحزب الله، سينضمون إلى القتال؛ وثانيها ما إذا كانت هناك خسائر في صفوف إسرائيل – أو ما إذا كانت أنظمتها الدفاعية، إلى جانب الدعم الأمريكي، تمنع وقوع أضرار جسيمة؛ وثالثها الطريقة التي تختار بها إسرائيل الرد.

 

لذلك يسعي هذا التحليل إلى توضيح انعكاسات الهجوم وآثاره الاقتصادية على إطراف الصراع.

أولاً: انعكاسات الهجوم

يأتي الهجوم الإيراني في ظل تراجع التعاطف العالمي مع إسرائيل على إثر الحرب المُستمرة في غزة مُنذ سبعة أشهر. علاوة على، تزايد التوتر في العلاقة بين بايدن ونتنياهو، ويحمل الهجوم الإيراني في طياته العديد من المخاوف بشأن انعكاساته المحتملة على أطرافه وعلى المنطقة والتي يمكن توضيحها فيما يلي:

 

إيران

مثلت الضربة الإيرانية بداية حقبة جديدة باتت فيها إيران مستعدة للرد مباشرة على الهجمات الإسرائيلية، فيما أصبح يوصف بقواعد الاشتباك الجديدة، التي تجلت بإرسال أكثر من ثلاثمائة صاروخ وطائرة بدون طيار مباشرة نحو إسرائيل من الأراضي الإيرانية، للثأر للشرف الإيراني، فوجود العدو الإسرائيلي مفيد داخليًا لنظام الملالي الذي يسعي دائمًا إلى تصدير مشكلاته الداخلية للخارج، ولتهدئة الشارع بعد الغضب الذي حل بعد قيام إسرائيل بالهجوم على القنصلية الإيرانية في دمشق والتي ينظر إليها على أنها أرض إيرانية ذات سيادة.

 

فقبل شن الهجوم على إسرائيل رأت القيادة في طهران أن الفشل في استعادة الردع بشكل واضح وصريح ضد الأعمال العدوانية الإسرائيلية من شأنه أن يشير إلى إسرائيل بأن قادة إيران سيتسامحون مع مثل هذه الأعمال العدائية في المستقبل. فإذا لم تقم القيادة الإيرانية باستخدام قواتها في الردع الآن، فسيتعين عليها حتماً الرد في مرحلة لاحقة بسبب الهجمات المستمرة من إسرائيل.

 

 وبرغم أن الضرر الفعلي للضربة الإيرانية جاء محدودًا إلى حدًا ما، إلا أن ذلك مقصود، وربما مدبر لمنح إسرائيل والولايات المتحدة المرونة لتجنب صراع أوسع، واعتمدت البعثة الدائمة لإيران لدى الأمم المتحدة، على المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة لتبرير تحركها ضد إسرائيل، لكنها أعلنت أيضًا أنه “يمكن اعتبار الأمر منتهيًا”.  وتم نشر هذا البيان قبل اقتراب أيًا الطائرات بدون طيار والصواريخ من أهدافها.

 

أما الجمهور الإيراني فتُسيطر عليه مشاعر متضاربة بين الفرح والخوف من تداعيات الهجوم على الداخل الإيراني. حيث شهدت الشوارع خروج المظاهرات المؤيدة للنظام في عدة مدن، للاحتفال بثأر طهران من الغارة الجوية الإسرائيلية في الأول من أبريل، وبينما احتفل البعض بالخبر، أعرب إيرانيون آخرون عن قلقهم بشأن ما إذا كان ذلك سيؤدي إلى حرب إقليمية فقد يؤدي الهجوم إلى ردود انتقامية من إسرائيل بما يكفي لإثارة قلق دولي واسع النطاق ضد طهران. حيث أظهرت لقطات من وسائل التواصل الاجتماعي الإيرانيين يصطفون عند محطات الوقود لملء سياراتهم، وفي بعض الحالات، يتوجهون إلى الأسواق السريعة لشراء المواد الغذائية والإمدادات.

 

إسرائيل

تدرك إسرائيل أن وجود القوات العسكرية الأمريكية في المنطقة ميزة مؤقتة، حيث ترى فيها ضمانًا مؤقتًا لأمنها. كذلك كان الرد الإسرائيلي على الهجوم مُرتبطًا بنتائج الضربة الإيرانية، ولما جاءت نتائج الضربة دون ضرر فعلي، وفي ظل وجود مُعزز للقوات الأمريكية، فإن الهجوم سيمنح نتنياهو عدة مكاسب تتمثل فيما يلي:

 

  • استعادة الدعم الأمريكي: أعاد خطاب الرئيس الأمريكي جو بايدن “الدعم القوي” لإسرائيل حيث قطع عطلته للعودة إلى البيت الأبيض للتشاور مع فريق الأمن القومي بشأن الأحداث في الشرق الأوسط، كما أن الهجوم الإيراني كان فرصة في التقارب الأمريكي مرة أخري مع إسرائيل وأزال سلاحاً من أيدي خصومه السياسيين الذين اتهموه بإضعاف العلاقات الثنائية بين إسرائيل والولايات المتحدة.
  • التسويق السياسي: استغل نتنياهو الهجوم الإيراني للتسويق لحكومته في واشنطن وللتسويق لمظلومية إسرائيل مجددًا لدي الرأي العام الغربي، وتبرير أن هجومه على غزة هو محاولة لحماية اليهود من المسلمين الذي يهجمون عليهم من كل مكان في المنطقة، كما أنه سينجح في اسكات اصوات الساسة والمعارضين له في الداخل والخارج.
  • استعادة الردع الإيجابي: حيث أن الردع الإسرائيلي الحالي تجاه دول المنطقة، تقلص بشكل حاد إلى منع وصول الصواريخ إلى الأراضي الإسرائيلية أو تحييد أثرها حال وصولها إليها، وبالتالي فقدان القدرة على الردع قبل وصول التهديد.
  • ترك التهديد قائمًا: نجحت خطة نتنياهو في استفزاز إيران لخلق تهديد خارجي جديد مكنه من تخفيف الهجوم عليه داخليًا وتأجيل المطالبات بإسقاط حكومته وإجراء انتخابات، و تخفيق الضغط عليه خارجيًا منذ حرب غزة حيث يشكل الهجوم فرصة بالنسبة له للعب على أوتاره و دعوة الشارع الإسرائيلي إلى الالتفاف حوله مرة أخري لمجابهة الخطر الإيراني، فإذا نجح في إعادة توحيد الإسرائيليين مرة أخرى في مواجهة الخطر، سيساعده على بقاءه في السلطة حتي بعد فشل حكومته في تحقيق أي نجاح يُذكر في غزة، كما أنه أعاد التضامن الذي سبق أن افتقده نتيجة الجرائم التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي في غزة وأخرها استهداف العاملين في المطبخ المركزي العالمي، وتحول النبرة من الضغط إلى تقديم الدعم.

 

المنطقة

حذرت دول الخليج الولايات المتحدة من شن أي ضربات على إيران من أراضيها أو مجالها الجوي قبل الهجوم الإيراني على إسرائيل حيث سبق أن أمضت الولايات المتحدة عقوداً في الاستثمار في القواعد العسكرية في الخليج. ونظرًا لقربها من إيران، فإن هذه القواعد الجوية ستكون منصات الإطلاق الأكثر ملاءمة للولايات المتحدة ضد إيران، وتحاول دول الخليج عدم الانخراط في الصراع الدائر وبخاصة أن الهجوم الإيراني سيؤدي إلى عدة تداعيات على دول المنطقة وعلى رأسها دول الجوار، وسيؤدي إحجام دول الخليج إلى تعقيد استعدادات إدارة بايدن في الوقت الذي تجري فيه مناورات حربية حول سيناريوهات الرد على الهجوم الإيراني على إسرائيل.

 

وإذا تصاعدت الهجمات إلى صراع أوسع بين إسرائيل وإيران، فإن الجهات الفاعلة الإقليمية التي يُنظر إليها على أنها مدافعة عن إسرائيل قد تجد نفسها مستهدفة ويتم جرها إلى الصراع الإقليمي بدرجة أعلى من إسقاط بضع طائرات بدون طيار. ونظراً للحوافز الموجودة لتضخيم الصراع، فمن المرجح أن يكون لدى القادة الإقليميين الدافع للعمل بين الطرفين لإنهاء هذه المواجهة.

 

تجميد محاولات التقارب مع إسرائيل: فالنسبة للمملكة العربية السعودية سيلعب الهجوم دوراً في تأجيل التقارب السعودي – الإسرائيلي فالمطلعين على بواطن الأمور يعترفون بانتظام بأن السعوديين ما زالوا مهتمين بتحسين العلاقات مع إسرائيل، كما سيترتب على الهجوم إعادة نظر المملكة في الصفقات المتعلقة بالدفاع الجوي مع الولايات المتحدة الأمريكية وبخاصة بعد الهجوم الإيراني، حيث سيؤدي ذلك إلى زيادة الطلب على أنظمة الدفاع الجوي لمجابهة أي تهديدات إيرانية قد تمر عبر أراضي المملكة، ومن المتوقع أن يتم عقد صفقات أسلحة جديدة لتغطية هذه الفجوة.

 

توفير منظومة دفاع جوي متطور: شارك الأردن بجانب الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا في اعتراض المسيرات الإيرانية التي مرت عبر عمان – بحجة ستكون حماية سيادة مجاله الجوي السيادي، وسيشكل الهجوم فرصة للأردن لإعادة طلب منظومة الباتريوت الأمريكي التي سبق أن طلبها ولكن تم تسويفها نظرًا لمخاوف إسرائيلية من وجود مثل هذه المنظومة على حدودها.

 

الولايات المتحدة

يضع الهجوم الولايات المتحدة في موقف محوري يتمثل في العمل على منع توسع دائرة الصراع الذي تعمل إدارة بايدن على تجنبه منذ أحداث السابع من أكتوبر الماضي، وبغض النظر عن النجاح النسبي للهجوم الإيراني، فلا توجد ضمانات بعدم حدوث دورة تصعيدية أخرى من جانب إسرائيل، ولقد أوضح كبار المسؤولين في البنتاغون مراراً وتكراراً أنهم يريدون سحب القوات الأمريكية من الشرق الأوسط وإعادة إلزامها بالتواجد في منطقة المحيطين الهندي والهادئ وإسرائيل على علم بهذه الديناميكية. لذا ستحاول الولايات المتحدة في احتواء التصعيد لأنها ترغب في التفرغ بشكل كبير للصين وروسيا.

 

وبخلاف التهديد المستمر الذي تمثله إيران، فإن ثاني أكبر قضية لم يتم حلها هي الافتقار إلى الشفافية بين الولايات المتحدة وإسرائيل، فلم يخطر القادة الإسرائيليون الولايات المتحدة بضربتهم مطلع أبريل على القنصلية الإيرانية في دمشق، وقد تشجع الولايات المتحدة إسرائيل سراً على الرد بضبط النفس في جهد متواصل لمحاولة منع تصاعد حرب إقليمية وخاصة مع إيران. ولا شك أن هذا يتعارض مع رغبة إسرائيل في استعادة الردع وتأكيد نفسها فيما تعتبره حرباً ضد الإرهاب الذي انتهك حدودها السيادية بطريقة غير مسبوقة.

 

ومع ذلك سيستمر دعم بايدن لإسرائيل لقطع الطريق على أي محاولات لمنافسه الجمهوري دونالد ترامب لاستغلال الوضع في حملته الانتخابية، وخاصة بعد تصريحاته الأخيرة أن الهجوم الإيراني على إسرائيل لم يكن ليحدث في حال وجوده في السلطة، لذا سيحاول بايدن استغلال الموقف لإظهار دعمه لإسرائيل مع اقتراب الانتخابات في نوفمبر القادم.

 

محور المقاومة

ستزداد الضغوط على محور المقاومة في لبنان و اليمن في حال مهاجمة إسرائيل للأراضي الإيرانية مباشرة، حيث سيتم استخدام تكتيكات جديدة ومختلفة عما سبق منذ بداية الحرب في غزة، وسيتم توزيع المهام وفقاً للرؤية الإيرانية، ونسقت طهران عند هجومها على إسرائيل مع محور المقاومة في المنطقة لتنفيذ هجمات استهدفت إسرائيل بالتزامن مع الموجة الأولى من الهجمات الإيرانية.

حزب الله

 وقد يترتب على ذلك استخدام حزب الله لصواريخ طويلة المدي التي تمتلكها في حوزتها والتي لم يسبق أن استخداماتها من قبل، و زعم حزب الله اللبناني أنه أطلق “عشرات” صواريخ الكاتيوشا مستهدفة قاعدة صواريخ ومدفعية إسرائيلية في مرتفعات الجولان، كما نشر الحوثيون مقطعي فيديو ترويجيين حول تدمير إسرائيل خلال موجة هجمات الطائرات بدون طيار التي شنتها إيران، وهنأت الميليشيا العراقية “فيلق الوعد الصادق” المدعومة من إيران المقاومة الإسلامية في العراق يوم 13 أبريل لمشاركتها في الهجوم الذي استهدف إسرائيل.

حماس

لن يشكل الهجوم الإيراني على إسرائيل أي تغيير فيما يتعلق بالحرب الدائرة في قطاع غزة، فبدلاً من الهجوم على إسرائيل كان لإيران فرصة في الضغط على الولايات المتحدة لوقف الهجوم المرتقب على رفح، وبذلك يمكن أن تكتسب دعم دولي في حال هجوم إسرائيل على رفح، ومن المتوقع أن تستمر العمليات العسكرية في القطاع من دون توقف بل قد يؤدي الهجوم الإيراني إلى تعجيل الجيش الإسرائيلي باجتياح رفح الفلسطينية، وبخاصة بعد استعادة نتنياهو الدعم الداخلي والخارجي الذي سبق أن خسره مؤخرًا، كما سيكون الهجوم الإيراني فرصة سانحة لإسرائيل في تخفيف حدة الاضواء الدولية المُسلطة على ما يدور في القطاع.

 

الحوثي

سيمكن التصعيد بين إسرائيل و إيران من تصعيد جماعة الحوثي لحدة أعمالها العسكرية لتصل إلى أغلاق تام لمنطقة باب المندب بدلاً من الهجوم على السفن واحتجازها، كما سيكثف الحوثي هجماته الصاروخية تجاه إيلات الإسرائيلية كما فعل في بداية الحرب على قطاع غزة، وقد يأخذ التطور شكل أخر من خلال تنظيم هجمات سيبرانية لمهاجمة منظومات الدفاع الجوي الإسرائيلي.

ثانيًا:الآثار الاقتصادية للهجوم

تنقسم الآثار الاقتصادية للهجوم الإيراني على إسرائيل إلى نوعين مُباشرة، وتنقسم تلك إلى شقيين أساسيين، أولهما الآثار اللحظية للهجوم والناتجة عن التعبئة العامة لدخول المواطنين الإسرائيليين للملاجئ، والآثار طويلة الأمد التي تتمثل في اضطراب بيئة الأعمال العالمية بسبب الموقع الاستراتيجي للشرق الأوسط، وغير مُباشرة تتمثل في مزيد من التسلح في المنطقة، ومزيد من الاعتماد على المليشيات فيها.

 

الآثار اللحظية للهجوم

 

  • انخفاض الإنتاجية: عندما يضطر المواطنون الاسرائيليون إلى اللجوء إلى الملاجئ خلال الهجمات الصاروخية، فإنهم يفقدون القدرة على ممارسة أنشطتهم اليومية العادية، وخصوصًا ممارسة الأعمال والانتظام الدراسي في المدارس والالتزامات الأخرى، و يمكن أن يؤدي إلى فقدان الإنتاجية للأفراد والشركات، مما قد يكون له تأثيرات اقتصادية في صورة ساعات العمل المفقودة، والإنتاج المنخفض، والخسائر المالية المحتملة، يبلغ التقدير الأولي للدخول إلى المخابئ ٢٠٠ مليون دولار أمريكي خلال الساعات السبع ما بين إطلاق الصواريخ وما بين التصدي لها.
  • تكلفة التصدي الصاروخي: أطلقت إيران نحو ٣٠٠ جسم مُتفجر ما بين مُسيرة وصاروخ مُجنح من أراضيها إلى الأراضي الإسرائيلية، ما استدعى رد من منظومات الدفاع الجوي الثلاث المُشتركة، القبة الحديدية، مقلاع داوود ومنظومة السهم، وفي حال أطلقت إسرائيل ٢٠٠ صاروخ للتصدي لها، وإذا بلغت تكلفة متوسط الصاروخ من المنظومات الثلاثة ٥٠ ألف دولار فإن إجمالي التصدي قد يُجاوز مليار دولار، وهو بالفعل التقدير الذي أعلنته جريدة يديعوت أحرنوت.
  • رفع إنفاق الاستجابة والاستعداد الطارئ: سيكون على الحكومة والسلطات المحلية في إسرائيل تخصيص الموارد لضمان وجود إجراءات استجابة واستعدادات طارئة كافية لحماية المدنيين خلال الهجمات الصاروخية، ويشمل ذلك الحفاظ على الملاجئ وتأمينها، وتوفير أنظمة الإنذار المُبكر، وتنسيق جهود الإخلاء، وتضاف تكلفة هذه الإجراءات الطارئة إلى التأثير الاقتصادي العام للهجمات الصاروخية.

 

الآثار طويلة الأجل

 

  • ارتفاع أسعار النفط: تعتبر إيران من المُنتجين المهمين في سوق النفط في الشرق الأوسط، بالإضافة إلى أنها تتحكم بطريقة مُباشرة أو غير مُباشرة في ممرات نقل النفط والمواد البترولية في مضيقي هُرمز وباب المندب، وبالتالي فإن الصراع بين إيران وإسرائيل من الممكن أن يؤدي إلى تعطيل إنتاج النفط ونقله وطرق الإمداد في المنطقة، مما يؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط العالمية. وقد يكون لهذا الارتفاع في أسعار النفط آثار بعيدة المدى على الاقتصاد العالمي، مما يؤثر على الصناعات التي تعتمد على النفط ويسبب ضغوطا تضخمية في الاقتصادات المعتمدة على الطاقة، وبالتالي يمُدد فترة رفع أسعار الفائدة الحالية.
  • أسواق الأسهم العالمية: غالباً ما تؤدي التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط إلى تقلبات في الأسواق المالية العالمية، وقد يشعر المستثمرون بالقلق بشأن استقرار المنطقة واحتمال نشوب صراع أوسع نطاقا، مما يؤدي إلى عمليات بيع واسعة النطاق في الأسهم وغيرها من الأصول الخطرة، ومن الممكن أن تؤدي حالة عدم اليقين المحيطة بالوضع إلى إضعاف ثقة المستثمرين وإعاقة النمو الاقتصادي.
  • مزيد من اضطرابات التجارة الإقليمية: في حال استمرار الوضع قد يؤدي تصعيد الأعمال العدائية بين إيران وإسرائيل إلى تعطيل طرق التجارة خصوصًا الغذاء والمواد التكنولوجية عبر مضيقي هرمُز وباب المندب ورُبما جبل طارق، لتؤثر على النقل في جميع أنحاء الشرق الأوسط. وقد تواجه بلدان المنطقة زيادة في تكاليف الواردات والصادرات، فضلاً عن اضطرابات سلاسل التوريد الحيوية. وهذا يمكن أن يعوق النمو الاقتصادي والتنمية في جميع أنحاء المنطقة.
  • رفع الإنفاق الدفاعي: من المرجح أن تقوم إسرائيل بزيادة الإنفاق الدفاعي ردًا على التوترات المتزايدة والهجوم الإيراني المباشر الأول من نوعه، في محاولة لاستعادة الردع الإيجابي والخروج من الردع السلبي المُقتصر على منع الصواريخ والمُسيرات الإيرانية من الوصول للأجواء الإيرانية، بما قد يؤدي إلى تحويل الموارد بعيدًا عن مجالات الاقتصاد الأخرى، مثل البنية التحتية والتعليم والرعاية الصحية، مما قد يؤثر على التنمية الاقتصادية على المدى الطويل في البلاد، ويُضيف مزيدًا من السخط المُجتمعي في إسرائيل.
  • مزيد من اضطراب بيئة الأعمال في إسرائيل ودول الطوق: يؤدي إدراك المخاطر المتزايدة في إسرائيل إلى انخفاض السياحة والسفر إليها والدول المجاورة، بما فيها مصر والأردن ولبنان، وقد يكون لذلك آثار سلبية على الفنادق وشركات الطيران والقطاعات ذات الصلة، مما يؤدي إلى فقدان الوظائف وانخفاض النشاط الاقتصادي، في البُلدان الأربعة.

 

الآثار غير المُباشرة طويلة الأجل

 

  • تعزيز سباق التسلح في المنطقة: يُشكل الهجوم الإيراني والتصدي الإسرائيلي، حفزًا لتصاعد المخاوف الأمنية في المنطقة بشكلٍ عامٍ، مما سيدفع مزيد من دول المنطقة، خصوصًا المملكة العربية السعودية، تُركيا، مصر والإمارات العربية المُتحدة، لمزيد من الإنفاق الدفاعي سواء لتطوير المُسيرات وامتلاك المزيد منها، وفي ذات الوقت ترقية نُظمها للتصدي جوًا وأرضًا لهذه المُسيرات، وذلك بعد دراسة الفعل ورد الفعل الإيراني والإسرائيلي.
  • تعزيز أدوار المليشيات: حيث أظهرت الحرب الحالية أهمية دور المليشيات في الصراع الإقليمي، خصوصًا تلك التي تقع بالقرب من إسرائيل في سوريا، لبنان، العراق، الضفة وغزة، إذ أنه بالرغم من ضخامة الرد الإيراني وتسيرها نحو ٣٠٠ مقذوف، إلا أنها كانت فاقدة الفاعلية نتيجة طول المسافة، واستعداد إسرائيل بسهولة لمواجهتها، وذلك على عكس مقذوفات حزب الله وحماس، الأقل قدرة تدميرية، والأقل قدرة تكنولوجية، وتكلفة مادية، ومع ذلك فإنها قادرة على الردع بشكل أكبر، وإحداث الخسائر بشكل أشد.

تعليقات

أكتب تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *