شهد الثامن والعشرين من يناير ٢٠٢٤ هجوماً نوعياً بمسيرة استهدفت (البرج ٢٢) وهو أحد مواقع التمركز الخاصة بالقوات الأمريكية والتي تقع على الحدود الأردنية السورية، وقد أسفر الهجوم عن مقتل ثلاثة جنود أمريكيين وإصابة أكثر من ٣٤ آخرين (وفقا لآخر بيان تم بتاريخ ٣٠ يناير ٢٠٢٤)، ولا شك في أن هذا الهجوم يحمل العديد من الدلالات وسيترتب عليه تداعيات يتعين الوقوف أمامها بالتحليل والتتبع، فتلك هي المرة الأولى التي  يُقتل فيها جنود أمريكيون بنيران معادية في الشرق الأوسط منذ بدء الحرب على غزة، بالإضافة إلى ما يحمله موقع الهجوم وتوقيته من دلالات وما يمكن أن يستتبعه من تطورات، وأعلنت حركة "المقاومة الإسلامية في العراق" تبنيها للهجوم عبر بيانًا قالت فيه: "تم استهداف أربع قواعد للأعداء، ثلاث منها في سوريا، وهي: قاعدة الشدادي، قاعدة الركبان، وقاعدة التنف (الواقعة قرب الحدود السورية الأردنية)، والرابعة داخل أراضينا الفلسطينية المحتلة وهي منشأة زفولون البحرية".

قراءة أولية

استهدف الهجوم موقع “البرج ٢٢”، وهو موقع صغير ملحق بمخيم الركبان للاجئين داخل الأراضي الأردنية، بالقرب من الحدود العراقية السورية، كما أنه يبعد بضع كيلومترات عن قاعدة التنف السورية، التي تم استهدافها عشرات المرات من قبل وكلاء مدعومين من إيران منذ أكتوبر 2023، وتأتي الأهمية الاستراتيجية لموقع البرج 22، ليس فقط لكونه موقعًا عسكريًا أمريكيًا تقليديًا في المنطقة، وإنما أيضا لكونه نقطة عبور تم إنشائها عام 2015 بين الأردن وسوريا، وقد استخدمته قوات العمليات الخاصة الأمريكية للعبور إلى سوريا للمساعدة في قتال تنظيم داعش، وفي حين أن القاعدة تقع على الجانب الأردني من الحدود، إلا إن الشواهد الحالية تشير إلى إن الهجوم قد انطلق من داخل الأراضي السورية.

 

ويبدو أن هذا الهجوم يأتي ردًا على الإجراءات الانتقامية التي اتخذتها الولايات المُتحدة ضد وكلاء إيران في العراق وسوريا، إذ سبقه استهداف أمريكي لثلاث منشآت في العراق تستخدمها كتائب حزب الله وجماعات أخرى تابعة لإيران. كما استهدفت الولايات المُتحدة أيضًا الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن بعدة ضربات نفذت العديد منها من جانب واحد وبعضها بالتعاون مع المملكة المُتحدة وحلفاء آخرين، وجاءت بدورها نتيجة للتصعيد الذي قامت به جماعات الحوثي ضد الأهداف الأمريكية وما شنته من هجمات نجم عنها إعاقة الملاحة في البحر الأحمر، وهي واحدة من سلسلة تصعيدات ارتبطت بالحرب في غزة والدعم الغربي والأمريكي لإسرائيل.

 

أطراف الهجوم

الأطراف المُباشرة:

 

تنقسم الأطراف المُنخرطة في الحدث إلى ثلاثة أطراف مُباشرين وطرف غير مُباشر:

 

حركة المُقاومة الإسلامية في العراق: هي حركة مسلحة إسلامية تأسست عام ٢٠٠٣م، بعد الغزو الأمريكي للعراق، تتمثل أهدافها المعلنة في مقاومة الاحتلال الأمريكي وإخراج القوات الأجنبية من العراق، وإقامة دولة إسلامية في البلاد، تتلقى الحركة دعماً إيرانياً كبيراً، وتنشط في المناطق السُنية في العراق، وخاصة في الأنبار، وصلاح الدين، وديالى والموصل. تتكون الحركة من عدة فصائل مُسلحة أهمها:

 

  1. كتائب حزب الله.
  2. عصائب أهل الحق.
  3. كتائب سيد الشهداء.
  4. حماس العراق.

 

ومن اللافت في الهجوم أنه جرى تبنيه من جانب حركة المُقاومة الإسلامية في العراق التي تُشكل مظلة واسعة لهذه المليشيات المُختلفة، خوفًا من رد أمريكي مُركز يستهدف حركة بعينها.

 

القوات الأمريكية في المنطقة: تتواجد القوات الأمريكية بكثافة في منطقة الشرق الأوسط، خصوصًا على طول ساحل الخليج العربي، العراق، سوريا، وفي الأردن حيث جرى الاستهداف للموقع، وقد بلغ عدد القوات الأمريكية في الأردن نحو ٢٩٣٦ جُندياً ينتشرون في عدد وافر من القواعد الجوية الأردنية، وعلى وجه الخصوص قاعدة موفق السلطي الجوية في الأزرق، وبالنظر إلى هذه القواعد يلاحظ ما يلي:

 

تُشكل هذه القواعد الجوية أهمية خاصة بالنسبة لسير الولايات المتحدة في مهام الاستخبارات والمراقبة وتحديد الأهداف والاستطلاع (ISR) في سوريا والعراق.

 

يخضع الوجود العسكري الأمريكي في الأردن لاتفاقيات مختلفة، بما في ذلك اتفاقية التعاون الدفاعي لعام 2021 بين الولايات المتحدة والأردن، والتي تسمح بالوصول دون عوائق إلى المرافق والمناطق المتفق عليها في الأردن واستخدامها لمختلف الأنشطة، بما في ذلك التدريب والتمارين وإعادة تزويد الطائرات بالوقود والمساعدة الأمنية، الأمر الذي يُثير استياء في الداخل الأردني.

 

الأردن: تشترك في حدود طويلة مع كُلٍ من العراق وسوريا اللتان تتمتع إيران في كليهما بنفوذ واسع للغاية لدى النظامين السياسيين في كلتا الدولتين اللتين تشهدان وجودا مكثفا لميليشيات شيعية كبيرة العدد عالية التسليح، تنتشر أساسًا في المناطق الحدودية بين الدول الثلاث، وهو ما يضعها بشكل غير مُباشر في مركز الصراع الدائر بين التحالف الدولي والمليشيات الجهادية من ناحية، والصراع بين القوات الأمريكية، والمليشيات الشيعية من ناحية أخرى، حيث استعملت الولايات المُتحدة الأراض الأردنية -كما سبقت الإشارة- لتنفيذ عمليات استخباراتية واستطلاعية.

 

تطور الوجود الأمريكي في الأردن مع تطور الأوضاع في الشرق الأوسط، خصوصًا بعد توقيع اتفاقية السلام مع إسرائيل، ثم الحرب على العراق، وأخيرًا الانخراط الأمريكي في الحرب ضد الإرهاب في سوريا والعراق كما يوضح الجدول التالي:

 

العام الحدث/الوجود
1951 أنشأت الولايات المتحدة بعثة عسكرية في الأردن لتدريب الجيش الأردني وتقديم المساعدة له.
1967 قامت الولايات المتحدة بنشر طائرات مقاتلة في الأردن كرادع خلال حرب الأيام الستة.
1980 زادت المساعدة العسكرية الأمريكية للأردن بسبب الحرب السوفيتية الأفغانية وعدم الاستقرار الإقليمي.
1990 لعبت الولايات المتحدة دورًا رئيسيًا في دعم الأردن خلال حرب الخليج وعملية السلام العربية الإسرائيلية.
1991 افتتح مركز الملك عبد الله الثاني لتدريب العمليات الخاصة (KASOTC).
2001 أصبح الأردن حليفًا رئيسيًا للولايات المُتحدة في حرب على الإرهاب بعد هجمات 11 سبتمبر.
2003 قدم الأردن الدعم اللوجستي وقواعد البنى التحتية أثناء الحرب الأمريكية على العراق.
2005 أنشأت الولايات المتحدة مواقع عسكرية إضافية في الأردن.
2011-2008 نفذت الولايات المُتحدة والأردن تدريبات عسكرية مشتركة منتظمة.
2012 نشرت الولايات المُتحدة قوات على الحدود الأردنية السورية مع تصاعد الأزمة السورية.
2016-2014 دعمت الولايات المتحدة جهود مكافحة الإرهاب الأردنية ضد داعش.
2020 عززت الولايات المتحدة التعاون في مكافحة الإرهاب مع الأردن استجابةً للتهديدات الإقليمية.
2023 طلب الأردن نشر أنظمة الدفاع الجوي الأمريكية باتريوت، مما يشير إلى مخاوف محتملة من تهديدات صاروخية.
2024 أسفر هجوم بطائرة مسيرة على برج ٢٢ عن مقتل ثلاثة أفراد من الخدمة الأمريكية.
2024 تجدد طلب الأردن نشر أنظمة الدفاع الجوي الأمريكية باتريوت بعد الهجوم

 

كذلك لابد من الإشارة إلى أن الولايات المُتحدة أحد الشركاء الدوليين للأردن حيث بلغ إجمالي المساعدات الأمريكية الثنائية للأردن حتى عام ٢٠٢٠ حوالي ٢٦.٤ مليار دولار. ويشمل ذلك المساعدات الاقتصادية والعسكرية التي تقدمها الولايات المُتحدة. بالإضافة إلى ذلك، تلقى الأردن أكثر من ١.٩ مليار دولار من المساعدات العسكرية الإضافية منذ السنة المالية ٢٠١٥، تم توجيهها من خلال حسابات المساعدة الأمنية المختلفة التابعة لوزارة الدفاع.

 

كما تضاعفت المُساعدات السنوية للأردن ثلاث مرات من الناحية التاريخية على مدى السنوات الخمس عشرة الماضية. أخيرًا وقعت إدارة بايدن مذكرة تفاهم تلتزم فيها بالسعي للحصول على ما مجموعه ١.٤٥مليار دولار في المتوسط من المساعدات الاقتصادية والعسكرية السنوية للأردن للفترة المالية ٢٠٢٣-٢٠٢٩ ويوفر “قانون الاعتمادات الموحدة لوزارة الدفاع” لعام ٢٠٢٣ مبلغ ١.٦٥ مليار دولار.

 

في عكس هذا الاتجاه سارت العلاقات الأردنية – الإيرانية والتي تدهورت مع كل تطور في العلاقات الأمريكية الأردنية، حتى وصل الأمر إلى اتهامات صريحة وجهتها السُلطات الأردنية لإيران بالتدخل في الشأن الداخلي الأردني، ويوضح الجدول التالي بعض مؤشرات هذه التوترات:

 

العام الحادث/العمل
2007 تنديد إيران بمُساعدة الأردن للولايات المتحدة في الحرب ضد العراق
2011 الأردن تطرد دبلوماسيًا إيرانيًا بسبب مؤامرة مزعومة لاغتيال السفير الإسرائيلي
2013 الأردن تستدعي سفيرها من إيران احتجاجًا على تورطها في الأزمة السورية
2015 السلطات الأردنية تعتقل أفرادًا يشتبه في ارتباطهم بقوة القدس الإيرانية
2018 الأردن تدين اختبارات الصواريخ الإيرانية وتحذر من عدم الاستقرار الإقليمي
2019 وسائل الإعلام الأردنية تتحدث عن “التأثير الإيراني” في بعض المجتمعات الأردنية
2022 الأردن تعرب عن قلقها بشأن البرنامج النووي الإيراني وتطوير الصواريخ البالستية
2023 تزايد التوتر بعد تصويت الأردن ضد ترشيح إيران لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة
2024 وسائل الإعلام الأردنية تبلغ عن محاولة تهريب طائرات مسيرة إيرانية بالقرب من الحدود العراقية

الطرف غير المُباشر

إيران: يأتي التواجد الإيراني ضمن أطراف الحدث من جانبين:

أولهما كونها الراعي والداعم الاقتصادي والعسكري للمليشيات العراقية التي نفذت الهجوم على القاعدة الأمريكية محل النظر، وبالتالي فإنه من غير المتصور أن تقدم هذه المليشيات على استهداف القوات الأمريكية سواء في هذا الهجوم أو ما سبقه من ضربات دونما رجوع إلى السُلطات الإيرانية، ودون تصريح وموافقة مُباشرة منها.

 

وثانيهما أن السُلطات الإيرانية تظل كذلك هي المُنظم لضربات المليشيات المُنخرطة في الصراع ضد إسرائيل والولايات المُتحدة في المنطقة بشكل عام، بما في ذلك الحوثيين، حزب الله، مُعظم المليشيات العراقية والسورية، وصولًا إلي حماس ذاتها التي شكل هجومها شرارة الأزمة الحالية في المنطقة.

تداعيات الهجوم

يوضح الجزء التالي تداعيات الهجوم على مختلف الأطراف ذات الصلة:

 

الميلشيات الشيعية في العراق وسوريا: من المرجح أن تواجه الميلشيات العراقية رد فعل انتقامي من جانب الولايات المُتحدة قد يستهدف مُنشآتها وقواتها في العراق وسوريا، بما يؤدي إلى تصعيد مُتبادل بين الجانبين على الأراضي العراقية، وهو ما قد يُسفر عن :مزيد من تردي الأوضاع الأمنية في الداخل العراقي، قد تتضمن

 

توتر العلاقات بين الحكومة العراقية والولايات المُتحدة: حيث ستدفع الحكومة العراقية إلى ضغوط سياسية على الولايات المُتحدة تشمل تقديم الأخيرة ضمانات بعدم استخدام أراضيها لشن هجمات على المواطنين العراقيين، بما يُعطل توظيف القواعد الأمريكية في العراق ضمن رد الفعل الأمريكي على الهجوم، وهو في الغالب ما لن تستجيب له الولايات المُتحدة بما يدفع في اتجاه توتير العلاقات معها.

 

توتر العلاقات مع إيران: مع الرد الأمريكي ستقوم المليشيات العراقية بمزيد من الهجوم على مناطق التواجد الأمريكي في العراق خصوصًا السفارة داخل المنطقة الخضراء، والقواعد الأمريكية خصوصًا تلك الموجودة في وسط العراق، بما سيؤدي إلى اتجاه الحكومة المركزية لمُلاحقات قضائية وجنائية للمتورطين، بما يوتر العلاقة مع المليشيات والسُلطات الإيرانية في ذات الوقت.

 

مزيد من الانقسام الشيعي في الانتخابات العراقية: حيث ستجري الانتخابات التشريعية العراقية في شهر مارس المُقبل، والتي تشهد بالفعل انقسام شيعي واضح بين المُعسكرين الموالي والمُناهض لإيران، والذي سيزداد مع الاستهدافات الأمريكية، التي يرى المُعسكر المُناهض لإيران فيها جرًا للعراق إلى حرب لا ناقة له فيها ولا جمل.

 

الأردن

 

قد يمثل الهجوم بداية لانخراط الأردن في دائرة الصراع، خاصة وإن سعت الولايات المتحدة لجعل الأردن مركزا لهجمات انتقامية تشنها الميلشيات المنخرطة في أعمال عنف ضد الأهداف الأمريكية، مع ملاحظة أن الأردن يضم عدداً كبيراً من السكان الفلسطينيين، وسبق أن طلب من الولايات المُتحدة في  30 أكتوبر 2023 إرسال المزيد من العتاد الدفاعي (منظومة الباتريوت) خوفا من هجمات محتملة للجماعات المدعومة من إيران، ومن المتوقع أن تتصاعد هذه المخاوف خلال الفترة الراهنة وهو ما قد يثير تساؤلاً هاماً مؤداه:  هل ستوافق الولايات المتحدة على تقديم الدعم التسليحي اللازم للجانب الأردني تفاديا لهجمات محتملة قادمة؟

 

الولايات المُتحدة

 

صرح مسؤولون أميركيون منذ أشهر أنهم لا يعتقدون أن إيران تريد حرباً مباشرة مع الولايات المُتحدة، ولم يغيروا هذا التقييم علناً. لكن في الوقت نفسه، قالوا إن إيران استخدمت وكلائها لمواصلة الضغط على الولايات المُتحدة وإسرائيل بينما تواصل إسرائيل قصف حماس في غزة، وفي حين أن الصراع الأوسع يمكن أن يخدم أغراض إيران، فقد اعتقد المسؤولون الأمريكيون منذ فترة طويلة أن طهران أدركت أن الحرب المباشرة مع الولايات المُتحدة ستكون مدمرة للغاية، وجاء الهجوم على الأردن في وقت كان فيه بعض المسؤولين الأميركيين يستكشفون فكرة أن إيران قد تكون على وشك محاولة كبح جماح بعض قواتها الوكيلة، وهي النظرية التي قد يبددها الهجوم الأخير على الأردن.

 

وتعالت الأصوات داخل واشنطن للمطالبة برد حاسم على إيران ووكلائها، كما ألقى الجمهوريون اللوم على بايدن في الهجوم، مؤكدين أن فشله في اتخاذ إجراءات أكثر حزما في التعامل مع الميلشيات المدعومة من إيران في منطقة الشرق الأوسط ، كما أشار الجمهوريون أن موقف بايدن غير الحاسم شجع إيران على التصعيد ضد الولايات المتحدة، واستشهدوا بجهوده للتفاوض على اتفاق جديد مع إيران للحد من برنامجها للأسلحة النووية واتفاق يضمن إطلاق سراح خمسة أمريكيين مسجونين مقابل مساعدة إيران في الوصول إلى ٦ مليارات دولار من أموال النفط الخاصة بها والتي كانت قد وعدت بها طهران بالفعل لأغراض إنسانية بموجب اتفاق باريس، وهي سياسة تمت الموافقة عليها في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، وتم تجميد تلك الأموال بعد أيام من هجوم ٧ أكتوبر، كما استغل المرشح الجمهوري دونالد ترامب الحادث للإشارة إلى ضعف الإدارة الأمريكية الحالية في احتواء التهديدات الإيرانية وتعاملها غير الحاسم مع إيران ووكلائها.

 

وما يزيد من تعقيد قرار بايدن هو احتمال أن يؤدي تكثيف القتال مع إيران إلى زيادة صعوبة إنهاء القتال في غزة، وخاصة بعد لقاء مدير وكالة المخابرات المركزية مع مسؤولين فلسطينيين وإسرائيليين ومصريين وقطريين لمحاولة التوسط في اتفاق توقف بموجبه إسرائيل حملتها العسكرية ضد حماس لمدة شهرين تقريبا مقابل إطلاق سراح أكثر من 100 رهينة احتجزتهم في السابع من أكتوبر. وتحاول إدارة بايدن بالمثل التفاوض على اتفاق منفصل لتجنب صراع أكبر بين إسرائيل وجماعة حزب الله.

 

إيران

 

قد يدفع الهجوم إيران إلى مواجهة مباشرة مع الجانب الأمريكي خاصة مع تصاعد مطالبات الجمهوريين وضغوطهم التي تدفع نحو استهداف الداخل الإيراني بهجمات مباشرة، وإن كان هذا السيناريو ليس هو المرجح إلا إن التحرك الأمريكي القادم لاشك سوف يستهدف المصالح الإيرانية بصورة مباشرة، وهو ما قد يضع النظام الإيراني في موقف يدفعه نحو رد الفعل الذي قد يؤدي إلى مزيد من التصعيد ضد الولايات المتحدة وحلفائها، من جانب آخر قد يؤدي الهجوم إلى تأجيج النزاعات الداخلية داخل النظام السياسي الإيراني، وقد يستخدمه المتشددون للضغط من أجل اتخاذ موقف أكثر عدوانية ضد الولايات المُتحدة وحلفائها، في حين قد يدعو المعتدلون إلى ضبط النفس والدبلوماسية، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى زيادة عدم الاستقرار السياسي داخل البلاد، خاصة مع قرب الانتخابات الإيرانية في مارس القادم، كما قد يؤثر الهجوم أيضًا على الرأي العام داخل إيران، وفي حين قد يؤيد بعض الإيرانيين الانتقام من الولايات المُتحدة، فقد يخشى آخرون من عواقب المزيد من التصعيد، وهو ما يترتب عليه انقسام الرأي العام الداخلي  والضغط على الحكومة الإيرانية للنظر بعناية في ردها، وقد يؤدي الهجوم إلى مزيد من التعثر لاقتصاد إيران المتعثر بالفعل، كما قد يؤدي التصعيد المتوقع والتوترات المتزايدة مع الولايات المُتحدة إلى تثبيط الاستثمار الأجنبي وتجعل من الصعب على إيران تصدير نفطها وسلعها الأخرى.

سيناريوهات متوقعة

يقف بايدن أمام بديلين لا ثالث لهما إما رد محدود متمثل في استهداف للفصائل الموالية لإيران التي انخرطت في الهجوم على غرار عملية استهداف قاسم سليماني في العراق وهو ما قد يثير الرأي العام الأمريكي ضده وخاصة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية نهاية هذا العام، أو الانتقام “المباشر” من إيران على غرار عملية فرس النبي عام 1988 وهو ما قد يؤدي إلى تفاقم الأوضاع واتساع دائرة الصراع في المنطقة.

 

قد يشكل الهجوم ضغطًا على الحكومة الأردنية لاتخاذ موقف أكثر حزماً ضد نفوذ إيران وحلفائها على الحدود الأردنية، ما قد يؤدي إلى توترات سياسية داخلية، كما يمكن تسعى الأردن للحصول على مزيد من الدعم العسكري من الولايات المتحدة وخاصة منظومة الباتريوت التي سبق أن طلبتها لمواجهة التحديات الأمنية، والتي يمكن أن تقابل باعتراض من قبل إسرائيل مخافة من امتلاك الأردن لهذه المنظومة بالقرب من أراضيها.

 

لن يتوقف النظام الإيراني في استهدافه للقوات الأمريكية في المنطقة، ومن غير المستبعد أن يترتب على واحدة من تلك الهجمات حدوث استهداف مباشر للأراضي الإيرانية، وفي تلك الحالة من المتوقع أن يكون الرد  الإيراني  أعنف وأشد وتيرة وهو ما قد يترتب عليه تصاعد التهديدات داخل المنطقة وقد يمثل بداية لاشتعال إقليمي يصعب السيطرة عليه.

تعليقات

أكتب تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *