في 13 يونيو 2025، شنت إسرائيل هجومًا مفاجئًا على إيران، استهدفت خلاله منشآت نووية وقواعد صواريخ ودفاعات جوية، بالإضافة إلى قادة عسكريين وعلماء نوويين. وردًا على ذلك، أطلقت إيران في مساء اليوم نفسه أكثر من 150 صاروخًا باليستيًا و100 طائرة مسيّرة باتجاه تل أبيب وحيفا.

 

تستمر المواجهات بين إسرائيل وإيران دون مؤشرات واضحة على التهدئة. ويظل شبح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حاضرًا، إذ تحوّل موقفه في غضون أسبوع من التفاوض مع إيران بشأن الاتفاق النووي إلى الدعوة إلى “استسلام غير مشروط”، في الوقت الذي تعيد فيه الولايات المتحدة نشر قواتها في المنطقة استعدادًا لاحتمال توجيه ضربة لإيران.

سيناريو التدخل العسكري

على المدى القصير، يبرز سيناريو خطير وملحّ: تدخل عسكري مباشر من قبل الولايات المتحدة. وعلى الرغم من أن خطاب ترامب بات أكثر تطرفًا وتهورًا، يصعب تحديد مدى جديته في تنفيذ تهديداته. ومع ذلك، فإن الانقسامات داخل فريق ترامب وداخل الحزب الجمهوري بشأن التدخل الأمريكي ومداه باتت واضحة. ويواجه ترامب خيارًا حاسمًا: إما حشد الدعم داخل إدارته وبين الجمهوريين والمضي قدمًا في تهديداته، أو الخضوع لضغوط المعتدلين – أيًا كانت ماهيتهم في الوقت الراهن.

 

بعيدًا عن خطاب ترامب، كانت الولايات المتحدة قد بدأت بالفعل في تعديل انتشارها العسكري في المنطقة. فقد أُمر الموظفون غير الأساسيين بمغادرة السفارات والقواعد الأمريكية في الشرق الأوسط قبل بدء النزاع، كما أعادت واشنطن نشر عدد كبير من الطائرات، بينها طائرات التزود بالوقود جوًا، ونقلت حاملة الطائرات “نيميتز” من بحر الصين الجنوبي إلى بحر العرب لتنضم إلى “فنسون”.

 

ورغم أن هذه التحركات قد لا تكون كافية لتدمير منشآت التخصيب الإيرانية المحصّنة في “فوردو” و”نطنز”، فإن نشر قاذفات الشبح B-2 في قاعدة دييغو غارسيا بالمحيط الهندي منذ أبريل قد يمثل خيارًا أكثر فاعلية، نظرًا لقدرتها على إطلاق أقوى قنبلة خارقة للتحصينات لدى الولايات المتحدة، وهي GBU-57.

 

حتى الآن، تم تبرير هذا التصعيد العسكري باعتباره دفاعيًا، لكن إذا قررت الولايات المتحدة توجيه ضربة لإيران، فإنها باتت أكثر استعدادًا للرد الإيراني أو للتورط في تدخل أوسع.

التداعيات المحتملة

رغم صعوبة التنبؤ بها بدقة، فإن تداعيات التدخل الأمريكي المباشر ستكون بعيدة المدى. داخليًا، سيشكل الهجوم انتكاسة لخطاب ترامب القائم على “أمريكا أولًا”، إذ سيعرض الجنود الأمريكيين لخطر حرب جديدة في الشرق الأوسط، سيكون من الصعب تبريرها أمام مؤيديه ومعارضيه على حد سواء.

 

وعلى الرغم من ضعف قدرة إيران على الصمود في وجه ضربة أمريكية، فإن إسرائيل تدعي بالفعل أنها باتت تسيطر على الأجواء الإيرانية بعد هجوم 13 يونيو، وفي غياب الدفاعات الجوية، لن تتمكن إيران من التصدي للقصف الأمريكي لمنشآتها النووية. وقد يؤدي هذا الهجوم إلى نتيجة عكسية، إذ يعزز من إصرار إيران على امتلاك سلاح نووي بدلًا من ردعها.

 

على مستوى الشرق الأوسط، قد يؤدي الهجوم إلى توسع النزاع ليصبح حربًا إقليمية شاملة، إذ يمكن أن تنخرط أذرع إيران –رغم إضعافها بعد هجمات 7 أكتوبر– في تنفيذ هجمات فوضوية. كما أن اتساع نطاق الأهداف سيزيد من احتمالية النجاح، أياً كانت طبيعة هذا النجاح.

 

أما عالميًا، فقد تحاول إيران إغلاق مضيق هرمز، فيما قد يصعّد الحوثيون هجماتهم في باب المندب، الأمر الذي من شأنه أن يضرب إمدادات الطاقة العالمية والتجارة الدولية، ويرفع أسعار الطاقة في الغرب، ما يهدد التعافي الاقتصادي بعد جائحة كورونا.

 

والأخطر من ذلك هو أن انشغال الولايات المتحدة مجددًا في الشرق الأوسط قد يمنح خصومها فرصًا لتعزيز مكاسبهم. فقد تستغل روسيا الوضع في حربها على أوكرانيا، والأهم من ذلك، قد تجد الصين لحظة سانحة للمضي قدمًا في تحقيق طموحاتها تجاه تايوان.

 

“تحذير استراتيجي” هو سلسلة من المقالات المختصرة وسريعة التفاعل، تهدف إلى رصد تطورات أو اتجاهات بارزة من خلال تحليل استشرافي. تجمع هذه السلسلة بين الرؤية التحليلية السريعة والخيال التحليلي، لتسليط الضوء على السيناريوهات المستقبلية المحتملة وتقدير انعكاساتها.

الكلمات الدالة

تعليقات

أكتب تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *