كتب بواسطة

شكّل عام 2023 محطةً قاتمة في مسار تغيّر المناخ، حيث سُجل فيه أعلى عدد من حرائق الغابات في الاتحاد الأوروبي منذ بدء الرصد في عام 2000، بحسب النظام الأوروبي لمعلومات حرائق الغابات ((EFFIS. فقد التهمت النيران أكثر من 500 ألف هكتار من الأراضي، وهي مساحة تعادل نصف حجم جزيرة قبرص تقريباً. وتفاقم الوضع في عام 2024، حيث ارتفع عدد الوفيات المرتبطة بحرائق الغابات بشكل حاد ليبلغ 437 حالة، مقارنة بـ 263 حالة وفاة في عام 2023.

 

وتشير الأبحاث باستمرار إلى أن تغيّر المناخ يُعد العامل الرئيسي وراء هذه الأزمة المتصاعدة. فهو لا يقتصر على توسيع نطاق الأراضي المحترقة فحسب، بل يُكسب الحرائق الفردية طابعاً أكثر شدة، ويتسبب في تمديد موسم الحرائق إلى ما بعد أشهر الصيف التقليدية، ويؤدي إلى اندلاع النيران في مناطق لم تكن عرضةً لمثل هذه الكوارث من قبل. وبينما يقترب هذا التهديد المتنامي من الشرق الأوسط، يبقى السؤال الملحّ: هل ستكون المنطقة مستعدة له، أم أنّه سيفاجئها على نحو خطير؟

حرائق الغابات: أزمات بيئية وجيوسياسية

سجّل الاتحاد الأوروبي في عام 2024 احتراق ما مجموعه 419,298 هكتاراً من الأراضي، منها 147,017 هكتاراً وقعت ضمن شبكة المناطق المحمية “ناتورا 2000”. ويُعادل هذا الرقم نحو 70% من المساحات المتضررة في عام 2023، وأقل من نصف الضرر المُسجّل في عام 2022. وبينما كانت دول مثل اليونان وإيطاليا وإسبانيا والبرتغال الأكثر تضرراً خلال موسم حرائق عام 2023، كشف موسم 2024 عن أنماط مختلفة، تأثرت إلى حدّ بعيد بعوامل جيوسياسية. فقد أظهرت بيانات الأقمار الصناعية أنّ نحو مليون هكتار من الأراضي قد احترقت في أوكرانيا خلال عام 2024، أي أكثر من ضعف المساحة المتضررة في مجمل الاتحاد الأوروبي خلال الفترة نفسها. ويُعدّ هذا الارتفاع الحاد استمراراً لاتجاه بدأ منذ عام 2022، وقد تم ربطه مباشرة بالتداعيات البيئية الناجمة عن الغزو الروسي واسع النطاق. وتُشير الدراسات إلى أنّ انتشار الحرائق يتقاطع بشكل واضح مع خطوط المواجهة في النزاع، ما يُبرز التأثير البيئي المدمر للحروب، ويؤكد العلاقة المباشرة بين النزاعات المسلحة أو ضعف المؤسسات الحكومية من جهة، وارتفاع وتيرة حرائق الغابات من جهة أخرى.

 

لا تقتصر حرائق الغابات على كونها أزمة بيئية فحسب، بل تُخلّف كذلك تداعيات اقتصادية وسياسية واجتماعية جسيمة. فمن الناحية الاقتصادية، تُرهق هذه الحرائق الميزانيات الوطنية بتكاليف الاستجابة للكوارث وعمليات التعافي، فضلاً عن الأضرار التي تُلحقها بالزراعة والبنية التحتية وقطاع السياحة. وعلى الصعيد السياسي، قد يؤدي سوء إدارة الحرائق إلى تآكل ثقة الجمهور بالمؤسسات، وإثارة جدل واسع حول السياسات البيئية ومدى الجاهزية في مواجهة تغيّر المناخ. أما اجتماعياً، فتتسبب هذه الكوارث في تهجير المجتمعات، وتهديد الصحة العامة، وزيادة مستويات الهشاشة الاجتماعية، ولا سيّما في المناطق التي تعاني أصلاً من الصراعات، كما هو الحال في الشرق الأوسط. وتواجه هذه المنطقة تحديداً احتمالية مرتفعة لتعرّضها لتأثيرات شديدة في حال امتدت حرائق الغابات إلى أراضيها، وذلك لعدة أسباب.

تأثيرات عابرة للحدود

من غير المرجّح أن تلتزم حرائق الغابات بالحدود السياسية، فعندما تُغذّيها أشهر صيف أكثر حرارة وجفافاً، وموجات حرّ غير موسمية، ومصادر إشعال بشرية، فإنها سرعان ما تتجاوز الحدود الجغرافية. وقد شهد حوض البحر الأبيض المتوسط وأجزاء من الشرق الأوسط تصاعداً ملحوظاً في وتيرة هذه الحرائق خلال السنوات الأخيرة. ففي شهر يوليو من عام 2025 وحده، سجّلت بيانات الأقمار الصناعية نشاطاً غير مسبوق لحرائق الغابات في جنوب أوروبا وسوريا، حيث احترق ما مجموعه 227,000 هكتار حتى الآن، بما في ذلك أكثر من 3% من الغطاء الحرجي السوري. وفي الواقع، فإن منطقة شرق البحر المتوسط والشرق الأوسط تشهد وتيرة احترار تبلغ ضعف المتوسط العالمي، ما يُسرّع من توافر الظروف الملائمة لنشوب الحرائق. فعلى سبيل المثال، اجتاحت حرائق الغابات في عام 2021 مناطق واسعة من شمال إفريقيا وبلاد الشام: ففي الجزائر اندلع أكثر من 100 حريق خلال شهر أغسطس فقط، ما أسفر عن مقتل 90 شخصاً واحتراق 10,000 هكتار، بينما خسرت تونس 5,000 هكتار في يونيو، وتعرّضت كل من لبنان وسوريا لحرائق دمّرت نحو 7,500 هكتار.

 

ومع توسع الكثافة السكانية باتجاه المناطق الفاصلة بين العمران والمناطق البرية، واستمرار النزاعات في الدول الهشة، تتصاعد درجة الخطورة. وما كان استثناءً بات قاعدة: فلم تعد الحرائق ظواهر نادرة، بل باتت أكثر تكراراً، وأوسع نطاقاً، وأشد فتكاً، وتتجاوز الحدود الجغرافية بوتيرة متسارعة. وكلما طال موسم الحرائق واشتدّت حدته، تفاقمت الآثار الاقتصادية والسياسية والاجتماعية الناجمة عنه.

تأثرات اقتصادية وسياسية

تتزايد هشاشة المنطقة وتعرضها للمخاطر بشكل مطّرد. فقد سجّل شهر يوليو الماضي أعلى درجات حرارة في التاريخ المُدوَّن، حيث تجاوزت درجات الحرارة في أجزاء من العالم العربي 45 درجة مئوية. وتُحوّل هذه الظروف المناخية القاسية الغطاء النباتي إلى وقود قابل للاشتعال. وتحتوي العديد من الأنواع النباتية المحلية في الشرق الأوسط على زيوت وراتنجات تجعلها شديدة القابلية للاشتعال، خصوصاً خلال موجات الحر. وعند اقتران هذه الظروف برياح جافة مثل “الخماسين”، تتصاعد بسرعة احتمالات اندلاع الحرائق وانتشارها على نطاق واسع.

 

وفي حال ازدياد تأثير حرائق الغابات على منطقة الشرق الأوسط، فإن العواقب الاقتصادية ستكون شديدة الاتساع والتأثير. فالزراعة، التي تُعدّ أصلاً من أكثر القطاعات عرضة للخطر نتيجة الظروف المناخية القاحلة، ستكون من بين الأكثر تضرراً. فقد تؤدي الحرائق إلى تدمير المحاصيل، وبساتين الزيتون، والمراعي، والثروة الحيوانية، والأراضي الزراعية الحيوية، كما هو الحال في بلدان مثل الأردن وسوريا ومصر ولبنان ودول مجلس التعاون الخليجي. ومن شأن هذا الدمار أن يُقلّص بشكل كبير من القدرة الإنتاجية الغذائية المحلية، ما يؤدي إلى نقص فوري في الإمدادات الغذائية للمجتمعات المحلية، ويزيد من اعتماد المنطقة على الواردات الخارجية.

 

وبالنسبة للعديد من دول الشرق الأوسط التي تعاني أصلاً من صعوبات اقتصادية، فإن هذا الاعتماد المتزايد سيؤدي إلى ارتفاع في التكاليف، ويُشكّل عبئاً كبيراً على الموازنات العامة، ويُطلق موجات تضخّم، ويُعمّق من أزمة الأمن الغذائي القائمة. وقد تتجاوز الضغوط الاقتصادية الناتجة عن ذلك الحدود القطاعية لتُفضي إلى تأثيرات كلية أوسع، تشمل تراجع الناتج المحلي الإجمالي، واضطراب الاستقرار المالي، وتفاقم نقاط الضعف في سلاسل الإمداد.

 

علاوة على ذلك، ستكون البُنى التحتية الحيوية في دائرة الخطر المباشر. فقد تتعرّض خطوط الكهرباء، والطرق، وخطوط أنابيب النفط، وشبكات المياه لأضرار جسيمة، خاصة في المناطق الريفية أو المتخلفة تنموياً، حيث تفتقر فرق الإطفاء إلى الموارد والإمكانات الكافية. ويمكن أن تتسبب الأضرار التي تلحق بشبكات النقل وخطوط الأنابيب والمواقع التراثية في خسائر تُقدّر بمليارات الدولارات. وتُبرز الحوادث السابقة، مثل تحويل مسار الرحلات الجوية في مطار إزمير بسبب الحرائق القريبة، مدى قدرة هذه الكوارث على إرباك حركة النقل والسفر والتجارة الإقليمية. وفي الدول الهشّة أو المتضرّرة من النزاعات، من المرجّح أن تكون جهود إعادة الإعمار بطيئة ومفتقرة إلى التنسيق، ما يزيد من عبء التكاليف الاقتصادية على المدى الطويل.

 

كما قد يتعرض قطاع السياحة، الذي يُعد مصدراً أساسياً للدخل في دول مثل الأردن ولبنان وأجزاء من منطقة الخليج، لضربة موجعة. ففي عام 2023، قُدّرت عائدات السياحة في لبنان بنحو 5.41 مليار دولار، أي ما يعادل 30.2% من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بنسبة 25.3% في العام السابق. وفي الأردن، بلغت عائدات السياحة نحو 7.4 مليار دولار، بما يُمثّل حوالي 14.6% من الناتج المحلي الإجمالي الوطني. ويُعد هذا القطاع أكبر صادرات البلاد، وثاني أكبر مُشغّل للعمالة في القطاع الخاص، فضلاً عن كونه مصدراً رئيسياً للعملة الأجنبية.

 

في ظل هذا الاعتماد الاقتصادي البالغ على السياحة، ستكون العواقب المباشرة لحرائق الغابات على قطاع السياحة مدمّرة. إذ يمكن أن تلحق الحرائق أضراراً جسيمة بالمواقع التراثية والمتنزهات الوطنية والمنتجعات الساحلية، بل قد تؤدي إلى إغلاقها بالكامل، مما لا يتسبب فقط في تراجع حاد بأعداد السائحين، بل أيضاً في خسائر مالية واسعة وتسريح واسع للعمالة. وغالباً ما يكون المرشدون السياحيون، وموظفو الفنادق والمنتجعات، وعمال المطاعم، وحُرّاس المحميات الطبيعية من بين الفئات الأكثر تضرراً. فمع انخفاض أعداد الزوار، تتراجع الحاجة إلى الخدمات، ما يؤدي إلى تقليص عدد ساعات العمل أو الاستغناء عن الموظفين. وتكون العمالة الموسمية وغير الرسمية في قطاع السياحة عرضةً بشكل خاص لهذه التداعيات، إذ تفتقر في الغالب إلى الحماية الاجتماعية أو الأمان الوظيفي. ويمتد الأثر الاقتصادي الأوسع ليطال مجتمعات محلية بأكملها تعتمد بشكل مباشر على الإنفاق السياحي في ديمومة أنشطتها المعيشية.

 

ولا تقتصر تداعيات حرائق الغابات على القطاعات الاقتصادية فحسب، بل تُلقي كذلك بأعباء ثقيلة على النظم الصحية والخدمات الطبية. فهي تمثل خطراً صحياً جسيماً، إذ تؤدي إلى زيادة معدلات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي والقلب والأوعية الدموية، مثل الربو، والنوبات القلبية، وارتفاع ضغط الدم، نتيجة التعرض الكثيف للدخان والملوثات. كما تؤثر هذه الحرائق بشكل عميق على الصحة النفسية، حيث تتسبب في ارتفاع حالات القلق والاكتئاب واضطرابات ما بعد الصدمة، لا سيما في أوساط المُهجّرين أو أولئك الذين فقدوا ممتلكاتهم أو أحبّاءهم. وإلى جانب ذلك، قد يتعرض سكان المناطق المتضررة لإصابات جسدية ناتجة عن الحروق، أو انهيار المباني، أو الحوادث أثناء عمليات الإخلاء، مما يُضيف عبئاً إضافياً على خدمات الطوارئ والقطاع الصحي بأكمله، ويُهدد قدرته على الاستجابة الفاعلة.

 

بصورة عامة، إذا اجتاحت حرائق الغابات منطقة الشرق الأوسط، فإن التداعيات الاقتصادية ستكون جسيمة، وتشمل نقصاً في الغذاء، وخسائر في البنية التحتية، وتراجعاً في قطاع السياحة، وأعباء إضافية على النظام الصحي، فضلاً عن تكاليف ضخمة لإعادة الإعمار. وفي منطقة تعاني أصلاً من ضغوط مناخية وهشاشة سياسية، قد يُسهم العبء الاقتصادي الناتج عن حرائق الغابات في تعميق حالة عدم الاستقرار وإبطاء عجلة التنمية لسنوات طويلة مقبلة. فليست هذه الحرائق مجرد كوارث بيئية، بل هي أحداث محمّلة بتعقيدات سياسية، تختبر شرعية الحكومات، وتُعرّي نقاط ضعف المؤسسات، وتستدعي تعاوناً عابراً للحدود في منطقة تتّسم أصلاً بالانقسام والهشاشة. وغالباً ما تؤدي حرائق الغابات واسعة النطاق إلى تسليط الضوء الشعبي على أداء الحكومات، ولا سيما في ما يتعلق بالاستعداد للكوارث والحكم البيئي. وفي الدول التي تعاني من ضعف مؤسساتي، قد تُفضي هذه المساءلة إلى زعزعة الاستقرار السياسي واندلاع احتجاجات شعبية. فعلى سبيل المثال، كشفت حرائق الغابات التي اجتاحت لبنان في عام 2021 عن إخفاقات عميقة في الحوكمة، مما دفع المجتمعات المحلية إلى التحرك والاستجابة في ظل غياب فعّال للدولة. وفي مناطق النزاع مثل كردستان، تُعقّد هذه الحرائق جهود الاستجابة للأزمات. ولا تزال محاولات التعاون الإقليمي في مجال المناخ محدودة، نتيجة التشرذم السياسي واستمرار النزاعات. وتُبرز هذه التداعيات السياسية بوضوح الطبيعة الفريدة والمعقّدة التي تواجهها منطقة الشرق الأوسط في التعامل مع حرائق الغابات، بالمقارنة مع مناطق أخرى من العالم.

بين الاستعداد والمخاطرة: استراتيجية المواجهة في المنطقة

هل تمتلك المنطقة استراتيجية فعالة للمواجهة؟

في عام 2023، وبينما كانت حرائق الغابات تجتاح أوروبا، أتاحت منظومة الطوارئ الراسخة في الاتحاد الأوروبي استجابة سريعة ومنسقة. فقد تم نشر ثلاث عشرة طائرة إطفاء من أسطول الإنقاذ على وجه السرعة، دعماً للجهود الوطنية وتعزيزاً للتضامن العابر للحدود. وقد باتت هذه القدرة الجماعية عنصراً حاسماً في إدارة الكوارث المناخية المتصاعدة. أما في المقابل، فيجد الشرق الأوسط نفسه أمام تحدٍ أكثر تعقيداً بكثير؛ فمع استمرار الاضطرابات السياسية والأزمات الاقتصادية المزمنة في مختلف دوله، غالباً ما تفتقر الحكومات إلى القدرات المؤسسية والهامش السياسي اللازمين لإعطاء الأولوية لتعزيز القدرة على الصمود في مواجهة تغيّر المناخ. وللأسف، تتحمّل المجتمعات الأكثر هشاشة في المنطقة العبء الأكبر من هذه الأزمات. ففي مختلف أنحاء الشرق الأوسط، لا تزال مستويات الوعي بالمخاطر المناخية منخفضة، في حين تبقى الموارد المخصصة للوقاية والاستجابة محدودة للغاية. ففي يوليو 2023، أفادت الجزائر بوفاة 34 شخصاً في 11 ولاية بسبب حرائق الغابات، وهي وفيات أقرّ المسؤولون المحليون بأنها كانت قابلة للتفادي لو تم تنفيذ عمليات الإجلاء في وقت مبكر أو اتخاذ تدابير سلامة أساسية. ويُسلّط هذا الواقع الضوء على الحاجة الملحّة لتكثيف جهود التوعية العامة وتعزيز الاستعداد المجتمعي في مواجهة الكوارث.

 

ورغم هذه التحديات، بدأت تظهر ملامح تقدّم على الأرض. ففي يوليو الماضي، أقرّ وزير الطوارئ السوري بأن المساعدات المقدّمة من دول الجوار، بما في ذلك تركيا والأردن ولبنان وقطر والعراق، أدّت دوراً حاسماً في احتواء حرائق الغابات. وتُشكّل هذه الخطوات التعاونية بداية محتملة نحو مزيد من التنسيق، لكن الحاجة إلى استراتيجية إقليمية شاملة لمواجهة خطر حرائق الغابات لا تزال قائمة بشكل ملح.

 

ولتلبية هذا الاحتياج الملحّ، فإن الوقاية من حرائق الغابات والاستعداد لها في منطقة الشرق الأوسط يتطلبان استراتيجية شاملة ومتكاملة. وتشمل الخطوات الأساسية في هذا الإطار تنفيذ عمليات حرق خاضعة للرقابة بهدف تقليل الكتلة النباتية القابلة للاشتعال، وإنشاء فواصل نارية لمنع امتداد الحرائق، وتعزيز التوعية العامة بقواعد السلامة من الحرائق. كما يُعدّ تعزيز معايير البناء باستخدام مواد مقاومة للنيران، ودمج مخاطر حرائق الغابات ضمن سياسات تخطيط استخدام الأراضي، من الوسائل الفعّالة لتعزيز قدرة المجتمعات على الصمود. ويُعد الاستثمار في أنظمة الإنذار المبكر والتقنيات المتقدمة لمكافحة الحرائق أمراً بالغ الأهمية كذلك. وتتطلب الاستجابة الفعّالة تحسين الطرق المؤدية إلى المناطق المعرضة للخطر، وتجهيز فرق الطوارئ بالمعدات اللازمة، ووضع خطط إخلاء مجتمعية مدروسة. مجتمعةً، تُمثل هذه التدابير منظومة متكاملة لتقليل مخاطر حرائق الغابات، وحماية الأرواح والبنية التحتية، والحد من التأثيرات البيئية والاقتصادية، لا سيّما في المناطق ذات الهشاشة المرتفعة.

 

في الختام، ومع تصاعد حدة حرائق الغابات وتزايد طابعها غير المتوقع، يجد الشرق الأوسط نفسه أمام اختبار حاسم لجاهزيته في مواجهة الأخطار المناخية. فمع الارتفاع المتسارع في درجات الحرارة، وهشاشة الحوكمة، وندرة الموارد، تُواجه المنطقة خطر تداعيات اقتصادية وسياسية واجتماعية جسيمة إذا ما أصبحت حرائق الغابات العابرة للحدود واقعاً متكرراً. وعلى خلاف النماذج الأوروبية القائمة على التنسيق المؤسسي المنظَّم، لا بدّ للشرق الأوسط من تجاوز حالة الانقسام السياسي، والاستثمار في استراتيجيات استباقية تمتد من التوعية المجتمعية إلى التعاون الإقليمي الفعّال. فغياب التحرك العاجل والحاسم سيجعل الكلفة أفدح، وسيدفع ثمنها الأضعف والأكثر هشاشة، ما من شأنه أن يفاقم حالة عدم الاستقرار، ويقوّض قدرة المنطقة على الصمود في مواجهة أزمة مناخية باتت تضرب عمقها بوضوح مقلق.

المراجع

Forest Fires in Europe, Middle East and North Africa 2023, 2024, Joint Research Centre (JRC), the European Commission’s science and knowledge service, https://reliefweb.int/report/world/forest-fires-europe-middle-east-and-north-africa-2023

 

G. Zittis, M. Almazroui, P. Alpert, P. Ciais, W. Cramer, Y. Dahdal, M. Fnais, D. Francis, P. Hadjinicolaou, F. Howari, A. Jrrar, D. G. Kaskaoutis, M. Kulmala, G. Lazoglou, N. Mihalopoulos, X. Lin, Y. Rudich, J. Sciare, G. Stenchikov, E. Xoplaki, J. Lelieveld, Climate Change and Weather Extremes in the Eastern Mediterranean and Middle East, June 28, 2022, https://agupubs.onlinelibrary.wiley.com/doi/10.1029/2021RG000762?

 

How to Deal with Wildfires, Greenpeace, https://www.greenpeace.org/mena/en/how-to-deal-with-wildfires/

 

Jeff Bellisario, Patrick Kallerman, Greer Cowan, Abby Raisz, The True Cost of Wildfires, Bay Area Council Economic Institute, November 2021, https://www.bayareaeconomy.org/report/the-true-cost-of-wildfires/#:~:text=Economic%20and%20Health%20Impacts%20of,inhalable%20particulate%20matter%20(PM)

 

John M. Diaz, Economic Impacts of Wildfire, Southern Fire Exchange, July 2012 https://fireadaptednetwork.org/wp-content/uploads/2014/03/economic_costs_of_wildfires.pdf

 

Jordan’s Tourism Revenue Surged in 2023, Reaching $7.4 billion, Fast Company, Jan 22, 2024, https://fastcompanyme.com/news/jordans-tourism-revenue-surged-in-2023-reaching-7-4-billion/

 

Kate Abnett, How climate change fuels wildfires in Europe, Reuters, July 15, 2025, https://www.reuters.com/sustainability/cop/how-climate-change-is-fuelling-wildfires-europe-2025-07-15/

 

Kenzie Azmi, Hot summer and severe fires. What’s the link with Climate change, Greenpeace, September 10, 2021, https://www.greenpeace.org/mena/en/hot-summer-and-severe-fires/#:~:text=Up%20to%20today%2C%20none%20of,will%20continue%20paying%20the%20price

 

Lebanon: wildfire season further exposes government failure, Civicus lens, December 11, 2021, https://lens.civicus.org/lebanon-wildfire-season-further-exposes-government-failure/

 

Particularly susceptible: Wildfires in the middle east, Fire Middle East, https://www.firemiddleeastmag.com/particularly-susceptible-wildfires-in-the-middle-east/

 

TOURISM QUARTERLY REVIEW Q1 2024, Ministry of Tourism and Antiquites, https://mota.gov.jo/ebv4.0/root_storage/en/eb_list_page/quarterly_review_-_q1_2024_en.pdf

 

Tourism revenues up slightly in 2023, says BDL, Lorient Today, June 10, 2024, https://today.lorientlejour.com/article/1416794/tourism-revenues-up-slightly-in-2023-says-bdl.html#:~:text=Prices%20in%20Lebanon%20also%20rose,The%20total…

 

Wildfires in 2024: Key Trends from the JRC Advance Report and the EU’s Leading Role in Prevention and Innovation, Fire-Res, April 29, 2025, https://fire-res.eu/wildfires-in-2024-key-trends-from-the-jrc-advance-report-and-the-eus-leading-role-in-prevention-and-innovation/

الكلمات الدالة

تعليقات

أكتب تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *